ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

الجمعة، 28 يونيو 2013

مواقع استظهار نتائج شهادة التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا 2013


 الموقع الرسمي لنتائج شهادة التعليم المتوسط 2013
ادخل الى الموقع التالـــــــي : 
 http://ins.onec.dz/bem

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
 الموقع الرسمي لنتائج شهادة البكالوريا 2013
ادخل الى الموقع التالـــــــي :

اقرأ المزيد

السبت، 22 يونيو 2013

الجذور الأمازيغية للحضارة المتوسطية مقال لحميدي علي

      عندما ختمت مقالي المنشور بالشهرية الأمازيغية "تاويزا"، عدد 43، بأن »الأمازيغية لغة علمية، الشكل الأول الممكن لتسمية الأشياء، التقنية الوحيدة الأولى«، لم أقل ذلك بشكل اعتباطي أو لغرور معين، أو نتيجة جهل بحمولة تلك الألفاظ ودلالتها.
حين ختمناه كذلك لأننا كنا نعرف أنه كي تشرب الماء، كن من كنت، لا بد لك أن تحافظ على اللسان مستريحا، وبمحاذاة أسنان الفك الأسفل ـ وهو الوضع الذي يكون عليه لنطق s ـ وكذلك جمع الشفتين بشكل دائري لاستقبال الماء في الفم ـ وهو الوضع الذي تكون عليه الشفتان لنطق u ـ وم ثم جاء الفعل في الأمازيغية مركبا من حرفين su التي ستعطينا Soupe. تلك هي الأمازيغية، وتلك هي التقنية الوحيدة الأولى التي من خلالها أمكن للإنسان الأول أن يسمي الأشياء والأفعال…
حين ختمناه كذلك، كنا نريد الانطلاق من الإشكال في جذريته: هل اكتشف الإنسان اللغة أم اخترعها؟ حتى نقف على أية لغة تكلمها الإنسان الأول.
وإن كنت شخصيا لا يخامرني الآن شك في أن أول لغة تكلمها الإنسان الأول، ومن داخلها أنتج المفاهيم الدينية، هي الأمازيغية، فإنني سأنحرف شيئا ما في هذا المقال لإثبات ذلك من خلال كلمة أمازيغية ستخترق/تستمر في لغات الحوض المتوسطي، وبحمولتها الدينية. ولا شك أن القارئ النبيه ستنقلب عنده حقائق التاريخ رأسا على عقب، وسيكتشف أن اللغة الأمازيغية وثيقة فريدة من نوعها تتجاوز مسؤولية الحفاظ عليها وتطويرها الحدود الوطنية لتامازغا لتصبح مسؤولية أممية.

ولنبدأ من المسلمات التالية:

ـ واضح أن الإنسان شاهد الشمس قبل أن يكتشف النار؛ وواضح كذلك أن الدماغ البشري، كمجموعة من الملكات، تطور بشكل تدريجي من دماغ بحجم 27cm3 عند Aegypthecus حتى وصل حجم دماغه 1100cm3 عند Homoerectus الذي بدأ الكلام. وكي يصل إلى هذه المرحلة كان قد قطع 33 مليون سنة، حسب المعطيات الأركيولوجية والحقائق العلمية المتوفرة.
هذا معناه أنه لم يكن البارحة أبكم، يصدر بعض الأصوات كالحيوانات الأخرى، واليوم سينطق كل الحروف فجأة ودفعة واحدة.
إنه تكلم بشكل تدريجي؛ فلم يكن بإمكانه أن يسمي الكهرباء إلا في زمنه الحديث، ولم يكن لينتظر حتى يومنا هذا ليسمي الشمس لأن هذه كانت حتى قبل أن يكون.
واضح كذلك أن التخزين أمر غير ممكن بالنسبة للبشر في البداية، أي أنه كان يمارس عملية تحويل وتحول طبيعية قبل أن يبدأ في التحكم في أموره المعاشية لتبدأ حياته في الانتظام، وكذا حياة الحيوانات والنباتات وغيرها في خضوع ومسايرة لكيفية انتظام حياته…
واضح كذلك أن الكائنات أنواع، منها تلك التي تصطاد ليلا، ومنها تلك التي تصطاد نهارا وفيه تنتقل، ومنها كذلك تلك التي تقوم بعملية تخزين آلية وتنام طيلة فترة الشتاء…
إذن، في البداية استمرارية حياة الإنسان كانت تتوقف على الشمس بفضلها يمكنه أن يقتات: يقطف ويصطاد. بشروقها تبدأ حركته وفعله من أجل العيش، وبغروبها تنتهي لينزوي ليلا وفي مخيلته مشاهد مرعبة من مغامرة يومه…
سينطبع هذا المشهد في دماغه كالتالي: حياته تتوقف على الشمس، وهذه وجدت من أجله. من هنا سيبدأ في إضفاء طابع التقديس عليها، وسيبدأ في عبادتها. لماذا لا وهو يراها تتحرك في المساء في حركة مضبوطة منتظمة. لماذا لا وهي التي تشرق لتنثر ضياءها على الدنيا وتغيب ليخلفها الليل المرعب. ماذا سيفعل إذا غربت مرة وإلى الأبد وتركته وحيدا في ظلمته. فبما أنها تتحرك من تلقاء نفسها، ومن يدري أنها ستقرر يوما ما عدم الرجوع. كيف سيقتات وكيف سيلتحق بالجدول، وهو الذي خبر أنه لن يمكنه الحركة ليلا. فطبيعي جدا إذن أن ينحني لها. والانحناء حركة جسدية أوتوماتيكية مرتبطة بالضعف كالذبول تماما، وانتصاب القامة حركة جسدية طبيعية للتعبير عن القوة أو نتيجة الإحساس بهذه الأخيرة. ليس هناك فرق بين الإحساس الداخلي وتمظهراته الجسدية الخارجية… وعليه سينحني أمام الشمس لحظات الغروب راجيا إياها أن تعود، وسيترقبها فجرا حتى تعلن رضاها وتنثر ضياءها لينصرف إلى البحث عن قوته وبعد جولته الصباحية بحثا عن الطعام. وبعد أن يشعر بالتعب يجدها وقد توسطت الدنيا، يجدها قد تربعت على عرش الوجود، فريدة من نوعها، تعطي الضياء للمكان كله دون أن تأخذ سيئا… إنها حقا وجدت من أجله. سينحني هو كذلك شاكرا حامدا إياها بعد أن أكل وشرب وشعر برغبته في الاسترخاء. تستحق هذه الشمس أن يصلي لها في هذه اللحظة… ولكن هو لا يعرف اسمها ولم يسبق أن سماها أحد من قبله… فليس في الوجود من ينطق الحروف إلا هو، فماذا سيسميها؟ إنها مشكلة فعلا. فهو يميل إلى تقليد الأصوات، ومنها يطلق الاسم على مصدر الصوت… بينما الشمس لا علاقة صوتية لها مع أحاسيسه، وهو ليس له إلا هذه في البداية. إنه لا يمتلك إلا نطق الحروف ويريد تسمية الأشياء. إنه بدأ يضع رجله على الطريق التي ستنتهي به إلى أهرامات ـ انتبه إلى جمع الجمع ـ مصر والمحطات الفضائية. كيف سيسميها إذن؟ ولماذا سيسميها كذلك؟ فهو لا يسمعها ولا يشمها ولا يتذوقها. فقط يحس بحرارتها في جلده، وكذلك في وقعها على بصره، ويعرف أن وقع أشعتها على عيونه أقوى من إحساسه بها في جلده…
حفدة هذا الكائن الأول يسمونها الآن في الحوض المتوسطي "الشمس" بالعربية، و Soleil بالفرنسية، و Sun بالإنجليزية، و Sonne بالألمانية… وهي تسميات تشترك كلها في حرف S باستثناء اسمها في الأمازيغية، فهو لا يتضمن حرف s. إنهم يسمونها Tafuyt. وهل هذا هو اسمها الأول عند الأمازيغ؟
ليس لدى أي كان أية وثيقة عن المرحلة التي نحن بصددها. فحتى "الوثائق" الأركيولوجية لا تتحدث إلا عن بداية ممارسة "الكتابة"، والتي تعود إلى 1700 سنة، بينما الكلام، والذي هو تسمية الأشياء، سبق الكتابة بمئات الآلاف من السنين. إذن وثيقة العالم الوحيدة "حاليا" هي هذه اللغات نفسها، وتجربته المتأخرة في الحياة التي هي خلاصة التجربة الأولى القديمة جدا. فاللغة… الكلمات… ليست عملية اعتباطية… بل هي نتيجة احتكاك الإنسان مع الطبيعة. فالأكيد إذن أنها سجل لتلك التجربة ولذلك التفاعل. ألا تكشف لنا كلمة "Internet" عن شكل تفاعل الإنسان مع الأشعة الضوئية؟ إذن نفس الشيء بالنسبة للكلمات الأخرى. ولنعد إلى سؤالنا عن Tafuyt، وهل هذا هو اسمها الأول عند الأمازيغ؟

