ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

الجمعة، 30 أغسطس 2013

أين مؤلفات علماء وأدباء الجزائر؟ - الدكتور مسعود فلوسي


altلو أن مثقفا أو باحثا أجنبيا، عربيا أو غير عربي، زار الجزائر وأراد أن يطلع على مؤلفات علمائها، القدامى منهم أو المعاصرين، وسأل من يعرف من المثقفين أو الباحثين الجزائريين أين يمكن أن يجد كل هذه الكتب أو بعضها على الأقل ليحصل عليها؟ ترى ماذا سيكون جواب المسئول؟..
بالتأكيد لن يجد هذا السائل من يمكنه أن يجيبه عن سؤاله بما يشفي الغليل.
إن المشكلة في الحقيقة لا تعترض الباحث الأجنبي فقط، بل إنها تواجه المثقف والباحث الجزائري نفسه إذا أراد ان يبحث في موضوع يتعلق بعالم من علماء الجزائر، حيث يجد صعوبة بالغة في معرفة تفاصيل مسيرة حياته وفي الوقوف على مؤلفاته وتراثه الفكري.
الواحد منا نحن الجزائريين لو زار مصر مثلا وأراد أن يشتري مؤلفات أحد علمائها أو أدبائها أو ما كتب عن أحد هؤلاء، لوجد بغيته سهلة سائغة في عشرات المكتبات المنتشرة في شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية.
وكذلك الحال لو ذهب إلى سوريا أو المغرب أو تونس أو السعودية أو الكويت أو الأردن أو غيرها من الدول العربية، التي تحتفي بعلمائها وأدبائها.
بينما لو أراد الحصول على آثار أحد علماء الجزائر المشهورين من أمثال المشايخ والأساتذة عبد الحميد ابن باديس أو محمد البشير الإبراهيمي أو مبارك الميلي أو الطيب العقبي أو أبي يعلى الزواوي أو المولود الزريبي أو الأمين العمودي أو محمود بوزوزو أو أحمد رضا حوحو أو نعيم النعيمي أو عبد الرحمن الجيلالي أو مالك بن نبي أو أحمد حماني أو عبد اللطيف السلطاني أو أحمد توفيق المدني أو إبراهيم بيوض أو أبي اليقظان أو المهدي البوعبدلي أو محمد الطاهر التليلي أو محمد علي دبوز أو باعزيز بن عمر أو علي مرحوم أو حمزة بوكوشة، لما وجد إلى ذلك سبيلا.
ولو حصل على شيء فإنه سيكون قليلا جدا بالمقارنة إلى ما لا يحصل عليه.
بل ماذا لو أراد أحد من الباحثين أو المثقفين أو القراء العاديين أن يقف على أعمال أمثال أحد الأساتذة محمد الصالح رمضان أو مولود قاسم أو عبد المجيد مزيان أو عبد الله شريط أو أحمد طالب الإبراهيمي أو عمار طالبي أو أبو القاسم سعدالله أو رابح بونار أو محمد بن عبد الكريم أو عبدالرزاق قسوم أو محمد الهادي الحسني أو محمد الصالح الصديق أو صالح خرفي أو محمد ناصر أو عبدالحميد حاجيات أو أحمد عروة أو عبدالله ركيبي أو أبو العيد دودو أو يحيى بوعزيز أو عمار هلال أو محمد الميلي أو عبدالملك مرتاض أو غير هؤلاء من الأسماء اللامعة في سماء الثقافة العربية بالجزائر، ممن رحل بعضهم من قريب وبعضهم ما يزالون أحياء بيننا؟
وماذا لو أن متذوقا للشعر محبا له أراد أن يجمع دواوين شعراء الجزائر من أمثال محمد العيد آل خليفة أو أحمد سحنون أو مفدي زكريا أو الربيع بوشامة أو محمد الأخضر عبد القادر السائحي أو أحمد الطيب معاش أو محمد الشبوكي أو أبوبكر بن رحمون أو أبو القاسم خمار أو مصطفى الغماري أو غير هؤلاء من الشعراء اللامعين المعروفين؟
لاشك أن المهمة ستكون صعبة وعسيرة، وقد يصل الباحث بعد الجد والبحث والتعب والعناء إلى شيء مما يريد وقد لا يصل، وإذا أراد أن يصل إلى كل ما يريد فقد يتطلب منه ذلك سنوات من البحث.
أما لو تعلق الأمر بأحد علماء الجزائر القدامى من أمثال الهذلي البسكري أو ابن معطي أو التنسي أو الثعالبي أو الشريف التلمساني أو ابن قنفذ القسنطيني أو السنوسي، فلربما كانت المهمة مستحيلة.
صحيح أن بعض دور النشر قد انتبهت في السنوات الأخيرة إلى مؤلفات بعض علماء الجزائر وبدأت في نشر بعضها، إلا أن ذلك يبقى في نطاق ضيق ومحدود وفي مناسبات خاصة مثل “الجزائر عاصمة الثقافة العربية” أو “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”.
أما أن يكون نشر تراث علماء الجزائر وأدبائها وإنتاجهم الفكري مشروعا دائما ونهجا ثابتا فهذا ما لا أعتقد أن القائمين على دور النشر الجزائرية يفكرون فيه.
وهناك ظاهرة تحتاج إلى وقفة في هذا الصدد؛ فدور النشر الجزائرية إذا طبعت كتابا لعالم أو باحث جزائري مرة واحدة فإنها لا تعود إلى طبعه مرة أخرى، وقد رأينا بعض الكتب تنفذ بسرعة إلا أنه لا يعاد طبعها حتى مع كثرة الطلب عليها، وكأن الناشر يخشى إذا أعاد طبعها أن تكسد سوقها ويتوقف بيعها، أليس غريبا أن يطبع الناشر الجزائري ألف نسخة من كتاب ويخشى ألا تباع في بلد يبلغ عدد سكانه قريبا من أربعين مليون نسمة؟
إن الحقيقة المؤلمة التي يجب أن نقررها هنا هي:
أن الناشر الجزائري ـ والشاذ يؤخذ ولا يقاس عليه ـ غير مقتنع بالمؤلف الجزائري، ويعتبر النشر له بمثابة المغامرة المحفوفة بالمخاطر، وهذا ما دفع بكثير من المؤلفين الجزائريين في السنوات الأخيرة إلى الانفتاح على دور النشر الأجنبية والتعاقد معها على نشر مؤلفاتهم، مع ما يقاسونه مع أصحابها في سبيل الحصول على حقوقهم المادية.
وهذه الدور وجدت فائدة كبيرة في النشر للمؤلفين الجزائريين، لما يقدمونه من مؤلفات تتناول مواضيع هامة وحيوية. بعد هذا الاستطراد نعود إلى موضوعنا.
ونتساءل:
أليس غريبا ألا ينبري بعض علمائنا أو باحثينا لتأليف موسوعة جامعة لتراجم علماء الجزائر تعنى بجمع سيرهم والتعريف بمؤلفاتهم حتى يرجع إليها من يحتاج إلى معرفة هؤلاء العلماء وتراثهم الفكري.
نعم، هناك محاولات للتعريف ببعض علماء الجزائر في مؤلفات مستقلة أو مؤلفات تجمع عددا من التراجم، إلا أنه ليس هناك موسوعة جامعة لكل أو أغلب علماء الجزائر، في حين نجد عند جيراننا في المغرب “موسوعة علماء المغرب” للدكتور محمد حجي في عشر مجلدات.
ونجد عند جيراننا في تونس “تراجم المؤلفين التونسيين” للأستاذ محمد محفوظ في خمس مجلدات.
وعند جيراننا في ليبيا “الجواهر الإكليلية في أعيان علماء ليبيا” لناصر الدين محمد الشريف.
أما في مصر فإن العالم أو الأديب تؤلف عنه المؤلفات وتكتب عنه المقالات، بالعشرات أو المئات، في حياته وبعد وفاته، وكذلك الحال في السعودية وسوريا وغيرها من البلاد العربية.
لكن عندنا في الجزائر العالم أو الأديب يعيش مغمورا لا يسمع به أحد وقبل أن يموت يُهجر ويُنسى حتى من أقرب الناس إليه.
أعتقد أن هذه الظاهرة الغريبة والعجيبة بحاجة إلى دراسة وبحث عن أسبابها وآثارها الوخيمة على المجتمع الجزائري الذي يعتقد الكثير من أبنائه أن بلادهم ليس فيها علماء ولم يكن فيها علماء ولم تنجب في يوم من الأيام أناسا أصبحوا علماء.

