تلخيص كان من طرف حاجي عبد النور:
الدعوة إلى تأسيس جمعية علماء المسلمين
وبناءا على رواية الإبراهيمي ، فإن ابن باديس قد زاره في سطيف ، سنة 1924، وأخبره بخطته في خلق جمعية للعلماء في قسنطينة ، تحت اسم "جمعية الإخاء العلمي". وأضاف ابن باديس إلى مضيفه، أن الجمعية ستوحد جهود العلماء الجزائريين و طلابهم، وإنها ستساعد على ربطهم جميعا ببرنامج مشترك . وقد شجع الإبراهيمي الفكرة. ثم عمل الرجلان على وضع خطة تتضمن الدستور ، ومكان الاجتماع ، والمديرين، بالإضافة إلى خطوات أخرى، لإعداد الاجتماع التأسيسي، وعاد ابن باديس إلى قسنطينة واستشار زملاءه ومساعديه، وعلى رأي الإبراهيمي لرحبوا بالفكرة وتبنوا الدستور المؤقت. ولكن ظروفا جديدة طرأت فأخرت المشروع ست سنوات.
الظروف والعوامل التي ساعدت على نشأت وظهور جمعية علماء :
1ـ الظروف التي نشأت فيها الجمعية :
ومن هذه الظروف نذكر ما يلي :
أولا– مرور قرن كامل على احتلال الفرنسي للجزائر، فقد نظم الفرنسيون احتفالات ضخمة في الذكري المئوية للاحتلال، استفزازا للأمة، وإظهارا للروح الصليبية الحاقدة التي يضمرونها للإسلام والمسلمين، حيث أن الفرنسيون قالوا: "إن احتفالنا اليوم ليس احتفالا بمرور مائة سنة على احتلالنا الجزائر. ولكنه احتفال بتشييع جنازة الإسلام فيها".
ثانيا– التحضير للمؤتمر الإسلامي الذي عقد في القدس برئاسة الحاج أمين الحسيني، في ديسمبر 1931م، الذي كان هدفه توحيد الصف الإسلامي بعد سقوط الخلافة الإسلامية. في تلك الظروف المفعمة بالتحديات، ظهرت جمعية علماء للوجود.
2ـ العوامل التي ساعدت على نشأة الجمعية:
ومن هذه العوامل نذكر ما يلي :
أولا- كان هناك تأثير الشيخ عبده (حركة الجامعة الإسلامية) ، ولاسيما فكرته عن الاجتهاد .
ثانيا- تأثير مجلة "المنار" وكتب المصلحين الدينيين ، مثل ابن تيمية ، وابن القيم ، والشوكاني (هؤلاء كلهم محل إعجاب الوهابيين أيضا) .
ثالثا - " الثورة التعليمية " التي أحدثها ابن باديس بعد عودته من تونس و المشرق
رابعا- الوقع النفسي للحرب على الجماهير الجزائرية ، الذي أدي إلى تدهور الاعتقادات الخرافية ، بالإضافة إلى تدهور المبادئ "المقدسة" في أعين هذه الجماهير .
خامسا- عودة بعض "أبناء الجزائر المخلصين المؤمنين " من الحجاز " منبت الإسلام ومركز النهضة الإصلاحية، وبعد أن تعلموا فكرة الإصلاح الناضجة
تأسيس جمعية علماء المسلمين( أعضائها / مبادئها ):
يوم الثلاثاء 17ذي الحجة عام 1349هـ الموافق للخامس من ماي 1931م، اجتمــع بنادي الترقّي بعاصمة الجزائر 72 من علماء القطر الجزائري. وغرض هذا التجمع هو تحقيق فكرة طالما فكّر فيها علماء القطر فرادي وهي تأسيس "جمعيــة العلمــاء المسلميــن". فقد سلكت الجمعية طريقة الاقتراح فألقي عليها اقتراح باختيار جماعة معينة ووقع الإجماع على اختيارها، وهذه أسماؤهم: الأساتذة: عبد الحميد بن باديس، محمد البشير الإبراهيمي، الطيب العقبي، محمد الأمين العمودي، مبارك الميلي، إبراهيم بيوض، المولود الحافظي، مولاي بن الشريف، الطيب المهاجي، السعيد اليجري، حسن الطرابلسي، عبد القادر القاسمي، محمد الفوضيل اليراتني،اجتمعت الهيئة الإدارية خاصة ما عدا الأستاذين ابن باديس و الطرابلسي الغائبين، فانتخب الأستاذ عبد الحميد بن باديس(رئيسا)، والأستاذ محمد البشير الإبراهيمي(نائبا للرئيس)، والأستاذ الأمين العمودي(أمين العام)، والطيب العقبي(الأمين العام المساعد)، والأستاذ مبارك الميلي(أمين المال)، والأستاذ إبراهيم بيوض(نائب أمين المال). وبقية الأساتذة المذكورين للعضوية و الاستشارة.
