ابحث عن موضوعك في موقعي هنا
ترجمة/Translate
الأربعاء، 31 يوليو 2013
الاثنين، 29 يوليو 2013
ذاكرة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في سن الرابعة عشرة . . صدّق أو لا تصدّق
ذاكرة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في سن الرابعة عشرة . . صدّق أو لا تصدّق
قال رحمه الله: (وكنت أحفظ عشرات الأبيات من سماع واحد، مما يحقق ما نقرؤه عن سلفنا من غرائب الحفظ)
كتب حفظها في سن 14:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنكتفي بما حفظه في الطفولة عندما بلغ 14 سنة على يد عمّه محمد المكي الإبراهيمي
قال: (كان يقرئني مع جماعة الطلاب المنقطعين عنده لطلب العلم على العادة الجارية في وطننا إذ ذاك، ويقرئني وحدي، ويقرئني وأنا أماشيه في المزارع، ويقرئني على ضوء الشمع، وعلى قنديل الزيت في الظلمة حتى يغلبني النوم.)
1-القرآن الكريم مع فهم مفرداته وغريبه
2-ألفية ابن مالك في النحو
3-معظم (الكافية) لابن مالك أيضا
4-ألفية ابن معطي الزواوي في النحو
5-ألفية الحافظ العراقي في الحديث
6-ألفية الحافظ العراقي في السيرة
7-جمع الجوامع في اصول الفقه
8-تلخيص المفتاح للقزويني في البلاغة
9-رقم الحلل في نظم الدول للسان الدين ابن الخطيب
10-الكثير من شعر ابن خميس التلمساني
11-معظم رسائل بلغاء الأندلس
12-بعض شعر المتني ثم حفظ الباقي بعد هجرته إلى المشرق
13-قسم من شعر الطائيين (أبي تمام والبحتري)
14-ديوان الحماسة الذي جمعه أبو تمام
15-الكثير من رسائل سهل بن هارون وبديع الزمان الهمذاني
16-كفاية المتحفظ لابن الأجدابي الطرابلسي
17-الألفاظ الكتابية للهمذاني
18-كتاب الفصيح لثعلب
19-إصلاح المنطق لابن السكّيت
20-أسماء الرجال الذين ترجم لهم صاحب (نفح الطيب) أحمد المقّري
وقال (ولم يكن شيء من ذلك يرهقني؛ لأن الله - تعالى - وهبني حافظة خارقة للعادة، وقريحة نَيِّرة، وذهناً صيوداً للمعاني ولو كانت بعيدة. )
نبذة من ترجمته بقلمه قدّمها لمجمع اللغة العربية بالقاهرة لما اختيراً عضواً بالمجمع:
(( فلما بلغت سبع سنين استلمني عمي من معلمي القرآن، وتولى تربيتي وتعليمي بنفسه، فكنت لا أفارقه لحظة، حتى في ساعات النوم؛ فكان هو الذي يأمرنِي بالنوم، وهو الذي يوقظني على نظام مطرد في النوم، والأكل، والدراسة.
وكان لا يخليني من تلقين حتى حين أخرج معه، وأماشيه للفسحة، فحفظت فنون العلم المهمة في ذلك السن مع استمراري في حفظ القرآن؛ فما بلغت تسع سنين من عمري حتى كنت أحفظ القرآن مع فهم مفرداته وغريبه.
وكنت أحفظ معه ألفية ابن مالك، ومعظم الكافية له، وألفية ابن معطي الجزائري، وألفيتي الحافظ العراقي في السير والأثر، وأحفظ جمع الجوامع في الأصول، وتلخيص المفتاح للقاضي القزويني، ورقم الحلل في نظم الدول لابن الخطيب، وأحفظ الكثير من شعر أبي عبدالله بن خميس التلمساني شاعر المغرب والأندلس في المائة السابعة، وأحفظ معظم رسائل بلغاء الاندلس مثل ابن شهيد، وابن برد، وابن أبي الخصال، وأبي المطرف ابن أبي عميرة، وابن الخطيب.
