مشكلة الصحراء الغربية
وانعكاسها على مستقبل الامن القومي العربي
(( بحث في الجغرافية
السياسية ))
جاسم
شعلان
كلية
التربية الاساسية-جامعة بابل
المقدمة
تعتبر
مشكلة الصحراء الغربية (وادي الذهب) من القضايا المهمة والحيوية التي شغلت عددأ من
الدول الاقليمية في منطقة المغرب العربي
واحتلت مكانتها في الحياة السياسية لدول المغرب على المستوى الرسمي والشعبي بكل
معطياتها المحلية والاقليمية والدولية.
وتظهر
اهمية المشكلة من خلال كونها بؤرة للصراع الاقليمي وعدم الاستقرار في منطقة المغرب
العربي ومحاولات القوى الدولية
الرامية الى تجزئة وتفتيت وحدة التراب الوطني لاقطار المغرب العربي عامة والمملكة
المغربية بشكل خاص عن طريق السيطرة الاستعمارية الفرنسية او الاسبانية المباشرة حيناً او عن طريق المعاهدات
والمواثيق التي فرضتها الدول الاستعمارية على المنطقة حيناً آخر.
ان
نظرة سريعة على تاريخ المغرب العربي بعد سقوط الدول العربية الاسلامية في الاندلس
والتي كان المغرب العربي السند القوي لها منذ بداية تأسيسها عام 714م وحتى سقوطها
عام 1492م تظهر لنا بأن الدول الاوربية كانت تخشى قوة المغرب ووحدته، ولهذا السبب
فأن هذه الدول تبنت ستراتيجية خلق التنافس والصراع بين ابناء البلد.
يهدف
البحث الى بيان الاثر الذي تتركه هذه المشكلة التي لازالت قائمة منذ فترة تزيد على
اربعة عقود من الزمن على منطقة المغرب العربي والامن القومي العربي ودور القوى
الاقليمية والدولية في زيادة حدة التوتر والخلافات خدمة لمصالحها الحيوية في هذه
المنطقة من العالم ومن خلال اتباع المنهج التاريخي وتحليل ابعاد المشكلة
وتفاعلاتها الاقليمية.
اولاً:
الجذور التاريخية لمشكلة الصحراء الغربية
تشكل
منطقة المغرب العربي عر تاريخها السياسي الطويل وحدة سياسية تتسع رقعتها الجغرافية
او تضيق حسب قوة السلطة السياسية او ضعفها، وشكلت المنطقة مصدر الحياة الروحية
والثقافية لسكان الصحراء التي يسكنها البدو الرحل من القبائل.
وقد
ظهرت المقاومة الوطنية في الصحراء لقوات الاحتلال الفرنسي والاسباني بعد عام واحد
من حصول المغرب على استقلاله عام 1956 تحت قيادة جيش التحرير المغربي الذي استمد
عناصر قوته من قبائل الصحراء(1).
ونمت
الحركة الوطنية الصحراوية في احضان الحركة الوطنية المغربية، وقدمت فرنسا لاسبانيا
من خلال قواعدها في موريتانيا والجزائر مساعدات وامدادات عسكرية بهدف ايقاف زحف
جيش التحرير المغربي نحو تحرير الصحراء والذي انزل بالقوات الاسبانية خسائر كبيرة(2).
وقد تشابكت قضية الصحراء الغربية مع مشكلة الحدود المغربية الجزائرية في منطقة
(تندوف) واصبحت عائدية
هذه المنطقة الى الجزائر وعائدية
الصحراء الغربية الى المغرب تشكل الاساس التاريخي للازمة بين البلدين خاصة وان
المنطقة مهيأة للابتزاز
السياسي وتوازن القوى الاقليمية والدولية الذي اخذت اثاره تطفو على السطح في بداية
الستينات من القرن الماضي، وعكست هذه المشكلة تقاطع ستراتيجية البلدين بعد ان حاول
المغرب تحييد موقف الجزائر كطرف في النزاع، اذ وقعت معها اتفاق اثناء انعقاد قمة منظمة
الوحدة الافريقية، ومن جانب اخر فأن الجزائر اخذت تشكك في صدقية النوايا المغربية
وتعمل على قيام كيان صحراوي يفصل المغرب عن موريتانيا(3).
لقد
كان تخلي اسبانيا عن الاقليم بموجب اتفاقية مدريد عام 1957 واعلان الجمعية العامة
للامم المتحدة عام 1974 بحق شعب الصحراء في تقرير المصير والاستقلال وظهور جبهة
البوليساريو كقوة عسكرية تلقي الدعم من الجزائر قد جعل من اقليم الصحراء المغربية
محوراً مهماً من محاور عدم الاستقرار في العلاقات المغربية عامة والعلاقات
المغربية-الجزائرية خاصة،
وان احاطة الاقليم باقطار لكل منها مشاكلة مع الاخر قد عقّد المشكلة وجعل منها منطقة
تنازع بين كل من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو.
