جاء في كتاب صالح فركوس المختصر في تاريخ الجزائر :
على المستوى الشعبي:
كان إندلاع الثورة مفاجئ، لأنها كانت محاطة بالسرية التامة،فقد استقبل الشعب الجزائري الثورة بالتأييد والمباركة، لأنها السبيل الوحيد الذي بقي له لتحقيق استقلاله بعد فشل التجربة السياسية، فاحتضن الثورة بكل ما يملك وجاهد بالنفس والمال.
على المستوى الحزبي: تفاجأة الكثير من الأحزاب لأندلاع الثورة الجزائرية:
فالنسبة للمصاليين فقد عارضوا مبدئيا الكفاح المسلح، وقد التحق الكثير منهم –فيما بعد- بالثورة في حين ظل مصالي الحاج وألقلية الباقية معه على الرفض حتي الإستقلال.
أما بالنسبة للإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائريين فإنه ظل متحفظا من تأييد الثورة إلى نهاية عام 1956م، حيث التحق فرحات عباس ومن معه من مناضلي الحزب بالثورة بعد حل الحزب. ترأس فيما بعد فرحات عباس رئاسة الحكومة الجزائرية المؤقتة.
أما بالنسبة للمركزيين فقد تغير موقفهم كذلك، بعد أن كانوا مترددين ولعبوا دورا كبيرا في الثورة حيث تولى يوسف بن خدة رئاسة الحكومة المؤقتة.
أما جمعية العلماء المسلمين فكان موقفها واضحا مباشرة بعد اندلاع الثورة بخمسة عشر يوما حيث صرح رئيسها البشير الإبراهيمي عن طريق راديو القاهرة قائلا: " أيها المسلمون الجزائريون هذا صوت الذي يسمع الآذان الصم هذا هو النور الذي يفتح الأعين المغلقة. إن فرنسا لم تبق لكم دينا ولا دنيا، وكل إنسان في هذا الوجود يعيش لدين ويموت لدنيا. فإذا فقدهما فبطن الأرض خيرا له من ظهرها، إنكم مع فرنسا في خيار لا خيار فيه ونهايته الموت، فاختاروا موتة الشرف على حياة العبودية التي هي شر من الموت، سيروا على بركة الله وبعونه وتوفيقه إلى ميدان الكفاح المسلح فهو السبيل الأوحد إلى إحدى الحسنيين: إما الموت وراءه جنة وإما الحياة وراءها العزة والكرامة".
ردود الفعل الفرنسية:
اعتبرت فرنسا الثورة الجزائرية خارجة عن القانون وأن المجاهدين مجموعة عصابات وقطاع طرق وإرهابيين، فقد صرح فرنسوا ميتران : " لا يمكن أن تكون هناك محادثات بين الدولة والعصابات المتمردة..." . وقد تجسد الرد بممارسة كل أنواع التعذيب والإرهاب الفرنسي في حق المواطنين الأبرياء العزل، كما قامت السلطات الإستعمارية بحل حركة انتصار الحريات الديمقراطية واضطهاد قادة هذا الحزب وسجنهم، مع العلم أن القادة هذه الحركة لم يشاركوا في الإعداد للثورة أو التحضير لها لأنهم كانوا دائما يشترطون توحيد الصف والقيام بعمليات مشتركة ضد العدو.
لقد أبدى الوالي العام السيد" روجي لينونار" اندهاشه أمام التناسق التي تمت العمليات عبر مختلف أنحاء البلاد. كما أوضحت جريدة قسنطينة : " أن الجزائر يمكن أن تبقي غريبة عما يجري في المغرب وتونس". وألقت فرنسا القبض على أكثر من ألفي رجل من مناضلي ومسؤولي الحركة المصالية وزجت بهم في السجون. وبعد الإيقافات وقنبلة جبال الأوراس بالنابالم التي أتي على الأخضرواليابس وإبادة الكثير من الناس، أعلنت فرنسا أنها قضت على "المنظمة الإرهابية نهائيا"، كما تزعم.
ردود الفعل الدولية:
على مستوي الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أبدت تأييدا مطلقا لسياسة فرنسا في شمال إفريقيا، حيث رفضت تسجيل قضية الجزائر في الأمم المتحدة وأمدت فرنسا بالطائرات الحربية وغيرها من الوسائل العسكرية واعتبرت الجزائر جزء لا يتجزأ من الأراضي الإستعمارية، لكن هذه المواقف تغيرت فيما بعد، عندما أثبتت الثورة الجزائرية جدارتها في الداخل والخارج على كافة المستويات.
أما دول العالم الثالث، خاصة منها الدول الربية فقد ايدت الثورة لأنها كانت في معظمها تعيش نفس الظروف التي كانت تعيشها الجزائر، منها من نال استقلاله وأكثرها ظل هو الآخر يناضل من أجل تقرير المصير وتحقيق الإستقلال. وقد كانت القاهرة أول عاصمة عربية أذاعت بيان فاتح نوفمبر وأول عاصمة تقوم بدور الناصر على مختلف الأصعدة للثورة الجزائرية، خاصة الدور الإعلامي الذي قام به "صوت العرب" للتعريف بالثورة الجزائرية، المباركة وأهدافها النبيلة لتحقيق الإستقلال والحرية الكرامة، وإقامة الدولة الجزائرية في إطار المبادئ الإسلامية.
لقد بات العدو الفرنسي يعمل بكل قواه لقمع الثورة التي دعمت تقريبا كامل البلاد ففي 19 جانفي 1955م، قامت القوات الإستعمارية بعمليات واسعة النطاق في جبال الأوراس. شارك في العمليات أكثر من خمسة آلاف جندي معززين بالمدرعات وبالطائرات.