Tafuyt بالأمازيغية تتضمن كلمة Afa التي تعني "النار". ولكن الإنسان عايش الشمس وهو لم يكتشف بعد النار. فالنار في الفرنسية تسمى Feu، وفي الإنجليزية Fire. وكلمة "دفء" العربية ليست إلا مفعول Afa الأمازيغية.
إذن، أكيد أن هناك شيئا ما لا زال في حاجة إلى الحفر. فلنبحث عنه إذن من زاوية الفترة الزمنية التي تطل فيها الشمس علينا لتعود. في العربية نقول "اليوم"، وفي الفرنسية Jour، و Day بالإنجليزية، و Tag بالألمانية، و Ass بالأمازيغية. وهي وحدها التي تتضمن حرف s بخلاف اللغات الأخرى رغم أنها تلتقي نعها في الحروف المعبرة عن الفترات الأخرى بشكل مثير للانتباه. ولنتأمل الجدول التالي بغض النظر عن المعنى، وهو في آخر المطاف لا يدور إلا في حقل الزمن:
اللغات الكلمة المعنى
تامازيغت Ayur شهر
إنجليزية Year سنة
فرنسية Jour يوم
ألمانية Jahr سنة
عربية شهر/Chahr شهر
إذن، يتفق الجميع على أنه ليس هناك فرق في الحروف… فالكلمات الواردة في الجدول تبتدئ بالياء ـ إذا اعتمدنا النطق الأمازيغي أو الألماني لـ J في Jour حيث تتبادل J مع Y ـ زائد المد، وتنتهي كلها بالراء. عجيب إذن أمر هذه اللغة التي تخفي التشابه هناك لتظهر هنا… فلنبحث إذن Ass في سياقها الداخلي الأمازيغي:
Ass تعني "اليوم" وتعني "النهار". وقد لا تعني لا هذا ولا ذاك، وهو ما سيفاجئ حتى أحرار تامازغا. كيف ولماذا؟ الليل هو Idv، والظلام هو Tillas المركبة من Till و Ass، والأولى، أي Till، تعني الاختفاء، من Antill. إذن ما الذي نفتقده ويغيب عنا بالليل؟ إنه "الشمس": الضوء هو ما نفتقده حين يختفي Ass ويحل الظلام. من تكون إذن Ass؟ أ هي الشمس أم الضوء؟ بالنسبة للضوء نسميه Asidd، وفعل الإضاءة Ssid. إذن Ass هو ما يخفي الليل… إذن Ass تعني الشمس… Ass مصدر الضوء، والضوء هو Asid، والنهار بالشمس يُعرف نفسه تماما كما تُعرف الظلمة نفسها بغياب الشمس Tillas.
إذن، Ass، التي تشكل القاسم المشترك في تسميات الشمس في اللغات الأخرى، تشكل لوحدها اسم الشمس في الأمازيغية إذا أزلنا حرف A. ولكن كيف عادت الأمازيغية لتنفرد بكلمة Tafuyt لوحدها دون اللغات الأخرى؟ ومتى كان الحرف يشكل كلمة؟ ولماذا أسمها ب SS، وليس B أو K، أو أي حرف اخترت؟
وحياة الإنسان الأول تتوقف على الشمس كما رأينا، سيحتاجها أشد الاحتياج خاصة في الليل، لأن غيابها هو الذي يجعل الليل ليلا وقوي المخاطر ويحد من الحركة. سيتمنى لو أنه يمتلكها ويتحكم فيها ليستعملها ليلا. وهي على ما هي عليه لا يتملكها إلا بطريقة واحدة وهي ان يعثر عليها وراء تلك الجبال حيث "تنام". ماذا سيحصل فعلا لو أن الإنسان عثر على الشمس وأصبحت تؤدي له ليلا ما تقوم به هي من تلقاء نفسها نهارا؟ ما ذا سيحصل؟ وكيف ستكون مفاجآته؟ لن تكون أي شيء، فقط سيصيح ملء الفضاء والعالم Ufixt, ufixt: تماما كما حصل "لأرشيميدس" حين اكتشف الدافعة La poussée d Archimède فخرج من الحمام صائحا: وجدتها، وجدتها. لقد حصل ذلك حين اكتشف الإنسان النار… ولم يكن ليحصل إلا ذلك. … لقد وجد ـ Yufa وبالإنجليزية To fined ـ ما هو موجود في الشمس، وسماه "الاكتشاف Afa"، والتأنيث Tafat. إنه فعلا أول وأعظم اكتشاف، ويستحق أن يسمى كذلك: الاكتشاف Afa. سيرتاح ليلا وسيضمن انتصاره مرة أخرى، وإلى الأبد، على الحيوانات المفترسة حين اكتشف النار علم ان الشمس تتكون من نار Afa، ومن ثم سيقلع عن تسميتها ب Ass لتعني هذه النهارَ. وسيسميها Tafayt؛ وهذه التسمية هي عملية وتعبير عن إدراك متقدم لحقيقة الشمس باعتبارها نارا…. يبقى إذن لماذا أسماها Ass قبل اكتشافه للنار؟

لا أحد يجهل تكامل الحواس البشرية في وظائفها؛ إنها مجموعة من الآلات التي يعتمد عليها الكائن، أيا كان، بشرا أو حيوانا في حياته. وحين تتعطل إحدى هذه الحواس تضطر الأخريات للقيام بدور الحاسة المعطلة. بل قد تتطور تلك الحواس في أدائها لتعوض نسبيا الحاسة الناقصة. مثلا الإنسان الضرير تتطور عنده حاسة السمع لدرجة مرهفة جدا لتعوض وظيفة العين… كذلك بالنسبة للإنسان الأصم، فإن حاسة البصر تعمل بشكل مركز جدا على حركة اليدين والشفتين… إنه يحاول أن يفهم الكلمات انطلاقا من حركات الشفتين.
إذن، بالنسبة لسؤالنا سيعمد الإنسان الأول إلى المقارنة بين وقع الأشعة في العين مع وقع الأصوات والحروف في الأذن، ومن ثم سيختار الاسم الأنسب لتسمية الشمس. فلقد أشرنا إلى أنه لا علاقة صوتية للشمس مع أحاسيسه حتى يقلد صوتها ويستخرج الاسم. إذن، انطلاقا من تلك العملية المقارنة سيجد ان من بين جميع الحروف التي ينطقها وحده حرف S له وقع خاص على حاسة السمع يشبه، في قوته ووضوحه بالمقارنة مع الحروف الأخرى، قوة ووضوح أشعة الشمس في العين بالمقارنة مع الألوان الأخرى. ومن ثم سيوازي بينهما ويجد التشابه ويسمي الشمس Ass. احتمال آخر، وهو ارتباط استيقاظ الكائنات وصياحاتها بشروق الشمس. ونفس الشيء: فوحده حرف S هو البارز في الأصوات، ولذلك نجده في الموسيقى Musique و Izlan.
ذهبنا إلى ذلك لأن الكثير من الكلمات الأمازيغية تجد تفسيرها بتلك الطريقة، ومنها مثلا: Tuhut بالطوارگية، و Tusut بالأمازيغية المغربية، وهي Tousser بالفرنسية؛ وحيث إن الفرنسيين لا يستطيعون نطق حرف H ستستمر معهم Tusut عوض Tuhut. نفس الشيء بالنسبة للصهيل Ashurred، وكلكم يعرفه، إنه يتكون من الهاء والمد U والراء… نجد كلمة في الفرنسية وهي Hurler. كذلك Slutef الأمازيغية مطابقة لحركة اللسان حين يريد البصق… لا بد أن ينطلق من مكان نطق S ليستجمع السائل في مقدمة الفم ولقذفه لا بد لك من نطق Tef، وليس أي حرف أردت. هذا الفعل يقابله في الفرنسية فعل Cracher، ولكن الاسم سيستخرج من Slutef الأمازيغية التي ستعطينا Salive.
كثيرة هي الكلمات الأمازيغية التي تؤكد ذلك، وفي مواضيع شتى، وليس هنا موضوعها، فلنعد إلى Ss في Ass لنرى كيف ستنتهي بنا إلى كلمة "مسجد" و"تقلد" و"خلد" و"جلد"، وكذلك Eglise و Gloire.
رأينا أن الإنسان لم يكن من الممكن ان يبقى محايد الوجود والإحساس تجاه الشمس، وكيف انتهى به الأمر إلى تأليهها. واللحظات الأكثر إثارة للشمس ولأكثر ارتباطا بحركة الإنسان، هي شروقها وحين تتوسط السماء وحين تغيب. وعليه لا بد وأن يستعد فجرا ليستقبلها… ويصلي لها حتى تستوي على عرش السماء… ولا بد ان يقف ليودعها غروبا راجيا إياها أن تعود..
حين تتوسط الشمس Ass السماءَ نقول عن هذه الفترة Assal حيث ستتحول Ss إلى Z بعد دخول Al وتعطينا Azal و Al تعني "التعلق" و"علق"؛ نقول عنه All بالتشديد ومنه كلمة Tallalt، Etal بالفرنسية وهي تلك الرافعة التي نضعها تحت أعمدة السقف إذا انكسرت كي تبقى مرتفعة ولا يكتمل انكسارها. إذن Azal هو حين "تتعلق" الشمس في وسط السماء، وهي الفترة التي ترتفع فيها درجة الحرارة ونقول بالأمازيغية: Tarazal المركبة من Tar و Azal، وتعني مجتمعة التي تقي من الحرارة. ولوضوح هذه الفترة الساطع، ستقرن في الأمازيغية بانفضاح الكذب ولا جدوى الانتظار حين نقول: A zal n wassa…، ونعبر عن القرار الجديد.
هذه الكلمة Azal ستنتقل إلى العربية باعتبارها كلمة واحدة، "الزوال"، مما يجعل المعنى يأتيها من خارجها ويجعلها بعيدة عن الشمس. كما أننا إذا أردنا تفسيرها فإنها تعني الفناء والزوال: من زال يزول، مع أنه في ذلك الوقت الذي نصطلح عليه بقبل الزوال وبعد الزوال ليس هناك شيء لا يكون حتى نقول "قبل" ثم يكون وينعدم فنقول "بعد الزوال". بل إن هذا التعبير هو ما يؤكد أن "الزوال" مأخوذة بالضبط من Azal الأمازيغية التي تفسر نفسها.
كذلك بالنسبة للفرنسيين يعتقدون أن Soleil كلمة واحدة، وهكذا ورثوها، وهي في الحقيقة أكثر تعبيرا عما نقول. ففي الأمازيغية نقول: Yuliy wass أو Ass yuliy. فإذا حذفنا حرف التعريف A في Ass وحرف الربط Y في Yuliy، ستعطينا Ss uliy. وإذا جمعناهما ستعطينا Suliy، وهي Soleil بالنطق الفرنسي.

نفس الشيء بالنسبة للكلمة الأمازيغية Asammer، والتي تعني المكان الأكثر تعرضا لأشعة الشمس. وهي مركبة من Ass ; و Ammer. وتعني السرعة، وتعني مجتمعة المكان الذي ترتفع حرارته بسرعة لأنه يكان متقابلا مع الشمس. ستستمر هذه الكلمة في الإنجليزية لتعني الصيف Summer وهو الأكثر ارتفاعا للحرارة بالمقارنة مع الفصول الأخرى. ونفس الشيء بالنسبة للألمانية Sommer.

