images2  د/ حفظ الله بوبكر -جــامعة باتنــة-

مـقـدمة
كانت المرأة الجزائرية خلال القرن التاسع عشر مثالا للشجاعة والتضحية والبطولة، وقد سجل لنا التاريخ نساء قدن المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، ونذكر هنا "لالا فاطمة نسومر" التي كانت تمتاز بخصائص مميزة مكنتها من قيادة الثورة الشعبية في منطقة القبائل، وتمكنت من تحقيق انتصارات على الجيش الفرنسي، وبذلك ذاع صيتها في كل أرجاء الوطن واستطاعت أن تبث الرعب في أوساط الجيش الفرنسي,وقد شاركت هذه الأخيرة في أغلب المعارك وحققت انتصارات شهد لها الأعداء، كما قدمت نساء أخريات مساعدات كبيرة للمقاومة الشعبية بالمؤن والعتاد والدعم المعنوي من أجل القضاء على الاستعمار وإفشال مخططاته، ولم تثن سياسة التنكيل التي انتهجها الاستعمار الفرنسي المرأة الجزائرية في أداء دورها بكل الوسائل.
وكانت المرأة الجزائرية عنصرا أساسيا في الثورة الجزائرية إذ وقفت إلى جانب الرجل وتحملت مسؤوليات سياسية وعسكرية وكانت سندا قويا للكفاح المسلح، وقدمت له الزوج والأخ والابن والأهل، هؤلاء الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي، وأبلت المرأة سواء في الريف الجزائري أو في المدينة البلاء الحسن من أجل خدمة الثورة، وكانت مساهمتها على مختلف المستويات، ويمكن هنا أن نطرح تساؤلا ما مدى مساهمة المرأة الجزائرية في الثورة؟
الدور العسكري للمرأة الجزائرية
عند اندلاع الثورة الجزائرية كانت مساهمة المرأة الجزائرية واضحة في المجال العسكري، وذلك من خلال جيش التحرير الوطني انطلاقا من دورها البارز في التجنيد.
‌أ- التجنيد
تشكل جيش التحرير الوطني في بداية الأمر من كتلة الفلاحين الذين فروا من تنكيل الجيش الفرنسي الذي عمد إلى إتلاف محاصيلهم ومنعهم من ممارسة نشاطهم الزراعي، وكان غالبية المجندين من سكان الأرياف، أما سكان المدن فقد كان معظمهم من العمال بمختلف مهنهم حرفيين، ميكانيكيين وبنائين وسائقين، بالإضافة إلى قدماء المحاربين الجزائريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، ومعظم هؤلاء بالنسبة للمرأة الجزائرية يمثلون الزوج والابن والأب والأخ والقريب، وقد ضحت المرأة الجزائرية في هذا الجانب إذ دفعت بهؤلاء إلى جيش التحرير الوطني وتحملت لوحدها مسئولية الأسرة وتربية الأبناء، وبالرغم من أن مشاركتها في التجنيد عند اندلاع الثورة التحريرية كانت بصفة غير مباشرة، إلا أن تضحيتها كانت كبيرة، فبفضلها تشكلت النواة الأولى لأول تنظيم عسكري للثورة الجزائرية، وكان المجند في جيش التحرير يعد في نظر المرأة الجزائرية رمزا للكرامة والبطولة، والذي لا يلتحق بالثورة يوصف أحيانا بالجبن، وينظر إليه على أنه لم يقدم شيئا لوطنه، وكان المجاهد الذي يعود إلى بيته وتراوده فكرة عدم العودة من جديد إلى الجبل، يجد تعنيفا من زوجته التي تحثه على العودة إلى ساحات القتال لمواصلة الجهاد، قائلة له: "بماذا ستجيب أهل القرية على أسئلتهم التي سوف يوجهونها لك؟ لقد وعدت بالعودة مع الاستقلال، وأقسمت على إعادة الحرية فكيف تستطيع مواجهة الرجوع إلى الحياة العادية بينما يبقى جميع الرجال في الجبال أو في السجون"1.
وكثيرا ما عايشت هذه المرأة اختطاف الأب أو الأولاد أو اعتقالهم، وكانت عرضة في الكثير من المرات إلى استفزازات جنود الجيش الفرنسي.
