ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

السينما في أمريكا

خطة البحث
مـــقــدمــة

الفصل الأول: البدايات الأولى للسينما في أمريكا .

المبحث الأول: مولد هوليوود .
المبحث الثاني : هوليوود أثناء الحرب العالمية الأولى .
المبحث الثالث : الرقابة في السينما الأمريكية .
المبحث الرابع : السينما الأمريكية في مرحلة السينما الناطقة .
المبحث الخامس : ظهور الشركات السينمائية الأمريكية الكبرى و بداية الاحتكار .

الفصل الثاني: المراحل التي مرَّ بها تطور الفيلم السينمائي الأمريكي.

الفصل الثالث: التكنولوجيا الحديثة والفيلم السينمائي:

المبحث الأول : إدخال التقنيات الالكترونية على السينما
المبحث الثاني : آفاق الثورة الجديدة في تكنولوجيا السينما

الــخــاتـــمــة

المراجع .
1- الكتب:

1/- ميلفين دوفلير و ساندرا بول روكيتش : نظريات وسائل الإعلام ، ترجمة كمال عبد الرؤوف . الدار الدولية للنشر و التوزيع 1989.

2/- جورج صادول : تاريخ السينما في العالم. ترجمة كمال عبد الرؤوف .من مكتبة المصطفى الالكترونية .

-/3 مجلة عرس الزين -الحياة السينمائية -العدد الخاص-شتاء 1980 .

2- المواقع و المنتديات الالكترونية :

http// www.etudiantdz.com1/- منتدى الطلبة الجزائريين :

http// منتديات وطن منتديات وطن : -/2

http// : www.al-mostafa.com ظ…ظƒطھط¨ط© ط§ظ„ظ…طµط·ظپظ‰ ط§ظ„ط§ظ„ظƒطھط±ظˆظ†ظٹط© 3/- مكتبة المصطفى الالكترونية :

البدايات الأولى للسينما في أمريكا .

تعريف السينما :

السينما كلمة مشتقة من الكلمة الإغريقية "kinima " التي تعني الحركة و عرف بأنها فن الصور المتحركة و هي إحدى وسائل الاتصال الجماهيرية تقوم على أساس عرض شريط من الصور السمعية البصرية التي تحاكي الواقع و تستخدمه لأغراض تعليمية و تثقيفية و دعائية و ترفيهية و تعتبر السينما فنا و علما و صناعة و سلعة في آن واحد .
أما فنيا فتعرف بأنها عملية تحويل الصور المتقطعة إلى مقاطع و مناظر و مشاهد ثم ترتب و تنسق و تجمع بواسطة المونتاج لتكون قطعة أو عمل فني و تسمى أيضا الفن السابع.