كذلك تلتقي الكلمة الأمازيغية Asfed، وتصغيرها Tasafut وتعني المشعل، مع الكلمة الروسية Svet التي تعني الضوء، وكذلك مع كلمة الصيف "العربية". تأمل Asfed، Svet، صيف. وasfeld الأمازيغية مركبة كمثيلاتها من Ass وf، وتعني شمس النار، وتلك أبلغ تسمية لصورة المشعل Flambeau.
كذلك ستنتقل كلمة Tasaât الأمازيغية، من Assenât إلى كلمة "الساعة" العربية. وهي في الأمازيغية مركبة من Ass و Anât، وتعني مجتمعة التي تبين الشمس، أي موقع الشمس في السماء، والذي يقابله وقت معين. أتذكر، وأنا بعد قبل سن الدراسة، كنا نثبت عودا في الأرض ونتتبع حركة ظله حيث لكل وضع معين للشمس مسافة معينة للظل به كذلك كان الفقيه يتعرف أوقات الصلاة. والرسم كان كالتالي:
ليست التقنية هنا هي ما يهمنا؛ فهي على بساطتها تكشف على جانب من جوانب التفاعل التلقائي الوحيد والممكن للإنسان الأول مع الطبيعة. ولكن هي في حد ذاتها عملية مركبة، مما يجعل الاصطلاح عليها كذلك مركبا…
ستنتقل إلى اللغة العربية باعتبارها غير مركبة وبمدلول غير الذي أريد لها أن تعنيه حاليا، بل ويكتنفها اللبس في بعض الأحيان. فهي أولا تعني "الساعة" heure وتعني "الآلة" Montre. كما أنها ترد في القرآن الكريم بمعنى "اليوم الآخر" (الساعة آتية لا ريب فيها). وكذلك ترد بمعنى "الحياة" أو "الشمس" Ass: »ويسألونك عن الساعة أيان مرساها«…
من كلمة Ass كذلك نشتق كلمة Asid الذي يعني الضوء و Ssid التي تعني الإضاءة ونجدها في الفرنسية بمعنى الوضوح والتوضيح Lucide, élucider.

ما الذي يمنع Ass و Asid لأن تتحول إلى "سيد" و Seigneur و Sir ؟ ألم تكن Asid سيدة العالم حتى لا يشتق من ضوئها asid معاني السيادة؟
Ass هي الشمس، وهي التي بواسطتها استمر الإنسان في الحياة وعبدها قديما. ألا تستحق أن تسكن بنية اللغة وتصبح هي التي بواسطتها نقوم بهذا الشيء وبهذا الفعل… نحن نقول للنوم مثلا taguni و igna هي "نام"، والمكان الذي ننام فيه أو بواسطته نسميه Asgwen. تأمل كيف انتقلت هذه الكلمة إلى اللغة العربية لتعني "المسكن" . قارن بين Asgwen و"سكن". وجاء في إحدى الآيات »وجعلنا لكم أزواجا تسكنون إليهم«. ألا يقترب هذا من معنى "تنامون"، والتي أخذت من Asgwen الأمازيغية إلى البناء حيث تنام…
نفس الشيء بالنسبة إلى كلمة "مسكين"، وهي في أصلها أمازيغية مركبة من M، وهي للنسب، و Iskin، وهي الأشياء، أي التي تطلب الأشياء Miskin، ذلك أننا حين نبحث عن شرحها في العربية يوحي لنا الأمر وكأن الناس اجتمعوا واتفقوا على إطلاق الاسم الفلاني على الشيء الفلاني إلى ان حصلنا على اللغة بعد أن حصل إجماعنا على الكلمات ودلالاتها. والعكس هو الصحيح، هو أن الواقع المادي للأشياء هو الذي يخلق اللغة، وكذلك يخلق الإجماع عليها وذلك ما تكشف عليه الأمازيغة على عكس فروعها من لغات الحوض المتوسطي.
وعلى كلمة Astre الفرنسية التي تعني "النجم"، وهو معروف كذلك بالضوء، إلا أنه ليس كضوء الشمس، إنه يشبه "الجمرة" Tiriyt: أليست هذه جذر Itri الأمازيغية؟ وعليه، أليس من المحتمل أن تكون Astre تركيبا للكلمتين الأمازيغيتين Ass و Itri.
ولنعد الآن قبل أن نختتم هذا المقال إلى تلك Al التي في Azal ونتساءل: من يأتي في العلو بعد الشمس؟ إنه الملك Aglid بالأمازيغية. فما هي وظائف هذا الأخير في المجتمعات الأولى؟ وما هي المعايير التي تعتمدها الجماعة في احتيار ملكها؟ ومن أين أتت كلمة Aglid؟..
إذا ما عدنا إلى ما نشاهده عند الحيوانات التي تعيش بشكل قطيعي، فإنها تكون دائما مسوقة بأحدها يكون مسنا واكبر تجربة ومعرفة بأماكن الخطر وأماكن العشب والماء والأماكن الآمنة. نفس الشيء بالنسبة لقطعان الماشية: فلكل قطيع نعجة تسمى tamenzeght، وتعني التي تجر القطيع…
نفس الشيء بالنسبة للجماعات البشرية القديمة، سيكون صاحب التجربة هو الذي يقود جماعته نظرا لمعرفته الدقيقة بالمحيط وبقدرات وتكتيكات الحيوانات الأخرى… ولهذه الأسباب يحترمه الناس. ومع تقدم تجربة البشر في التاريخ وبداية استقرارهم ستتطور كذلك عملية قيادة الجماعة.. مع ما سيرتبط بهذه من مصالح… هنا، ومع توسع الجماعة في المجال، سيبدأون في إقامة طقس الإعلان الجماعي لملكية الشخص المعني Aglid… وهنا لن يقوموا إلا بعملية تقليد اعتلاء الشمس عرش السماء.. أي سيرفعون وسيعلون ـ من الإعلاء ـ ملكهم. من ثم جاءت كلمة Aglid التي تتضمن فعل Ayel/Agel الذي هو "الإعلاء".. والطقس هو إعلاء شأنه ومكانته فوق الجميع. وهذه العملية وفق قواعد الاستنباط في اللغة الأمازيغية لن تكون سوى Timesgilda التي تذكرنا بالكلمة الأمازيغية Timezgida التي تعني "المسجد"…
Timesgilda هذه هي العملية التي يقلد فيها الشخص مسؤولية الناس الذين أعلوا مكانته… ستتحول بعد إسقاط Ti الخاصة بالتأنيث إلى Mesgilda، ثم إلى Megida التي تعطينا "مسجد" بعد استبدال g بالجيم… وسترتبط في ما بعد بالمكان الرسمي الذي تتم فيه العملية، والذي سيستعمل في ما بعد لتأدية الصلاة لمن هو أعلى من Aglid، والذي هو الإله الذي سيتخذ معاني مختلفة باختلاف الحقب التاريخية، وبتطور عملية التجريد الفلسفية عند البشر…
أما l التي سقطت في lesgilda، فقد بقيت حية في الكلمات المشتقة من Aglid مثل "تقلد" و"خلد"، وسيتطور الجذر الأمازيغي Agl في Aglid إلى معاني مختلفة… فمسجد ستعطينا السجود، وهذا يعني مخافة الله والإحساس بالضعف… و"قلد" تعني المسؤولية.. و"خلد" تعني الخلود… وهي من صفات الله، بل ومن أسمائه الحسنى. وما العلي إلى من "علي" والتي هي Aliy من الصعود والارتفاع.. إذن إذا كان الجذر في Timesgilda، والذي هو Geld سيعطينا، بعد استبدال g بالقاف والخاء، "قلد" و"خلد"، فإنه في بداية المسيحية بقي هو هو، وذلك ما نشاهده بوضوح في كلمة Eglise، و Egl هي Agel الأمازيغية الموجودة في Aglid، وكذلك "المجد" المرتبط بالسلطان سيعطينا كلمة Gloire و gl دائما هي الموجودة في Aglid. وأكيد انه الآن اتضح انه رغم الفرق الشاسع بين كلمة "مسجد" و Eglise و"قلد" و"خلد" و"مجد" و Gloire، فإن أصلها واحد.. أصل أمازيغي.. واتضح كذلك إلى أي حد تستطيع اللغة أن تتخفى "بشكل لا إرادي" طبعا عن جذرها الأول… الإنسان الأمازيغي الأول؛ المتكلم الأول، الكاتب الأول، القارئ الأول، المتعبد الأول، مبدع "أتينا" ربة الحرب والحكمة…
إن الكثير من ألغاز البشرية تجد حلها في الثقافة واللغة الأمازيغية، وأن الكثير من الحروب الدينية وقعت فقط لأنهم نسوا جدنا المحترم "مازيغ" الذي تكلم وعلمهم الكلام…
مقتنع بأنه سيأتي يوم يدين فيه العالم اجمع كل من ساهم في تقتيل الأمازيغية، لغة البشر الأولى، وسيشعر لحظتها المخططون لذلك بأنهم أقزام وجهلاء وشريرون مع إرث إنساني فريد لا مثيل له. وسيشعر لحظتها كل أمازيغي استصغر لغته بفعل وعي زائف إلى أي حد كان مغفلا. وسيكتشف فيه كل من تقايض بالأمازيغية إلى أي حد هو "فقير" الروح. أما العالم، فإنه يتكلم الأمازيغية بلكنته الخاصة… ويؤدي صلواته في أماكن أمازيغية الاسم… ولربما تجد أسماءه ـ الله، Dieu. Good ـ جذورها في الأمازيغية، ثقافة الجميع الأولى.. بوصلة التاريخ المجهولة… بوصلة الأركيولوجية في سعيها لسبر غور ماضي البشرية.                          
حميدي علي ـ خنيفرة

اقرأ المزيد

الأحد، 9 يونيو 2013

حرب الرمال 1963


حرب الرمال.. هكذا رد الجزائريون على غزو المغرب:



 
لم يحدث وأن قال الراحل أحمد بن بلة كلمة "حڤرونا" إلا مرة واحدة عام 1963، عندما كان رفقة الرعيل الأول للمجاهدين في استراحة محارب يبحثون عن سُبل بناء وطن مثخن بالجراح، كانوا معوّلين على أبناء الجزائر وأيضا على الأصدقاء والجيران، ولا أحد تصور أن فتنة الخلافات الداخلية التي اندلعت في الجزائر بين مدّ بن بلة وجزر أيت أحمد، سيتم استغلالها من أقرب الناس بعد سنة واحدة من الحرية، خاصة أن الجزائر كانت تضمّد جراحات أكثر من قرن من الاحتلال، ولأن التاريخ يعيد نفسه، فإن الكثيرين تذكروا ما حدث منذ نصف قرن بعد الحملة الإعلامية وحتى السياسية المغربية، التي أعلنها المخزن منذ بضعة أيام في الذكرى الخمسين للإستقلال، زاعمين فتنة أخرى مشابهة لما حدث في فجر الاستقلال، وما دام التاريخ قد أعاد نفسه فإن "الشروق اليومي"، عادت إلى الحادثة الأولى التي اندلعت عام 1963 مع صانعيها من الذين مازالوا على قيد الحياة، ولم تكتف بمنطقة واحدة، وإنما أبحرت شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ونقلت شهادات من رجال قال بعضهم إن ما حدث في الأيام الأخيرة يكاد يكون صورة طبق الأصل لما حدث منذ نصف قرن، ولأن نتيجة "الحڤرة" في العرف الجزائري هي "الأزمة التي تلد الهمّة"، فإن هذه الشهادات المسلسلة التي تقدمها الشروق اليومي على لسان من عاشوا الحدث، وتنقلوا آلاف الكيلومترات هي ذرة من حرب الرمال.