ثانياً:
الابعاد السياسية لاسباب الصراع حول الصحراء الغربية
يقف
وراء الصراع في هذا الجزء من الوطن العربي مجموعة من الاسباب تأخذ ابعاداً سياسية
متداخلة مع بعضها وتجعل من امكانية حل المشكلة امراً غاية في الصعوبة، هذه الاسباب
هي التي جعلت اطراف النزاع تلجأ الى او تقبل بتدويل المشكلة من خلال منظمة الامم
المتحدة بعد ان عجزت هذه الاطراف عن حلها للمسائل السياسية والعسكرية، ويمكن تأشير
ابعاد الصراع بالاسباب التالية:
1- البعد الجغرافي والستراتيجي:
تقع
الصحراء الغربية والتي تتكون من اقليمين هما (الساقية الحمراء) في الشمال و (وادي
الذهب) في الجنوب والبالغة مساحتها 284 الف كم2، تقع بين ثلاثة دول عربية اسلامية
في الشمال الغربي من القارة الافريقية هي المملكة المغربية التي تحدها من الشمال،
والجزائر
التي تحدها من الشمال الشرقي، وموريتانيا التي تحيط بالصحراء من جهتي الشرق
والجنوب. ويحدها من الغرب المحيط الاطلسي بامتداد ساحلي طويل يبلغ 1400كم(4).
ان اختلاف دول الجوار الجغرافي في النواحي
الايديولوجية والتوجهات السياسية والمصالح ادى الى حدوث نوع من التوتر وعدم
الاستقرار السياسي، كما ان موقع الصحراء البحري زاد من اهميتها ومنحها ميزة كبيرة
ورفع من مكانتها في الخارطة السياسية، فالمعروف في الجغرافية السياسية ان الاقاليم
البحرية تحظى بمكانة خاصة ومتميزة في هذا المجال مقارنة بالاقاليم القارية. وان امتداد
الصحراء على ساحل الاطلسي هذه المسافة الطويلة قد منحها اهمية جيو-ستراتيجية حيث
ان هذا الامتداد يسهل من الاتصال الخارجي للسواحل سواء كان ذلك الاتصال تجارياً او
حضارياً او اجتماعياً مع دول حوض الاطلسي الاوربية او الافريقية او الامريكية.
وتمتاز
هذه السواحل بدفئ مياهها وغناها الثروة السمكية الذي يتيح لها الملاحة طوال العام،
كما ان اعماقها تؤهلها لان تجوبها سفن مختلفة الاحجام وهي صالحة لانشاء موانئ
الصيد واقامة القواعد البحرية(5). ومن الناحية التضاريسية فأن الصحراء
تتكون من سهول ساحلية تتسع وترتفع تدريجياً كما توغلنا الى الداخل حتى تصل الى هضاب يبلغ ارتفاعها حوالي
1000 قدم ويزداد ارتفاع اراضيها الى سلاسل جبلية ليصل الى 2000 قدم عند الحدود
الموريتانية. ويسودها نوعين من المناخ الاول داخلي قاري شبه صحراوي يتميز بتقلبات
مفاجئة في درجات الحرارة،
والثاني ساحلي وهو اكثر اعتدالاً ويبلغ متوسط درجات الحرارة 32°م(6). وعلى الرغم
من ان المناخ الصحراوي هو السائد الا ان تيار الكناري البارد الذي يهب من الشمال
يخفف من حدة ذلك المناخ.
2-
البعد التاريخي
قامت
اسبانيا بعدة محاولات للدخول والسيطرة على المنطقة الساحلية بعد سقوط الاندلس
عام 1492. وحققت في ذلك مكاسب متواضعة، الا انها في عام 1900 تمكنت من عقد
اتفاقية مع فرنسا وهي القوة الاستعمارية المسيطرة على الجزائر واجزاء من المغرب
وموريتانيا بموجبها تم انشاء حدود فاصلة بين وادي الذهب والحدود الحالية لموريتانيا.
وفي عام 1912 قامت اسبانيا من جانبها بتحديد منطقتي طرفايا وايغني لتكون حدود لها
في الجزء الجنوبي من المغرب(7) ولم تتمكن اسبانيا من اكمال سيطرتها على
كل الصحراء الا في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي.
وبعد
حصول المغرب على استقلاله عام 1956 طالب بحقه في الممتلكات الاسبانية في شمال غرب
افريقيا (مليلة وسبتة) وكذلك بموريتانيا كمستعمرة فرنسية، وفي عام 1957 ارسلت الحكومة
المغربية بعض وحدات جيش التحرير المغربي لقتال القوات الاسبانية والفرنسية
المتمركزة في (طرفايا) و (الساقية الحمراء) و(ريودو اورو) والجزء الشمالي من
موريتانيا بهدف تحرير هذه الاراضي من الاحتلال الاجنبي، وبفضل المساعدة التي
تلقاها جيش التحرير من القبائل الصحراوية تمكن من الحاق الهزائم بالقوات الاسبانية
التي اضطرت الى التراجع ونتيجة لهذه الخسائر وقعت اسبانيا اتفاقية مع فرنسا عام
1958 لتولي حملة مشتركة تقوم فيها اسبانيا بشن عملياتها العسكرية من طرفايا بينما
تتحرك فرنسا من شمال موريتانيا لتطويق جيش التحرير(8).
ان
لجوء اسبانيا الى عقد الاتفاق العسكري المشترك مع فرنسا عام 1958 يرجع الى مجموعة
من العوامل لعل ابرزها هو الخوف من قوة المغرب العربي الاسلامي ورغبة اوربا في جعل
المنطقة تعيش حالة عدم الاستقرار السياسي لملئ الفراغ وابقاء سيطرتها على المنطقة
وكذلك زيادة خسائر الاسبان بفعل عمليات جيش التحرير المغربي ومقاومة القبائل
المحلية.