المبحث الاول : مولد هوليوود:
عرفت الولايات المتحدة السينما بعد عرض لوميير بثلاث أشهر، حيث يعتبر يوم 23 مارس 1896 هو بداية السينما في أمريكا . في السنوات الأولى لصناعة السينما كان عدد كبير من المدن الأمريكية يقوم بإنتاج الأفلام السينمائية، لكن بمرور الوقت ومع تطور صناعة السينما، بدأ المنتجون يتجهون أكثر وأكثر إلى جنوبي كاليفورنيا حيث المناخ الملائم للتصوير طوال العام. وقبل نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، كانت بعض الشركات المنتجة قد أقامت لنفسها عددًا من أماكن التصوير (الاستوديوهات) حول منطقة هوليوود في لوس أنجلوس. ثم حدثت بعض التطورات الدولية التي أدَّت إلى انفراد تلك المنطقة بالسيطرة على صناعة السينما في العالم وارتباط ذلك الفن الجديد باسم هوليوود. ومن أبرز تلك التطورات أن الحرب العالمية الأولى قَضَت على المنافسة الأوروبية القوية للسينما الأمريكية، فقد ركزت حكومتا إيطاليا وفرنسا جهودهما للقتال وسَحَبَتا دعمهما المادي لصناعة السينما في هاتين الدولتين، وهكذا انفردت هوليوود بالساحة وبدأ المخرجون والمنتجون ينفقون بِبَذَخ لتقديم المناظر والملابس المبهرة لتنفرد هوليوود بقمة صناعة السينما بلا منازع. و قد نال القطاع السينمائي الأمريكي احترام الجمهور ففي 1914 قارب الإنتاج الأمريكي نصف الإنتاج العالمي ، ليقفز عام 1918 حتى يبدو أن أمريكا تقوم بالاحتكار الكامل لإنتاج الأفلام و دور العرض في أوروبا واسيا تحت احتكار الثلاث الكبار .
لكن ذلك لا يعني انفراد هوليوود المطلق بصناعة السينما في العالم، فسرعان ماعادت أوروبا لمنافسة الولايات المتحدة في صناعة السينما، وبخاصة فيما يتعلق بتطبيق بعض الأساليب الفنية الجديدة على فن السينما كالتعبيرية، وهكذا ظهرت التعبيرية في السينما الألمانية لتركِّز على الواقع النفسي، وليس مجرد الواقع الظاهري أو الخارجي. وفي الاتحاد السوفييتي (السابق) ابتداءً من عام 1922م، بدأت حركة سينمائية نشطة كان أبرز مُخْرجيها سيرجي آيزنشتين الذي رفع السينما السوفييتية الصامتة بفيلمه "بوتمكين" في عام 1925م، إلى مصاف السينما العالمية.
ارتفاع عدد صالات العرض في امريكا :
في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تملك مائتي إلى ثلاثمائة صالة عرض في عام 1909، ولا يملك العالم بأسره سوى ألفين إلى ثلاثة آلاف صالة ، كان عدد صالات العرض السينمائي في أمريكا في نفس الفترة قد تجاوز عددها في العالم بأسره . ففي غضون ثلاث سنوات فقط ارتفع عدد صالات العرض في أمريكا بشكل خرافي ، من عشر صالات فقط إلى عشرة ألاف صالة .
هذا الارتفاع المذهل في عدد صالات العرض ، جاء نتيجة لأسباب عديدة و مدروسة أهمها ثمن تذكرة الدخول البسيط و هو خمس سنتات (نيكل واحد فقط) ولهذا سميت هذه الصالات ب "منتديات النيكل" . مما خلق رواد السينما في تلك الفترة ، فكانوا في مجملهم من المهاجرين الذين بدؤوا يتدافعون بشكل هائل إلى أمريكا ، بمعدل مليون نسمة سنويا، و نجاح ذلك أدى باتجاه بناء المزيد من صالات العرض.
إن انتشار صالات العرض بهذا الشكل ، قد ساهم بشكل واضح في زيادة الإنتاج السينمائي ، و ذلك لتلبية حاجة المستهلك (المتفرج) ، و دخول الرأسمال الأمريكي هذا المجال بدون أي توجس أو خوف . باعتبار أن إنتاج فيلم واحد بتكلفة مائتي دولار فقط قادر على جني أرباح تساوي عشرة أضعاف هذا المبلغ .
المبحث الثاني : هوليوود أثناء الحرب العالمية الأولى :
