بينما الحرب مشتعلة والأجواء ملتهبة بالولاية التاريخية الثالثة، وانطلاق عملية المنظار للجيش الفرنسي بالقبائل الكبرى، وبعد أشهر عن
استشهاد العقيدين عميروش وسي الحواس بجبل ثامر (المسيلة)، نزل الجنرال ديغول، "ضيفا ثقيلا"، استقبله أهالي زمورة وضواحيها بالإكراه والقوة، ذات جمعة 28 أوت 1959، قادما على متن طائرة مروحية عسكرية (banane)، حيث حطت به في منطقة ڤرياسين، ومنها استقل مروحية صغيرة (alouette ll) ليصل حيث الحشود المغلوب على أمرها تنتظر قدومه بأرض "الثنية الحمراء" التي تحتضن اليوم مقبرة الشهداء.
وتذكر التقارير الفرنسية وبعض المقالات المرتبطة بملف الزيارة عموما - التي قادت ديغول، في نفس الرحلة إلى سعيدة والأصنام ومتيجة وجبال المعاضيد وتبسة وتيزي وزو وتلاغمة وبرج بوعريريج- أن منقذ فرنسا من مخالب النازية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية، ارتأى زيارة المناطق الأكثر حساسية أمنيا، منها منطقة زمورة، ملقيا خطابا على جنرالاته وضباطه الذين التفوا حوله: "أنتم هنا من أجل فرنسا... أقدر مجهوداتكم الجبارة والمستحقة، كما أدرك كل التحديات الصعبة التي مررتم ومازلتم تمرون بها... لهذا سنضع السلام".
وفي خطابه للأهالي الذين جيء بهم من كل حدب وصوب، قال: "إنني أسعى لتعميم مشروع السلم (سلم الشجعان)، وقريبا ستختارون مصيركم بأيديكم من أجل حياة جديدة أفضل".
بعد اجتماعه بضباطه وخطابه إليهم، وقبله خطابه للحشود الحاضرة، طلب الجنرال ديغول ملاقاة رئيس بلدية زمورة، شروك مدني، وجها لوجه وعلى انفراد تحت خيمة عسكرية نصّبت ليستريح الجنرال تحتها.
لم يكن الحوار (السري) بين ديغول وشروك عاديا، بل شكل ما يشبه "زلزالا" في منظور مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، للحرب في الجزائر، خاصة وأن رئيس البلدية عرف بشجاعته وجرأته، كما قيل عنه الكثير بشأن مساعدته للمجاهدين والمسبلين قبل وأثناء إدارته شؤون البلدية، تحت إشراف الفرقة الإدارية المتخصصة (sas).
وحسب أحد أقرباء أول رئيس بلدية في تاريخ زمورة، أن "المير" روى لهم بالتفصيل أسرار لقائه بديغول وما جرى بينهما من حديث. ومن جملة ما كان من حديث بينهما في المقابلة التاريخية السرية، أن الجنرال الفرنسي سأل "المير": "ماذا يريد الشعب هنا يا ترى؟"، فرد شروك: "السلم والخبز أيها الجنرال؟"، فأضاف الجنرال: "كلنا نبحث عن السلم، فأي سلم تريدون؟"، صمت "المير" وخشي مصارحة الجنرال بما يضمره في نفسه، وبدت على ملامح وجهه علامات الارتباك والحرج (رغم جرأته وشجاعته)، كيف لا وهو يقابل زعيما عالميا يشهد له العالم بفضله على فرنسا وأوروبا. ولما رأى ديغول ما أحدثه سؤاله من ارتباك لدى "المير"، طمأنه: "أجب عن سؤالي بنيّ ولا تخشى شيئا، لأنني أريد معرفة ما تفكرون به وما ترغبونه".. فرد شروك بكل ثقة: "نريد الاستقلال يا جنرال... نريد أن نكون أحرارا في قراراتنا وأن نعيش في سلام على أرضنا...".
لم يصدق ديغول ما سمعه من رئيس البلدية وأحدث ذلك زلزالا في فكره، ونهجه المتبع في "الجزائر فرنسية"، غير أنه أقر لـ "المير" بأنه سيغيّر سياسته في الجزائر، وبأنه لا مناص من أن يدع الجزائريين يختارون مصيرهم بأيديهم.
وبعد عودة الجنرال إلى باريس، وبتاريخ 16 سبتمبر 1959 أطل في خطاب تلفزيوني (روّع بعض الجنرالات والمعمرين بالجزائر) ليقر بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وهو ما أطلق عليه بخطاب تقرير المصير.