من مبادئهم نذكر منها: 1/الإسلام هو دين الله ودين الإنسانية قاطبة 2/القرآن هو كتاب الله 3/السنة الحقيقية هي تفسير القرآن 4/البدعة هي كل شكل من العبادة التي ليس لها أصل في السنة 5/محمد هو أفضل الخلق 6/التوحيد هو أساس الدين 7/الخلاص هو بالعمل الصالح وحده 8/المرابطية بدعة وهي تعني استغلال الإنسان وقتل العقل...الخ
القانون الداخلي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين: كان يتكون من:
1- نظام الجمعية وإدارتها: يعتبر هذا المبحث الفصل الأول في القانون الداخلي لجمعية العلماء، وكان يدرس الأعمال الإدارية وواجبات الأعضاء الإداريين وحقوقهم وواجبات الأعضاء العاملين وحقوقهم وكان هذا الفصل في القانون الداخلي يمتد من المادة1 إلى المادة 54.
2- لجنة العمل الدائمة:يعتبر هذا المبحث الفصل الثاني في القانون الداخلي لجمعية العلماء، وكان يتحدث عن اللجنة الدائمة ووظيفتها وأعضائها، وكان هذا الفصل في القانون الداخلي يمتد من المادة55 إلى المادة63
3- مقاصد الجمعية وغايتها وأعمالها: يعتبر هذا المبحث الفصل الثالث في القانون الداخلي لجمعية العلماء، وكان يتحدث عن قواعد العامة للجمعية، ومقاصدها الأساسية والثانوية، وبعض أعمالها التطبيقية، وكيفية تنفيذها والوسائل المساعدة في ذلك، وكان هذا الفصل في القانون الداخلي يمتد من المادة64 إلى المادة85.
4- في مالية الجمعية: يعتبر هذا المبحث الفصل الأول في القانون الداخلي لجمعية العلماء، وكان يتحدث مالية الجمعية في ما يخص مقاديــر الاشتراك و التبرعــات وكيفية جمع المـال وكيفية حفظه واستثمــاره ؟ وفي ماذا يصــرف ؟، و كان هذا الفصـل في القـانون الداخلــي يمتد من المــادة86 إلى المــادة87 .
أهداف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
أن الجمعيـة قـد أسسّت لهدفيـن شريفيـن، لهما في قلب كـل عربي مسلم بهذا الوطن مكانة لا تساويها مكانة، وهما إحياء مجد الـدين الإســلامي و إحياء مجد اللغـة العربية. وكما قال الإمام عبد الحميد ابن باديس مخاطبا هذا الشعب:"أيها الشعب المسلم الجزائري الكريم، تالله لن تكون مسلما إلا إذا حافظت على الإسلام ولن تحافظ على الإسلام إلا إذا فقهته، ولن تتفقه إلا إذا كان فيك من يفقهك فيه...". كما ذكر أيضا الدكتور عبد الكريم بوصفصاف في تلخيص أهدافها في هدفين رئيسين هما: فالأول: وهو آني ويتمثل في تنقية الإسلام مما علق به من شوائب والمحافظة على الثوابت وإحيائها. كاللّغة العربية والتاريخ القومي و الإسلامي، بالإضافة إلى بناء المدارس و المساجد ومحاربة الآفات الاجتماعية. عن طريق نشر الوعي وذلك بواسطة الدروس و الصحافة، وبصفة عامة الوقوف ضد محاولة مسخ الشخصية الوطنية الجزائرية والثانية: وهو البعيد المدى ويتمثل في استرجاع استقلال الجزائر، وتكوين دولة عربية إسلامية. واستنادا لما أورده السيد فرحات عباس، فإن جمعية العلماء كانت ذات مهمة شاملة حيث يقول : "حملت هذه الجمعية المباركة على عاتقها عبء نهضة الإسلام ومحاربة أصحاب الزوايا و الطرق المتواطنين مع الاستعمار وتكوين إطارات اجتماعية مثقفين ثقافة عربية ". وأن الجمعية كانت في معظم مطالبها تهدف إلى تلك الأهداف السامية وهي التأكيد على رفض الفرنسية والتمسك بالاستقلال وارتباطه بالحضارة الإسلامية والعروبة ، فبالمضايقات والقرارات التي اتخذتها السلطة الفرنسية ضد الجمعية لم تزد الجمعية إلا إصرارا على موقفها، واتخذت الجمعية شعارا لها يبين في نفس الوقت أهدافــها وهو: " الجزائـــر وطننــا والإســـلام ديننــــا و العربيــــة لغتنــــا ".