اقرأ المزيد

مالك بن نبي وجمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين - الدكتور محمد العبدة

   إن مالكًا يرى أن الإصلاح الذي يمثله ابن باديس والجمعية هو القمين بتحرير الجزائر، وأن الشعار الذي رفعته الجمعية هو الشعار الصحيح في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
مدخل:
تأسست جمعيّة العلماء الجزائريين عام 1931م، كان ذلك بعد مرور قرن كامل على احتلال فرنسا للجزائر، وبعد أن ظنّت فرنسا أن الجزائر أصبحت جزءًا منها، كان هذا التأسيس بعد دراسة وبحث بين الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ البشير الإبراهيمي، ثم انضم إليهما علماء آخرون.
وكان للجمعية الفضل الأكبر في تثبيت دعائم الإسلام في الجزائر، ونشر اللغة العربيّة، وإنشاء المدارس، ومحاربة البدع الخرافات، والوقوف في وجه دُعاة الاندماج مع فرنسا "وإذا كان الجناح الاستقلالي قد رفع راية الاستقلال فإن جمعية العلماء وضعت الأسس التي يقوم عليها الاستقلال، وهو إحياء الشعب الجزائريّ في إطاره العربيّ الإسلاميّ، إنه من السهل إقامة دول ولكن من الصعب إحياء أمم، وهذا الصعب هو ما قامت به جمعية العلماء" (1).
ويقول الشيخ الإبراهيمي:
"لا تستطيع هيئة من الهيئات العاملة لخير الجزائر أن تدّعي أنّ لها يدًا مثل الجمعية في توجيه الأمة الجزائرية للصالحات، ورياضتها على الفضيلة الإسلاميّة، وأما عملها للعروبة فها هنا معاقد الفخار..."(2).
درس مالك المرحلة المتوسطة وما بعدها في مدينة قسنطنية حيث كان الشيخ ابن باديس قد بدأ دروسه ونشاطه في مساجدها - قبل تأسيس الجمعية - ولكن مالكاً مع قربه (المكاني) من ابن باديس لم يحضر دروسه، ولم يتتلمذ عليه ولا جلس معه، يقول في مذكراته عن ابن باديس: "كانت نظراتي تتبعه بعطف وحنان كلما مَرَّ أمام مقهى بن يمينة، فهذا الرجل الأنيق المرفّه ذو المنبت الصنهاجيّ(3) كان يحسن معاملة الناس، لم أكن قد جالسته في حديث، ولكنه كان في نظري لا يمثل الإصلاح، ولم أعترف بخطئي حول هذه النقطة إلا بعد ربع قرن حين تبين لي أن السبب يكمن في أحكام اجتماعية مُسبَقة، في تنشئة غير كافية في الروح الإسلامي، وأحكامي المسبقة أورثتنيها طفولتي في عائلة فقيرة زرعت لا شعوريًا في نفسي الغيرة والحسد حيال العائلات الكبيرة..." (4).
ومع ذلك فإن مالكًا يرى أن الإصلاح الذي يمثله ابن باديس والجمعية هو القمين بتحرير الجزائر، وأن الشعار الذي رفعته الجمعية هو الشعار الصحيح في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ويقول:
"فيما يخصني إنني بذلت شطرًا من حياتي في سبيل الحركة الإسلامية، وشهدت في مناسبات مختلفة بالفضل لجمعية العلماء التي قامت في الجزائر، وتكلمت مرات في معاهدها دون أن أكون عضوًا من أعضائها.." .
وكتب في هامش هذا النص: "وعلى الأصح دون أن تدعوني هذه الجمعية للمساهمة في شؤونها الإدارية لو قدمت لها الطلب من أجل ذلك.." (5).
أحداث 1936م ونقد الجمعية:
كان مالك بن نبي، وهو مقيم في باريس يتابع أحداث الجزائر والتطور السياسي الذي حدث بعد ظهور قيادات تتوسل إلى فرنسا لإعطاء الشعب الجزائري بعض حقوقه، هذه القيادات التي أغرتها فرنسا بالتمثيل في المجالس والانتخابات، ويكتب مالك في عام 1933م، وفي هذه الفترة نشأ الجناح الكادح الطامح إلى البرجوازية والمتواطئ مع الحركة اليسارية الفرنسية، والجناح البرجوازي المتواطئ مع الاستعمار"(6) ويكتب في عام 1936م:
"وهكذا بدأ الوطن يخرج رويدًا رويدًا عن جادته إلى مسارب الديماغوجية"(7) .
وفي عام 1936م لوّحت فرنسا للجزائريين بمشروع (بلوم- فيوليت)(8) الذي ينتقد السياسة الفرنسية السابقة، وفي مقترحات المشروع:
- إصلاح مستوى التعليم.
- تأمين نفس الحقوق التي للفرنسيين لبعض الجزائريين.
- إلغاء المحاكم الخاصة بالجزائريين...
وقد رحّب بعض السياسيين الجزائريين بالمشروع، ورفضه الفرنسيون الذين يعيشون في الجزائر، ووقف العلماء منه موقف المتحفظ.
ولكن المشروع رفض في نهاية الأمر من قبل البرلمان الفرنسي (9).
ورغم فشل هذا المشروع إلا أنه فتح شهيّة السياسيين الجزائريين للمطالبة بالحقوق والاندماج مع فرنسا، وأعجبتهم لعبة الدجل السياسي حتى أصبح الجزائري العادي ذو الاهتمام السياسي يعلن عضويته في الحزب الاشتراكي الفرنسي (حزب فيوليت) وهكذا تحول الوطن برأي مالك إلى (هيصة) الانتخابات، ورجع الناس إلى (الزردة) السياسيّة بعد أن كانوا يمارسون (الزردة) الصوفيّة.
وأصبحت الانتخابات وما يتبعها من اختلاف وتمزق هي الصنم الجديد، والأصل أن يجتمع الشعب الجزائري على منهج واضح يقودهم إلى حياة كريمة.
كان الشيخ ابن باديس يعارض هذا المشروع في البداية، ولكنه سعى بعد ذلك إلى توظيفه "ليحدث من خلاله ثغرة في قلعة التنظيمات والقوانين الفرنسية، بما يفتح المجال للاستقلال"(10).
في هذه الظروف وعندما رأى الشيخ غلبة فكرة الاندماج على عقلية السياسيين، واعتقاد (اتحاد النواب) الذي يرأسه الدكتور صالح بن جلول أنهم أصحاب الحق في البتّ بمصير الجزائر عندما رأى ذلك دعا إلى مؤتمر جزائري إسلامي، لعل ذلك يكون وسيلة لإحباط مؤامرة الاندماج مع فرنسا.
عقد المؤتمر في مدينة الجزائر بتاريخ 7/6/1936م برئاسة الزعيم السياسي بن جلول نائب قسنطينة المالي.
وشارك في هذا المؤتمر نواب عن العمالات (المحافظات) الثلاث: الجزائر، وهران، وقسنطينة.
ومثل جمعية العلماء: ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي.