لمجاهد فلاّح محمد يروي للشروق تفاصيل مشاركته في "حرب الرمال" :
هذا ما فعلته عصابات"الزوكيت" من أجل الاستحواذ على الأراضي الجزائرية
يعود بنا المجاهد فلاح محمد في اللقاء الذي جمعنا به حول "حرب الرمال" والهجوم المغربي غير المبرر سنة 1963 على الأراضي الجزائرية نتيجة الأطماع التوسعية التي قادها القادة المغاربة ضد الوحدة الترابية الجزائرية إلى الحقبة التاريخية الممتدة من 1958 وإلى غاية 1962 وتحديدا بعد أيام فقط من تاريخ وقف إطلاق النار.
التحضير للعدوان بدأ قبل الاستقلال :
وتحدث المجاهد فلاح عن الدور الذي لعبه علال الفاسي في محاولات بائسة وفاشلة واستفزازية من أجل تجسيد أطماعه التوسعية على حساب الوحدة الوطنية الجزائرية، مشكلا ما يشبه المليشيات كانت مكلفة بالقيام بأعمال شبيهة بتلك التي تقوم بها عصابات قطاع الطرق. فمن مهامها اعتقال الجنود الجزائريين وسلب المؤونة، متخذة من الحدود الجزائرية المغربية الممتدة من عين الصفراء مرورا بالبيض وبشار وتندوف معاقلا لها، بالإضافة إلى حملات تحسيسية تحريضية لتعبئة سكان المناطق الحدودية الجزائرية وإقناعهم بأنهم مغاربة وليسوا جزائريين معتمدين في ذلك على مناشير تحريضية، يتم توزيعها على السكان تتضمن الأطماع المغربية الممتدة من بشار إلى تندوف وصولا إلى كروشة بالأبيض سيدي الشيخ.
الحركى وجماعة "سنهوري" تخابروا مع الحسن الثاني وعلال الفاسي :
هذه العصابات المسلحة التي كانت تسمى كما كشف عن ذلك المجاهد فلاح بـ "زوكيت" وهم عبارة عن أشخاص يتم تجنيدهم بشكل فوضوي من مختلف الجهات المتاخمة للحدود الجزائرية المغربية يرتدون زيا مدنيا مهمتهم تكمن في "استفزاز" المجاهدين من خلال القيام بعمليات تحريضية داخل الأراضي الجزائرية وقد ساهم حسب ما كشفته شهادة المجاهد فلاح محمد الذي التحق بصفوف الثورة الجزائرية سنة 1957، قبل أن يتم تكليفه برفقة عدد من المجاهدين بحراسة الحدود على مستوى منطقة عين الصفراء وبعدها تندوف في متاعب كثيرة لجيش جبهة التحرير الوطني، خاصة بهذه المناطق، إذ كانت من نتائج تلك الاستفزازات تشتيت جهد المجاهدين، الذي لم يكن منصبا فقط على محاربة الجيوش الفرنسية الاستعمارية، بل أكثر من ذلك حماية الحدود من الأطماع المغربية التي قادها علال الفاسي بتواطؤ مع الحسن الثاني ودون علم الملك محمد الخامس من خلال توظيف عصابات "الزوكيت" واستغلال الدعم اللوجستيكي الذي كان يوفره الخونة من الحركي، كما هو الحال مع "سنهوري" وجماعته، الذي كان يتخذ من منطقة تندوف مكانا لوجستيكيا لإيصال الرسائل للحسن الثاني وعلال الفاسي خلال تلك الفترة الممتدة من 1958 إلى غاية 1962 قبل أن يتم قصف معاقله من قبل الفيلق الثاني الذي أخذ مكان الفيلق الأول والذي كان من ضمنه العديد من الأفواج من بينهم الفوج الثاني بقيادة المجاهد فلاح محمد.


مقاتلو الفوج الثاني تنقلوا إلى تندوف بملابس مدنية:
الفوج الثاني الذي كان ينتسب للقطاع الثاني للمنطقة الخامسة، هذا فوج وحسب -عمي فلاح- تنقل من عين الصفراء إلى غاية تندوف بإمكانيات متواضعة جدا بعدما تم استخراج لهم وثائق إدارية تثبت هويتهم والتوجه بالزي المدني، في وقت نقلت الأسلحة والمؤونة من بشار إلى تندوف بطرق أخرى، وكان الهدف من وراء هذا التحرك هو حراسة الحدود، إذ ولدى تواجدهم بمنطقة تندوف أول شيء لمحوه هي تلك الرايات المغربية التي كانت ترفرف فوق أراضي تندوف والعثور على مناشير تحريضية، غير أن القيادة العسكرية للثورة الجزائرية أعطت أوامر بعدم إطلاق النار لأسباب تتعلق بوجود قواعد خلفية للثورة الجزائرية بالتراب المغربي، بالإضافة إلى تواجد معظم القيادات بالمغرب حينها، وقد اضطرت القيادة العسكرية الجزائرية إلى معاقبة أحد الثوار ومحاكمته لأنه أمر بإطلاق النار بعد الكمين الذي نصب له من قبل عصابات "زوكيت"، والتي طلبت منه ترك المؤونة التي كان ينوي إدخالها من الحدود المغربية إلى الجزائر، وهذا ما يعني أن نوايا القيادة العسكرية كانت جد حسنة ولم تكن تنوي أبدا الدخول في مواجهات مسلحة مع المغاربة، رغم أن عصابات الزوكيت كانت لا تكف عن تضييق الخناق على المجاهدين وسلبهم المؤونة وحتى الأسلحة من خلال الكمائن التي كانت تضعها بالاعتماد على المعلومات التي يوفرها الحركى من الخونة وحتى المندسين في صفوف الثوار الجزائريين.
التآمر المخزني مكن الاستعمار من استكمال خط موريس
إذ يكشف المجاهد محمد فلاح عن حادثة وقعت أثناء توجههم إلى تندوف، أين تم تكليف دليل يدلهم على الطريق، والذي كان مكلفا أيضا بنزع الألغام، غير أن هذا الأخير انحرف بالمجموعة التي اضطرت للبقاء في أحد الجبال مدة 3 أيام بدون أكل ولا شرب بعدما سلب منهم المؤونة وغادر المكان برفقة 13 شخصا انضموا فيما بعد إلى عصابات الزوكيت، وقد ساهم ذلك حسب شهادات المجاهد فلاح في متاعب كثيرة للثوار الجزائريين، وأن مثل تلك الممارسات استغلتها السلطة الفرنسية الاستعمارية لاستكمال مخططاتها التدميرية وعلى رأسها استكمال إنجاز خط موريس، حيث كان من الممكن حسب شهادات ذات المجاهد ثني الجيش الفرنسي على استكمال وضع خط موريس بالاعتماد على عمليات مضادة تنزع الألغام وتزيل الأسلاك الشائكة المكهربة لو أن المضايقات التي كان يقوم بها المغاربة لم تكن موجودة، غير أن الجنود الجزائريين اضطروا مكرهين لحماية الحدود من الأطماع المغربية التي لم تكن وليدة سنة 1963 وإنما تعود إلى العديد من السنوات رغم وجود وثائق ممهورة من قبل ملوك وسلاطين -يقول عمي فلاح - سلمت إلى منظمة الأمم المتحدة دون الحديث عن اتفاقيات ومعاهدات الترسيم والتي تؤكد على أن تندوف وبشار وكروشة بالأبيض سيدي الشيخ هي أراضي جزائرية، عكس الإدعاءات المغربية التي كان يروج لها علال الفاسي بمساعدة الحسن الثاني قبل أن تقع أحداث حرب الرمال بعد ذلك بسنوات، حيث يكشف المجاهد فلاح في هذا الشأن أن هذه الاستفزازات كانت متواصلة إلى غاية إرسال وفد جزائري إلى الملك محمد الخامس الذي لم يكن له علم بما يحدث، وأسفرت هذه المحادثات الثنائية عن تعيين الجنرال مزيان من قبل الملك محمد الخامس لتشكيل الجيش النظامي المغربي والقضاء نهائيا على هذه الميليشيات خاصة ميليشيات "زوكيت" التي كانت تحت سلطة علال الفاسي، وتنتهي بذلك مهمة المجاهد فلاح محمد برفقة باقي المجاهدين ووضع فيلق ثاني بتندوف مجهز بأسلحة متطورة، ليستقر بعد ذلك في بشار ثم بسيدي براهيم بسيدي بعباس قبل أن يتم استدعاؤه إلى زمورة في إطار تكوين إطارات الجيش الشعبي الوطني، وهي الفترة التي تم فيها استنفار القواعد الجزائرية وتجنيد جميع الجزائريين بعد الهجوم المغربي سنة 1963.