لقد
استخدم شعب الصحراء ومعه المغرب اساليب شتى في مقاومة الاحتلال الاسباني ابتدأ من
الاسلوب الدبلوماسي وصولاً الى الاسلوب العسكري الذي تبنته في النهاية حركة
البوليساريو التي عارضت كلاً من الاستعمار الاسباني وادعاءات المغرب بحقها في الصحراء، واكدت على تحقيق الاستقلال
للصحراء الغربية، وبعد ان كانت كل الاطراف تحارب اسبانيا من اجل تحرير الصحراء،
تحولوا الى خصوم واعداء اذ اصبحت المغرب في حالة صراع مع الجزائر وموريتانيا وحركة
البوليساريو.
ان
اتفاقية مدريد عام 1957 وطرح المشكلة اما الامم المتحدة عام 1962 لم تحقق الحل ولم
تحظى الصحراء بالاهتمام الدولي المطلوب الا في العام 1974 عندما اتخذت الجمعية
العامة للامم المتحدة قرارها الذي نص على حق شعب الصحراء في الاستقلال
وتقرير المصير وهو القرار الذي اغضب المغرب وافرح البوليساريو وحلفائها، وانسحبت
المغرب من عضوية منظمة الوحدة الافريقية احتجاجاً على قبول البوليساريو عضواً
مراقباً فيها. وانطلاقاً من مطالبة المغرب بالصحراء كجزء من الترب المغربي واستناداً الى ان منطقة
الصحراء لم تعرف الحكم المنظم والتنظيم السياسي من الناحية التاريخية والتنظيمية
الا في اطار الدولة المغربية.
واقترحت
الجمعية العامة للامم المتحدة اجراء
استفتاء للسكان لتقرير المصير وعينت جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكي الاسبق للاشراف على
الاستفتاء الذي لم يتم لحد الان بسبب عدم اتفاق اطراف النزاع (المغرب
والبوليساريو) حول عدد السكان وتبعيتهم.
لقد
ظلت مشكلة الصحراء إحدى
المشكلات السياسية في عالم اليوم التي تنتظر الحل والتي تنفرد بميزة تعدد الاطراف
المباشرة فيها وهي الجزائر والمغرب وموريتانيا وحركة البوليساريو واسبانيا وكل طرف
يدعي أحقيته
في هذه المنطقة.
3-
البعد الديموغرافي والاثنوغرافي
لاتوجد
في الصحراء معلومات دقيقة عن عدد السكان، وتختلف اطراف النزاع في تقدير اعداد
السكان الذين معظمهم من القبائل العربية، حيث تدعي المغرب ان عدد السكان لايزيد على 750 الف نسمة واكثر
من مليون نسمة،
كما تدعي البوليساريو في حين ان السلطات الاسبانية تقلل من عدد السكان الى 50 الف نسمة منهم 1800 اوربي و
22 الف جندي اسباني(9). وهناك اعداد من السكان المنفيين خارج الصحراء
وعدد آخر استقر في (تندوف) الجزائرية وفي موريتانيا، وهذه الحالة هي السبب في عدم
اجراء الاستفتاء المزمع، فالمغرب يطالب بأن يشمل الاستفتاء حصراً السكان الموجودين
فعلاً في الصحراء بينما تطلب البوليساريو ان يشمل الاستفتاء السكان ذوي الاصل
الصحراوي المقيمين خارج الصحراء، وتتباين رغبة السكان في الانضواء تحت كل من
المغرب او موريتانيا او الاستقلال.
ان
العناصر المكونة لسكان الصحراء هي نفسها المكونة لسكان المغرب وموريتانيا وهي في
معظمها من العرب ويشكلون 17 قبيلة تتحدث اللغة الحسانية وهي لهجة اقرب الى العربية
الفصحى وتمثل احدى اللهجات المحلية السائدة في شمال افريقيا. كما يوجد البربر
باعداد قليلة في الاجزاء الشرقية من الصحراء اضافة الى العديد من العناصر الزنجية
التي تسكن حوض السنغال. ويدين اغلبية السكان بالدين الاسلامي، وتوجد اقلية اسبانية
تدين بالمسيحية
الكاثوليكية. وبسبب وجود المدارس التي اقامها الاسبان فأن هناك اعداداً من السكان
من غير الاسبان يتكلمون اللغة الاسبانية(10).
4-
البعد الاقتصادي
تمثل
الموارد الاقتصادية حجر الزاوية في اسباب النزاع بين الدول نظراً لاعتبارات تجعل
ميزان القوة يكون لصالح من يسيطر عليها ويحسن استغلالها واستخدمها، وان تمسك
اسبانيا بالصحراء يعود الى التنافس الاقتصادي بين الدول الاوربية وبصورة خاصة
فرنسا حول مخزون الثروات المعدنية والنفطية خصوصاً في مرحلة الخمسينيات حيث
اكتسب الاستعمار بعداً اقتصادياً. كما ان المياه الاقليمية الضحلة جعلت من سواحلها
غنية بالثروة السمكية التي يمكن ان تلعب دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية
والاجتماعية في المستقبل.