وكان من مطالب المؤتمر:
- إعطاء الحقوق السياسية للمسلم الجزائري تامة غير منقوصة.
- وحرية القول والكتابة والاجتماع والتعليم العربي.
- ورفع القوانين الاستثنائية.
وشكل المؤتمر وفداً للذهاب إلى باريس ليعرض مطالبه إلى الحكومة الفرنسية.
قد تكون فكرة المؤتمر فكرة صحيحة، خاصة وقد شاركت فيه كل الجزائر:
علماء وساسة، شيوخاً وشباناً، وهذا أدعى ليكون الطرف الجزائري في المباحثات مع فرنسا قوياً ولكن المؤتمر تحوّل إلى لغة المطالب بدل القيام بالواجبات وفتح شهيّة السياسيين كما ذكرنا في مشروع (فيوليت) ويعلق مالك
"فبأي غنيمة أرادوا أن يرجعوا من هناك (باريس) وهم يعلمون أن مفتاح القضية في روح الأمة لا في مكـان آخر" (11).
إذاً هنا ينصّب انتقاد مالك حول ما آلت إليه الأمور في المؤتمر الجزائري، لماذا سارت الجمعية مع القافلة السياسية؟
لماذا تُسلم القيادة (المعممة) زمام الأمر إلى القيادة (المطربشة)؟(12).
لماذا تُسلم الرئاسة إلى ابن جلول الذي تبرأ من الجمعية عندما سئل من قبل الصحافة الفرنسية حول قضية مقتل مفتي الجزائر (بن كحول) وكانت فرنسا قد اتهمت الجمعية بقتله، وهو اتهام باطل طبعاً.
وابن جلول يردّد ما تقوله فرنسا: "إنها طعنة في الصدر للمؤتمر الجزائري، فمات بعد شهر من ولادته" (13).
ويذكر مالك بن نبي أن الشيخ العربي التّبسي، وهو من شيوخ الجمعية، كان يدافع عن ابن جلول باعتباره زعيماً سياسياً لا بد منه "وكان الرجل (بن جلول) يقوم علانية بدور من ينقض الغزل كلما غزله الشعب منذ ربع قرن" (14).
والخلاصة التي يصل إليها مالك:
هي أن العلماء وهم الأمناء على مصلحة الشعب سلموا الأمانة لغيرهم، سلموها لمن يضعها تحت قدميه لتكون سلماً يصعد عليه للمناصب السياسية، سلموها للجناح القومي البرجوازي (فرحات عباس وأمثاله) الذي تقبلها منهم بكل سرور!
ويعتقد مالك أن العلماء لم يكن في استطاعتهم مواجهة هذا التيار لأنهم بادئ ذي بدء لا يشعرون به(15).
"ولأنهم لم يكونوا على جانب من الخبرة بوسائل الاستعمار في مجال الصراع الفكري حتى يفطنوا إلى هذا الانحراف.
وربما كان هذا سبب فتور علاقاتي بهم خاصة مع الشيخ العربي التّبسي"، (16).
ويرى مالك أن الحركة الإصلاحية كان عليها أن تتعالى على أوحال السياسة والمطامع الانتخابية وأن من أسباب انجرارهم لهذه الأحوال هو شعورهم بمركب النقص إزاء قادة السياسة (17).
ومما يؤيد وجهة نظر مالك من (الزعيم) ابن جلول، وصدق فراسته فيه ما كتبه بعدئذ الشيخ الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء بعد ابن باديس:
"ولكن الرجل –ابن جلول- تملّكه الغرور، وتكشف عن خِلال كلها غميزة في وطنيّة السياسيّ، وكان أقوى الأسباب في سقوطه اصطدامه بجمعية العلماء، وهي التي كونته وأذاعت اسمه، وعبّدت له الطريق إلى النيابات، فأرادت الجمعية أن تستصلحه فلم ينصلح، فنبذت إليه على سواء..." (18).
ومن الأدلة على أن الأحزاب السياسية تخطط لاستغلال الجمعية قول الإبراهيمي أيضاً:
"وقد احتكت بها (الجمعية) جميع الأحزاب، من خاطبٍ لِودّها إجلالاً، إلى رائمٍ من نفوذها استغلالاً، إلى عامل على الكيد لها احتيالاً.."(19) وهذه الأحزاب وإنْ رفع بعضها شعار الاستقلال ولكنها كانت تتبنى أفكار فرنسا وتستلهم قيمها الماديّة، وإذا كان البعض تبنى القيم الحضاريّة للجزائر من دين وأخلاق ولغة، فقد تبنّوْها عن عاطفة وليس عن قناعةٍ وعلمٍ بأهميتها.
مناقشة لآراء مالك ونقده:
إن ما ذكره مالك حول انزلاق الجزائر إلى وحول التهريج السياسي كان في محله، فالشيخ الإبراهيمي عاد ليكتب عام 1954 منتقداً هذه الطرق السياسية:
"وكأن الحكومة الاستعمارية التي تدرس نفسية الشعوب عرفت مواطن الضعف في النفسيّة الجزائرية، فرأت أن الانتخابات هي الفتنة الكبرى للزعماء وأتباعهم، فنَصَبَتها صنماً يصطرعون حوله، والغالب على الشعوب البدائيّة في السياسة أن تكون على بقيّة من وثنيّة، أصنامها الشخصيات، فيكون إحساسها تبعاً لإحساسهم ولو إلى الضياع والشر، وهذه هي الحالة السائدة في شرقنا" (20).
وأما ما يتهم به مالك العلماء في مركّب النقص إزاء السياسيين فهذا قد ينطبق على البعض وليس على الكل، ولا أظن الشيخ ابن باديس وأمثاله من العلماء عندهم مركب نقص تجاه السياسة والسياسيين وإن أخطأوا في تصرف معين أو حادثة معينة.
نعم هناك حوادث تدل على مركّب النقص هذا؛ فالعلماء هم الذين نصّبوا محمد علي باشا في مصر حاكماً رغم أنه أمي بحجة أنهم لا يفقهون في السياسة، ونحن نرى في واقعنا اليوم كيف تستغل الأحزاب السياسية العلماء للحصول على أصوات الناخبين، ثم لا تقدم هذه الأحزاب للإسلام أي خدمة، واغترار العلماء بالسياسيين واضح في كلام الإبراهيمي (والجمعية هي التي كونته –ابن جلول- وأذاعت اسمه، وعبدت له الطريق...). ورغم صحة آراء مالك في هذا الجانب إلا أنني أُلاحظ أن مالكاً ضخّم من الأخطاء التي نتجت عن المؤتمر الجزائري، فالأمر كان واضحاً بالنسبة للشيخ ابن باديس، فالمؤتمر لم يكن إلا موقفاً مرحلياً هدف من ورائه في حال استجابة فرنسا لمطالب المؤتمر إلى تخفيف الضغط على الشعب الجزائري وتحسين حالته الاقتصادية،.
وقد حاول الشيخ توجيه قرارات المؤتمر لإثبات الشخصية العربية الإسلامية للجزائر مما يساعد على تعطيل فكرة الاندماج التي هلل لها السياسيون ولم يوافق الشيخ على قرارات المؤتمر كلها، بل ندّد بها بعد ذلك وقال:
"مددنا إلى الحكومة الفرنسية يداً، فإنْ مدّت إلينا يدها فهو المراد، وإن ضيعت فرنسا فرصتها، فإننا نقبض أيدينا ونغلق قلوبنا فلا نفتحها إلى الأبد، وإن الذين كانوا معنا يوم قابلنا رئيس الوزراء (بلوم) باسم المؤتمر، يعلمون أنهم رجعوا وأيديهم فارغة، ولم يصدق لا الرئيس ولا الوزير.
إنّ فرنسا تعد وتخلف، والجزائر تنخدع وتطمع، أما نحن فلا تسلمنا المماطلة إلى الضجر، وإنما يدفعنا اليأس إلى المغامرة والتضحية، وكذب رأي السياسة وساء فألها.." (21).
يقول الدكتور محمود قاسم حول هذه القضية:
"ولذا فإننا نميل إلى أن نخالف صديقنا الكبير الأستاذ مالك بن نبي في رأيه بعض المخالفة عندما عاب على جمعية العلماء أنها انزلقت إلى ميدان السياسة فأضاعت شيئاً كثيراً من مبادئها، على أننا نوافقه تماماً إذا كان الأمر بصدد انزلاقهم إلى الانتخابات المزيفة التي انساق إليها الجميع ابتداء من سنة 1947م أي بعد وفاة ابن باديس بسبع سنوات..." (22).
إن العلماء من أمثال ابن باديس والسياسيين الكبار كالثعالبي وأرسلان ينظرون للأمور نظرة واقعيّة، نظرة فيها حصافة وتدبير حيث يرون الحال التي هم فيها –ولكن مالكاً- ينظر نظرة مثالية أو يفكر للمستقبل البعيد، ومن هذه الزاوية انتقد مالك دخول بعض العلماء والسياسيين في المصالحة بين ابن سعود وملك اليمن، وكان في رأيه تأييد ابن سعود لتخلف الدولة اليمنية في عهد آل حميد الدين، ثم إن مالكاً تحدث في مذكراته بأنه لم يكن نزيهاً كل النـزاهة في تخوفه في تسليم جمعية العلماء المقاليد لفئة الحاملين للشهادات الجامعية، إذ كان لي غرض يشاركني فيه حمودة بن الساعي، وهو أن نكون نحن الاثنان الوارثين لجمعية العلماء، لأننا نظن في أنفسنا الجدارة لخوض المعركة السياسية مع المحافظة على الخط الإصلاحي" (23).
وقد لاحظت أنّ حِدة النقد لجمعية العلماء زادت بعد رجوع مالك إلى الجزائر، ففي تقويمه لما كتب في بدايات النهضة، وكتابات شكيب أرسلان والأفغاني ومحمد عبده، يرى أن هذه الكتابات كانت تنطلق في صورة شعلات دفاعيّة أو جداليّة، فهي أعمال للتبرير، وليست أعمالاً للبناء والتوجيه، ويضيف بعد ذلك في تقويمه لجمعية العلماء:
"والإصلاح الجزائري نفسه لم يكن بالإجمال سوى مجادلة ضد المرابطية والاستعمار" (24).
وأما مقدم الكتاب صديقه الدكتور عبد العزيز الخالدين فيقول:
"لقد قام الشيخ ابن باديس ومدرسته بجهد محمود في هذا الاتجاه، وإن لم يحققا ذلك التحرر تحققاً تاماً، لأن طريقة سيرهما قد ظلت رهينة لكلٍ من علم الكلام والمغيبات.."(25) ؟!
إن جمعية العلماء لم يكن همها الوحيد مجادلة (الطرقيّة) التي يسميها مالك المرابطية، وإن كانت محقّة في هجومها على الطرقيّة لآثارها المدمرة على الإنسان الجزائري، ومالك كان يؤيد الجمعية في هذا الجانب، ومجادلة الجمعية للطرقيّة والاستعمار كان تمهيداً لمرحلة أخرى، والجمعية قامت ببناء المدارس ونشر العلم، وأعادت الثقة للشخصية الجزائرية.
وأما قول الخالدي: إن مدرسة ابن باديس كانت رهينة علم الكلام فهذا غريب جداً، فابن باديس والجمعية كانوا من أبعد الناس عن علم الكلام بالمعنى الاصطلاحي عند الفرق الإسلامية، فإن كان الدكتور يقصد علم الكلام بالمعنى الاصطلاحي فهذا قلة علم منه، وأما إن كان يعني أن الجمعية تهتم بالكلام دون العمل، فهذا أيضاً مجانب للحقيقة تماماً، وأغرب من هذا أن يصف الجمعية بأنها رهينة المغيبات؛ فإن الإيمان بالغيب من أصول الإيمان والإسلام، ولا يكون مسلماً من لم يؤمن بالغيب، أما إن كان يقصد الإيمان بأشياء وهمية فهم أبعد الناس عن هذا، وابن باديس من كبار علماء الدين الذين يفقهون الإسلام، وكذلك زملاؤه كلهم من العلماء المتبعين للكتاب والسنة.
alt
الهوامش:
(1) ناصر الدين سعيدوني: الجزائر، منطلقات وآفاق/224.
(2) الآثار الكاملة 3/56.
(3) نسبة إلى صنهاجه كبرى قبائل البربر في الشمال الأفريقي ويرجع نسب الشيخ إلى المعز بن باديس الذي كان حاكمًا للشمال الأفريقي في القرن الرابع الهجري.
(4) مذكرات شاهد للقرن/ 131.
(5) في لهب المعركة /190 وقد أهدى للجمعية أحد كتبه ولم يأته رد، وكتب لهم مقالاً ولم يأته رد. انظر: في لهب المعركة /172. (6)مذكرات شاهد للقرن/276.
(7)مذكرات شاهد للقرن/ 319.
(8)بلوم هو رئيس الوزراء في حكومة الجبهة الشعبية و (فيوليت) كان حاكمًا للجزائر في العشرينات، وقد عين في هذه الحكومة مختصًا بالشؤون الجزائرية.
(9) انظر: أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية في الجزائر الجزء الثاني.
(10) محمد الميلي: الشيخ مبارك الميلي: حياته العلمية ونضاله الوطني/ 12.
(11) شروط النهضة 34.
(12) مذكرات (384) و (المطربشة) كناية عن الزعماء السياسيين خريجي الجامعات، وهذه المصطلحات كانت قد ظهرت في مصر أثناء الصراع بين قيادات الأخوان المسلمين أصحاب العمائم الأزهريين وبين خريجي الجامعات من (الأفندية) كما كانوا يسمون.
(13) مذكرات 368.
(14) مذكرات 386.
(15) مذكرات 386.
(16) مذكرات 386.
(17) مذكرات 386.
(18) الآثار الكاملة5/132.
(19) الآثار الكاملة 3/69.
(20) الآثار الكاملة 3/69.
(21) محمد الميلي ابن باديس وعروبة الجزائر /180.
(22) الإمام عبد الحميد بن باديس/30 العبارة الأخيرة توحي بأنه لو كان ابن باديس حياً لم يقع هذا الانجرار.
(23) مذكرات /304 وهذا اعتراف يشكر له لما فيه من نقد ذاتي. (24) آفاق جزائريّة /47.
(25)مذكرات 386.