وبعد سنة 1956 كانت مشاركة المرأة واضحة في جيش التحرير كمجاهدة تحمل السلاح، لكن هذه الأخيرة لم ترق في الرتب العسكرية بالرغم من مشاركتها الفعالة حتى في المعارك التي خاضها جيش التحرير ضد قوات العدو الفرنسي.
وقد أشاد مؤتمر الصومام بمساهمة المرأة في الثورة وثمن دور الحركة النسائية على العمل الباهر المقدم لجيش التحرير وجبهة التحرير الوطني الذي قدمته هذه الأخيرة كمجندة في الجبال أو كزوجة تعيل الأبناء، وكانت قناعتها أن الثورة ستنتهي لا محالة بالحصول على الاستقلال، وقد حصر مؤتمر الصومام في تقريره الصادر سنة 1959 دور المرأة الجزائرية فيما يلي:
1- مؤازرة جنود جيش التحرير عسكريا ومعنويا.
2- مقت الوشاة واحتقار الجبناء.
3- المساهمة في الجانب الإعلامي والاتصالات والتموين وإعداد الملاجئ.
4- إعطاء الإعانات للثورة.2
كانت المرأة الجزائرية كما ذكرنا سابقا فخورة بالمجاهد الذي يدافع عن وطنه، وقد سجلت لنا الوقائع التاريخية أن الكثير من النسوة رفضن الزواج بمن لم يكن مجاهدا في سبيل تحرير الجزائر3.
وقد ركزت الكثير من الدراسات التاريخية على المساهمة العسكرية للمرأة في الثورة التحريرية على بعض النسوة اللواتي لعبنا دورا أساسيا فيها، لكن هذه الدراسات أهملت المرأة الجزائرية بصفة عامة، لاسيما المرأة الريفية، وفي هذا المجال يمكن أن نقف عند بطولات سجلتها بعض النسوة اللواتي ساهمن عسكريا في الثورة بطريقة غير مباشرة، وفي هذا الإطار نشير إلى امرأة تسمى "جناة بنت العماري" هذه الأخيرة يروى عنها أنها أدخلت مجاهدين عن طريق أحد معابر خط موريس على الحدود الشرقية بدوار قابل البطنة، وكما هو معلوم أن القوات الفرنسية أقامت على الأسلاك الشائكة ممرات عبور للسكان وأبراج مراقبة، وكانت عمليات التفتيش دقيقة جدا والعبور يخضع لإجراءات أمنية مشددة، ولا يسمح إلا للذي يحمل جواز عبور أو تأشيرة في الذراع، وهذه المجاهدة ألبست مجاهدين ألبسة نساء وأدخلتهم مع النسوة، وحينما حاولت القوات الفرنسية تفتيش النسوة انهالت "جناة بنت العماري" بالضرب على أخيها المدعو "الغضباني" وأبدت حركات غير عادية، وحينما رآها الجنود الفرنسيين وسألوا عنها قيل لهم أنها مجنونة، وخوفا من إحداث بلبلة في هذا الممر سمح الجنود الفرنسيين للنساء بالعبور، وفور اجتياز خط موريس تسلل المجاهدين عبر الوادي نحو جبل "فوة" بناحية بئر العاتر، وقد طوقت القوات الفرنسية سكان الريف بحثا على المتسللين، لكنها لم تجد شيئا4.
وهناك امرأة أخرى تسمى "بن جدة عائشة" التي قتلت ضابطا فرنسيا برتبة نقيب، هذا الأخير  دخل الخيمة وحاول التحرش بأختها "بن جدة مهنية" وقد ألقي القبض على عائشة من طرف قوات الجيش الفرنسي، حيث قيدت بالحبال التي وضعت في عنقها ويديها ورجليها بعد أن جردت من ملابسها أمام منزلها الريفي، وبقيت مقيدة لمدة طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة للجوع والعطش، ولاقت كل أصناف التعذيب حتى فارقت الحياة، وهذه الحادثة أيضا سجلت بناحية بئر العاتر5.