وتتوفر
في اقليم الصحراء عدداً من الموارد الطبيعية كانت السبب في استمرار المشكلة
ودخولها احياناً النزاع المسلح واهم هذه المعادن:
أ- الفوسفات: تشتهر الصحراء بوجود كميات
كبيرة من الفوسفات في منطقة (بوكراع) ويبلغ الحجم الاحتياطي منه 1.6 الف مليون طن
وتبلغ نسبة نقاوته 31% وهي اعلى نسبة في العالم ويظهر بشكل طبيعي على سطح الارض،
واستغلت الفوسفات بشكل تجاري عام 1964
والذي يصدر كمادة خام عن طريق مدينة (العيون) اكبر مدن الصحراء الواقعة على
ساحل الاطلسي والتي تبعد عن منطقة بوكراع حوالي 100 كم (انظر الخارطة) ومنحت
الحكومة الاسبانية عام 1967 امتيازاً لشركات اسبانية واخرى متعددة الجنسيات
لاستثمار الفوسفات. ويعد المغرب ثالث منتج للفوسفات في العالم واول مصدر له بعد
تدخله في الصحراء عام 1976 حيث بلغ انتاجه اكثر من 36 مليون طن عام 1977(11).
ب- الحديد: يبلغ حجم الاحتياطي من الحديد
في الصحراء الغربية اكثر من 700 مليون طن وتوجد مناجمه في ذميلة وغراسة وتبلغ نسبة
الخامات في التربة 65% وهي نسبة عالية، ويعتقد بأن هناك امكانية لرفع كمية الحديد
المستخرج الى اكثر من 800 مليون طن(12).
ج- النفط: بدأ التنقيب عن النفط في
الصحراء عام 1961 من قبل الشركات الاوربية وبتشجيع من اسبانيا إذ عملت على رفع القيود
الاقتصادية وتشريع القوانين التي تشجع على الاستثمارات ورأس المال في التنقيب عن
النفط وحصلت تسع شركات امريكية وثلاثة اسبانية على امتياز اعمال البحث والتنقيب، وظهر النفط بكميات اقتصادية
في المنطقة البحرية عام 1969 وكذلك شمال مدينة العيون. وان ظهور الفوسفات بكميات
كبيرة وتزايد اهميته قد دفع تلك الشركات الى استغلال الفوسفات بدلاً من النفط ولم
تبقى منها سوى شركة نفط الخليج(13).
ثالثاً:
اطراف النزاع حول الصحراء الغربية
يدور
النزاع في الاقليم بين كل من المغرب والجزائر وموريتانيا واسبانيا وحركة
البوليساريو وهي الاطراف المباشرة. وهناك اطراف اخرى غير مباشرة تظهر مواقفها عبر
المنظمات الدولية والاقليمية ذات العلاقة بمشكلة الصحراء. وان لكل طرف من اطراف
النزاع مصالحه السياسية والاقتصادية ويقدم الاسباب والحجج التي تدعم مواقفه وفيما
يلي استعراض مواقف اطراف النزاع المباشرة:
1- المغرب: بعد حصول المغرب على استقلاله
عام 1956 وقع اتفاقية مع اسبانيا تقضي باحتفاظ الثانية بمواقعها في سبتة ومليلة
والجزر الجعفرية في الشمال ومواقع
ايفني وطرفايا والساقية الحمراء ووادي الذهب في الجنوب(14). ان هذه
الاتفاقية ابقت اكثر من نصف اراضي المغرب محتلة من قبل اسبانيا، ومن هنا بدأت
مشكلة الصحراء.
بدأت
المطالبة الوطنية بتحرير باقي الاراضي المغربية واتخذت هذه المطالبة اسلوباً
سلمياً ومن خلال الوسائل الدبلوماسية والممارسات الشعبية مثل المسيرة الخضراء وطرح
المشكلة في اجتماعات المنظمات الاقليمية والجامعة العربية. وكان هناك اجماع وطني
داخل المغرب والصحراء على ضرورة استقلال الصحراء كجزء من التراب المغربي وهذا ما
لاتريده اسبانيا حيث عملت على خلق الفرقة والفتنة من خلال تعيينها رموزاً صحراوية
لادارة الاقليم. وبموجب اتفاقية مدريد 1957 اكدت اسبانيا تخليها عن الصحراء واناطة
ادارتها الى ادارة مشتركة مؤقتة من قبل المغرب وموريتانيا وسكان الصحراء واحترام
الرأي الشعبي لسكان الصحراء مقابل احتفاظها بمواقع عسكرية وبعض التسهيلات وتغاضي
المغرب عن مطالبته بمنطقتي سبتة ومليلة.
وتنطلق
المغرب في مطالبتها بعائدية الصحراء الى التراب المغربي على الحجج التالية:
أ. من الناحية التاريخية: كانت الصحراء
عبر التاريخ تحت اشراف وسيطرة وتوجيه سلاطين المغرب، وهذه حقيقة اكدتها معظم
الدراسات التاريخية الغربية وحتى الاسبانية، وهي جزء من الاراضي المغربية وتشكل
امتداداً طبيعياً لها.
ب. من الناحية القانونية فأن جميع
المعاهدات الدولية بين المغرب والدول الاوربية من جهة وبين الدول الاستعمارية
الاوربية من جهة اخرى اكدت على مغربية الصحراء.
ج. من الناحية الادارية فأن تعيين القضاة
والقادة في الصحراء يتم من قبل السلاطين المغاربة الذين كانت لهم سلطة كاملة على
المنطقة.