جاءت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 لتكون لصالح السينما الأمريكية ، تلك السنوات التي شهدت انحسارا واضحا للسينما الأوروبية . فبينما كانت أوروبا مشغولة بالحرب و أعبائها ، كانت أمريكا تصنع تاريخها السينمائي . حيث بدأت استوديوهات هوليوود في إنتاج الكثير من الأفلام التي حظيت بنجاحات متكررة ، إن كان في أمريكا أو في بقية العالم . إلى أن قام المخرج الأمريكي ديفيد جريفيت ، بتقديم فيلمه الرائد " مولد امة " .
إن فيلم " مولد امة " الذي أخرجه ديفيد جريفيت عام 1915 يعتبر بحق انطلاقة السينما الأمريكية التجارية الحقيقية ، وتألق صناعتها، هذا الفيلم الذي أثار ضجة صاخبة، بسبب الاتجاه العنصري والعرقي الذي يتبناه موضوع الفيلم، فقد حدثت ردود فعل دموية لدى المتفرج راح ضحيتها الكثيرون، مما جعل إيراداته تتزايد يوماً بعد يوم. لدرجة أن هذا الفيلم الذي لم يتكلف إنتاجه سوى سبعمائة دولار، قد فاقت مداخيله التصور، بعد أن شاهده ما يقارب المائة مليون نسمة في أمريكا وحدها. وبهذا فقد أحدث هذا الفيلم ثورة في السينما الأمريكية من الناحية التجارية، خالقاً لهوليوود فرصة الشروع فيما بعد بإنتاج أفلام أكثر أهمية وترفاُ.. حيث فتحت الأبواب أمام الإنتاجات الضخمة والأجور الخيالية.
كانت السنوات العشر التي تبعت الحرب العالمية الأولى، بالنسبة للسينما الأمريكية سنوات رخاء وازدهار، وليست كذلك بالنسبة للسينما الأوروبية، لأسباب موضوعية أهمها حذف الأفلام الأجنبية من برامج عروض عشرين ألف صالة في الولايات المتحدة، هذا إضافة إلى أن الأفلام الأمريكية قد سيطرت في بقية أنحاء العالم على 60% إلى 90% من برامج العروض، كما وخصص مائتا مليون دولار سنوياً لإنتاج سينمائي تجاوز الـ 800 فيلم، مما أدى طرح مليار ونصف من الدولارات للاستثمار إلى تحويل السينما إلى مشروع يشبه، بهذه الرساميل المخصصة له، أكبر الصناعات الأمريكية، كصناعة السيارات والفولاذ والبترول والسجائر. وسيطرت بعض الشركات الكبرى على الإنتاج والاستثمار والتوزيع العالمي أمثال: بارامونت، ولوي، وفوكس، ومترو، ويونيفيرسال، وربطتها علاقات قوية بالشركات المالية الكبرى في حي وول ستريت. هذه الشركات التي لم تعد تعتمد على المخرجين، بعد إخفاقات جريفيت في أفلامه الأخرى، ما بعد (مولد أمة)، بل على النجوم السينمائيين، فأصبح المنتجون هم أسياد الفيلم منذ ذلك الوقت، إذ سيطروا على الصلاحيات السينمائية كافة: كانتخاب موضوعات الأفلام، والنجوم، والتقنيين، وتنمية فكرة النص والموضوع، إلى غيره من العناصر السينمائية.
مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، ظهر نظام النجوم في هوليوود، الذي استحوذ على نتاج هوليوود فيما بعد، بينما بقى المنتج في الظل. وبذلك احتل النجم واجهة هوليوود، وصار نظام النجوم أساس سيطرة هوليوود العالمية. هنا بدأت هوليوود تستقطب الكثير من السينمائيين في أوروبا والعالم، من فرنسا وألمانيا، والنمسا، والسويد، وغيرها من بلدان العالم، الذين عرفوا بأن العمل في هوليوود سيعطيهم الشهرة التي يريدون .
المبحث الثالث : ظهور الرقابة على السينما الأمريكية :
السينما فن جماهيري لا يمكن قصره على الخاصة، أو على عدد قليل من الناس، ومشاهدوها ينتمون إلى كل الفئات، وجمهورها لا يمكن انتخابه إلا بالنسبة لبعض الأفلام الخاصة قليلة العدد. وجمهور المشاهدين يمثل جميع المستويات الثقافية، والشخصية، والطبقية مختلطة بعضها ببعض. فنرى المصاب بالأعصاب جالساً إلى جانب الإنسان الصحيح، والطفل إلى جانب الشيخ المسن. ولكن من الملاحظ أن أغلب جمهور السينما من الشبان، تأكيداً للرأي المسبق الذي يؤكد أن السينما هي قبل كل شئ وسيلة لتسلية الشباب. وغني عن البيان أن هذا الجمهور الشبابي، يكون أكثر تأثراً بالسينما، فهي قادرة على أن تفرض على عشاقها نمطاً من الحياة. ولغة السينما سلاح ذو حدين، لأنها قادرة على التعبير عن كل شئ: الطيِّب والسيئ. فهناك أفلام مقويّة، ومنشطة، ومثقفة، ونافعة، كما توجد أفلام مؤذية، ومفسدة، ومحزنة، وهناك أفلام تحث على العنف وعلى الكراهية، وعلى التأثر، وعلى الإباحية، وعلى كل رذيلة.