ثم لفتني عمي إلى دواوين فحول المشارقة، ورسائل بلغائهم، فحفظت صدراً من شعر المتنبي، ثم استوعبته بعد رحلتي إلى المشرق، وصدراً من شعر الطائيين، وحفظت ديوان الحماسة، وحفظت كثيراً من رسائل سهل بن هارون، وبديع الزمان.
وفي عنفوان هذه الفترة حفظت بإرشاد عمي كتاب كفاية المتحفظ للأجدابي الطرابلسي، وكتاب الألفاظ الكتابيه للهمذاني، وكتاب الفصيح لـ: ثعلب، وكتاب إصلاح المنطق ليعقوب بن السكيت.
وهذه الكتب الأربعة هي التي كان لها معظم الأثر في مَلَكتي اللغوية.
ولم يزل عمي - رحمه الله - يتدرج بي من كتاب إلى كتاب تلقيناً وحفظاً ومدارسة للمتون والكتب التي حفظتها حتى بلغتُ الحادية عشرة، فبدأ لي في درس ألفية ابن مالك دراسة بحث، وتدقيق، وكان قبلها أقرأنِي كتب ابن هشام الصغيرة قراءةَ تفهُّمٍ وبحث، وكان يقرئني مع جماعة الطلاب المنقطعين عنده لطلب العلم على العادة الجارية في وطننا إذ ذاك، ويقرئني وحدي، ويقرئني وأنا أماشيه في المزارع، ويقرئني على ضوء الشمع، وعلى قنديل الزيت في الظلمة حتى يغلبني النوم.
ولم يكن شيء من ذلك يرهقني؛ لأن الله - تعالى - وهبني حافظة خارقة للعادة، وقريحة نَيِّرة، وذهناً صيوداً للمعاني ولو كانت بعيدة.
ولما بلغت أربع عشرة سنة مرض عمي مرض الموت، فكان لا يخليني من تلقين وإفادة وهو على فراش الموت؛ بحيث إني ختمت الفصول الأخيرة من ألفية ابن مالك عليه وهو على تلك الحالة ))
ويقول في موضع آخر:(( ولقد حفظت وأنا في تلك السن - الرابعة عشرة- أسماء الرجال الذين تَرجم لهم نفح الطيب، وأخبارهم، وكثيراً من أشعارهم؛ إذ كان كتاب نفح الطيب - طبعة بولاق - هو الكتاب الذي تقع عليه عيني في كل لحظة منذ فتحت عيني على الكتب.
وما زلت أذكر إلى الآن مواقع الكلمات منذ الصفحات، وأذكر أرقام الصفحات من تلك الطبعة.
وكنت أحفظ عشرات الأبيات من سماع واحد، مما يحقق ما نقرؤه عن سلفنا من غرائب الحفظ.
وكان عمي يشغلني في ساعات النهار بالدروس المرتبة في كتب القواعد وحدي أو مع الطلبة، ويمتحنني ساعة من آخر كل يوم في فهم ما قرأت، فيطرب لصحة فهمي.
فإذا جاء الليل أملى علي من حفظه - وكان وسطاً - أو من كتاب ما يختار لي من الأبيات المفردة، أو من المقاطيع حتى أحفظ مائة بيت، فإذا طلبت المزيد انتهرنِي، وقال لي: إن ذهنك يتعب من كثرة المحفوظ كما يتعب بدنك من حمل الأثقال، ثم يشرح لي ظواهر المعانِي الشعرية، ثم يأمرنِي بالنوم - رحمه الله - )).