الوسائل المستعملة في تحقيق أهدافها :
1- الصحافة: حيث أنشأت العديد منها وهي:"المنتقد، الشهاب، الشريعة المحمدية، السنة النبوية، الصراط المستقيم وآخرها البصائر(...).
2-المدارس: وقد بلغ عددها أكثر من مئة وخمسين (150) مدرسة، ونذكر منها على سبيل المثال:مدرسة الحديث بتلمسان، مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة، مدرسة الشبيبة الإسلامية بالجزائر، ومدرسة تهذيب البنين بمدينة تبسة، وهذا إيمانا منها بدور المدرسة على حد تعبير الشيخ الإبراهيمي "المدرسة جنة الدنيا وكل شعب لا تبني له المدارس تبني له السجون".
3- المساجد: ونذكر من هذه المساجد على وجه الخصوص: مسجد الجامع الأخضر، مسجد سيدي لموش، مسجد سيدي عبد المؤمن، والمسجد الكبير.
4- النوادي: قامت الجمعية بتكوين نوادي ذات طابع إسلامي، كان الهدف منها ضم وجمع تلك الفئات التي لم تعرف طريقها إلى مدارس الجمعية ومساجدها حيث كانت هذه النوادي تؤدي دورها في نشر الوعي والثقافة، لتسهيل عملية الاتصال بين الشباب وكان أشهرها "نادي الترقي" بالعاصمة الذي كان مثالا للتوجيه ورسالة للإصلاح(3).وكما يقول أحد المؤرخين: " وتحت ستار التعليم الديني وتأسيس النوادي الثقافية.
دور جمعيــــــــة العلماء المسلمين :
أ- داخليا/دور الجمعية في الحركة الوطنية وثورة التحرير: يمكن القول أن الجمعية مهدت الأرض للانطلاق الثورة، وذلك بجهودها في التعليم ونشر اللغة العربية، وإيقاظ الجزائريين في كل مكان، والتصدي بحزم لكل ما من شأنه تدمير الوجود المستقل للجزائر، ويكفي أن نقول في هذا الصدّد أن 70ألف طالب كانوا قد يتخرجون من مدارس الجمعية، وقد كانوا هم بالتحديد قيادات الثورة وعناصرها النشيطة. وفي ذلك يقول الدكتور أبو الصفصاف عبد الكريم – في رسالة للدكتوراه - :"إن جمعية العلماء هي التي أخرجت الجزائر من عزلتها الثقافية وأعادت ربطها بالأمة الإسلامية وحطمت المقولات التي خلقها الاستعمار وعمدت على إحياء اللغة العربية و التاريخ الوطني، وطهرت الإسلام من الشوائب التي علقت به ووحدت الشعب الجزائري تحت راية الإسلام ، وأحبطت حركة الاندماجيين الرامية إلى ربط الجزائر بفرنسا بواسطة جنسية المستعمر ولغته، وكونت الإطارات المخلصة التي فجرت ثورة 1954، وكانت الدعامة الأساسية لعملية التعريب بعد أن استردت الجزائر سيادتها الوطنية سنة 1962 ويصف الدكتور محمود قاسم في كتابه "الإمام عبد الحميد بن باديس" بأنه الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية". كما وشاركت الجمعية بواسطة جريدة البصائر في إظهار أساليب الوحشية لقمع حركة الثورة بواسطة الإرهاب والبطش و الزجر والتنكيل والاعتداء على الحريات الفردية و الجماعية وسجن الآلاف من أحرار البلاد،كما كانت توجه للأمة كلمة طيبة تستحثها فيها على التماسك و التكتل و الوحدة المطلقة في سبيل الدفاع عن حريتها المنتهكة وحقها المغتصب وكرامتها المهدورة و حياتها التي أهينت، وأن النصر و الصبر الجميل قريب و ساعة الفرج قريبة بحول الله.