وبسبب ذلك التأثير الوجداني العاطفي الذي تملكه السينما كوسيلة اتصال، وإعلام، وإعلان، وتثقيف، وأيضاً إمتاع، وتعليم، وتوجيه، ودعاية، ظهر جهاز يتتبعها قبل، وأثناء، وبعد إنتاج مادتها الفنية على الشريط السينمائي عرف بالرقابة السينمائية .
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر أول تشريع للرقابة على الأفلام السينمائية في 1915. واعتبرت المحكمة الدستورية العليا، أن أفلام هذه الفترة عبارة عن عمل بسيط ونقي، واقتصرت رخصة الأفلام السينمائية على حقوق الإنتاج، والعرض، والتوزيع مثل الترخيص لمحلات الخمور والمأكولات.
المبحث الرابع : السينما الأمريكية في مرحلة السينما الناطقة :
ومع اكتشاف السينما الناطقة عام 1929، بدا التردد الأمريكي والخوف واضحاً لدى المنتجين، من حرمان هوليوود من تواجدها الخارجي، هذا التردد الذي كان اقتصاديا في الأساس وليس تقنياً. فاتجهت هوليوود لإنتاج الأفلام الغنائية والاستعراضية، التي أخذت نصيباً من النجاح، في محاولة يائسة لتجاوز هذه الأزمة، إلا أن أرقام الإنتاج بدأت في التناقص. فبعد أن كانت السينما الأمريكية تنتج ما يقارب الألف فيلم في العام الواحد، بدأ الرقم يتناقص إلى النصف بعد ظهور السينما الناطقة.
هذا النقص في الأفلام الأمريكية، قابله نشاط إنتاجي في الدول الأوروبية التي احتكرت فيها أمريكا صالات العرض أيام السينما الصامتة. حيث بدأت جماهير تلك الدول تطالب بأفلام تتكلم لغتها. وقد نجحت هوليوود في تجاوز هذا الإشكال من خلال دبلجة الأفلام باللغات الأخرى، وإيجاد حلول أخرى، حيث لم يكن من الصعب على صناع الفيلم الأمريكي، إيجاد حلول لأية أزمة تعترض طريق تدفق ثرواتهم على مدى تاريخ هذه السينما العتيق، لهذا نحن ما نزال نعيش في زمن السينما الأمريكية.
المبحث الخامس : ظاهرة الاحتكار في السينما الأمريكية :
مع ظهور بوادر الصناعة السينمائية بالنمو في بدايات القرن الماضي سارع عدد من رجال الأعمال والمستثمرين إلى الدخول في مجال الإنتاج السينمائي وتمويل الأفلام مع تخوف من هذا الطارئ الفني الجديد. ولكن ومع بدايات العام 1927ومع ظهور تقنية الصوت في الأفلام السينمائية وإشراق بوادر تحول السينما إلى مرحلة الأفلام الناطقة بدأت صناعة السينما تأخذ بعداً أكثر احترافية وتخصصاً. ومنذ تلك المرحلة وإلى نهاية الأربعينيات الميلادية تكونت الفترة الذهبية لعصر الاستوديوهات. أو ما يعرف بالثمانية الكبار في هوليوود في ذلك الوقت. حيث نشأت في تلك الفترة ثمان تكتلات تجارية كبرى عرفت باسم "استوديوهات هوليوود" احتكرت صناعة السينما الأمريكية بالكامل كما احتكرت كذلك عملية توزيع الأفلام داخل الولايات المتحدة وخارجها خصوصاً مع انشغال دول أوربا في تلك الفترة بالحرب العالمية. وباستطاعتنا تقسيم تلك الشركات أو الاستوديوهات إلى قسمين: القسم الأول: شركات إنتاج سينمائي تمتلك سلسلة ضخمة من الصالات السينمائية الممتدة عبر أراضي الولايات المتحدة الأمريكية. وهي خمس شركات: بارامونت - ام جي ام - فوكس القرن العشرين - وارنر برذرز - آر كي أو. القسم الثاني: وهي شركات إنتاج سينمائي لا تمتلك صالات العرض الخاصة بها ولكنها تنتج الأفلام وتعرضها بالتعاون مع الشركات الخمس. وهذه الشركات الثلاث هي: كولومبيا - يونفيرسال - يونايتد آرتست.