وهاتين الحادثتين شهدتها الولاية الأولى الأوراس على مستوى الحدود الشرقية، وقد ازدادت سياسة القمع الفرنسي لهذه المنطقة بعد تطبيق مخطط "شال" الذي عزز من سياسة الأسلاك الشائكة المكهربة على طول الحدود الشرقية، وأوجد المناطق المحرمة، والمحتشدات والمعتقلات الجماعية، وسياسة القتل بمجرد الشك، وقد لاقت المرأة الجزائرية في الريف كل أنواع التنكيل الجسدي والنفسي من قبل الجنود الفرنسيين، وجنود اللفيف الأجنبي، وكانت سياسة الاغتصاب من الأفعال المتكررة التي تلجأ إليها القوات الفرنسية، وفي هذا المضمار يقول أحد الضباط: "اغتصبوا، لكن افعلوا ذلك بكل سرية ودون إفشاء الأمر فهذا العمل يعد جزءا من غنائمنا، بل مستحقات لابد أن تكون"، وهذه السياسة كانت تنفذ تحت إمرة كبار الضباط الفرنسيين دون أن يكون لها عقاب، أو تثار كمشكل أخلاقي داخل الجيش الفرنسي،.6
كما تجلت مساهمة المرأة في المعارك التي قادها جيش التحرير ضد القوات الفرنسية في جميع المناطق والولايات، ونذكر هنا معركة الجرف الثانية سنة 1955، وذلك بتموين جنود جيش التحرير، ودفع الأطفال الصغار إلى اعتراض قوافل العدو الفرنسي، ووجدنا في قوائم الشهداء العديد من أسماء النسوة اللواتي استشهدن دفاعا عن الجزائر، نذكر هنا: "بوقرة زرفة، جابري العارفة، بن نجوع الخامسة، غلاب فاطمة، براهمية الشهبة، منصورية عائشة، منسل خديجة، ليتيم صالحة"، وتاريخ الثورة  يحتفظ بأسماء المئات من الشهيدات7.
كانت هناك الكثير من الأغاني الشعبية والأناشيد الثورية التي ترددها المرأة الجزائرية من أجل رفع معنويات المجاهدين، كما كانت تلقن هذه الأغاني والأناشيد لأطفالها الصغار، ولعلنا نتذكر هنا نشيد "من جبالنا طلع صوت الأحرار ينادينا للاستقلال"، وكذلك نشيد جزائرنا يا بلاد الجدود نهضنا نحطم عنك القيود"، وكذلك الأغنية الشعبية القائلة: "جبيت ورقبت بالعين وشفت لما بقالي كان القطاء عامل ونين والبر موحش وخالي في عام 57 حط النكد بالنزالي متلكداتوا الثعابين متنكرة في الحوالي" وهذه الأغنية الشعبية تعبر من خلالها المرأة الجزائرية على أن الريف الذي كانت تقطنه قاحلا موحشا، وقد ازداد القمع الفرنسي عام 1957 وتعرضت كل المناطق إلى الإجراءات الفرنسية القمعية وشبهت الجنود الفرنسيين بالثعابين التي ترعب السكان8.
ب- التموين والتمويل
يعد التموين والتمويل شريان الثورة الجزائرية من حيث جوانبها المادية والاستهلاكية، وكان لهما الدور البارز في نجاح الثورة الجزائري، وتحقيق أهدافها المسطرة، وقد استطاعت الثورة بإمكاناتها البسيطة تحقيق انتصارات كبيرة، وكانت الأموال تجمع أثناء الثورة لتصرف في عدة مجالات، ويعد التمويل سر نجاحها وهو أساس العملية التموينية لجيش التحرير الوطني، وكانت أهم المصادر المالية للثورة هي تلك التي تجمع من الشعب عن طريق الاشتراكات التي فرضتها الثورة على الجميع منذ الانطلاق، وهي مبلغ من المال اعتبرته الثورة فرض عين يدفعه كل مواطن شهريا، لأن الجهاد بالمال سابق على الجهاد بالنفس، ويعد الاشتراك دليلا على إيمان المواطن بالثورة وتدعيمها، ونجد الكثير من النساء تبرعن بما يملكن من أموال وحلي وحتى بمهورهن أحيانا لصالح الثورة الجزائرية، وقد تكلفت الكثير من النساء بمهمة جمع التبرعات لصالح التورة وتقديمها للجان المختصة بالتمويل9.
