الأستاذ المجاهد " البشير ناوي" رحمه الله تعالى
تلميذ ورفيق الشيخ محمد البشير الإبراهيمي بالقاهرة.
حاول قتلَ المعمِّر " برْجي" فساقته الأقدار إلى مُصاحبة شيخه بالقاهرة .
- توطئة:
عرفتُ
الفقيد "ناوي البشير" لأوّل مرّة حين عيّنتُ مُدرّسا بمدرسة لحسن الطاهر
بالشرارحة بلدية أولاد ابراهم في الموسم الدراسي (1988/1987)، وكان آنئذٍ
رئيسا للمجلس الشعبي البلدي لبلدية أولاد ابراهم مسقط رأس العلاّمة الشيخ
البشير الإبراهيمي طيّب الله ثراه، والشيء الذي لفتَ انتباهي طيلة معايشته
حَوليْن كاملين هو نشاطه الدؤوب، وحركيته منقطعة النظير، فقد كان يشرف
بنفسه على احتياجات المدارس الابتدائية التابعة لمقاطعته، إلى جانب وقاره
الآسر الذي جعل الجميع يحبّه ويحترمه.
حياته :
ولد
" سي البشير ناوي" بقرية سيدي عبد الله بلدية أولاد ابراهم ، وهي القرية
نفسها التي ولد فيها ملك البيان الشيخ الإبراهيمي، وكان ميلاده سنة 1930م
أي قبل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بسنة واحدة،
أبوه محمد وأمه مسعودة خلوي.
كان
أبوه من حفظة كتاب الله تعالى، إلى جانب اشتغاله بالفلاحة كعادة السّكان
في تلك الفترة. ولمّا بلغ والده سنّ الأربعين توفي إثرَ مرض عضال وبقي
الأولاد تحت رعاية أعمامهم حتى بلغوا سنّ الرّشد.
زاول
المرحوم دراسته بالكتاتيب المنتشرة في القرى ومنها جامع القرية الذي درّس
فيه الشيخ الإبراهيمي أطفال القرية قبل أن يهاجر إلى الحجاز .
وحين
أتمّ حفظ القرآن الكريم انتقل إلى الزوايا والكتاتيب لتدريسه وتحفيظه،
عملا بوصيّة الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى، فانتقل إلى "دوّار
عياض" حيث درّس هناك لفترة معيّنة، وما لبث أنْ توجّه إلى منطقة
"الخَرْبة" بعين ولمان ليزاول المهامَّ نفسها، إضافة إلى ممارسة مهنة
الفلاحة من أجل إعالة أفراد أسرته المتكونة من ستة أفراد ( 2ذكور و4
إناث).
انخرط في صفوف المنظمة
المدنية لجبهة التحرير الوطني، حيث كلّفه القادة السياسيون باغتيال المعمّر
"برْجي" ليتسنّى له الانخراط في جيش التحرير الوطني. وفعلا نفّذ هذه
العملية رغم ماتحمله من مخاطرَ جمّةٍ، لكنّ المعمِّر "برْجي" أصيب بجروح
طفيفة فقط ،لأنّ قطعة السلاح المقدّمة للفقيد كانت من النوع القديم.
بعد
فشل محاولة الاغتيال فرّ مُتخفيا حتى وصل إلى مركز القيادة بالنمامشة
بجبال الأوراس وهو في حالة خطيرة ، ومن هناك تمّ تجنيده في صفوف جيش
التحريرالوطني واعتُرِف له بالعضوية .
ونظرا
لخطورة إصابته حُوّل برفقة مجموعة من المجاهدين المصابين ضمن بعثة طلابية
إلى غاية الحدود التونسية ، وبعد تماثلهم للشفاء التحقوا بجامع الزيتونة
العريق لمزاولة دراستهم قصدَ إعدادهم معلّمين وأساتذة لفترة مابعد
الاستقلال، وهنا تتجلّى النظرة المستقبلية الاستشرافية لقادة الثورة
التحريرية الأبطال.
واصل "سي البشير
ناوي" رحلته عبر ليبيا إلى أن وصل القاهرة المحروسة، أين وجّه له المرحوم
الشيخ محمد البشير الإبراهيمي دعوة للإقامة بها، وفور وصوله ضمّه إلى صفوف
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، وبقي يزاول دراسته بالأزهر الشريف
لايفارق شيخه أينما حلّ وارتحل حتى استقلال الجزائر.
بعد
الاستقلال مباشرة عاد الفقيد إلى أرض الوطن لمواصلة إعداد الأجيال في
مدارس الجمعية ومنها مدارس التهذيب بسطيف وبرج بوعريريج ورأس الوادي.
سنة
1965م عُيّن مديرا لمدرسة التهذيب برأس الوادي التي لازالت تحمل الاسم
نفسه ، وهي تابعة حاليا لجمعية العلماء شعبة رأس الوادي، كما شغل منصب
مستشار تربويّ، ثمّ مديرا بمدرسة الطاهر خنفر بمسقط رأسه أولاد ابراهم .
وفي سنة 1985م تمّ انتخابه رئيسا للمجلس الشعبي البلدي لبلدية أولاد ابراهم التي عاش فيها ولها ، إلى غاية استفادته من التقاعد.
وفي
يوم 01 سبتمبر سنة 1990م انتقل" البشير ناوي" إلى الرفيق الأعلى بسطيف
بعدما ترك صفحات ناصعات ، ومآثر خالدات من العطاء والتضحية في سبيل الدّين
والوطن .
رحمه الله تعالى وألحقنا به في الصالحين .
المصدر: البشير بوكثير