اقرأ المزيد

من وحي العيد - العلّامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله



alt
أيا عيد:
لو عدْتَ على قومي بالخفض والدّعة، أو جُدت عليهم باليُسر والسعة، لوَجدت مني اللسان الخافق بذكرك، والقلم الدافق بشكرك، ولكنك عُدت عليهم بنهار كاسف الشمس، ويوم شرّ من الأمس، فاذهب كما جئت، فلستُ منك، ظاعنًا ولا مقيمًا، وعُد كما شئت، فلست مني، حميدًا ولا ذميمًا.
***
يا عيد:
لستَ بالنحس ولا بالسعيد، وإنما الناس لأعمالهم؛ سعد العاملون وشقي الخاملون، ولو أنصفناك لقلنا:
إنك يوم كالأيام، من عام كالأعوام، وُلدتَ كما وُلدتْ هي من أبوين- الشمس والأرض- لم ينزع بك دونها عرق مختلف عنها، ولم تتميّز- لولا الدين والعرف- بشيء منها، فأنت مثلها غاد على قَدر، رائحٌ على قدَر، ومنّا- لا منك- الصفو والكدر؛ أو لقلنا: إنك معرَّس مدلجين، يعدِّلون بك المراحل، ومستراح ملجِّجين، يقدّرون بك دنوّ الساحل، فلو عمرنا أيام العام بالصالحات لكنت لنا ضابط الحساب، وحافظ الجراب، ثم لم تلتْنا من أعمالنا شيئًا، ولم تبخسنا من أزوادنا فتيلًا؛ ولكنّنا قصرنا وتمنّينا عليك الأماني، وتبادلت ألسنتُنا فيك أدعية لم تؤمِّن عليها القلوب، ثم ودعناك وانتظرنا إيابك، وأطلنا الغيبة واستبطأنا غيابك.
***
يا عيد:
كنا نلتقي فيك على مُلك اتّطدت أركانه، وعلى عزّة تمكّنتْ أسبابها، وعلى حياة تجمع الشرف والتّرف، وتأخذ من كل طريفة بطرف، وعلى جِدّ لا ينزل الهزل بساحته، واطمئنان لا يلمّ النصب براحته؛ فأصبحنا نلتقي فيك على الآلام والشجون، فإن أنساناهما التعوّد فعلى اللهو والمجون، أصبحنا نلتقي فيك على عبودية لغير الله، أقررناها في أنفسنا فأصبحت عقيدة كالعبودية لله.
***
يا عيد:
إن لقيناك اليوم بالاكتئاب، فتلك نتيجة الاكتساب؛ ولا والله ما كانت الأزمنة ولا الأمكنة يومًا ما جمالًا لأهلها، ولكن أهلها هم الذين يجمّلونها ويكمّلونها؛ وأنت- يا عيد- ما كنتَ في يوم جمالًا لحياتنا، ولا نضرة في عيشنا، ولا خضرة في حواشينا، حتى نتّهمك اليوم بالاستحالة والدمامة والتصوّح؛ وإنما نحن كنا جمالًا فيك، وحِلية لبكرك وأصائلك، فحال الصبغ وحلم الدبغ، واقشعرّ الجناب، وأقفرت الجنبات، وانقطعت الصلة بين النفوس وبين وحيك، فانظر … أيُّنا زايل وصفه، وعكس طباعه؟
بلى … إنك لم تزل كما كنتَ، وما تخوّنت ولا خُنت؛ توحي بالجمال، ولكنك لا تصنعه، وتُلهم الجلال، ولكنك لا تفرضه، ولكننا نكبنا عن صراط الفطرة وهدي الدين، فأصبحنا فيك كالضمير المعذّب في النفس النافرة، وأصبحت فينا كالنبي المكذّب في الأمة الكافرة …
***
ويْحي من العيد، وويحَ العيد مني … ألي عنده ثأر؛ فلا ألقاه إلا كما يلقى الثائر المثؤور، عابس الوجه، مقطّب الأسرّة، غضبان السرائر؛ فما أذكر أني لقيته مرّة بالتسهل والترحيب، وما أذكر أني كتبت عليه كلمة متهلّلة ضاحكة لم يشبها شوب التصنّع؛ وما أذكر أنني سلكت في استقباله هذا الفج الذي يسلكه الكتّاب الخليّون في التهنئة به، وتصويره بغير صورته، وتملّقه ليعود عليهم بالمجد الذي أضاعوه، والتمنّي عليه أن يجود عليهم بما لا يملك، ثم الاسترقاء له بالأدعية التي لا تُفتَّح لها أبواب السماء، لأنها إزجاء للركائب بلا حاد، ودرءٌ في نحور البيد بلا هاد، فويحي من العيد، وويح العيد مني … ألي عنده ثأر؟…
***
والحقيقة هي أني ما زلت كلّما أظلّني عيد من أعيادنا الدينية أو القومية، أظلّتني معه سحابة من الحزن لحال قومي، وما هم عليه من التخاذل والانحلال والبعد عن الصالحات، والقرب من الموبقات.
واحتدمت جوانبي من التفكير في ما هم فيه من سدر، لا يملكون معه الورد ولا الصدر، وذكرتُ كيف يعيشون على الخيال، المُفضي إلى الخبال، وكيف يحيون في الظلام، على الكلام.
وكيف يسترون عوراتهم بالأكفان البالية، وكيف يحتقرون زمنهم في جنب الأزمنة الخالية، والزمن غيران، يضن بخيره على أبناء غيره .
وكيف استخفّهم علماؤهم وزعماؤهم وكبراؤهم وملوكهم فأطاعوهم في معصية الله، وقادوهم إلى النار فانقادوا بشعرة.
وكيف يلقَون أعيادهم التي هي موقظات عزائمهم بهذه التقاليد الزائفة، والعادات السخيفة، والمهازل التي تطمس معالمها، وتُشوّه جمالها، فأجدني بذلك كله كأنني من قومي أعرابيٌّ بين أنباط، أفهم من لفظ العيد غير ما يفهمون، أو كأنني فيهم بقية جاهلية لا أفهم من معنى العيد إلا ما يفهمه شعراؤها الغاوون، من همٍّ يعتاد النفوس، وجوىً يلزم الحيازيم وذكرى خليط مزايل؛ يُثيرها غراب يثوّب، ويهيّجها طيف يؤوّب، وتؤجِّجها الأثافي السفح والأطلال الدوارس.
***
وقومي هم العرب أولًا، والمسلمون ثانيًا، فهم شغل خواطري، وهم مجال سرائري وهم مالئو أرجاء نفسي، ومالكو أزمّة تفكيري.
أفكِّر في قومي العرب فأجدهم يتخبّطون في داجية لا صباح لها، ويُفتنون في كل عام مرّة أو مرّتين، ثم لا يتوبون ولا هم يذكّرون.
وأراهم لا ينقلون قدمًا إلى أمام، إلا تأخّروا خطوات إلى وراء، وقد أنزلوا أنفسهم من الأمم منزلة الأمَة الوكعاء من الحرائر، عجزت أن تتسامى لعلاهن، أو تتحلّى بحلاهن، فحصرت همّها في إثارة غيرة حرّة على حرّة، وتسخير نفسها لضرّة، نكايةً في ضرّة.
وأفكّر في علّة هذا البلاء النازل بهم، وفي هذا التفرّق المبيد لهم، فأجدها آتيةً من كبرائهم وملوكهم، ومن المعوّقين منهم الذين أشربوا في قلوبهم الذلّ، فرئموا الضيم والمهانة، واستحبّوا الحياة الدنيا فرضوا بسفسافها، ونزل الشرف من نفوسهم بدار غريبة فلم يُقم، ونزل الهوان منها بدار إقامة فلم يَرِم، وأصبحوا يتوهّمون كل حركة من إسرائيل، أشباحًا من عزرائيل.
وأفكّر في قومي المسلمين فأجدهم قد ورثوا من الدين قشورًا بلا لباب، وألفاظًا بلا معان؛ ثم عمدوا إلى روحه فأزهقوها بالتعطيل، وإلى زواجره فأرهقوها بالتأويل، وإلى هدايته الخالصة فموّهوها بالتضليل، وإلى وحدته الجامعة فمزّقوها بالمذاهب والطرق والنحل والشيع؛ قد نصبوا من الأموات هياكل يفتتنون بها ويقتتلون حولها، ويتعادون لأجلها؛ وقد نسوا حاضرهم افتتانًا بماضيهم، وذهلوا عن أنفسهم اعتمادًا على أوليهم، ولم يحفلوا بمستقبلهم لأنه- زعموا- غيبٌ، والغيب لله، وصدق الله وكذبوا، فما كانت أعمال محمد وأصحابه إلا للمستقبل، وما غرس محمد شجرة الإسلام ليأكل هو وأصحابه ثمارها، ولكن زرع الأولون ليجني الآخرون.
وهم على ذلك إذ طوّقتهم أوربا بأطواق من حديد، وسامتهم العذاب الشديد، وأخرجتهم من زمرة الأحرار إلى حظيرة العبيد، وورثت بالقوّة والكيد والصولة والأيد، أرضهم وديارهم، واحتجنت أموالهم، وخيرات أوطانهم، وأصبحوا غرباء فيها؛ حظّهم منها الحظ الأوكس، وجزاؤهم فيها الجزاء الأبخس.
إن من يفكّر في حال المسلمين، ويسترسل مع خواطره إلى الأعماق، يُفضي به التفكير إلى إحدى نتيجتين: إما أن ييأس فيكفر، وإما أن يُجنّ فيستريح.
***
وجاء هذا العيد …
والهوى في مراكش يأمر وينهى.
والطغيان في الجزائر بلغ المنتهى.
والكيد في تونس يسلّط الأخ على أخيه، وينام ملءَ عينيه.
والأيدي العابثة في ليبيا تمزّق الأوصال، وتداوي الجروح بالقروح.
وفرعون في مصر يحاول المحال، ويطاول في الآجال.
ومشكلة فلسطين أَكِلَةٌ خبيثة في وجه الجزيرة العربية، تسري وتستشري؛
والأردن قنطرة عبور للويل والثبور.
وسوريا ولبنان يتبادلان القطيعة.
والحجاز مطمح وُرّاث متعاكسين، ونُهْزة شركاء متشاكسين، وقد أصبحت حماية (بيته) معلّقة بحماية زيته.
واليَمن السعيدة شقيّة بأمرائها، مقتولة بسيوفها؛
والعراق أعيا داؤه الرّاق.
وتركيا لقمة في لهوات ضيغم. وهي تستدفع تيارًا بتيّار، وتستجير من الرمضاء بالنار.
وفارس طريدة ليثين يتخاطران.
وباكستان لم تُزمع التشمير، حتى رُهصت بكشمير؛
والأفغان تحاول الكمال، فيصدّها الخوف من الشمال؛
وجاوة لم تزل تحبو، تنهض وتكبو، وتومض وتخبو.
***
هذه ممالك العروبة والإسلام، كثرت أسماؤها، وقلّ غناؤها، وهذه أحوال العرب والمسلمين، الذين يُقبل عليهم العيد فيُقبل بعضهم على بعض، يتقارضون التهاني، ويتعلّلون بالأماني، أفلا أُعذر إذا لقيت الأعياد بوجه عابس، ولسان بكيّ، وقلم جاف، وقلب حزين؟ …
* نُشرت في العدد 163 من جريدة «البصائر»، 16 جويلية سنة 1951 – الأثار ج3، ص : 480.


اقرأ المزيد

العلاّمة الأصولي الطاهر العبيدي 1886م - 1968

العلاّمة الأصولي الطاهر العبيدي
1886م - 1968
أصله من تبسة مولده وادي_سوف إقامته ووفاته تقرت
العلامة الفقيه الاصولي النظار المجتهد اللغوي الحجة الامام الطاهر العبيدي السوفي مولدا ، التوقرتي إقامة و مستقرا ، ينحدر من اولاد سيدي عبيد ببئر العاتر ( ولاية تبسة بأقصى الشرق الجزائري).


هو الطاهر بن العبيدي بن علي بن بلقاسم بن عمارة بن بلقاسم بن سليمان بن عبد الملك بن الهادي بن احمد خذير بن عبد العزيز بن سليمان بن سالم بت ابراهيم عبد الحليم بن عبد الكريم بن عيسى بن موسى بن عبد السلام بن محمد بن جابر بن جعفر بن محمد بن محمد بن عبد الله ابن ادريس الاصغر ابن ادريس الاكبر ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن الامام علي ( رضي الله عنهم).