قال رحمه الله: (وكنت أحفظ عشرات الأبيات من سماع واحد، مما يحقق ما نقرؤه عن سلفنا من غرائب الحفظ)
كتب حفظها في سن 14:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنكتفي بما حفظه في الطفولة عندما بلغ 14 سنة على يد عمّه محمد المكي الإبراهيمي
قال: (كان يقرئني مع جماعة الطلاب المنقطعين عنده لطلب العلم على العادة الجارية في وطننا إذ ذاك، ويقرئني وحدي، ويقرئني وأنا أماشيه في المزارع، ويقرئني على ضوء الشمع، وعلى قنديل الزيت في الظلمة حتى يغلبني النوم.)
1-القرآن الكريم مع فهم مفرداته وغريبه
2-ألفية ابن مالك في النحو
3-معظم (الكافية) لابن مالك أيضا
4-ألفية ابن معطي الزواوي في النحو
5-ألفية الحافظ العراقي في الحديث
6-ألفية الحافظ العراقي في السيرة
7-جمع الجوامع في اصول الفقه
8-تلخيص المفتاح للقزويني في البلاغة
9-رقم الحلل في نظم الدول للسان الدين ابن الخطيب
10-الكثير من شعر ابن خميس التلمساني
11-معظم رسائل بلغاء الأندلس
12-بعض شعر المتني ثم حفظ الباقي بعد هجرته إلى المشرق
13-قسم من شعر الطائيين (أبي تمام والبحتري)
14-ديوان الحماسة الذي جمعه أبو تمام
15-الكثير من رسائل سهل بن هارون وبديع الزمان الهمذاني
16-كفاية المتحفظ لابن الأجدابي الطرابلسي
17-الألفاظ الكتابية للهمذاني
18-كتاب الفصيح لثعلب
19-إصلاح المنطق لابن السكّيت
20-أسماء الرجال الذين ترجم لهم صاحب (نفح الطيب) أحمد المقّري
وقال (ولم يكن شيء من ذلك يرهقني؛ لأن الله - تعالى - وهبني حافظة خارقة للعادة، وقريحة نَيِّرة، وذهناً صيوداً للمعاني ولو كانت بعيدة. )
نبذة من ترجمته بقلمه قدّمها لمجمع اللغة العربية بالقاهرة لما اختيراً عضواً بالمجمع:
(( فلما بلغت سبع سنين استلمني عمي من معلمي القرآن، وتولى تربيتي وتعليمي بنفسه، فكنت لا أفارقه لحظة، حتى في ساعات النوم؛ فكان هو الذي يأمرنِي بالنوم، وهو الذي يوقظني على نظام مطرد في النوم، والأكل، والدراسة.
وكان لا يخليني من تلقين حتى حين أخرج معه، وأماشيه للفسحة، فحفظت فنون العلم المهمة في ذلك السن مع استمراري في حفظ القرآن؛ فما بلغت تسع سنين من عمري حتى كنت أحفظ القرآن مع فهم مفرداته وغريبه.
وكنت أحفظ معه ألفية ابن مالك، ومعظم الكافية له، وألفية ابن معطي الجزائري، وألفيتي الحافظ العراقي في السير والأثر، وأحفظ جمع الجوامع في الأصول، وتلخيص المفتاح للقاضي القزويني، ورقم الحلل في نظم الدول لابن الخطيب، وأحفظ الكثير من شعر أبي عبدالله بن خميس التلمساني شاعر المغرب والأندلس في المائة السابعة، وأحفظ معظم رسائل بلغاء الاندلس مثل ابن شهيد، وابن برد، وابن أبي الخصال، وأبي المطرف ابن أبي عميرة، وابن الخطيب.
ثم لفتني عمي إلى دواوين فحول المشارقة، ورسائل بلغائهم، فحفظت صدراً من شعر المتنبي، ثم استوعبته بعد رحلتي إلى المشرق، وصدراً من شعر الطائيين، وحفظت ديوان الحماسة، وحفظت كثيراً من رسائل سهل بن هارون، وبديع الزمان.
وفي عنفوان هذه الفترة حفظت بإرشاد عمي كتاب كفاية المتحفظ للأجدابي الطرابلسي، وكتاب الألفاظ الكتابيه للهمذاني، وكتاب الفصيح لـ: ثعلب، وكتاب إصلاح المنطق ليعقوب بن السكيت.