ونحن حين نتحدث عن احتكار تلك الشركات الكبرى لصناعة السينما الأمريكية فإننا نتحدث عن واقع حقيقي لمعنى كلمة الاحتكار. حيث كان كل أستوديو من تلك الاستوديوهات يمتلك عقود عمل محددة المدة مع مجموعة من المخرجين والممثلين وكتاب السيناريو والفنيين باعتبارهم موظفين لدى الأستوديو بدلاً من كونهم فنانين يطمحون لتقديم رؤاهم الفنية والإبداعية. كما يقوم مدير الإنتاج في الأستوديو بوضع جداول الإنتاج والتصوير بناء على الهدف المالي للشركة بغض النظر عن أي رؤية فنية أو إخراجية يدلي بها المخرج أو كاتب السيناريو. بل وصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك حيث كان المخرج يمنع من دخول غرفة المونتاج حفاظاً على الروح الربحية والتجارية للعمل كما يراه المنتج وصاحب رأس المال! كما بلغ الأمر حد التحكم بخيارات الممثل، ففي الحين الذي يعمل فيه الممثل الفلاني مع أحد تلك الاستوديوهات لا يتمكن من العمل مع أستوديو آخر! وهو ما عد كارثة هددت مستقبل السينما الفني وأغرقت تلك الفترة بكم لا بأس به من التفاهة الفنية.
استمر العمل بنظام الاستوديوهات قرابة العقدين من الزمان بلغت أوج ازدهارها خلال العامين 1946-1945وذلك إثر الحرب العالمية الثانية وانشغال المنافس الحقيقي للسينما الأمريكية في ذلك الوقت ما أدى إلى أرقام توزيع ونسب أرباح خرافية لتلك الاستوديوهات. ولكن الوصول للقمة يتبعه دوماً النزول عنها من الجهة الأخرى، إذ لم يهنأ ممولو تلك الاستوديوهات وصناع الأفلام بتلك الأرباح الخرافية حتى أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية قراراً شجاعاً ومؤثراً في تاريخ السينما حول العالم يقضي ببيع الشركات الخمس الكبار لجميع صالات عرضها المنتشرة في أرجاء الولايات المتحدة وعدم السماح لها باحتكار العروض لنفسها. ومن المعلوم أن صالات العرض تلك كانت هي مصدر الدخل الرئيسي لتلك الاستوديوهات والمحفز الأكبر لها للاستمرار في دوامة صناعة وتسويق الأفلام أياً كان مستواها الفني أو التقني. ثم جاء اختراع التلفزيون والبث التلفزيوني مع بداية الخمسينيات ليوجه ضربة أخرى قاصمة لتلك الاستوديوهات حيث انشغل الناس بوسيلة ترفيه شديدة المنافسة للسينما وصالات العروض والأفلام. وللدلالة على تلك المنافسة نلحظ أن عام 1946باعت تلك الشركات مجتمعة قرابة خمس مليارات تذكرة سينما داخل الولايات المتحدة بينما انخفض ذلك الرقم في عام 1950بعد اختراع التلفزيون ليصل إلى أقل من ثلاثة مليارات تذكرة ما يمثل انخفاضاً قدره 40% من مبيعات تلك الشركات.
وكعادة كل التغيرات الجديدة بدأت تلك الاستوديوهات بالتأقلم مع الأوضاع الجديدة الحادثة، خصوصاً مع بدء ظهور شركات إنتاج صغيرة كنافذة تنفيس للمخرجين لتقديم رؤاهم الإبداعية الذاتية. ومع الرواج النقدي لبعض تلك الأفلام شهدت العديد من الاستوديوهات حركة تغيير جذرية شملت تغييراً في سياسة الأستوديو بدءاً من التعامل مع المنتج السينمائي باعتباره عملاً فنياً بالدرجة الأولى وربحياً بالدرجة الثانية مروراً باحترام خصوصية المخرج وخياراته الفنية وصولاً لدعم موجات السينما المستقلة واستقطاب الجيل الشاب لتقديم رؤاه وإبداعاته من خلال تلك الشركات وآلية إنتاجها الضخمة.
وما يدل على نجاح تلك السياسات الجديدة للاستوديوهات أن شركة واحدة فقط من الشركات الثمان أعلنت إفلاسها وهي شركة "آر كي أو" بينما لا تزال السبع المتبقية تعمل حتى اليوم منتجة للعالم مئات الأعمال السينمائية سنوياً وموزعة أضعاف هذا الرقم من الأفلام الأمريكية وغير الأمريكية على صالات العرض وقنوات التلفاز وجميع منافذ العرض المتاحة. ونحن اليوم ومع ظهور منافس شرس جديد على الساحة وهو "الإنترنت" نترقب نتيجة تلك المنافسة بينه وبين الشركات السبع الكبرى ونأمل أن تكون قد اكتسبت عبر ما يقارب القرن من الزمان ما يكفي من الخبرة لترويض هذا الوحش الكاسر والتعاون معه بعقلانية تعود بمصلحتها على الجميع .