مولده و نشأته :

ولد الاستاذ الطاهر العبيدي في مدينة الوادي عاصمة سوف سنة 1304 هـ ، الموافق لسنة 1886 م ، والده كان يحترف الحدادة ، ارسله منذ صغره الى الكتاب لتعلم الحروف العربية و لحفظ القرآن الكريم، و قد تميزت منطقة وادي سوف و بعض المناطق الجزائرية ( غرداية – المسيلة و غيرها ...) بلسانها العربي الفصيح المبين الذي لا عجمة فيه و لا لوثة تختلط بصفاء اللسان مما كان له تأثير كبير على اللغة اليومية المعتادة فيما بينهم ، و هو ما ساعد القوم على قراءة القرآن الكريم الذي شاع حفظه في تلك الربوع حتى بين النساء ، و لم يشذ – مترجمنا – عن اترابه و لداته فقد تمكن من حفظ القرآن الكريم حفظ تمكن و إتقان و لما يتجاوز الثانية عشر من العمر ، بينما يذهب الأستاذ محمد محدة في تحقيقه لرسالة الستر و تعليقه عليها في معرض ترجمته للشيخ العبيدي الى انه حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة ، يقول : " و ظهر عليه بوادر النجابة و الذكاء في سن مبكرة ، حيث حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة من العمر " ثم انكب الفتى على دراسة العلوم الشرعية و اللغوية ، فحفظ المتون المعروفة في التفسير و الفقه و الحديث و الأصول .... و تفتقت عنده الملكة الفقهية و هي بمثابة الرصيد المخزون الذي راح ينمو باضطراد عجيب ، و يتصاعد وفق خط بياني واضح في حياته العلمية.

تحصيله العلمي و شيوخه:

اجمع كل الذين ترجموا للشيخ العبيدي انه اخذ علوم الشريعة و اللغة عن الشيخين عبد الرحمن العبيدي و محمد العربي بن موسى ، و لكنهم لم يشيروا الى انه تتلمذ على الشيخ القاضي عمارة من قرية " تاغروت " و لم يذكروا انه كان يحضر إلى دروس الشيخ الصادق بلهادي العقبي ( 1869 / 1939 ) مع صديق طفولته الشيخ إبراهيم بن محمد الساسي العوامر ( 1881 / 1934 ) '' صاحب الصروف في تاريخ الصحراء و سوف '' و غيره من التواليف ، و حسب ما ذكره الشيخ إبراهيم العوامر نفسه في كتابه '' البحر الطافح في فضائل شيخ الطريق سيدي محمد الصالح " أن الشيخ الصادق العقبي كان يتبرع بدروس في زاوية سيدي سالم - او الزاوية السالمية - بالوادي ، و من هنا نفهم ان تلمذة الشيخ العبيدي عل الشيخ الصادق بلهادي كانت من تلك الدروس في تلك الزاوية .... و يذكر الدكتور سعد الله في " تجارب في الأدب و الرحلة '' ( ص 100 ) : ''... أنه أخذ العلم إجازة بالمراسلة من الشيخ المكي بن عزوز الذي راسله بها من الأستانة '' أ.هـ

هجرته و أساتذته:

في سنة 1904 م هاجر الشيخ العبيدي الى تونس للتحصيل على مزيد من العلم بجامع الزيتونة ، و من ابرز العلماء الذين اخذ عنهم من الجامع الأعظم الإمام محمد بن الطاهر بن عاشور ، و العلامة محمد الخضر حسين ، و الشيخ احمد بن مراد و الشيخ حسن بن يوسف ، و فضيلة الأستاذ محمد النجار ، و الشيخ احمد البنزرتي و الأستاذ الكبير صالح الهواري ، و الشيخ خليفة بن عروس ، و الشيخ بن محمود ، و الشيخ النخلي و غيرهم مكن الشيوخ .

و يبدو من خلال بعض الكتابات انه صاحب زعيم النهضة الإصلاحية الامام عبد الحميد بن باديس أيام طلبه للعلم بالزيتونة ، و تبقى هذه المعلومة غير مؤكدة ، و إن كان الدكتور سعد الله يستنتج تخمينا بعد استقراء يقوده الى افتراض الصحبة بين الشيخين من خلال لفظة لابن بادي " قديم التذكار " جاءت في سياق مراسلة بين الرجلين بتاريخ جمادى الثانية 1337 هـ ، و يغلق الدكتور سعد الله على ذلك بقوله : " و هناك أوجه شبه و اختلاف بين ابن باديس و الشيخ العبيدي ، من ذلك صداقتهما ايم الطلب في تونس ، و هو ما يشير اليه ابن باديس في رسالته بعبارة [ قديم التذكار ] رغم انها عبارة غير صريحة في هذا المعنى " أ,هـ (تجارب في الأدب و الرحلة '' ( ص 101 ).
و لا نعلم - على وجه الدقة - المدة التي مكثها شيخنا بحاضرة تونس ، فقد سكت الذين ترجموا له عن هذه النقطة باستثناء الأستاذ محمد محدة الذي حددها بثلاث سنوات.


العودة الى الوطن و جهوده في التعليم و الاصلاح:

بعد تلك الفترة التي قضاها طالبا بالزيتونة عاد الشاب الطاهر العبيدي الى ارض الوطن يتدفق حيوية ، و يزخر بالعلم و بما انعم الله عليه ، عاد و على كاهله أمانة ثقيلة و رسالة شاقة آل على نفسه الاضطلاع بها ، عاد إلى مدينة الوادي ليتصدى لنشر الثقافة الإسلامية و تعليم الناشئة .. و لم يطل به المقام في البلد الذي درج فيه طفلا و ترعرع فيه شابا و تقلب بين جوانحه يافعا ، حتى وجد نفسه مضطرا الى مغادرة الأسرة و القبيلة تاركا العشيرة و البيئة متجها نحو مدينة توقرت لتصبح هذه الأخيرة فيما بعد هي موطنه و محل إقامته و يستقر فيها استقراره النهائي الذي دام نصف قرن و زيادة ....
و السبب الرئيس الذي جعل مترجمنا ينتقل من سوف الى مدينة ورقلة كان تنفيذا وفيا و مخلصا لوصية أستاذه محمد العربي بن موسى الذي أشار عليه أن يخلفه في الإمامة و التدريس بالمسجد الكبير بتقرت ... و كان ذلك الانتقال بداية عهد جديد ....
و كان أيضا بداية للاضطلاع بمهمة جليلة مثقلة بالمسؤوليات ، و كان كذلك بداية لرحلة في مجال الخطابة و التأليف و الإفتاء و الاطلاع الواسع الذي لا يعرف التوقف و الانقطاع ... رحلة مليئة بالعطاء و التبليغ و هداية الخلق ... و منح الأستاذ الإمام الطاهر العبيدي للرسالة التي أنيطت به كل ما يمتلك من مجهود علمي ، و لم يبخل بكفاءته التي راحت تتنامى و تزيد مع الأيام .. و كانت تجربة دسمة بالثراء الفكري و الرؤية النيرة التي تدفع عن هذا الدين الشبه التي يثيرها المبطلون و يروج لها المرجفون الذين يتربصون بالإسلام و يتابعون مسار رسالته ، و من اجل ذلك لم يتخل الشيخ الطاهر العبيدي - يوما واحدا - عن أداء هذه الأمانة منذ ان تحملها سنة 1907 م ، و قام بها أحسن قيام ، و أدى ما عليه نحو ربه و دينه و أمته - رغم الظروف غير الملائمة في كثير من الاحايين - وافيا غير منقوص الى آخر يوم في حياته.
و كان الشيخ العبيدي - وحده- عالم منطقة ورقلة و فقيهها المجتهد و مثقفها الأكبر لا يشاركه في ذلك مشاركة طيلة ستين سنة ... و في خلال هذه المدة استطاع - بتوفيق من الله - ان يفسر القرآن الكريم حسب رواية الأستاذ عبد السلام سليماني : " ....و في العاشر من محرم سنة 1353 هـ الموافق ل 17 ابريل 1934 هـ ختم العبيدي تفسيره للقرآن الكريم ، و عاشت تقرت مهرجانا عظيما لم تعرف مثله من قبل و من بعد ، و لا احد اليوم من أبنائها يذكر ذلك الحدث العظيم " أ.هـ .