استشهاد العقيدين عميروش وسي الحواس بجبل ثامر (المسيلة)، نزل الجنرال ديغول، "ضيفا ثقيلا"، استقبله أهالي زمورة وضواحيها بالإكراه والقوة، ذات جمعة 28 أوت 1959، قادما على متن طائرة مروحية عسكرية (banane)، حيث حطت به في منطقة ڤرياسين، ومنها استقل مروحية صغيرة (alouette ll) ليصل حيث الحشود المغلوب على أمرها تنتظر قدومه بأرض "الثنية الحمراء" التي تحتضن اليوم مقبرة الشهداء.
وتذكر التقارير الفرنسية وبعض المقالات المرتبطة بملف الزيارة عموما - التي قادت ديغول، في نفس الرحلة إلى سعيدة والأصنام ومتيجة وجبال المعاضيد وتبسة وتيزي وزو وتلاغمة وبرج بوعريريج- أن منقذ فرنسا من مخالب النازية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية، ارتأى زيارة المناطق الأكثر حساسية أمنيا، منها منطقة زمورة، ملقيا خطابا على جنرالاته وضباطه الذين التفوا حوله: "أنتم هنا من أجل فرنسا... أقدر مجهوداتكم الجبارة والمستحقة، كما أدرك كل التحديات الصعبة التي مررتم ومازلتم تمرون بها... لهذا سنضع السلام".
وفي خطابه للأهالي الذين جيء بهم من كل حدب وصوب، قال: "إنني أسعى لتعميم مشروع السلم (سلم الشجعان)، وقريبا ستختارون مصيركم بأيديكم من أجل حياة جديدة أفضل".
بعد اجتماعه بضباطه وخطابه إليهم، وقبله خطابه للحشود الحاضرة، طلب الجنرال ديغول ملاقاة رئيس بلدية زمورة، شروك مدني، وجها لوجه وعلى انفراد تحت خيمة عسكرية نصّبت ليستريح الجنرال تحتها.
لم يكن الحوار (السري) بين ديغول وشروك عاديا، بل شكل ما يشبه "زلزالا" في منظور مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، للحرب في الجزائر، خاصة وأن رئيس البلدية عرف بشجاعته وجرأته، كما قيل عنه الكثير بشأن مساعدته للمجاهدين والمسبلين قبل وأثناء إدارته شؤون البلدية، تحت إشراف الفرقة الإدارية المتخصصة (sas).
وحسب أحد أقرباء أول رئيس بلدية في تاريخ زمورة، أن "المير" روى لهم بالتفصيل أسرار لقائه بديغول وما جرى بينهما من حديث. ومن جملة ما كان من حديث بينهما في المقابلة التاريخية السرية، أن الجنرال الفرنسي سأل "المير": "ماذا يريد الشعب هنا يا ترى؟"، فرد شروك: "السلم والخبز أيها الجنرال؟"، فأضاف الجنرال: "كلنا نبحث عن السلم، فأي سلم تريدون؟"، صمت "المير" وخشي مصارحة الجنرال بما يضمره في نفسه، وبدت على ملامح وجهه علامات الارتباك والحرج (رغم جرأته وشجاعته)، كيف لا وهو يقابل زعيما عالميا يشهد له العالم بفضله على فرنسا وأوروبا. ولما رأى ديغول ما أحدثه سؤاله من ارتباك لدى "المير"، طمأنه: "أجب عن سؤالي بنيّ ولا تخشى شيئا، لأنني أريد معرفة ما تفكرون به وما ترغبونه".. فرد شروك بكل ثقة: "نريد الاستقلال يا جنرال... نريد أن نكون أحرارا في قراراتنا وأن نعيش في سلام على أرضنا...".
لم يصدق ديغول ما سمعه من رئيس البلدية وأحدث ذلك زلزالا في فكره، ونهجه المتبع في "الجزائر فرنسية"، غير أنه أقر لـ "المير" بأنه سيغيّر سياسته في الجزائر، وبأنه لا مناص من أن يدع الجزائريين يختارون مصيرهم بأيديهم.
وبعد عودة الجنرال إلى باريس، وبتاريخ 16 سبتمبر 1959 أطل في خطاب تلفزيوني (روّع بعض الجنرالات والمعمرين بالجزائر) ليقر بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وهو ما أطلق عليه بخطاب تقرير المصير.
0 التعليقات:
إرسال تعليق