الفصل الثاني :

المراحل التي مرَّ بها تطور الفيلم السينمائي الامريكي:

ويقسم الناقد والمؤرخ السينمائي الأمريكي فيليب كونجليتون، المراحل التي مرَّ بها تطور الفيلم السينمائي من منظور التأثر بنمو السوق إلي العصور التالية:

1-عصر الريادة: 1895 - 1910:

في هذا العصر بدأت صناعة الفيلم، الكاميرا الأولى، الممثل الأول، المخرجون الأول كانت التقنية جديدة تماماً، ولم تكن هناك أصوات على الإطلاق، ومعظم الأفلام كانت وثائقية، خبرية، وتسجيلات لبعض المسرحيات، وأول دراما روائية كانت مدتها حوالي خمسة دقائق، وبدأت تصبح مألوفة حوالي عام 1905 مع بداية رواية الفنان الفرنسي جورج ميلييه Georges Méliès، رحلة إلى القمر A Trip to the Moon عام 1902، وكانت الأسماء الكبيرة في ذلك الوقت هي إديسون، لوميير، وميلييه بأفلامه المليئة بالخدع. وعند مشاهدة هذه الأفلام يؤخذ في الاعتبار أنها كانت تشكل المحاولات الأولى، وأن السينما كانت وما تزال أداة اتصال جديدة، فلا يجب أن يُنظر إليها على أنها تافهة، ربما تكون حقاً بدائية، ولكن يجب إدراك أن الطاقة والعمل الذي بذل لإنتاج هذه الأفلام كان مبهراً، وأن أخذ المنتجين على عاتقهم مهمة إنتاج هذه الأفلام كان أمراً متميزاً.

2-عصر الأفلام الصامتة: 1911-1926:

ويتميز هذا العصر عن سابقه بكثرة التجريب في عملية مونتاج الأفلام، فلم تكن هذه المرحلة صامتة بالكامل، فقد كانت هناك استخدامات لطرق ومؤثرات صوتية خاصة، بينما لم يكن هناك حوار على الإطلاق حتى المرحلة التالية، فاختلف الشكل، واختفت التسجيلات المسرحية لتحل محلها الدراما الروائية، ويعد هذا أيضاً بداية لمرحلة الأفلام الشاعرية ذات الطابع التاريخي الأسماء الشهيرة في هذه المرحلة ضمت شارلي شابلن Charles Chaplin، ديفيد جريفيت David Griffith وغيرهم. وتكلفَّت أفلام هذه المرحلة أموالاً أكثر، وبدأت مسألة نوعية وجودة الفيلم تثير جدلاً، كما صنعت أنواع مختلفة من الأفلام في هذه المرحلة.

3-عصر ما قبل الحرب العالمية الثانية: 1927-1940:

يتميز هذا العصر بأنه عصر الكلام أو الصوت، ولكن فيليب كونجليتون يرى، أن هذا التصنيف غير دقيق، فذلك يعني أن هناك مرحلتين في تاريخ الفيلم: الصمت والكلام.
ويبدأ هذه العصر بإنتاج أول فيلم ناطق بعنوان "مغني الجاز" عام 1927، بالإضافة إلي أفلام ناطقة أخرى متنوعة أنتجت في هذه المرحلة، كما شهدت أفلام الثلاثينيات استخداماً أكثر للألوان، وبدأت الرسوم المتحركة، وفي هذه المرحلة أيضاً ظهرت العروض النهارية للأفلام، وبدأت تتنامى في المسارح مع موجة الكوميديا، وبروز نجوم لفن السينما انتشرت أسماؤهم في ذلك الحين.
وقد ضمَّت أسماء هذه المرحلة أسماء مثل كلارك جابل Clark Gable، فرانك كابرا Frank Capra، جون فورد John Ford، والممثلان اللذان استمرا إلى المرحلة الناطقة بعد ذلك، وهما ستان لوريل Stan Laurel، وأوليفر هاردي Oliver Hardy. وفي هذه المرحلة أيضاً بدأت نوعية الفيلم تزداد أهميتها مع ظهور جوائز الأوسكار، وحب الجمهور للسينما. من هنا أصبح يُنظر للفيلم في هذه المرحلة كمراهق بدأ ينضج، ويمكن التمييز بين الأفلام التي كلّفت أموالاً كثيرة عن الأفلام التي لم تكلِّف كثيراً، وبالرغم من أن التقنية المستخدمة في صناعة الفيلم كانت ما تزال بدائية، لكنها بهرت العديد من رواد السينما.