وهذه الكتب الأربعة هي التي كان لها معظم الأثر في مَلَكتي اللغوية.
ولم يزل عمي - رحمه الله - يتدرج بي من كتاب إلى كتاب تلقيناً وحفظاً ومدارسة للمتون والكتب التي حفظتها حتى بلغتُ الحادية عشرة، فبدأ لي في درس ألفية ابن مالك دراسة بحث، وتدقيق، وكان قبلها أقرأنِي كتب ابن هشام الصغيرة قراءةَ تفهُّمٍ وبحث، وكان يقرئني مع جماعة الطلاب المنقطعين عنده لطلب العلم على العادة الجارية في وطننا إذ ذاك، ويقرئني وحدي، ويقرئني وأنا أماشيه في المزارع، ويقرئني على ضوء الشمع، وعلى قنديل الزيت في الظلمة حتى يغلبني النوم.
ولم يكن شيء من ذلك يرهقني؛ لأن الله - تعالى - وهبني حافظة خارقة للعادة، وقريحة نَيِّرة، وذهناً صيوداً للمعاني ولو كانت بعيدة.
ولما بلغت أربع عشرة سنة مرض عمي مرض الموت، فكان لا يخليني من تلقين وإفادة وهو على فراش الموت؛ بحيث إني ختمت الفصول الأخيرة من ألفية ابن مالك عليه وهو على تلك الحالة ))
ويقول في موضع آخر:(( ولقد حفظت وأنا في تلك السن - الرابعة عشرة- أسماء الرجال الذين تَرجم لهم نفح الطيب، وأخبارهم، وكثيراً من أشعارهم؛ إذ كان كتاب نفح الطيب - طبعة بولاق - هو الكتاب الذي تقع عليه عيني في كل لحظة منذ فتحت عيني على الكتب.
وما زلت أذكر إلى الآن مواقع الكلمات منذ الصفحات، وأذكر أرقام الصفحات من تلك الطبعة.
وكنت أحفظ عشرات الأبيات من سماع واحد، مما يحقق ما نقرؤه عن سلفنا من غرائب الحفظ.
وكان عمي يشغلني في ساعات النهار بالدروس المرتبة في كتب القواعد وحدي أو مع الطلبة، ويمتحنني ساعة من آخر كل يوم في فهم ما قرأت، فيطرب لصحة فهمي.
فإذا جاء الليل أملى علي من حفظه - وكان وسطاً - أو من كتاب ما يختار لي من الأبيات المفردة، أو من المقاطيع حتى أحفظ مائة بيت، فإذا طلبت المزيد انتهرنِي، وقال لي: إن ذهنك يتعب من كثرة المحفوظ كما يتعب بدنك من حمل الأثقال، ثم يشرح لي ظواهر المعانِي الشعرية، ثم يأمرنِي بالنوم - رحمه الله - )).
الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني
ولد العلامة الفقيه المُحدّث والمصلح حمدان بن أحمد الونيسي سنة1272هـ/1856م بقسنطينة. ولا يُعرف الكثير عن نشأته الأولى وتكوينه. يُقال أنّه حضر كمستمع لدروس الشيخ عبد القادر المجاوي.
عيّن مدرّسًا بالجامع الكبير بقسنطينة في جانفي 1881م، حيث كان يدرّس النحو والحساب والأدب العربي والفقه والتوحيد. وأخرج منه سنة 1910م، بعد 30 سنة من العمل، لأسباب غير معروفة، قد تكون من مكائد المستعمر الفرنسي.
هاجر حمدان الونيسي إلى الحجاز واستقرّ بالمدينة المنورة، وظلّ مدرّسًا للحديث النّبويّ بها إلى حين وفاته. وقد قال عنه الأستاذ أحمد لطفي السيّد عند أدائه فريضة الحجّ سنة 1911م: [.. أما نحن فقد كنّا نغشى الوقت بعد الوقت درس الأستاذ الكبير الشيخ حمدان الونيسي مدرّس الحديث والبيان بالحرم النّبويّ الشّريف].