ب- خارجيا / دور الجمعية في قضايا العالم الإسلامي :
دورها في قضية المغرب الأقصى: كانت جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، وكانت صحيفتها البصائر أكثر الهيئات اشتغالا بقضية المغرب الأقصى الشقيق، وأمعنها دفاعا عن حقوقه، وأكثرها صرامة في كشف المؤامرات الخبيثة القذرة التي دبرتها الإقامة العامة الفرنسية بالرباط، وجرت خلفها جماعة من أوباش الرجعيين، وأدناس النفعيين، فيقول أحمد توفيق مدني:" فكنت في البصائر أكشف الستر عن خباياهم وخفاياهم في قسم: منبر السياسة العالمية الذي كنت أمضيه: أبو محمد. حتى إذا اقترفوا إثمهم العظيم، ونفذوا مكيدتهم اللئيمة، فأبعدوا سليل الأشراف عن أشراف ملكه، وحولوا بينه وبين عرشه، قدمت احتجاجا صارخا ملتهبا باسم الجمعية، تجدون نصه في أواخر الجزء الثاني، وشحذت قلمي وأمضيت عزيمتي واندفعت أكاد أقول جبارا في ميدان الدفاع الشريف، عن حق شريف وملك شريف".
دورها في القضية الفلسطينية: لم تقتصر جهود العلماء على الاهتمام بقضايا الشعب المسلم في الجزائر بل اهتمت بأوضاع المسلمين عامة في مشارف الأرض ومغاربها _وخاصة القضية فلسطين_ فقد قامت الجمعية بالدعوة إلى إنشاء " لجنة إعانة فلسطين " وترأس تلك اللجنة الشيخ أحمد الإبراهيمي رئيس الجمعية نفسه واستطاع الإبراهيمي أن يوسع قاعدة تلك اللجنة، وأن يقوم من خلالها بالاتصال بالجامعة العربية لتدعيم ومساندة الشعب الفلسطيني سنة 1948. ودعا الشيخ الإبراهيمي من خلال تلك اللجنة جميع مسلمي العالم بالكفاح ضد الإمبريالية والصهيونية وأن تقدم الاحتجاجات على ما حدث في فلسطين إلى الهيئات الدولية وبالطبع لم يقتصر نشاط اللجنة على ذلك فقط. بل قامت بإرسال عدد من المجاهدين الجزائريين إلى فلسطين للمشاركة في القتال ضد الصهيونية. وكذلك تم إرسال مبلغ أربعة ملايين فرنك ثم ثلاثة ملايين فرنك أخرى لدعم الجهاد الفلسطيني.
ومن أقوال الشيخ الإبراهيمي في الدفاع عن القضية الفلسطينية:" أيها العرب – أيها المسلمون – إن فلسطين وديعة محمد عندنا – وأمانة عمر في ذمتنا – وعهد الإسلام في أعناقنا – فلئن أخذها اليهود منا – ونحن عصبة – إذا نحن خاسرون". ويقول أيضا:" أيها الضانون أن الجزائر بعراقتها في الإسلام والعروبة تنسي فلسطين أو تضعها في غير منزلتها التي وضعها الإسلام من نفسها- لا والله ويأبي لها ذلك شرف الإسلام ومجد العروبة ووشائج القربى- إن الاستعمار يريد أن يباعد بين أجزاء الإسلام لكيلا تلتئم – وهيهات لما يروم ".
الصعوبات والمعيقات التي واجهتها الجمعية:
أ- من الطرف الجزائري: الصعوبات التي واجهها العلماء هو اصطدامهم بالمرابطين واصطدموا أيضا بخريجي المدارس الفرنسية وبالنواب. فالأولون كانوا ينظرون إلى العلماء على أنهم رجال دين أكثر منهم رجال ثقافة. أما المتطرفون من خريجي المدارس الفرنسية(النخبة) فقد كانوا ينظرون إلى ثقافتهم على أنها هي ثقافة العصر، وإن الحياة تقضي الأخذ بأسباب الحضارة الحديثة وتقليد الفرنسيين ولو بواسطة الاندماج والتجنس. ولذلك وقع التصادم أحيانا وإن كان تصادمًا أقل وقعًا من التصادم الذي حدث بين المرابطين والمصلحين. وأهم قضية عارضها العلماء بشدة هي المرابطية. كانوا يعتبرون الجمعيات الطرقية معارضة للدين والتقدم. وبناء على رأي أحد العلماء، فإن المرابطية جاءت نتيجة تدهور الإسلام وانتشار الغموض. وكان زعماء الجمعيات الطرقية قد اتهموا بجهل القرآن، واستغلال الشعب وخدمة الاستعمار(1). فقد كتب الإبراهيمي ذات مرة قائلا :" إن المرابطية هي الاستعمار في معناه الحديث المكشوف، وهي الاستعباد في صورته الفظيعة"(2) . لذلك أعلن العلماء الحرب على المرابطية تحت راية: "لا غموض في الإسلام" لأنها "هي سبب الفساد والأمراض، والانحراف الديني، والجهل،والإهمال في الحياة، والإلحاد بين الشباب".