4- العصر الذهبي للفيلم: 1941-1954:

أحدثت الحرب العالمية الثانية كل أنواع التغيرات في صناعة الفيلم، فخلال وبعد الحرب ازدهرت الكوميديا بشكل ملحوظ، وتربَّعت الأفلام الموسيقية على عرش السينما، كما انتشرت أفلام الرعب، ولكن باستخدام ضئيل للمؤثرات الخاصة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فقد صنعت نفقات الإنتاج فرقاً ملحوظاً بين الميزانيات الكبيرة والصغيرة للأفلام، ولجأت استوديوهات السينما لاستخدام ميزانيات صغيرة لإنتاج أفلام غير مكلِّفة للعامة، وذلك لجذب الجماهير. لذلك ظهرت الأفلام الجماهيرية في هذه المرحلة والتي يمكن تصنيفها إلى أفلام استخبارات، أفلام غابات، والأفلام الاستغلالية. أما أفلام الخيال العلمي فقد ظهرت حوالي عام 1950. والأسماء الكبيرة القليلة التي ظهرت في هذه المرحلة هي كاري جرانت Cary Grant، همفري بوجارت Humphrey Bogart، أودري هيبورن Audrey Hepburn، هنري فوندا Henry Fonda، فريد أستير Fred Astaire.

5- العصر الانتقالي للفيلم : : 1955-1966

يُسمي فيليب كونجليتون هذه المرحلة بالعصر الانتقالي، لأنه يمثل الوقت الذي بدأ فيه الفيلم ينضج بشكل حقيقي، فقد ظهرت في هذا العصر التجهيزات الفنية المتطورة للفيلم من موسيقى، وديكور، وغير ذلك. وفي هذا العصر بدأت الأفلام من الدول المختلفة تدخل إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال حوائط هوليوود السينمائية، وبدأت الأفلام الجماهيرية تستبدل بأفلام رخيصة، كما بدأت الاستوديوهات الكبيرة تفقد الكثير من قوتها في مجال التوزيع. كما ظهر لصناعة الفيلم عدو جديد يسمى التليفزيون، مما أبرز المنافسة حول نوعية المنتج وجودته. وبدأت السينما تقتحم موضوعات اجتماعية أكثر نضجاً، وانتشرت الأفلام الملوَّنة لتصبح الأغلبية بجوار الأبيض والأسود، وضمت الأسماء الكبيرة في سينما هذه المرحلة ألفريد هتشكوك Alfred Hitchcock، مارلين مونرو Marilyn Monro، وإليزابيث تايلور Elizabeth Taylor.

 

 
وبدأت الحرب الباردة لتغير وجه هوليوود، وظهرت المؤثرات الخاصة، وبرزت الفنون الأخرى المصاحبة كالديكور والاستعراضات.

6- العصر الفضي للفيلم: 1967-1979

يرى بعض المؤرخين أن هذه الفترة بالفعل، هي مرحلة الفيلم الحديث، وكانت مرحلة جديدة وقتها ويبدأ العصر الفضي للسينما بإنتاج فيلميَ الخريج و بوني وكلايد عام 1967.
وقد ظهرت عدة أفلام خالية من الصور المتحركة. وكان من جراء انتشار هذه النوعية من الأفلام الناضجة، الخارجة عن الأخلاق العامة، أن ظهرت أنظمة جديدة للرقابة وتكوَّنت الأسماء الشهيرة التي حكمت هذا العصر أمثال فرانسيس كوبول Francis Coppola، وداستن هوفمان Dustin Hoffmann، ومارلون براندو Marlon Brando. انخفضت نسبة أفلام الأبيض والأسود إلى 3% من الأفلام المنتجة في هذه الفترة. فأصبحت هوليوود تعرف حقاً كيف تصنع أفلاماً ، وأصبح هناك فارقٌ كبيرٌ بين الميزانيات الكبيرة والضئيلة للأفلام، كما يمكن أيضاً مقارنة الجوانب الأخرى الغير مادية للفيلم، لذا لا يجب أن ينظر للأفلام ذات الميزانية الضئيلة على أنها رديئة.