د. من الناحية الاقتصادية والاجتماعية
فأن سكان الصحراء شاركوا خلال الاجيال
المتعاقبة في قيام حضارة مشتركة اكسبت المنطقة صفات اقتصادية واجتماعية واسعة
النطاق مع المناطق الشمالية(15).
ويمكن
القول ان موقف المغرب الرسمي والشعبي ينطلق من فكرة مغربية الصحراء التي تعني في
نظرهم وحدة التراب والاراضي المغربية.
2- الجزائر: لقد خاضت الجزائر والمغرب
نضالاً مشتركاً ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني ووقف المغرب الى جانب الجزائر في
كفاحها من اجل الاستقلال الذي نالته عام 1962. ولم يثر المغرب مسألة الحدود مع
الجزائر بعد الاستقلال. الا ان مشكلة الحدود بين البلدين اخذت تتأثر بين فترة
واخرى.
تنطلق
الجزائر في موقفها من الصحراء من وجهة نظر سياسية وايديولوجية كما عبر عن ذلك
البيان الصادر من جبهة التحرير الوطني الجزائرية في كانون الاول عام 1975 والذي
اكد على مساندة حركات التحرر ويرى ان النضال في الصحراء هو بين التقدمية والاقطاع
بين جبهة البوليساريو (التي تدعمها الجزائر) وبين كل من المغرب وموريتانيا وان حل
هذه المشكلة لايمكن ان يحصل الا بحصول شعب الصحراء على استقلاله(16).
ويخفي الموقف السياسي الجزائري تجاه الصحراء بعداً اقتصادياً يتمثل في كون الصحراء
منطقة غنية بالفوسفات وهي مع المخزون المغربي تشكل اكثر من ثلثي الاحتياطي العالمي
من الفوسفات فضلاً عن رغبة الجزائر في الحصول على ممر عبر الصحراء لنقل الحديد من
تندوف الى المحيط الاطلسي حيث لاتزيد المسافة عبر هذا الممر على 400 كم في حين
تكون المسافة اكثر من 1600 كم على سواحل البحر المتوسط. ولذلك فأن وجود خامات
الحديد في تندوف واحتمال اكتشاف النفط فيها يشكلان واحدة من اهتمامات الجزائر
بقضية الصحراء لانها تريد ومن خلال البوليساريو الموالية لها ضمان الحصول على ذلك
الممر الى تندوف التي ضمتها الى الاراضي الجزائرية وخاضت بسببها نزاعاً عسكرياً مع
المغرب عام 1963(17).
3- موريتانيا: يقوم موقف موريتانيا من
النزاع حول الصحراء على مبدأ المحافظة على حدودها وضمان استقرارها الداخلي فهي
تتخوف دائماً من الحق التاريخي للمغرب في الصحراء الذي تمثل موريتانيا جزءاً منها
ودفعها هذا التخوف احياناً الى التحالف مع الجزائر وبالمقابل دفع الجزائر الى
الاعتراف بحق
موريتانيا بالاقليم الصحراوي وبالذات في وادي الذهب حيث تؤكد موريتانيا على ان
العلاقات العرقية والثقافية قوية بين القبائل الجنوبية الصحراوية والشعب
الموريتاني.
لقد
خرجت موريتانيا من الصراع من الناحية العملية والرسمية بعد ان عقدت اتفاقية
الجزائر مع حركة البوليساريو عام 1979 والتي تم بموجبها انهاء حالة الحرب بينهما
وانسحاب موريتانيا من وادي الذهب وتسليمه الى الصحراويين(18).
4- البوليساريو: ظهرت الحركة الوطنية في
الصحراء في فترات متباعدة وهي تمثل نضال شعب الصحراء وآماله في تحقيق الاستقلال
والتخلص من السيطرة الفرنسية –الاسبانية. وكانت هذه الحركة جزءاً لايتجزأ من
الحركة الوطنية المغربية التي قادت الى استقلال المغرب عام 1956. وبعد ذلك تحولت
الصحراء الى قضية نزاع مغربي-اسباني، ولذلك كونت المغرب (جبهة التحرير والاتحاد)
لتحرير الصحراء اولاً ومن ثم ضمها الى المغرب، واتخذت من الوسائل السلمية وسيلة
لذلك من خلال اثارة القضية في المحافل الدولية وتحولت في عام 1967 الى اعتماد
اسلوب الكفاح المسلح لتحقيق الاستقلال والتحرر من السيطرة الاستعمارية(19).
لقد
حصلت انشقاقات داخل الحركة الوطنية الصحراوية تدعمها اطراف وتحالفات اقليمية حيث
ولدت حركة البوليساريو عام 1973 بدعم من الجزائر وليبيا واستطاعت ان تصبح التنظيم
الوحيد والممثل الشرعي لشعب الصحراء وقامت بعمليات عسكرية واسعة ضد المواقع
العسكرية المغربية، وتطالب الحركة بحصول الصحراء على الاستقلال التام كدولة وتحظى
بدعم سياسي وعسكري من قبل الجزائر وقد حصلت على موقع عضو مراقب في منظمة الوحدة
الافريقية.