دعوة للمساهمة:
تدعو"الشروق" كل من عايشوا أحداث "حرب الرمال"، إلى المساهمة بنشر شهاداتهم. لمن يهمه الأمر، يرجى الاتصال على رقم الفاكس:
021.28.01.09 أو على البريد الإلكتروني:
echourouknews@gmail.com


اقرأ المزيد

الجمعة، 7 يونيو 2013

العرف الناشر في شرح وأدلة فقه متن ابن عاشر الشيخ المختار بن العربي مؤمن الجزائري

العرف الناشر في شرح وأدلة فقه متن ابن عاشر
تأليف: الشيخ المختار بن العربي مؤمن الجزائري
(من علماء مدينة سعيدة)
وهو شرحً مبسطً للمتن الفقهي، الذي ضمنه الشيخ عبد الواحد بن عاشر منظومته الشهيرة بمتن ابن عاشر، والمسماة بـالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين
للتحميل pdf:


اقرأ المزيد

العلامة ابن العلامة أبو الفضل محمد بن محمد المشدالي:

العلامة ابن العلامة أبو الفضل محمد بن محمد المشدالي:
هذه ترجمة لعالم جزائري من أبناء زواوة عاش في القرن التاسع ( 9) هجري الخامس عشر ميلادي ( 15 ) و هو بدون شك عصر ضعف سياسي عرفه العالم الإسلامي بجناحيه ، يشهد له سقوط آخر معاقل المسلمين وانحسار سلطانهم في الأندلس، و سيطرة الأسبان الصليبيين الحاقدين على معظم موانئ المغرب العربي، و تقاتل الحكام المسلمين على الفتات و كثرة المكائد و التنازع على الصغائر وعدوهم يتربص بهم الدوائر ، و كانت مدينته بجاية الناصرية تعيش في ظل الحكم الحفصي الذي مقره تونس و يمثلهم فيها والي تتبع له مع مدينتي قسنطينة و عنابة، و من فضل الله وحكمته أن مترجمنا نشأ في عصر حاكم حفصي عادل هو أبو عمرو عثمان بن محمد المنصور بن عبد العزيز ( 821 - 893 ) اشتهر بالحزم و العدل و حب العلم و العلماء، و ساد الأمن و الرخاء في إمارته معظم الوقت، فقد ذكر المؤرخون انه اشتغل ببناء المدارس و الزوايا و تأسيس العقيونى المائية ، و قرب العلماء و أهتم بهم ، وشيد دار للكتب هامة [ أنظر تاريخ الدولتين للزركشي ]
أما في المشرق فان مصر و الشام كانت تحت حكم المماليك الجراكسة وغيرهم.
عرف عن مترجمنا أنه كان موسوعة في العلوم و المعارف عرف بسعة العلم و بشدة الذكاء و حدة الذهن و الحافظة العجيبة ، كما عرف بكثرة أسفاره فقد جاب المدن و القرى و ركب البر و البحر لطلب العلم و ملاقاة الشيوخ ، برع في فنون عدة ذكرها كتاب التراجم و الطبقات منها التفسير و الحديث و الفقه و الفرائض و اللغة و البيان و النحو و الصرف و الحساب ، وهو ما شهد له به الإمام جلال الدين السيوطي حيث وصفه في (( نظم العقبان في أعيان الأعيان: 1/ 160 )) ب:" الإمام العلامة نادرة الزمان أبو الفضل المغربي ، ابن العلامة الصالح أبي عبد الله الشهير في المغرب بابن أبي القاسم" وأضاف قائلا في نفس الصفحة بأنه العالم الذي : " اتسعت معارفه ، وبرز على أقرانه بل وعلى مشايخه ، وشاع ذكره ، وملأ اسمه الإسماع ، وصار كلمة إجماع ، وكان أعجوبة الزمان ، في الحفظ والفهم والذكاء وتوقد الذهن ".


كنيته واسمه ونسبه:

أبو الفضل ، محمد بن محمد بن أبي القاسم ( بن أبي القسم) بن محمد بن عبد الصمد بن حسن بن عبد المحسن المشدالي البجائي ، البخاري ، المالكي، من منطقة مشدالة التي تنتمي إلى قبائل زواوة (غرب مدينة بجاية)، ينتمي إلى أسرة اشتهرت بالعلم و الفقه والجاه، فوالده هو العلامة الورع الزاهد أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم ( ت 866 هـ ) صاحب تكملة حاشية المدونة للوانوغي.
وجده هو العلامة الفقيه بلقاسم بن محمد بن عبد الصمد الزواوي المشدالي البجائي ( ت حوالي 858 هـ) و كان موصوفا بحفظ المذهب المالكي وهو في بجاية كالبرزلي بتونس.
وأخوه الأكبر الحاج محمد بن محمد بن أبي القاسم ( 859هـ) الإمام الفقيه كان متقدماً في العلم تصدر في بجاية وانتفع به جماعة.
وجده الأعلى لأمه أبو علي ناصر الدين المشدالي ( 731 ه ) العالم المتفنن الحافظ المجتهد.
ومن أخوال أمه أيضا عمران بن موسى المشدالي البجائي (745 هـ) الإمام المقرئ الحافظ المحقق.


نشأته ودراسته:

نشأ مترجمنا في أسرة أشتهر كثير من رجالها بالعلم و الفقه كما ذكرنا آنفا، كما أنها تنتمي إلى قبيلة كثيرة العدد معروفة بشدتها في الحروب و المعارك اكتسبت سمعة وجاه فكان السلاطين و الحكام يسترضونها و يحسبون لها ألف حساب ، بدأ حفظ القرآن الكريم في سن الخامسة ، وانتهى من حفظه بعد سنتين ونصف كما ذكر ذلك بنفسه ،وهو ما أثبته الإمام السيوطي في ترجمته لأبي الفضل مما أملاه عليه البقاعي، كما تعلم العربية ومبادئ الرسم و اللغة على يد والده و أخيه الأكبر، ثم انتقل إلى حفظ المتون والدواوين "... وحفظ الشاطبيتين ورجز الخرازي في الرسم والكافية الشافية ولامية الأفعال لابن ملك في النحو والصرف وغالب التسهيل وجميع ألفيته وابن الحاجب الفرعي والرسالة وأرجوزة التلمساني في الفرائض ونحو الربع من مدونة سحنون وطوالع الأنوار في أصول الدين للبيضاوي وابن الحاجب الأصلي وجمل الخونجي والخزرجية في العروض وتلخيص ابن البنا في الحساب وتلخيص المفتاح والديوان لامرئ القيس وللنابغة الذبياني ولزهير بن أبي سلمى ولعلقمة الفحل ولطرفة بن العبد" (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9 / 180)).
ثم أقبل على التفهم فبحث النحو والصرف والعروض والمنطق والأصول والميقات والأصلين والمعاني والبيان وعلوم الشرع التفسير والحديث والفقه على أبيه وأخيه وغيرهم من شيوخ منطقة زواوة (مشدالة وبجاية).


رحلته في طلب العلم وتدريسه:

بعد أن نهل من معين علماء منطقته ، شد الرحال أول سنة 840 هـ إلى مدينة تلمسان التي كانت تعج بالعلم و العلماء ، فهي إحدى حواضر العلم و الثقافة في عصره، فأخذ عن علمائها ومشايخها العلوم النقلية والعقلية، ومنها علوم القرآن الكريم والتفسير، والحديث الشريف ، والفقه، والجبر والمقابلة والهيئة وجر الأثقال والتقاويم والميقات بأنواعه من فنون الإسطرلابات والصفائح ، و والأصول، والأدب، والمنطق، والجدل، والفلسفيات، والطب، والهندسة، والحساب، والفرائض، و هناك اتسعت معارفه و برز على أقرانه بل وعلى مشايخه ، فكان يستدعى لمجالس العلم فيسأل و يناظر و يقرئ ، وقد كتب احد أبرز علماء تلمسان ابن مرزوق لأبيه يذكر له براعة ابنه أبي الفضل قائلا : " قدم علينا [ أبي الفضل ] وكنا نظن به حاجة إلينا فاحتجنا إليه أكثر " ، ثم عاد إلى بجاية في سنة 844 هـ. وقد برع في كثير من هذه العلوم، وتصدر للإقراء ببجاية لمدة قصيرة ، لينتقل بعدها إلى مدينة عنابة ومنها إلى قسنطينة وحضر عند علمائها ، ثم دخل تونس في أواسط سنة 845 هـ، ومنها انتقل إلى طرابلس التي نزل بها غي نفس السنة ولم تطل إقامته بها حيث رحل قاصدا مصر غير أن مركبهم جنح إلى سواحل قبرص فنزل بها وقد ناظر بعض الأساقفة النصارى في الأفقسية مدينة الملك، و حصلت له بها غرائب ثم رحل منها إلى بيروت وبعدها أتجه إلى دمشق ثم طوف في بلاد الشام طرابلس وحماة ثم دخل بيت المقدس سنة 847 هـ وأستقر بها مدة ، كما ذكر ابن أبي عذيبة حيث قال : " الإمام العلامة أوحد أهل زمانه قدم علينا القدس سنة سبع وأربعين فأقرأ العضد وكتب المنطق والمعقولات وشهد له الأئمة ببلدنا وبدمشق ...". وشاع ذكره إلى أن ملأ الأسماع وقصده طلبة العلم و العلماء و المشايخ فسمعوا منه واستفادوا من علمه و معارفه ، ولازمه الكثير من العلماء لا يفارقونه مدة إقامته بينهم ، ومن العلماء الذين أعجبوا به و آثروا صحبته الكمال بن البارزي و صهره الجمال، وبلغ علمه و فضله مسامع أهل المملكة السلطان وأركان الدولة فقربوه و زادت حضوته عندهم.
وفي سنة 849 هـ شد الرحال قاصدا بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج وقد رافقه في رحلة الحج صديقه الكمال بن البارزي ، وبعد أدائه لفريضة الحج جاور فترة بمكة المكرمة و تصدر للتدريس بها فأخذ عنه علمائها و مشايخها و طلبة العلم بها ومن العلماء الذين أخذوا عنه عالم الحجاز البرهان بن ظهيرة ، لينتقل بعدها إلى مصر حيث استقر به المقام في القاهرة وقد تسامع به علماء مصر و طلبة العلم فقصدوه ، فتصدر للتدريس بالجامع الأزهر الشريف ، وقد شهد له كل من حضر دروسه بأنه كان موسوعة علمية حيث كان يدرس في عدة علوم و فنون بطريقة بهر بها العقول وأدهش الألباب وممن حضر تدريسه للتفسير الإمام السخاوي الذي ذكره في (( الضوء اللامع: 9 / 185)) فقال : " وكنت ممن حضر هذا الدرس ورأيت من سرعة سرده وطلق عبارته وقوة جنانه في تأديته عجباً وإن كان مقام التحقيق وراء ذلك " كما حضر دروسه في الفقه المالكي فوصفها قائلا : " حضرت دروسه في فقه المالكية بجامع الأزهر فظهر لي أنني ما رأيت مثله، وأن من لم يحضر درسه لم يحضر العلم ولا سمع كلام العرب ولا رأى الناس، بل ولا خرج إلى الوجود...".
وفي مصر استفاد من علمائها و مسنديها لكنه مع الأسف لم يسعد بالأخذ عن الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني ، حيث زاره في بيته لكنه وجده مريضا في مرض موته ، ورغم حالة المرض فقد فرح به وبزيارته كما ذكر ذلك السخاوي في الضوء اللامع 9 / 184 : " فعاده في يوم الأحد منتصف ذي الحجة وهو في أشد المرض فابتهج به ابتهاجاً كثيراً وعظمه تعظيماً كبيراً".
وقد سمع على سارة ابنة ابن جماعة جزء ابن الطلاية ببيتها، وعلى أربعين من العلماء والمسندين ختم البخاري بالظاهرية القديمة.