ب- من الطرف الفرنسي: فقد أصدر وزير الداخلية الفرنسي في شهر مارس1935 قرارًا يقضي بقمع الدعاية المضادة للسيادة الفرنسية في الجزائر وخاصة عن طريق الصحافة والخطابة التي تقوم بها عناصر الجمعية.وفي 8مارس1938 صدر قرارًا من الإدارة الفرنسية بعدم جواز افتتاح المدارس العربية التابعة للجمعية وقد وصف عباس فرحات هذا القرار: " بأنه ضربة قاتلة للدين الإسلامي "، وفي نفس سنة أصدر الوالي العام في الجزائر منشورا إلى رؤساء الأقاليم يقضي بإلقاء القبض وسجن كل طالب ينتسب إلى جمعية العلماء أو قيامه بالدعاية لأفكارها. ولعل أخطر القرارات في محاربة نشاط الجمعية كان قرار عرقلة التعليم العربي الحر الصادر في 8مارس1938 ، وكذلك اعتقال الشيخ الإبراهيمي لرفضه تأييد فرنسا ضد الألمان في الحرب العالمية الثانية وكذلك فرض الإقامة الجبرية على الشيخ ابن باديس نفسه لذات السبب، كما سجن من زعماء الجمعية لنفس السبب الأمين العمودى وفرحات الدراجى، كما عطلت جريدة الشريعة والسنة المحمدية وكما تم إيقاف جريدتي البصائر و الشهاب سنة 1939 وهما جريدتان تابعتان للجمعية.
خــــــــــــــاتمـــــــــــــــة:
وخلاصة القول أن جمعية العلماء المسلمين كانت عبارة عن تيار إصلاحي اجتماعي تربوي ، ركزت جهودها على الدفاع عن الشخصية الجزائر و عروبتها و إسلامها و المحافظة على قيمتها الروحية و التاريخية ، و كان ذلك بمثابة الأرضية التي تشكلت عليها ملامح النضال السياسي و العسكري ، الذي مارسه الجيل الذي فجر الثورة التحريرية الكبرى التي حررت الوطن و الشعب من سجن الاستعمار الفرنسي البغيض .
بالإضافة إلى ما قامت به الجمعية هو جعل القضية الجزائرية محط أنظار العالم عامة و المسلمين في مختلف البلاد خاصة، فبفضل مجهود رجال الجمعية تلقت الجمعية الدعم من الحركات الوطنية و الإسلامية في العالم الإسلامي ، وأصبحت الدعاية لها في صحف العالم الإسلامي كبيرة و متواصلة .وكذلك على الجانب الآخر فإن الجمعية ساهمت في زيادة اهتمام الشعب الجزائري بقضايا العالم الإسلامي عموما مثل الاهتمام بقضية الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي وبثورة سوريا ضد الفرنسيين و بكفاح الشعب الفلسطيني ضد الإستعمار الصهيوني و غيرها…
بعض المصادر والمراجع المعتمدة :
1- د.أحمد الطالب الإبراهيمي: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج1(1929-1940)و ج2(1940-1952) ، دار الغرب الإسلامي 1997، ط1.
2-محمد البشير الإبراهيمي(محرر) :سجل المؤتمر الخامس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين (1935)، المطبعة الإسلامية الجزائرية ، قسنطينة 1935.
3-أحمد توفيق مدني: حياة كفاح(مع ركب الثورة التحريرية)، ج3، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، د.ت.
4- د.الجزار أحمد محمود: الإمام المجدد ابن باديس و التصوف ، الناشر بالإسكندرية ابريل 1999، ط1.
5- أبو القاسم سعد الله : الحركة الوطنية الجزائرية ،ج1 و ج2 ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت-لبنان 1992، ط4
0 التعليقات:
إرسال تعليق