وبفعل
المتغيرات التي حصلت في الساحة الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق
واضطراب الوضع الامني والاقتصادي في الجزائر تراجع خط الحركة سياسياً واتجهت نحو
القبول بمبدأ الاستفتاء الذي قررت الامم المتحدة اجراءه، ولغرض تحريك مسار المشكلة
التي اصبحت بعيداً عن الاضواء والاهتمام الدولي وتأكيداً لحسن النوايا اطلقت
الحركة سراح 245 اسيراً مغربياً كانوا قد اسروا من قبل مقاتلي الحركة عام 975.
وبهذا يكون مجموع الاسرى المطلق سراحهم منذ عام 1975 وحتى آب 2003 اكثر من 1435
اسيراً(20).
5- اسبانيا: منذ احتلالها للسواحل
الصحراوية عام 1882 حاولت اسبانيا ضم الصحراء اليها كما هو الحال بالنسبة الى سبتة
ومليلة واتبعت لتحقيق ذلك اساليب عديدة منها منح شعب الصحراء الجنسية الاسبانية
وفتح باب الهجرة امام الاوربيين الى منطقة العيون. ويعود تمسك اسبانيا بالصحراء
الى الاسباب التالية(21):
أ- التنافس الحاد بين الدول الاستعمارية
على المستعمرات
والذي نتج عنه تقسيم العالم الى مناطق نفوذ فكانت المغرب من نصيب فرنسا والمناطق
الواقعة جنوبها من حصة اسبانيا.
ب- ضمان حصول اسبانيا على مواقع عسكرية
مهمة تعزز سيطرتها وانتشارها على الاراضي المغربية.
ج- المشاكل الداخلية التي كانت تعيشها
اسبانيا والاضطرابات ايام حكم الدكتاتور فرانكو والصراع مع قوى اليسار ومحاولة
تصدير هذه المشاكل الى خارج البلاد.
د- تضارب مصالح القوى الاوربية واهمية
الموقع الجغرافي للمنطقة وتصارع القوى الداخلية عزز من التواجد الاوربي في شمال
غرب افريقيا من خلال العديد من الاتفاقيات.
رابعاً:
الصحراء الغربية ومستقبل الامن القومي العربي
من
الطبيعي ان يكون لاية مشكلة داخلية ذات ابعاد سياسية عديدة اثاراً هامة على الامن
الوطني للدولة والامن القومي للامة. ويظهر ذلك الاثر بشكل خاص لدول الجوار التي
تعاني من صراعات ايديولوجية وخلافات حدودية ومصالح متضاربة تغذيها المؤثرات
الخارجية بدوافع مختلفة.
وينطبق
هذا الوصف على مشكلة الصحراء الغربية بكل تأثيراتها السياسية والاقتصادية على
الامن الوطني للمغرب في ظل صعوبة ايجاد الارضية المشتركة التي تكون مدخلاً للتقريب
بين مواقف الاطراف المباشرة في النزاع.
ان
الامن القومي العربي يستهدف حماية الكيان العربي في مواجهة مايهدده من اخطار
وتحديات ويستلزم تعبئة وتطوير قدرات الامة البشرية والاقتصادية والعسكرية لتحقيق
التكامل القومي والتنمية الاقتصادية. وتمثل حالة الاستقرار عنصراً اساسياً من
عناصر الامن الوطني والقومي لانه يجعل المنطقة بعيدة عن التأثيرات الخارجية
وتفاعلاتها(22).
ان
المغرب وامتداده الجنوبي (منطقة
الصحراء الغربية) يعد ذات اهمية جيو-ستراتيجية لاطلالها بواجهة عريضة على المحيط
الاطلسي والبحر المتوسط ومتحكمة بمدخله الغربي (مضيق جبل طارق)، وهذا بحد ذاته
يشكل اهمية جيوبولتيكية نادرة في الحسابات الدولية ولذلك ارتبط المغرب بروابط
اقتصادية وسياسية وعسكرية وثيقة مع دول الجوار الاوروبي. واذا كان الساحل المغربي
هو ارض العبور التي قفز منها العرب الى الاندلس لنشر الدين الاسلامي والثقافة
العربية في اوربا، فأنه اليوم نفس المكان الذي يواجه فيه المغرب الغرب
الاورو-امريكي.
ان
موقع الصحراء البحري له اهمية كبيرة يمكن توظيفها لتعزيز الامن القومي فالعنصر
الجيوبولتيكي الذي يتمثل بالمساحة الجغرافية وماتحتويه من موارد اقتصادية
وتنوع مناخي وتداخل ثقافي وتكامل سكاني
يوفر مزايا كثيرة للامن سواء كانت اقتصادية او عسكرية.
وتشكل
دول الجوار غير العربية تهديداً يستهدف الامن العربي بشكل عام والمغرب بشكل خاص من
خلال اعتمادها على ستراتيجية التوسع والاحتلال بحكم المشاكل الحدودية الموجودة
ومنها مشكلة الصحراء وسبتة ومليلة وحقوق الصيد البحري، وانعكست حالة الاختلاف بين
اطراف النزاع على الموقف العربي الرسمي الذي لم يتفق على آلية مناسبة لحل المشكلة. وهذا الاختلاف فسح
المجال اما التجاذبات الدولية الخارجية ان تفعل فعلها في ابقاء حالة عدم الاستقرار
الذي هو احد عوامل تهديد الامن القومي ويبرز تهديد آخر يتمثل في ظهور قوميات واعدة
تحمل في ثناياها عملية رسم حدود نفسية وسياسية وآيديولوجية كالبربر والزنوج
السنغال لتصفية وحدة المغرب العربي.