شيوخه:

1- والده العلامة الزاهد محمد بن أبي القاسم ( 866 هـ): الفقيه العلامة النظار الورع الزاهد ، مفتي مدينة بجاية وخطيبها و إمامها، كان إماما كبيرا مقدما على أهل عصره في الفقه و غيره ، ذو وجاهة عند صاحب تونس ، خطب بالجامع الأعظم ببجاية و تصدر فيه و في غيره للتدريس و تخرج به أبناء و أئمة.
من مؤلفاته: " تكملة حاشية الوانوغي على المدونة " في الفقه المالكي، و "مختصر البيان لابن رشد" و " حاشية على مختصر ابن الحاجب " و "الفتاوى".
حفظ على يديه القرآن الكريم و متون الفقه والنحو و الصرف و اللغة العربية و البيان و بعض التفسير.
2- أخوه الحاج محمد بن محمد بن ابي القاسم المشدالي( ت 859 هـ): شقيق أبو الفضل، وهو الأكبر. أخذ عن أبيه وغيره، وكان متقدماً في العلم تصدر في بجاية وانتفع به جماعة منهم سليمان بن يوسف الحسناوي وكان أتم عقلاً من أخيه وأصح فهماً وأحفظ ... وخرج قاصداً الحج فمات في ليلة العشرين من المحرم سنة تسع وخمسين.
3- الحفيد الإمام ابن مرزوق العالم الشهير( ت 842 هـ): الإمام المشهور العلامة الحافظ ، الفقيه المجتهد الأصولي المفسر المحدث المسند الراوية، ولد بتلمسان وبها نشأ وأخذ العلم عن جماعة كالعلامة أبي محمد عبد الله الشريف التلمساني، و الإمام علم المغرب سعيد العقباني ، وعن أبيه و عمه ابني الخطيب ابن مرزوق، ورحل إلى تونس وبها أخذ عن الإمام ابن عرفة و أبي العباس القصار و بفاس عن الإمام النحوي ابن حياتي ، و الإمام الشيخ الصالح ابي زيد المكودي و الحافظ محمد بن مسعود الصنهاجي الفلالي في جماعة.
رحل إلى الحجاز والمشرق ودخل القاهرة فلقي بها العلامة ابن خلدون والفيروز أبادي والنويري وأخذ عنهم . وحج سنة تسعين برفقة الإمام ابن عرفة ، ولقي شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني وأخذ عنه ...وأخذ عنه جماعة من السادات كالشيخ الثعالبي وقاضي الجماعة عمر القلشاني و الامام محمد بن العباس و العلامة نصر الزواوي ، و العلامة أبي الفضل المشدالي في خلق كثيرين من الاجلاء، من مؤلفاته: " أنواع الذراري في مكررات البخاري " و " تفسير سورة الاخلاص " و " ثلاثة شروح على " البردة "
و " المتجر الربيح في شرح صحيح البخاري " و أرجوزة في " القراءات " و غيرها...
أخذ عنه المشدالي التفسير والحديث الشريف والفقه والأصلين والأدب بأنواعه والمنطق والجدل.
وقد ذكر احمد بابا التنبكتي لما ترجم لأبي الفضل المشدالي في " نيل الابتهاج : 2 / 225". أن شيخه ابن مرزوق هذا هو الذي قال عن تلميذه المشدالي:" ما عرفت العلم حتى قدم على هذا الشاب، فقيل كيف؟ قال لأني كنت أقول فيسلم كلامي فلما جاء هذا شرع ينازعني فشرعت أتحرز وانفتحت لي أبواب من المعارف "
4- قاسم بن سعيد بن محمد العقباني ( ت 854هـ) : شيخ الإسلام ومفتي تلمسان وقاضيها ،العلامة الحافظ القدوة العارف المجتهد المعمر ، أخذ عن والده الإمام أبي عثمان وغيره وحصل العلوم حتى وصل لدرجة الاجتهاد. وولي القضاء بتلمسان ورحل للحج ودخل القاهرة وحضر بها إملاء ابن حجر العسقلاني واستنجازه فأجازه بمروياته ، كما أخذ عن العلامة البساطي وغيرهما، وعنه محمد بن العباس ويحيى المازوني والقلصادي والتنسي والونشريسي وأبو الفضل المشدالي ، وولده أبو سالم وابن زكري وأثنوا عليه ثناء عطرا. من مؤلفاته: " شرح البرهانية في أصول الدين" و "قواعد في النحو" و "تعليق على ابن الحاجب".
أخذ عنه المشدالي الفقه وأصوله، وأصول الدين، وقرأ عليه مختصر ابن الحاجب الأصلي.
5- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن زاغو( ت 845 هـ): أبو العباس المغراوي التلمساني ، الفقيه العابد الفرضي المفسر ولد بتلمسان وبها أخذ عن سعيد العقباني وأبي يحيى الشريف التلمساني و غيرهما.
اشتغل بالتدريس في المدرسة اليعقوبية فدرس بها التفسير و الحديث و الفقه و الأصول و العربية والبيان و الحساب و الفرائض، كان أعلم الناس في وقته بالتفسير وأفصحهم.
أخذ عنه جماعة كالشيخ العلم يحي بن يدير ، و العالم المصنف ابن زكريا يحي المازوني "صاحب النوازل" ، و الحافظ التنسي و ابن زكري ، وأبو الفضل المشدالي و الشيخ العلم الحسن القلصادي، و ذكره في رحلته وغيرهم.
من مؤلفاته " تفسير سورة الفاتحة "و " شرح التلمسانية في الفرائض " و " فتاوي " كثيرة في أنواع العلوم اثبت جملة كبيرة منها في كتاب المعيار المعرب للونشريسي و في نوازل المازوني.
أخذ عنه المشدالي التفسير والفقه والمعاني والبيان والحساب والفرائض والهندسة والتصوف.
6 - المسندة سارة ابنة عمر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله
بن جماعة ( ت 855 هـ ) : أم محمد وتعرف بابنة ابن جماعة ، ابنة
السراج أبي حفص بن العز الكناني الحموي ثم القاهري الشافعي ، من بيت
علم ورياسة ، ولدت تقريباً سنة 769 هـ ، أجاز لها جمع من أصحاب الفخر بن البخاري وغيره كالصلاح ابن عمر وابن الهبل وابن أميلة وابن السوقي وأحمد بن عبد الكريم البعلي وابن النجم وأبن القاري ومحمد بن الحسن بن قاضي الزبداني.
حدثت بالكثير سمع عليها الأئمة ، وكانت صالحة قليلة ذات اليد ،مع فطنة وذوق ومحبة في الطلبة وصبر على الأسماع وصحة سماع، أضرت قبل موتها بمدة.
سمع عليها أبو الفضل المشدالي السنن لأبي داود ، و المعجم الكبير للطبراني.
و جزء ابن الطلاية ببيتها.
7 - الزين البوتيجي ، عبد الرحمن بن عنبر ( ت 864 هـ ): الفقيه الأديب الشافعي القرشي ، سمع على الشيخ زين الدين العراقي ، وأجاز له البلقيني ، وابن الملقن ، والبرهان الأنباسي، والكمال الدميري وأخذ الفقه والفرائض والحساب بأنواعه عن الشمس العراقي وعن الشهاب بن العماد . ولازم الشيخ ولي الدين العراقي وأخذ عنه غالب كتبه، وأخذ النحو عن الشطنوفي ، وسبط بن هشام والأصول عن الشمس البرماوي وشهر بالفرائض وانتفع به الناس مع الصلاح وصحبة الصوفية ، والانقطاع عن الناس ، والقناعة باليسير من الرزق.
تردد عليه أبو الفضل المشدالي فقرأ عليه المنهاج و شرح ألفية العراقي في الحديث ، و أخذ عنه الفرائض والحساب.
8- محمد بن شهاب بن محمود بن محمد بن يوسف بن الحسن الحسني العجمي الخافي الحنفي نزيل سمرقند ( ت 852 هـ) حفظ القرآن الكريم على يد جده والعربية و النحو و الصرف و أخذ الفقه عن الشيخ الفقيه محمد المدعو عبد الرحمن بن محمد البخاري خال العلاء البخاري والسراج البرهاني كلاهما ببخارى والجامع الكبير وأصول الفقه عن محمد بن محمد الحصاري والسيد الجرجاني وسمع منه من تصانيفه شرحه للمفتاح وللمواقف للعضد ولتذكرة الطوسي في الهيئة وحاشيته على شرح المطالع ، وسمع الحديث على ابن الجزري ومحمد بن محمد البخاري الحافظي الشعري ومحمد الحافظي الطاهري الأوشى في آخرين، وصنف كتاباً في العربية نحو ثلاثة كراريس متوسطة ، أجمع كل من عرفه على أنهم لم يروا أحفظ منه مع حسن التصرف.
مدحه تلميذه أبو الفضل المشدالي فقال عنه :" كان حسن الكلام ذا عقل وافر وسياسة ظاهرة وخلق رضي يقطع مجلسه بشكر العرب وترجيح بلادهم على بلاده مع فصاحة وجودة ذهن وحسن تصرف في العلم"
وغيرهم من الشيوخ و العلماء.