قرأ عليه العلامة العربي التبّاني تفسير الجلالين وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل. وأكثر ما حفظ ذكراه للنّاس هو تتلمذ الإمام المصلح عبد الحميد بن باديس عليه.
عاد ابنه محمد الطاهر بعد وفاته إلى قسنطينة وشارك في الحياة الثقافية، إذ كان أحد أصدقاء الأديب المعروف كاتب ياسين أثناء إقامته بقسنطينة.
توفي الشيخ حمدان، رحمه الله تعالى، مهاجرًا (لاجئًا) مجاورًا بالمدينة المنورة سنة 1338هـ/1920م.
الخميس، 25 يوليو 2013
الجمعة، 12 يوليو 2013
الدكتور محمد بن أبي شنب
- أول دكتور في تاريخ الجزائر والعالم العربي
- أول أستاذ جامعي جزائري
- يتقن 10 لغات
محمّد بن أبي شنب عالم من العلماء الأفذاذ، وُلد بفحص قرب المدية، عام 1286/ 1869، وفيها تعلّم. ثمّ تابع تحصيله العلمي، فأتقن الفرنسية كأهلها، ولكنه لم يهمل تثقيف نفسه بتراث العرب ولغتهم، حتّى كان واحداً من علماء اللغة والأدب، وحتى صار أستاذاً للآداب العربية في الجامعة الفرنسية بالجزائر. وقد خدم الجامعة خدمات جلّى، وهو الذي أعطى للكتب والبحث العلمي قيمة واهتماماً، فكان خير من يمثّل بلاده في المهمّات العالمية، مثل مؤتمر المستشرقين في الرباط الذي أُقيم فيها سنة 1928م، ومؤتمر المستشرقين في مدينة أكسفورد.
كان متقناً للغات كثيرة، منها العبرية والفارسية والإيطالية والتركية والإسبانية, واعترف الجميع بفضله وعلمه، فانتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1920، وعضواً في المجمع العلمي الاستعماري في باريس(2).
يصف لنا الشاعر محمّد السعيد الزّاهري(3) حادثة تعرّفه على الشيخ ابن أبي شنب بقوله:" كانت أول معرفتي بالشيخ أني كنت سنة 1922م، وأنا يومئذ لا أزال أطلب العلم في الكليّة الزيتونيّة، وجاءتها لجنة في تلك السنة، لجنة من العلماء الفرنسيين لامتحان طلبة البكالوريا في تونس.
وكانت هذه اللجنة تحت إشراف المرحوم الدكتور أبي شنب، فاستغرب الناس في تونس أن يكون عالم جزائري، غير متجنّس بالجنسية الفرنسية رئيساً مشرفاً على لجنة علمية فرنسية، يرأس جلساتها بملابسه الجزائرية، وبزيه الجزائري، وتعالم الناس الخبر، وسمعته أنا، وفرحت به وداخلني يومئذ شئ من النخوة والكبرياء، وجمعت نفراً من إخواني الطلبة الجزائريين، وذهبنا نزوره......سألته:
"كيف تصنع إذا أدركتك الصلاة وأنت في جلسة رسميّة؟" فقال:" أوقف الجلسة للاستراحة، فيستريح زملاؤه بخطوات يمشونها ودخائن يشعلونها, وأستريح بأداء المكتوبة""(4).
لست وحدك يا زاهري من داخله الشعور بالكبرياء والنخوة، فمثل هؤلاء نفتقد بيننا اليوم, فلا نكاد نرى العالم إلا متنكّراً لدينه وعروبته التماساً لاحترامٍ لا يُنال إلّا عندما يحترم المرء نفسه أولاً، ويعتّز بدينه وقوميّته ثانياً.