ان
قضية الصحراء ليست عملية استقلال صحراوي عن المغرب وانما هي عملية يقصد بها
الابقاء على حالة الاختلاف والتجزئة وتكريس حالة الخوف على الكيانات القائمة
فالمغرب تخاف على كيانها
وشخصيتها كدولة ملكية. والجزائر تخشى من تنامي التيار الاسلامي وموريتانيا تتخوف
من التيار القومي الذي يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.
لقد
حصلت مجموعة من المتغيرات على الساحة الدولية تركت آثارها المباشرة ليس على مشكلة
الصحراء فقط وانما على العديد من المشكلات ذات المساس بالامن القومي كالقضية
الفلسطينية ومشاكل اخرى عالمية مثل مشكلة كشمير والبوسنة وكوسوفا وغيرها وابرز هذه
المتغيرات هي:
1- انهيار الاتحاد السوفيتي السابق حيث
ترك هذا الانهيار الذي حصل في 24/12/1991 وتربع الولايات المتحدة زعامة العالم
اثاره على مواقف الاطراف المباشرة في النزاع وخاصة الجزائر وليبيا الحليفان الستراتيجيان للاتحاد
السوفيتي واللذان تربطهما معه اتفاقيات تعان سياسية واقتصادية، اذ دفع هذا
الانهيار بالبلدين الى تبني سياسة اخرى اقرب الى الحياد والابتعاد عن دعم حركة
البوليساريو وفي نفس الوقت فأن هذه الظروف قد عززت من مواقف المغرب الحليف
التقليدي للولايات المتحدة. المطالبة بضم الصحراء الى اراضيها من خلال اللقاءات
والمحافل الدولية.
هذا
من جهة ومن جهة اخرى فأن الحظر الذي فرضه مجلس الامن على ليبيا لاتهامها باسقاط
طائرة بان امريكان فوق لوكربي الاسكتلندية عام 1988 قد دفع ليبيا الى الابتعاد عن
الشعارات الثورية وتبني مواقف معتدلة من مشكلة الصحراء وفك تحالفها مع الجزائر في
دعم حركة البوليساريو المطالبة باستقلال الصحراء.
وفي
الجانب الاخر فأن المتغيرات الداخلية التي حصلت في الجزائر والمتمثلة بتنامي
التيار الاسلامي المتطرف وقيامه باعمال تستهدف الامن الوطني الجزائري وكذلك الازمة
الاقتصادية الخانقة وتزايد معدلات البطالة ابعدت الجزائر في التركيز على مشكلة
الصحراء ولم تعد تحظى بالاولوية في سلم اهتماماتها الداخلية والخارجية كما كانت في
السابق ايام القطبية الثنائية. وفي محاولة منها لاضفاء بعداً اقليمياً لمشكلة
الاضطراب الامني الداخلي الذي تعاني منه وجهت اصابع الاتهام الى جارتها وعدوتها التقليدية
المغرب واتهمتها بدعم الحركات الاسلامية الاصولية.
2- احداث 11 ايلول 2001 في الولايات
المتحدة : لقد كان للاعمال الارهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة اثارها
الخطيرة ليس على الامن العربي وانما على الامن في العالم ايضاً، اذ اكتسب موضوع
مكافحة الارهاب صفة شرعية دولية عندما تبنى مجلس الامن الدولي قراراً بهذا الخصوص.
وطالبت الولايات المتحدة من دول العالم ان تتبنى موقفاً واضحاً من هذا الموضوع
فأما ان تكون مع الارهاب او ضده وليس هناك موقفاً محايداً ولذلك سارعت الدول
المغاربية وبالذات الجزائر والمغرب الى اتخاذ الاجراءات والمواقف التي ترضي
الولايات المتحدة في حملتها لمكافحة الارهاب. وعكست هذه المواقف تناقض وتقاطع
مصالحهما وتوجهاتهما فالجزائر ذات التاريخ الطويل في النضال ضد الاستعمار وذات
الخط الاقتصادي الاشتراكي تبنت مجموعة من الاجراءات الاصلاحية مثل التحول نحو
الخصخصة وتشجيع الاستثمار الاجنبي والقيام بحملة ضد الحركات الاصولية التي عانت من
اعمالها الارهابية وسحبت يدها من دعم حركة البوليساريو كي لا تتهم بدعم الارهاب.
ونفس
المواقف اتخذها المغرب
ان لم تكن اكثر وكأن هناك تنافساً بين البلدين لارضاء الولايات المتحدة، ونتيجة لهذه الاجراءات
والمواقف داخلياً فقد حصلت مجموعة من التفجيرات استهدفت المصالح الامريكية واليهود
في الدار البيضاء في المغرب وفي جزيرة جربة التونسية وردت الولايات المتحدة الجميل الى المغرب عندما تدخلت
وطلبت من اسبانيا بسحب قواتها التي احتلت مؤقتاً جزيرة ليلى خريف عام 2002. وزادت
المغرب من مواقفها المؤيدة للولايات المتحدة عندما استقبلت وزير الخارجية
الاسرائيلي في آب عام 2003 وهي الدولة الاسلامية التي ترأس لجنة القدس.