تلاميذه:

كما رأينا فقد أشتهر مترجمنا بسعة العلم و تنوع المعارف، وكيف جلس للتدريس في بلده ببجاية و بالمدارس العلمية في الشام و بيت المقدس و بالقاهرة و كيف جاور بمكة المكرمة وهذا ما يدعونا إلى التأكيد على أن هناك خلق كثير من الطلبة و العلماء قد استفادوا من علمه و نهلوا من معارفه و سأقتصر هنا على إيراد بعضهم مع ترجمة قصيرة لهم على سبيل المثال لا الحصر:
1 – القلصاوي علي بن محمد البسطي المالكي ( كان حيا سنة 896 هـ) ، علي بن محمد بن محمد بن علي أبو الحسن القرشي الأندلسي البسطي - نسبة لبسطة جزيرة بالأندلس ، ولد حوالي سنة 814 هـ في مدينة بسطة وقرأ بها القرآن الكريم ثم بحث على محمد القُسْطُرَلي في الحساب وقرأ على الفقيه جعفر فيه وفي الفرائض والفقه أبي بكر البَيَّاز في العربية، وعلى الأستاذ محمد بن محمد البياني الفقه والنحو، رحل إلى تلمسان سنة 840 هـ ، فلما وصل فوجد أبا الفضل المشدالي هناك فرافقه على الأخذ من الشيوخ كأحمد بن زاغو وقاسم العقباني ومحمد بن مرزوق فدرس معه التفسير والحديث والفرائض والنحو والفقه والأصلين ، وقرأ بعض مستصفى الغزالي على رفيقه أبي الفضل المشدالي المذكور لما رأى من نبله وتقدمه وفضله وثناء مشايخه عليه ولم يزل إلى أن برع في الفرائض والحساب، ثم رحل إلى تونس وسمع من شيوخها، ثم أتجه إلى القاهرة ومنها أدى فريضة الحج وعاد ليستقر بها.
من مصنفاته: كتاب " التبصرة في الغبار" و"شرح أرجوزة الشران في الفرائض" و " القانون في الحساب".
2 - قاضي مكة برهان الدين بن ظهيرة ( ت 891 هـ) : أبو إسحاق، برهان الدين بن القاضي نور الدين ، بن قاضي القضاة كمال الدين أبي البركات ابن القاضي جمال الدين أبي السعود، ينتهي نسبه إلى سيدنا خالد بن الوليد بن المغيرة ، القرشي المخزومي – رضي الله عنه -.
ولد صاحب الترجمة في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة . وأخذ العلم عن عمه القاضي أبي السعادات وغيره ، وانتفع بالشيخ أبي الفضل المشدالي المغربي في سائر الفنون ، وأخذ أيضاً عن الحافظ ابن حجر العسقلاني ، والكمال ابن الهمام ، والتقي الشمني ، و الشرف المناوي ، والشيخ الكافيجي وبرع ومهر في الفنون . وولي قضاء مكة المشرفة نحو ثلاثين سنة . وانتهت إليه رياسة الحجاز على الإطلاق.
3 - برهان الدين ابن أبي شريف المري (كان حيا سنة 896 هـ) : إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان ، المقدسي ثم القاهري الشافعي أخو الكمال محمد ويعرف كل منهما بابن أبي شريف. ولد سنة 803 هـ ببيت المقدس ونشأ بها فحفظ القرآن وهو ابن سبع وتلاه تجويداً ،ولازم سراجاً الرومي في العربية والأصول والمنطق ويعقوب الرومي في العربية والمعاني والبيان و سمع عليهما كثيراً من فقه الحنفية وسمع على التقي القلقشندى المقدسي والزين ماهر وآخرين وأجاز له، قرأ على الأمين الأقصرائي شرح العقائد للتفتازاني وعلي الجلال المحلى وتفقه به وبالعلم البلقيني وغيرهما وأخذ الفرائض والحساب عن البوتيجي والشهاب الأبشيطي ،وكذا أخذ عن أبي الفضل المشدالي المغربي وانتفع في هذه العلوم وغيرها بأخيه بل جل انتفاعه به وبحث عليه في مصطلح الحديث وحج معه صحبة أبيهما في ركب الرجبية سنة ثلاث وخمسين فحج وسمع بمكة والمدينة على جماعة.
من مؤلفاته: " شرح الحاوي للفتاوى " و "قواعد الإعراب لابن هشام" و " العطاء والفتح في شرح عقيدة ابن دقيق العيد أبي الفتح" ، و"نظم نخبة الفكر للإمام ابن حجر العسقلاني" وغيرها.
4- عبد الله النجري ( 898 هـ) عبد الله بن محمد بن أبي القسم بن علي بن فضل الله بن تامر بالمثلثة بن إبراهيم العكي الفزاري العبسي اليماني الحنفي. ولد سنة 825 هـ في قرية حوث - باليمن وهذه القرية من معاملة تعز- ونشأ بها فقرأ القرآن وبحث على والده في النحو والفقه والأصلين وعلى أخيه علي بن محمد ثم حج في سنة ثمان وأربعين في البحر ثم رحل فيه إلى القاهرة فوصلها في ربيع الأول من التي تليها فبحث بها في النحو والصرف على بن قديد وأبي القسم النويري وفي المعاني والبيان على الشمني وفي المنطق على التقي الحصني وفي علم الوقت على العز عبد العزيز الميقاتي وحضر في الهندسة قليلاً عند أبي الفضل المشدالي المغربي بل كان يطالع ومهما أشكل عليه يراجعه فيه فطالع شرح الشريف الجرجاني على الجغميني والتبصرة لجابر بن أفلح وفي الفقه على الأمين الأقصرائي والعضد الصيرامي وتقدم حسبما قاله البقاعي في غالب هذه العلوم، واشتهر فضله وامتد صيته لا سيما في العربية.
5-علي الششيني (ت 870 هـ ) علي بن أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن وجيه بن مخلوف القاهري، والد الشهاب أحمد الماضي ويعرف بابن قطب وبالششيني. ولد سنة 807 هـ بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وحفظ الخرقي ثم المحرر وتفقه بالمحب بن نصر الله والنور بن الرزاز المتبولي وبه انتفع والبدر البغدادي والزين الزركشي وعليه سمع صحيح مسلم والتقي بن قندس لقيه بالشام وغيرها وأذن له هو وغيره بالإفتاء والتدريس وأخذ عن أبي الفضل المشدالي البجائي المغربي في أصول الفقه والعربية وسمع على الإمام ابن حجر العسقلاني وكتب عنه في الإملاء وكذا سمع على الشرف أبي الفتح المراغي والشهاب الزفتاوي بمكة وسمع بالقاهرة على ابن ناظر الصاحبة والطحان وابن بردس في صفر سنة خمس وأربعين بحضرة البدر البغدادي بل كان يخبر أنه سمع في صغره على الجمال الحنبلي فالله أعلم، وحج مرتين الثانية في سنة خمسين وجاور التي بعدها وكذا دخل الشام وحماه وغيرهما.
6- علي بن برد بك نور الدين القاهري الفخري الحنفي (ت 872 هـ ) ولد سنة 838 هـ بالقاهرة وحفظ القرآن والقدوري في الفقه والكافية في النحو وأخذ الفقه عن الشمني والنحو والصرف عن ابن قديد ولازم التقي الحصني حتى سمع عليه غالب ما قرئ عليه في الأصلين والمنطق والحكمة والجدل والمعاني والبيان والصرف والعروض عن الشهاب الأبشيطي والشمني وحضر دروس الأمين الأقصرائي والشرواني وكذا أخذ عن أبي الفضل المشدالي المغربي في الكافية لابن ملك وسمع الحديث على جماعة ولازم المشايخ.
7- أبو الحسن برهان الدين البقاعي ( ت 885 هـ): إبراهيم بن عمر بن حسن الرُباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، المؤرخ الأديبالمفسر.
ولد سنة 809 هـ في سورية، قرأ على التاج بن بهادر في الفقه والنحو و قرأ على ابن الجزري جمعاً للعشر في أثناء سورة البقرة و أخذ عن التقي الحصني الشامي وغيره بالشام والتاج الغرابيلي والعماد بن شرف وآخرين ببيت المقدس ثم رحل إلى القاهرة فأخذ عن الشرف السبكي والعلاء القلقشندى والقاياتي والإمام ابن حجر العسقلاني وطائفة منهم أبو الفضل المشدالي المغربي ، واستقر بها مدة ، وركب البحر في عدة غزوات ورابط غير مرة الله أعلم بنيته في ذلك كله ورقاه ابن حجر العسقلاني فعينه في حياة الظاهر جقمق لقراءة الحديث بالقلعة ثم منعه الظاهر في حياته.
وكان البقاعي من أشد المعجبين بأستاذه أبو الفضل المشدالي حيث ترجم له كتابه (((عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والاقران)) وحلاه ب :" الإمام العلامة نادرة العصر وأعجوبة الزمان وهو العمدة في الخوض في المناسبات التي خولف في شأنها ".
8-ابن قاضي عجلون ( كان حيا سنة 896 هـ) : تقي الدين أبو بكر بن عبد الله أبو بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن الزرعي الأصل الدمشقي الشافعي ، تقي الدين بن ولي الدين المعروف بابن قاضي عجلون . من بيت علم ورياسة و جاه ، ولد سنة 841 هـ وتفقه على شيوخ بلده فأخذ عنهم التفسير و الحديث الشريف ، ومن شيوخه أبو الفضل المشدالي المغربي تلقى عنه الفرائض و الفقه ، قرأ كثيرا وبرع في الفقه وأصوله حتى عين في منصب فقيه دمشق و الشام.
9-محمد الديسطي القاهري الأزهري المالكي (حوالي سنة 892 هـ) :محمد بن أحمد بن علي الشمس بن الفخر ، ويعرف أبوه بابن البحيري وهو الديسطي. قدم القاهرة سنة 833 هـ فأخذ عن شيوخها ، ثم توجه منها إلى الشام فأقام بها مدة ثم عاد إلى القاهرة فحفظ القرآن الكريم كاملا وكتباً واشتغل بالفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان وغيرها، وبرع وأشير إليه بالفضيلة والطلاقة ، ومن شيوخه الزين عبادة والشمس الغراقي وأبو القسم النويري وأبو الفضل المشدالي المغربي، وسمع على الإمام ابن حجر العسقلاني ، وسافر إلى مكة فحج ثم عاد مظهراً للإنابة.
10 - محمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز ( ت 876 هـ): اللخمي السنتراوي الأصل ، الإمام العالم دفين مكة المكرمة ، دخل القاهرة سنة 837 هـ فقرأ بها على الإمام ابن حجر العسقلاني ، وعلى أبي الفضل المشدالي سمع عليه العضد وعنه أخذ في المنطق والهندسة والكلام، وناصر الدين الفاقوسي وسمع بمكة علي أبي الفتح المراغي، وكان فاضلاً خيراً.
وفاته :
توفي رحمه الله غريبًا فريدًا في عين تاب (بين حلب وأنطاكية) سنة 864 هـ
وهو في الأربعينات من عمره.