وفاته:

توفي الشيخ بعد حياة مليئة بالجهاد في سبيل نشر العلم و اصلاح الامة و تبصيرها بتراث الاسلام العظيم يوم 28/01/1968م بمدينة تقرت ، و كان يوما مشهودا خرجت فيه مدينة تقرت عن بكرة ابيها لتوديعه ، و حضر جنازته الكثير من بقايا جمعية العلماء المسلمين .

آثاره:

ترك الشيخ اثارا كثيره منها تفسيره للقرآن الكريم الذي كتب منه بعض تلامذته اجزاء منه لا تزال مخطوطة في كراريس ، و الكثير من الفتاوي و البحوث الاصولية لكنها مع الاسف مبعثرة عند تلامذته و حفدته و الكثير منها ضاع .

- منظومة بعنوان : " النصيحة العزوزية في نصرة الاولياء و الصوفية ".
- منظومة بعنوان : " نصيحة الشباب المريحة للسحب و الضباب ".

المراجع:

- معظم المعلومات عن هذه الترجمة مأخوذة من مقالة بعنوان : " العلامة الشيخ الطاهر العبيدي الفقيه الصوفي" منشورة بجريدة العقيدة عدد 76 : الأربعاء 1 شعبان 1412 هـ / الموافق ل 8 فيفري 1992 م بقلم الاستاذ أحمد بن السائح.

- محاضرة مطبوعة بعنوان : " الشيخ العبيدي بمناسبة يوم العلم " ألقيت يوم الجمعة 14 افريل 1983 م بالمسجد الكبير بتقرت، من إعداد حفيده ( ابن بنته) الأستاذ سليماني عبد السلام.

اقرأ المزيد

فرانسيسكو روبليس أو (سي عبد الرشيد) (1930م - 2011) من إشبيلية إلى (زاوية بطيوة) بوهران


فرانسيسكو روبليس أو (سي عبد الرشيد)
(1930م - 2011)
من إشبيلية إلى (زاوية بطيوة) بوهران

هو إسباني الأصل، من مواليد مدينة إشبيليا سنة 1930، اسمه ''فرانسيسكو روبليس'' ويناديه النّاس ''سي عبد الرشيد'' بعد اعتناقه الإسلام سنة 1947، على يد أبو عبد الله البوعبدلي مؤسِّس الزاوية البوعبدلية ببطيوة شرق ولاية وهران.
نطقه بالشّهادتين في سنة 1947 كلّفه المقاطعة من طرف عائلته وأبناء جلدته من المعمِّرين المستقرين في منطقة بطيوة. ووصلت الأمور إلى حدّ اتهام شيخ الزاوية البوعبدلية بمحاولة ''تحويل قاصر'' من طرف المعمرين الفرنسيين، الّذين لم يستسيغوا اعتناق ''فرانسيسكو'' للإسلام.
وأمام هذه الهجمة، اضطر شيخ الزاوية لبعثه إلى زاوية فرندة للاختباء فيها مدة سنة كاملة للتعرف على تعاليم الدِّين الحنيف. وبعد انقضاء سنة كاملة عاد إلى بطيوة بعد بلوغه سن الرشد في سنة .1948
ويروي مَن عرفوا الراحل ''سي عبد الرشيد'' عن قرب مدى تعلّقه بالإسلام. حيث يروي مهدي -أحد أحفاد الشيخ البوعبدلي- لـ''الخبر'' كيف تحوَّل سي عبد الرشيد إلى قدوة بين سكان بطيوة وكل المناطق المجاورة: ''أصبح مضرب المثل في الورع والصدق والأمانة، لدرجة تحوَّل دكانه الصغير لصنع الأحذية إلى مكان لإيداع الأمانات من أموال ومصوغات وكلّ ما له قيمة ثمينة''. أهّلته هذه الخصال لتبوأ منصب مقدم الزاوية بعد وفاة سي الحلوي سنة 1980، ويشرف على شؤون الزاوية. وبشهادة السكان كان الفقيد يبكي من شدّة التأثّر لكلّ مصيبة تحلّ بالمسلمين، على غرار ما حدث خلال الاجتياح الأمريكي للعراق. تزوّج سي عبد الرشيد من مسلمة وربّى أولاده الأربعة، 3 أولاد وبنت، على تعاليم الإسلام ليتزوّجوا بدورهم من جزائريات مسلمات، رغم تنقلهم للعيش في إسبانيا.
حرص الفقيد في أيّامه الأخيرة على البقاء في بطيوة رغم معاناته مع المرض وتنقلاته المتكررة نحو إسبانيا للعلاج. وكانت وصيته الأخيرة لأبنائه بعد أن دنت ساعته، نقله إلى بطيوة ودفنه في مقبرة المسلمين، وكان له ما أراد، حيث شهدت جنازته موكباً مهيباً يليق بمقام رجل وهب حياته لخدمة الإسلام والمسلمين.
للتذكير، فقد سار وراء موكب ''سي عبد الرشيد'' الجنائزي، يوم 8 أكتوبر الماضي، جمع غفير من سكان بطيوة صغارا وكبارا، ومرتادي زاوية البوعبدلي، وكلّ مَن عرفه عن قرب..

اقرأ المزيد

آخر أقوال هذا الزمان ... الهدرة لي و المعني لجارتي ...

لي قرصو الحنش يخاف من الحبيلة !!
ماتكونش كي الذيب يتمشى بالحيلة !!
ماشي ڭاع الناس حيلتها قليلة !!
راه النية ماتعاشر الحيلة !!
والشمس ماتعاشر الضليلة !!
لي كرهك هانية نساه فــ ليلة !!
وعيش حياتك راه الدنيا ماشي طويلة !!

******

كل عَّساس يتحاسب على الباب ديالو !!
والإنسان مايدِّي معاه غير فعالو !!
يعيا الطير يطير فالاخير يرجع لمكانو !!
بنادم فالحضية والتبرڭيڭ طاحو سنانو !!
كل واحد يدخل سوق راسو ويعيش زمانو !!
يبقاو فيك غي السبوعة من يتهانو !!
أما الكلاب من بكري هكذا كانو !!
 
 

اقرأ المزيد

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

يا الله على كرم أمريكا و أوروبا !!

يا الله على كرم أمريكا و أوروبا !!

أقصى حد لنصيب الشعوب الضعيفة من الحرية و العدالة بالنسبة لهما هو أن نقرأ تنديدات لبعض وزرائهم حول انتهاك حقوق الإنسان في دول العالم او مقالات صحفية جيدة تمجد تلك القيم الإنسانية المقدسة أو نشاهد تقارير إخبارية محترفة تحسن التلاعب بالصور و الكلامات أو أغاني مؤثرة في الموضوع أو أفلام سنمائية ذات جودة عالية ..

و واجب الشعوب الضعيفة بعد ذلك هو أن تصفق بحرارة لكرمهم في دفاعهم عن حقوق الإنسان ، حتى مع كونها لا تتعدى العالم الإفتراضي .. واجبها أن تقول لهم شكرا جزيلا على الجهود الجبارة التي تبذلونها لصالحنا ، و لا يهم أن يقتل هؤلاء الضعفاء أو أن يعيشوا في الواقع مكبوتين و مظلومين و محرومين من كل حقوقهم.. لا يهم طالما أن ذلك هو ثمن أن تشبع أوروبا و أمريكا و أن تنعم شعوبهما بالحرية و بكل تلك القيم التي يعتبرونها في الحقيقة حكرا عليهم و محرمة على " ولاد الكلب " من أبناء الشعوب الحقيرة .
                                                                         

اقرأ المزيد

السبت، 17 أغسطس 2013

الــطـــاهـــــر وطــــــار في ذكــرى وفاتـه الثالثة 1936م ـ2010م

كـاتب وروائــــي
1936م ـ2010م

الــطـــاهـــــر وطــــــار
كـاتب وروائــــي
1936م ـ2010م

- عام 1936 وفي بيئة ريفية وأسرة بربرية تنتمي إلى عرش الحراكتة الذي يحتل سفح الأوراس والذي يقول ابن خلدون إنه جنس أتى من تزاوج العرب والبربر, ولد الطاهر وطار بعد أن فقدت أمه ثلاثة بطون قبله, فكان الابن المدلل للأسرة الكبيرة التي يشرف عليها الجد المتزوج بأربع نساء أنجبت كل واحدة منهن عدة رجال لهم نساء وأولاد أيضا.