وفي
المقابل فأن ليبيا وامام
الضغوط الامريكية والاوربية واتهامها بدعم الارهاب اضطرت الى تسليم الليبيين
المتهمين باسقاط الطائرة الامريكية الى القضاء الاسكتلندي وقدمت التعويضات لضحايا
الطائرة وقدمت طلباً للانسحاب من الجامعة العربية.
واقدمت
موريتانيا ورغبة منها في كسب ود الولايات المتحدة ومساعدتها اقدمت
على اقامة
علاقات دبلوماسية مع العدو التقليدي للعرب وهي اسرائيل مع انها ليست من دول المواجهة وكذلك قطع علاقتها
الدبلوماسية مع العراق.
وازاء
هذه المواقف والمتغيرات كان لابد لحركة البوليساريو التي اصبحت في موقف لاتحسد
عليه اضطرت الى التراجع عن مواقفها المبدئية الداعية الى استقلال الصحراء، ولكي
لاتشملها قائمة الارهاب قبلت بمبدأ الاستفتاء لسكان الصحراء وقامت باطلاق مجموعة
من الاسرى المغاربة كبادرة حسن نية ولابعاد صفة الارهاب عن نشاطاتها وفعالياتها
العسكرية والسياسية.
الخاتمة
يتضح
مما تقدم بأن المتغيرات الدولية والاقليمية زادت من تفاقم حدة التنافس والانقسام
بين اقطار المغرب العربي وهي الاطراف المباشرة في النزاع حول الصحراء وعدم اتفاقها
على ثوابت مشتركة تبعد الاقليم عن الاستقطاب الدولي.
ويمكن
تحديد ماتثيره مشكلة الصحراء من مخاطر على الامن القومي للمغرب العربي
بعدة محاور
اولها محور التمسك الوطني الداخلي والذي يرتبط بموقع المملكة المغربية المحلي
والاقليمي والدولي وطبيعة العلاقة السائدة بين الدول خصوصاً دول الجوار، وان
المطالبة باستقلال الصحراء عن المغرب سيعمل على خرق الامن القومي المغاربي في احدى
بواباته والدفع باتجاه التجزئة وتفتيت التراب الوطني وما لهذا التوجه من اثار
سلبية على الامة العربية .
ان
الابقاء على الصحراء كجزء من التراب الغربي وهو واقع حال الصحراء قبل استقلال
المغرب بمثل تعزيزاً للامن القومي ووحدة الامة العربية بوجه التجزئة والتواجد
الاستعماري التي تعمل القوة الدولية في المنطقة وخاصة اسبانيا على تكريسها.
ان
قضايا العرب القومية هي قضايا مترابطة مع بعضها سواء كانت في مغرب الوطن العربي او
في مشرقه، وان التوجه نحو الاندماج والتكامل الاقتصادي والتوحد الجغرافي والحضاري يحفظ
الاستقرار ويعززه في المنطقة وبالتالي ابقاء حالة الامن القومي العربي في موقعها
الصحيح وبالشكل
الذي يضمن تحقيق المصالح العربية العليا.
مصادر
البحث
1-
على الشامي، الصحراء الغربية عقدة
التجزئة في العالم العربي، بيروت، ط1، 1980، ص7.
2-
ابراهيم ولد الشريف، العلاقات الجزائرية
المغربية، رسالة ماجستير، الجامعة المستنصرية، كلية التربية، بغداد، 1998، ص7.
3-
صلاح الدين حافظ، حرب البوليساريو، دار
الوحدة، بيروت، 1981، ص281.
4-
جهاد عودة، الاطار الدولي والاقليمي
لمشكلة الصحراء الغربية، القاهرة، 1987، ص3.
5-
هادي احمد مخلف، المقومات الجيوستراتيجية
للوطن العربي، مجلة آفاق عربية، ع5، بغداد، 1985، ص115.
6-
جهاد عودة، مصدر سابق، ص15.
7-
مجلة العلوم الاجتماعية، عدد خاص عن
المغرب، المغرب، 1996، ص23.
8-
جلال يحيى وزملائه، مسألة الحدود
المغربية-الجزائرية، القاهرة، 1981، ص517.
9-
عبد الوهاب بن منصور، قبائل المغرب،
الرباط، 1993، ص1-5.
10-
نفس المصدر، ص15.
11-
جهاد عودة، مصدر سابق، ص12.
12-
صلاح الدين حافظ، مصدر سابق، ص71.
13-
على الشامي، مصدر سابق، ص16.
14-
عبد الله هداية، مشكلة الصحراء الغربية،
المجلة المصرية للقانون الدولي، ع5، 1979، ص125.
15-
جهاد عودة، مصدر سابق، ص20.
16-
مجلة العلوم الاجتماعية، مصدر سابق، ص50.
17-
عبد الله هداية، مصدر سابق، ص32.
18-
ليلى خليل بديع، اضواء وملامح من الساقية
الحمراء ووادي الذهب، بيروت، 1997، ص21-22.
19-
مصطفى الكتاب، النزاع على الصحراء
الغربية، دمشق، 1998، ص8.
20-
متابعات اخبارية.
21-
محمد عايد الجابري، وحدة المغرب العربي، مركز دراسات الوحدة
العربية، بيروت، 1987، ص20-24.
22-
مازن اسماعيل الرمضاني، الصراع الدولي في
افريقيا والامن القومي العربي مجلة الامن والجماهير، ع12، بغداد، 1985، ص152.
0 التعليقات:
إرسال تعليق