مؤلفاته وآثاره:


لعل السبب في قلة تآليف أبو الفضل المشدالي – والله أعلم – هو انشغاله بالرحلات و التجوال في الآفاق و الأقاليم لملاقاة الشيوخ و طلب العلم ، ثم جلوسه للتدريس و انشغاله به، ولذلك لم تذكر المصادر التي ترجمت له إلا تأليفا واحد هو " شرح على جمل الخونجي " ألفه في شبابه على طريقة حسنة جمع فيه بين شروح ابن واصل الحموي والشريف التلمساني وسعيد العقباني وابن الخطيب القشنبليني وابن مرزوق.
كما ترك منظومات شعرية ، و ديوان شعر في أغراض شتى، وقد أورد أبو عصيدة البجائي في ترجمته لأبي الفضل المشدالي مجموعة من أشعار المشدالي المجهولة.
ومنها هذه الأبيات التي أرسلها من تلمسان إلى أحد أصدقائه ببجاية:
برق الفراق بدا بأفق بعادنا ... فتضعضعت أركاننا لرعوده
كيف القرار وقد تبدد شملنا ... والبين شـق قلوبنا بعموده
لله أيام مضـت بسبيلهـا ... والدهر ينظم شملنا بعقوده.


ثناء العلماء و تلامذته عليه:

- قال عنه الإمام جلال الدين السيوطي كما ذكرناه في المقدمة: " اتسعت معارفه ، وبرز على أقرانه بل وعلى مشايخه ، وشاع ذكره ، وملأ اسمه الإسماع ، وصار كلمة إجماع ، وكان أعجوبة الزمان ، في الحفظ والفهم والذكاء وتوقد الذهن " (( نظم العقبان في أعيان الأعيان: 1/ 160 )).
- وترجم له في (( بغية الوعاة)) فحلاه هكذا : " أبو الفضل المغربي المشدالي العلامة . أحد أذكياء العالم ؛ اشتغل بالمغرب ، وقدم في حياة والده ، وأقرأ بمصر وغيرها ، وأبان عن تفنن في العلوم فقها وأصولا وكلاما ونحوا وغير ذلك ، وأخذ عنه غالب طلبة العصر "
(( جلال الدين عبد الرحمن السيوطي بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة :2/247 )).
- لقيه الإمام السخاوي في مصر وقد خصه بترجمة وافية في كتابه الضوء اللامع ومما قاله: " وقد حصلت بيننا اجتماعات وصحبة ورأيت منه من حدة الذهن وذكاء الخاطر وصفاء الفكر وسرعة الإدراك وقوة الفهم وسعة الحفظ وتوقد القريحة واعتدال المزاج وسداد الرأي واستقامة النظر ووفور العقل وطلاقة اللسان وبلاغة القول ورصانة الجواب وغزارة العلم وحلاوة الشكل وخفة الروح وعذوبة المنطق ما لم أره من أحد " (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9/180)).
- وقال عنه الإمام ابن شاهين: "هذا الرجل لا ينبغي أن يحضر دروسه إلا حذاق العلماء" (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9/182)).
- وقال عنه ابن الهمام : " سألته عن مسألة في أواخر الأصول فأجابني عنها بأجوبة من لو طالع عليها ثلاثة أشهر لم يجب فيها بمثله" (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9/182)).
- وعن الشهاب الأبدي أنه كتب لوالد صاحب الترجمة: " أن الله خول سيدنا وملاذ أنسنا أبا الفضل ولدكم الأسعد من الفتوح الإلهية والمنن الربانية مما امتحنه صالح دعائكم وحسن طويتكم واعتقادكم أن جعله الله بحراً لعلوم زاخرة وعنصراً لفضائل فاخرة ومحاسن متوالية متضافرة فكم أبدى من دقائق خضعت لها الرقاب ونفائس هامت بها ذوو الألباب ومباحث شريفة كشفت دونها الحجاب فأبكت ذوي العقول وحج أصحاب المعقول والمنقول فدانت له المملكة المصرية والأقطار الشامية والبلاد القاصية والدانية فحاز الرياستين وقام بالوظيفتين فالرؤساء حول دياره مخيمون وعظماء المذهب بفناء منزله محومون فالوصف يقصر عما هو فيه أبقى الله وجوده وزاد في معاليه". (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9/182)).
- قال عنه أستاذه العلامة المفسر المحدث ابن مرزوق لما قدم عليه تلمسان:" ماعرفت العلم حتى قدم علي هذا الشاب [ بقصد أبو الفصل المشدالي ] فقيل له كيف ؟ قال : لأني كنت أقول فيسلم لي كلامي فلما جاء هذا الفتى شرعت أتحرز وانفتحت لي أبواب المعرفة ". ((التنبكتي 2 / 224 .الترجمة رقم 661)).
- قال عنه الإمام الفقيه الرحالة القلصادي في رحلته : " وقع اجتماعنا في مصر بصاحبنا الفقيه الإمام الفذ في وقته ذي العلوم الفائقة و المعاني الرائقة ، أبى الفضل المشدالي لم أر مثله في تحصيل العلوم و تحقيقها ، أخذ في كل علم بأوفر نصيب وضارب فيه بسهم مصيب ، وتذكرنا أزمانّا مضت لنا بتلمسان فيا لها من ليال و أيام مع سادات أعلام :
أحاديث أحلى في النفوس من المن ... وألطف من مر النسيم إذا سرى
(( رحلة القلصادي صفحة 127 )).
- أما بلديه الرحالة أبو عصيدة البجائي فقد خصه بترجمة في رسالته : " رسالة الغريب إلى الحبيب " حلاه فيها ب: " الشيخ الإمام سيد فقهاء الإسلام ذي المفاخر العلمية و الغرائب الحكيمة و المحاسن الجليلة الأدبية ، و النكت الرائقة الزكية ، السيد الفقيه الجليل ، الخطيب الرحلة الشهير الحسب شيخ شيوخ الإسلام ، الولي الصالح سيدي و مولاي أبو عبد الله محمد المشدالي ابن السادات الأئمة العلماء"
ومدحه بقصيدة منها هذه الأبيات:
بحار علوم زاخر متوفر ... عليم و في شانيه جهل مركب
عجائب ما قد حازها متعمم .... فحقق و دع قول الذي يتعصب
مسدد آراء جلا كل شبهة ... مفتح أبواب لمن جاء يطلب
(( أبو عصيدة البجائي " رسالة الغريب إلى الحبيب " صفحة 22 )).

جدل العلماء حوله:

يبدو أن مترجمنا أبو الفضل المشدالي كان مثيرا للجدل بين العلماء – و الله أعلى و أعلم - و حتى أكون منصفا فإنني أنقل لكم هنا حرفيا ما كتبه الإمام السخاوي لما ترجم لأبي الفضل المشداوي، فبعد أن أورد ما ذكره بعض العلماء من الثناء عليه ، ذكر أيضا أن هناك من العلماء من ذمه وتكلم في دينه وعلمه فقال:
" ... وكان الناس في صاحب الترجمة فريقان قال لي المحيوي عبد القادر المالكي والله أنه لا عهد له بالفقه بل سمعت قراءته الفاتحة في الصلاة فما أجادها وتكلم في ديانته بما وافقه غيره من ثقات أهل مكة عليه مما لا أحب الإفصاح به ونحوه قول أبي القسم النويري أنه لا يعرف مسألة من المسائل يعني الفقيه ولما لقي أبو الفضل بمكة محمداً القفصي أحد نبلاء جماعة عمر القلشاني وتكلم معه في مسائل أم الولد والمدبر لم يهتد لكثير من ذلك بحيث علم من نفسه التقصير في الفقه وكان ذلك باعثاً له على سؤال محمد الجزولي في التوجه هو وإياه إلى الطائف ليمر معه على البيان والتحصيل لابن رشد ففعلا ذلك وكذا كان صاحبنا الجمال ابن السابق يقدح في علمه وديانته بعد أن كان ممن قلد في شأنه أولاً وبلغني عن الشرواني أنه كان يتعجب من المصريين كيف راج عليهم" (( الإمام السخاوي الضوء اللامع: 9/183 - 184)).


المصادر و المراجع:

- الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي " نظم العقبان في أعيان الأعيان"الناشر: المكتبة العلمية - بيروت، تحقيق: فيليب حتي (جامع التراث).
- الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي " بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة" ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية صيدا ، لبنان.
- الإمام السخاوي " الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" مكتبة القدسي القاهرة 1353 هـ.
- أبو الحسن القلصادي الأندلسي " رحلة القلصادي "، تونس 1978م.
- أحمد بابا التنبكتي " نيل الابتهاج بتطريز الديباج " ، تحقيق الدكتور علي عمر - الناشر مكتبة الثقافة الدينية القاهرة مصر، الطبعة الأولى 1423 هـ /2004م.
- محمد بن محمد مخلوف " شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" - المطبعة السلفية القاهرة: 1349 هـ .
- خير الدين الزركلي " الأعلام " ، دار العلم للملايين بيروت - الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980م,
- أبو عصيدة البجائي " رسالة الغريب إلى الحبيب "، تحقيق الدكتور أبو القاسم سعد الله ، دار الغرب الإسلامي - الطبعة الأولى 1993م.

اقرأ المزيد

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More