- كان الجد أميا لكن له حضور اجتماعي قوي فهو الحاج الذي يقصده كل عابر سبيل حيث يجد المأوى والأكل, وهو كبير العرش الذي يحتكم عنده, وهو المعارض الدائم لممثلي السلطة الفرنسية, وهو الذي فتح كتابا لتعليم القرآن الكريم بالمجان, وهو الذي يوقد النار في رمضان إيذانا بحلول ساعة الإفطار, لمن لا يبلغهم صوت الحفيد المؤذن.

- يقول الطاهر وطار, إنه ورث عن جده الكرم والأنفة, وورث عن أبيه الزهد والقناعة والتواضع, وورث عن أمه الطموح والحساسية المرهفة, وورث عن خاله الذي بدد تركة أبيه الكبيرة في الأعراس والزهو الفن.

- تنقل الطاهر مع أبيه بحكم وضيفته البسيطة في عدة مناطق حتى استقر المقام بقرية مداوروش التي لم تكن تبعد عن مسقط الرأس بأكثر من 20 كلم.

- هناك اكتشف مجتمعا آخر غريبا في لباسه وغريبا في لسانه, وفي كل حياته, فاستغرق في التأمل وهو يتعلم أو يعلم القرآن الكريم.

- التحق بمدرسة جمعية العلماء التي فتحت في 1950 فكان من ضمن تلاميذها النجباء.

- أرسله أبوه إلى قسنطينة ليتفقه في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس في 1952.

- انتبه إلى أن هناك ثقافة أخرى موازية للفقه ولعلوم الشريعة, هي الأدب, فالتهم في أقل من سنة ما وصله من كتب جبران خليل جبران ومخائيل نعيمة, وزكي مبارك وطه حسين والرافعي وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة.

- يقول الطاهر وطار في هذا الصدد: الحداثة كانت قدري ولم يملها علي أحد.

- راسل مدارس في مصر فتعلم الصحافة والسينما, في مطلع الخمسينات.

- التحق بتونس في مغامرة شخصية في 1954 حيث درس قليلا في جامع الزيتونة.

- في 1956 انضم إلى جبهة التحرير الوطني وظل يعمل في صفوفها حتى 1984.

- تعرف عام 1955على أدب جديد هو أدب السرد الملحمي, فالتهم الروايات والقصص والمسرحيات العربية والعالمية المترجمه, فنشر القصص في جريدة الصباح وجريدة العمل وفي أسبوعية لواء البرلمان التونسي وأسبوعية النداء ومجلة الفكر التونسية.

- استهواه الفكر الماركسي فاعتنقه, وظل يخفيه عن جبهة التحرير الوطني, رغم أنه يكتب في إطاره.

- عمل في الصحافة التونسية: لواء البرلمان التونسي والنداء التي شارك في تأسيسها, وعمل في يومية الصباح , وتعلم فن الطباعة.
- أسس في 1962 أسبوعية الأحرار بمدينة قسنطينة وهي أول أسبوعية في الجزائر المستقلة.

- أسس في 1963 أسبوعية الجماهير بالجزائر العاصمة أوقفتها السلة بدورها.

- في 1973 أسس أسبوعية الشعب الثقافي وهي تابعة ليومية الشعب, أوقفتها السلطات في 1974 لأنه حاول أن يجعلها منبرا للمثقفين اليساريين .
- في 1990 أسس مجلتي التبيين والقصيدة ( تصدران حتى اليوم).

- من 1963 إلى 1984 عمل بحزب جبهة التحرير الوطني عضوا في اللجنة الوطنية للإعلام مع شخصيات مثل محمد حربي, ثم مراقبا وطنيا حتى أحيل على المعاش وهو في سن 47 .

- شغل منصب مدير عام للإذاعة الجزائرية عامي 1991 و1992

- عمل في الحياة السرية معارضا لانقلاب 1965 حتى أواخر الثمانينات.

- اتخذ موقفا رافضا لإلغاء انتخابات 1992 ولإرسال آلاف الشباب الإسلاميين إلى المحتشدات في الصحراء دون محاكمة, وهوجم كثيرا عن موقفه هذا، وقد همش بسببه.

- كرس حياته للعمل الثقافي التطوعي وهو يرأس ويسير الجمعية الثقافية الجاحظية منذ 1989 وقبلها كان حول بيته إلى منتدى يلتقي فيه المثقفون كل شهر.

المؤلـــــــفـــات

المجموعات القصصية:

1. دخان من قلبي تونس 1961 الجزائر 79 و 2005

2. الطعنات الجزائر 1971 و 2005

3. الشهداء يعودون هذا الأسبوع ( العراق 1974 الجزائر 1984 و 2005 ) ترجم

المســـرحيـــات:

1. على الصفة الأخرى (جلة الفكر تونس أواخر الخمسينات).

2. الهارب (جلة الفكر تونس أواخر الخمسينات) الجزائر 1971 و 2005 .

الـــــــــــروايــــات:

1. اللاز (الجزائر 1974 بيروت 82 و 83 إسرائيل 1977 الجزائر 1981 و 2005). ترجم

2. الزلزال ( بيروت 1974 الجزائر 81 و 2005 ). ترجم

3. الحوات والقصر الجزائر جريدة الشعب في 1974 وعلى حساب المؤلف في 1978 القاهرة 1987 و الجزائر 2005).
ترجم

4. عرس بغل ( بيروت عدة طبعات بدءا من 1983القاهرة 1988 عكة ؟ والجزائر في 81 و2005). ترجم

5. العشق والموت في الزمن الحراشي ( بيروت 82 و 83 الجزائر 2005 ).

6. تجربة في العشق ( بيروت _89 الجزائر 89 و 2005).

7. رمانة ( الجزائر 71 و 81 ة2005).

8. الشمعة والدهاليز ( الجزائر 1995 و 2005 القاهرة 1995 الأردن1996 ألمانيا دار الجمل2001؟).

9. الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي ( الجزائر 1999 و 2005 المغرب 1999 ألمانيا دار الجمل ؟2001). ترجم

10. الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء ( الجزائر جريدة الخبر وموفم 2005 القاهرة أخبار الأدب 2005 إسرائيل مجلة مشارف 2005 ) .

التـــــــرجـــمـــــــــــــات:

1. ترجمة ديوان للشاعر الفرنسي فرنسيس كومب بعنوان الربيع الأزرق
APPENTIS DU PRINTEMPS الجزائر 1986؟

السيــــــنـاريـــوهــات:

مساهمات في عدة سيناريوهات لأفلام جزائرية

التــــــــــحــويــــــلات:

1. حولت قصة نوة من مجموعة دخان من قلبي إلى فيلم من إنتاج التلفزة الجزائرية نال عدة جوائز

2. حولت قصة الشهداء يعودون هذا الأسبوع إلى مسرحية نالت الجائزة الأولى في مهرجان قرطاج.

3. مثلت مسرحية الهارب في كل من المغرب وتونس.
اللغات المترجم إليها:
الفرنسية. الإنقليزية, الألمانية, الروسية, البلغارية , اليونانية, البرتغالية , الفيتنامية, العبرية, الأوكرانية.... الخ

الاهتـــــــمــــام الجــــامـعـي:

تد رس أعمال الطاهر وطار في مختلف الجامعات في العالم وتعد عليها رسائل عديدة لجميع المستويات.

الــــرحـــلات والأســفــار:

فرنسا. ألمانيا. بلجيكا. هولاندا. سويسرة. بريطانيا. إيطاليا. بلغاريا. الاتحاد السوفياتي سابقا بمعظم جمهورياته. كوبا. الهند. أنغولا. البلدان العربية باستثناء السودان وعمان وموريتانيا.

مواضـــــــيـــع الطـــاهــر وطــار:

· يقول إن همه الأساسي هو الوصول إلى الحد الأقصى الذي يمكن أن تبلغه البرجوازية في التضحية بصفتها قائدة التغييرات الكبرى في العالم.

· ويقول إنه هو في حد ذاته التراث. وبقدر ما يحضره بابلو نيرودا يحضره المتنبي أو الشنفرى.

· كما يقول: أنا مشرقي لي طقوسي في كل مجالات الحياة, وأن معتقدات المؤمنين ينبغي أن تحترم.


                                                                                       المصدر

اقرأ المزيد

الاثنين، 5 أغسطس 2013

جهاد ابن باديس ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر 1913 - 1940 تأليف: عبد الرشيد زروقة


تحميل كتاب: جهاد ابن باديس ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر 1913 - 1940
تأليف: عبد الرشيد زروقة
للمطالعة والتحميل: 


 
 

اقرأ المزيد

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More