أما التموين فقد كان نشاطا استراتيجيا خلال الثورة التحريرية، وهو الركيزة التي اعتمد عليها جيش التحرير الوطني لمواصلة نشاطه العسكري، إذ لا يمكن أن يستمر العمل العسكري دون توفر اللباس والغذاء والسلاح والدواء، لذلك أعطيت عناية كبيرة للتموين من قبل قادة الثورة وحاولوا تنظيمه ورصد الأموال اللازمة له، ولم تكن عملية التموين في بداية الثورة إلى غاية عام 1955 تخضع إلى تنظيم دقيق، فقد كان جيش التحرير يمون مباشرة من طرف الشعب، إذ كان يتم إطعام المجاهدين في الليل لدى سكان الأرياف خاصة، وتحملت المرأة الريفية العبء الكبير في هذا المجال، فهي التي كانت تعد الطعام، وتخيط الملابس، وإعداد المؤن التي لا تخضع للتلف بسهولة مثل، "الروينة والسويكة" وغيرها، ولعل إعداد الطعام لجنود جيش التحرير ليس بالمهمة السهلة، فغالبا ما تكون الأرياف تخضع لمراقبة السلطات الفرنسية، وإشعال النار في الليل يعرض الدوار أو الدشرة إلى القصف الفرنسي أو إلى حملات التفتيش، كما أن إعداد ما يحتاجه جيش التحرير من مؤن يعد تحديا للظروف الطبيعية القاسية سواء في الشتاء حيث كانت الأطعمة تحضر بعد جمع الحطب الذي يتعرض أحيانا إلى الأمطار والثلوج وإشعاله يتطلب عملا مضنيا، وكان إشعال النار مهمة صعبة تتولاها المرأة الريفية10.
ويذكر الكثير من المجاهدين أن أثناء عمليات التموين لدى سكان الأرياف لاسيما عند تناول وجبة العشاء، غالبا ما تقوم المرأة بطحن القمح ثم إعداد الخبز أو أكلة "الكسكسي" وهي من الأكلات الشعبية المنتشرة في القطر الجزائري، وهذا العمل يكلف المرأة جهدا كبيرا11.
كما ساهمت المرأة الجزائرية الريفية في إعداد مخابئ خاصة للمؤن كانت تنقل إليها الأغذية والألبسة، وكانت هذه المراكز قريبة من الدواوير والمداشر، وكثيرا ما يتعرض سكان البوادي إلى الوشاية لدى السلطات الفرنسية، مما ينجر عن ذلك حملات تفتيش أو قصف وتدمير للمداشر12.
‌ج- المرأة الجزائرية كمسبلة
يعد المسبل فرد من أفراد جيش التحرير الوطني لا يرتدي اللباس العسكري، ويعتبر عماد وركيزة جيش التحرير، يتولى مواجهة العدو في جميع الميادين، والمسبل يتفرغ لعمل من الأعمال التي تدعم الجيش بكل إخلاص ونزاهة وتضحية، والمسبل غالبا ما يخضع إلى إشراف مسؤول في القسمة التي ينتمي إليها، ويتركز نشاط المسبل في الأرياف والمدن، وقد أوكلت هذه المهمة للكثير من النسوة وكانت مهامهم تتمثل في إيصال المعلومات وتزويد المسئولين بالأخبار والمشاركة في التموين بالمواد الغذائية والقيام بالحراسة، ومراقبة تحركات قوافل العدو، والإبلاغ عن الخونة، وتحركات بعض ضباط وجنود الجيش الفرنسي لاسيما في المدن13.
‌د - الفداء
إن الفداء هو عبارة عن كفاح مسلح في المدن والقرى، والفدائي لا يرتدي الزي العسكري ومهمته القيام بالعمليات الفدائية ضد مراكز الشرطة والجيش الاستعماري، ووضع القنابل في الأندية والمقاهي الاستعمارية، والقضاء على أصحاب الرتب وعلى الوشاة وعملاء الاستعمار، ويتكون هذا النظام من متطوعين ومتطوعات، إذ نجد الكثير من النسوة كلفهن جيش التحرير بتنفيذ عمليات محددة ومعينة خاصة في المقاهي والأندية التي يرتادها جنود الجيش الفرنسي، وقد تجلت هذه العمليات في معركة الجزائر، وكانت المرأة الفدائية تضع القنابل بنفسها في المناطق المستهدفة، وتنقل الذخيرة في المدن وأحيانا تتشبه بالمرأة الأوروبية في لباسها وشكلها من أجل تحقيق مهمة كلفتها بها الثورة14.