ولا أعرف ما الرابط بين العلم والتقدم, وتغيير الزي والتنكر للدين والعروبة، إلّا ما بيّنه صاحبا كتاب "حول الحب والإستلاب"، بما أسمياه (إستلاباً تغلبياً)، تنظّمه ثنائية غالب ومغلوب، حيث يفرض الطرف الغالب نماذجه المختلفة على المظهر والسلوك، ويتطبّع بها المغلوب تلقائياً على اعتبار أنّها القيمة العليا للحقّ والخير والجمال(5).
وهذا ما نلمسه اليوم، حيث صار التقدم متمثّلاً بمظهر مبتذل، أو بترديد مقولات مفروضة، صارت عند كثيرين بحكم المسلّمات طالما أنّها صدرت عن علماء غربيين.
محمّد بن أبي شنب نال احترام كل من عرفه، بعلمه وتواضعه وبساطته وتمسكه بدينه وعروبته، فلم يعتبر العلم ترفّعاً عن الناس، ولا تنكّراً للدين والعروبة، ويكفي أن نسمع أحد أصدقائه الفرنسيين يقول عنه:
"من الواجب أن نشير إلى جميع أعماله في الجملة، حتّى يتجلّى لنا نشاطه العلمي، فقد كنّا نرجع إليه، ونستضيئ بضيائه، وكنا نناديه بـ(يا شيخنا).....كان يجمع إلى صفات العلم والعالم الحقيقي صفات الصلاح والطيب"(6).
ترك ابن أبي شنب مؤلّفات وتحقيقات وعلم غزير، فمن كتبه:
1 ـ تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب، 1906 و 1928م.
2 ـ شرح لمثلثات قطرب 1906م.
3 ـ أبو دلامة وشعره، وهو أطروحته للدكتوراة التي حصل عليها سنة 1924م، حيث قدمها مع أطروحة أخرى هي الألفاظ التركية والفارسية الباقية في اللهجة الجزائرية(7).
4 ـ الأمثال العامية الدارجة في الجزائر وتونس والمغرب، ثلاثة أجزاء 1907م.
5 ـ الألفاظ الطليانية الدخيلة في لغة عامة الجزائر، (مخطوط).
6 ـ فهرست الكتب المخطوطة في خزانة الجامع الأعظم بالجزائر 1909م.
7 ـ معجم بأسماء ما نشر في المغرب الأقصى فاس من الكتب ونقدها 1922م.
8 ـ خرائد العقود في فرائد القيود 1909م
وغيرها من الكتب والمؤلفات. وقد حقّق وصحّح كثيراً من كتب التراث العربي نذكر منها:
1 ـ البستان 1908م.
2 ـ عنوان الدراية 1910م.
3 ـ الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية 1920م.
4 ـ الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية.
5 ـ طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار, وهو من تأليف الشيخ محمّد العربي المشرقي الغريسي.
6 ـ وصايا الملوك وأبناء الملوك من أولاد الملك قحطان ابن هود النبي مع تعليقات عليه.
7 ـ شرح ديوان عروة بن الورد لابن السكيت 1926م
وغير هذه الكتب كثير جداً(8).
وله كتاب مميز وضعه بالفرنسية بيّن فيه ما أخذه دانتي(9) الشاعر الإيطالي من الأصول الإسلامية في كتابه ديفينا كوميديا, أو الكوميديا الإلهية.
ومما يلفت النظر بالنسبة لهذا العالم الكبير أنه فرض نفسه كعالم فذ، بعلمه وتواضعه، وتفانيه في خدمة التراث العربي وتدريسه والتعريف فيه، حتى اعترف بعلمه العدو قبل الصديق، ولا يمكن لنا أن نقول إن أمثال هذا العالم المتواضع له أعداء، بل إنّ كل من عرفه صار له صديقاً. وقد منحته حكومة فرنسا وسام جوقة الشرف, وذلك سنة 1922م، اعترافاً بفضله وعلمه(10).
وعندما توفّي ـ رحمه الله _ سنة 1347/ 1929م، خرج في جنازته المسلمون والنصارى، العرب والأجانب، جمعهم الحزن على فقدان عالم قلّما يجود الزمان بمثله.
وقد أبّنه مدير كليه الآداب في جامعة الجزائر قائلاً:" إنّ المنهج الّذي نهجه ابن أبي شنب يدلّ دلالة واضحة على مقدار ما يستطيع أن يعمله العقل والإرادة والعمل، في الارتفاع من أصغر المناصب إلى أعظمها، وإني أود أن يوقر هذا المنهج شباب هذه البلاد وشباب فرنسا نفسها"(11).
إننا إذ نتذاكر سيرة هذا العالم العامل، نرجو أن يكون لنا كمسلمين وعرباً، مثلاً يُحتذى، في طلب العلم وخدمته، وفي الاعتزاز بديننا وعروبتنا، ونرجو من الله أن يرحمه، ويجمعنا به في جنات النعيم.
الهوامش:
(1) ـ محمّد كرد علي, المعاصرون, بيروت, دار صادر, ط2, 1413 / 1993, 338.
(2) ـ عادل نويهض, معجم أعلام الجزائر, بيروت, مؤسسة نويهض الثّقافيّة, ط2, 1400/ 1980, 189.
(3) ـ محمّد السّعيد الزّاهري, من مواليد 1899م بليانة بسكرة في الجزائر, درس في قسنطينة وتتلمذ على يد الإمام عبد الحميد بن باديس, انتقل إلى تونس, وأصدر عدة جرائد وهي الجزائر, والبرق, والوفاق, أسس المدرسة الإصلاحيّة, وكان من علماء الجزائر المهمّين, من مؤلّفاته حاضر تلمسان, وبين النّخيل والرّمال, وشؤون وشجون وغيرها, توفّي سنة 1956؛ 189؛ انظر, صالح الخرفي, سلسلة في الأدب الجزائري الحديث, محمّد السّعيد الزّاهري, الجزائر, المؤسسة الوطنيّة للكتاب, ط1, 1986, 109.
(4) ـ محمّد السعيد الزاهري, محمّد بن أبي شنب, مقالة نشرت في المقتطف سنة 1929, مأخوذ عن كتاب صالح الخرفي, سلسلة في الأدب الجزائري الحديث, محمّد السّعيد الزّاهري, 138.
(5) ـ د. حسين شاويش ومحمّد شاويش , حول الحب والإستلاب, دراسات في التحليل النفسي للشخصية المستلبة, بيروت, دار الكنوز الأدبية, 1995م.
(6) ـ القول للعالم ماسيه زميل الشيخ ابن أبي شنب في جامعة الجزائر؛ مأخوذ عن كتاب محمّد كرد علي, المعاصرون, 341.
(7) ـ محمّد السعيد الزاهري, محمّد بن أبي شنب, 129.
(8) ـ عادل نويهض, معجم أعلام الجزائر, 191.
(9) ـ دانته الياري, 1265- 1321م, من أعظم شعراء ايطاليا, ومن أعظم أدباء العالم, خلّدته ملحمته الشعرية "الملهاة أو المكوميديا الإليهية" وقد وصف فيها طبقات الجحيم والفردوس في رحلة وهمية قام بها بقيادة فرجيليوس وحبيبته بياتريس؛ انظر, مجموعة مؤلفين, المنجد في الأعلام, بيروت, دار المشرق, ط23, 1996, 239.
(10) ـ محمّد كرد علي, المعاصرون, 342.
(11) ـ مارتينو مدير كلية الآداب في جامعة الجزائر في ذلك الوقت, المصدر نفسه, 341.
(الترجمة منقولة)
الأحد، 7 يوليو 2013
5 جويلية 2013 ذكرى لا تنسى ... بدم الشهداء كتبت ... تحيا الجزائر...