هـ - الصحة
كانت لجيش التحرير الوطني مراكز صحية يرأسها أطباء وممرضون مهمتهم الكشف الطبي عن المنخرطين في جيش التحرير، وكانت للثورة مراكز صحية وشبه مستشفيات متنقلة تستقبل الجرحى وتقدم الإسعافات الأولية، وغالبا ما توجد هذه المستشفيات في الغابات والجبال، وكانت تفتقر هذه المصالح في الكثير من الأحيان إلى الأدوية والأدوات الطبية، كما كانت تقدم دروس حول الإسعافات الأولية تحت إشراف أطباء من أمثال "الأمين خان" هذا الأخير الذي كانت يدرس بجامعة الجزائر بقسم الطب، والتحق بالثورة الجزائرية في الولاية الثانية، وقد كلفه "زيغود يوسف" بإقامة مراكز طبية تعتني بشؤون التمريض، وقد استفادت الثورة الجزائرية من مساهمة المرأة في هذا المجال، فالكثير من النساء كن ممرضات يقدمن الإسعافات الأولية لجنود جيش التحرير، وقد كان لهؤلاء النسوة نشاط بارز حتى قبل اندلاع الثورة الجزائرية ، ويذكر الكثير من المجاهدين أن المراكز الصحية لجيش التحرير الوطني كان بها الكثير من المجاهدات اللواتي كن يقدمن الإسعافات للمجاهدين الجرحى أو حتى للمدنيين ضحايا العدوان الفرنسي15.
تعرضت الكثير من المجاهدات الجزائريات إلى الاعتقال والتعذيب من طرف القوات الفرنسية بسبب مشاركة هؤلاء في الثورة بصفة مباشرة وغير مباشرة، وفي هذا المضمار نذكر المجاهدة "جميلة بوحيرد" التي ألقي عليها القبض في القصبة بالجزائر من طرف قوات المظليين التابعة للعدو الفرنسي، وقد مورست عليها كل أشكال التعذيب، وخضعت لمحاكمة غير عادلة ولم يثن ذلك من عزيمتها الثورية وظلت صامدة في وجه آلة التعذيب، وقد لقيت محاكمة هذه البطلة ردود فعل قوية في الداخل والخارج، وتكلم الإعلام الخاص بالثورة أو حتى الإعلام الأوروبي على هذه البطلة، وخرجت مظاهرات في العديد من الدول مستنكرة سياسة التعذيب الفرنسي مدعمة الثورة الجزائرية16.
الخاتمة
لعبت المرأة الجزائرية إبان الثورة التحريرية دورا رياديا، فكانت المجاهدة بمالها ونفسها والفدائية والمسبلة والمناضلة التي قامت بواجبها بكل إخلاص، وشملت تضحيتها كل الميادين، إذ كافحت قوات العدو الفرنسي في الأرياف والجبال والمدن والقرى كجندية في جيش التحرير، كما عالجت المرضى والجرحى من المجاهدين في المراكز الصحية، وتعرضت إلى السجن والاعتقال والتعذيب والتنكيل والاغتصاب، فكانت مثالا لكل نساء العالم في التضحية والفداء.

الهوامش:
1- بوبكر حفظ الله: تطور جيش التحرير الوطني 1954-1962، مذكرة ماجستير، باتنة، 2002، ص 15-20.
2- تقرير مؤتمر الصومام سنة 1956.
3- فرانز فانون: العام الخامس للثورة الجزائرية، ترجمة: ذوقان قرطوط، الجزائر، 2004، ص116.
4- شهادة لمجاهد حول عبور خط "موريس". 2010.
5- شهادة لمجاهد حول اعتقال مجاهدة 2010.
6- كفاح المرأة الجزائرية، سلسلة الملتقيات، المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954. ص30.
7- وثيقة – قائمة شهيدات خلال الثورة ناحية تبسة- المتحف الوطني للمجاهد.
8- لقاء مع مجاهدة، بئر العاتر 2010.
9- بوبكر حفظ الله، المرجع السابق. ص23.
10- نفسه. ص23.
11- نفسه. ص23.
12- أنيسة بركات: محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر، المتحف الوطني للمجاهد، الجزائر، ص101.
13- نفسه. ص102.
14- نفسه. ص102.
15- عمار قليل: ملحمة الجزائر الجديدة، الجزء الأول، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، ص370.
16- أنيسة بركات: المرجع السابق، ص23.