7-العصر الحديث للفيلم: 1980-1995

بدأ هذا العصر عام 1977، عندما أنتج فيلم "حروب النجوم" Star Wars، الذي ُيعد أول إسهام للكمبيوتر والتقنية الحديثة في تصميم المؤثرات الخاصة. لكن فيليب كونجليتون يبدأ هذا العصر عام 1980، لأنه يعتبر أن فيلم "الإمبراطورية تقاوم" نقطة البداية. ففي هذه المرحلة بدأ انتشار الكمبيوتر والفيديو المنزلي، التليفزيون السلكي. واعتمدت هذه المرحلة اعتماداً كبيراً على الميزانية الضخمة بدلاً من النص والتمثيل، ولكنها احتفظت بالقدرة على إنتاج نوعية جيدة من أفلام التسلية الممتعة.

الفصل الثالث :

التكنولوجيا الحديثة والفيلم السينمائي :

المبحث الأول : إدخال التقنيات الالكترونية على السينما :

تقدَّم الفيلم السينمائي خطوة خطوة، من الرسوم، إلى الصور الفوتوغرافية، إلى الصور المطروحة على شاشة، إلى الصوت، إلى اللون، إلى الشاشة العريضة، إلى شاشة الأبعاد الثلاثة، بل ما تزال التجارب العلمية جارية لإضافة حاسة الشم للتجربة الفيلمية بإطلاق عطور أثناءها.

وشهد العقدين العقدان الأخيران تصاعداً في العلاقة بين صناعة السينما، وبين أحدث وسائط المعلومات والاتصال، وهي شبكة الإنترنت. بدأت العلاقة بين السينما والإنترنت، بشكل تقليدي حيث استغلت السينما الشبكة الوليدة كوسيلة للنشر العلمي والتقني عام 1982، وتصاعدت العلاقة حتى أصبحت الإنترنت وسيلة لنشر، أو لعرض الأفلام السينمائية، إضافة إلى تسويقها أو الدعاية لها. ففي عام 1982 نشر الناقد الأمريكي إليوت ستاس المقال النقدي الأول على الإنترنت حول فيلم "غاندي"، Gandhi عبر شبكة Compuserve. وفي عام 1990 أطلق كول نيدهام قاعدة بيانات السينما على الإنترنت Internet Movie Data base التي أصبحت مصدراً مهماً حول السينما، ولم تكن النسخة الأولى موقعاً حقيقياً بل مجرد برنامج يتيح لمستخدمي الإنترنت البحث عن المقالات المنشورة على المنتدى.
وشهد عام 1992، انطلاق أول حملة تستعمل الإنترنت للدعاية لفيلم سينمائي هو Les experts، وكذلك إطلاق أول موقع خاص بالأفلام السينمائية من خلال فيلمي talrek وStargate.
وفي عام 1995، بدأ العرض التجاري للفيلم الأمريكي The Net، وهو أول فيلم من هوليوود يتخذ الإنترنت موضوعاً رئيسياً لأحداثه. وفي عام 1996، أُطلق موقع سيني – فبل، وهو أول موقع يوضح مواقيت عمل صالات العرض السينمائي في كل من فرنسا، وسويسرا، وبلجيكا. وفي العام نفسه أُطلق موقعAint cool news الخاص بالأخبار، والشائعات، والمقالات النقدية للأفلام قبل خروجها للقاعات.
وفي عام 1997 وبمناسبة بداية تسويق برنامج المعلومات ريال- فيديو في فبراير، أُعلن عن موقع تصاحبه ثلاثة أشرطة قصيرة من توقيع سيابك لي. وشهد عام 1998 بث الوصلات الإعلانية لفيلم حروب النجوم. كما عُرض عام 1997، فيلم تيتانيك Titanic (في صالات العرض السينمائي بعد أن تكلّف إنتاجه أكبر ميزانية في تاريخ السينما في العالم، تراوحت من 250 إلى 300 مليون دولار إنتاجاً وتوزيعاً.
وفي عام 1998، أنتج فيلم "وصلتك رسالة " " You’ve Got Mail، بطولة ميج رايان Meg Ryan وتوم هانكس Tom Hanks

وقد أضاف الكمبيوتر إمكانات مذهلة في عملية الإنتاج السينمائي أتاحت لصانعي الأفلام إضافة كائنات غير موجودة في الطبيعة، لتلعب أدواراً مهمة في الأحداث تشارك الممثلين الحقيقيين، وتمثل معهم، وقد تحدث بينهم مطاردات واشتباكات، كما جعل الممثلين الحقيقيين يأتون بأعمال خارقة ومثيرة لم تحدث، ولا يمكن أن تحدث. ومن خلال أحد تطبيقات الكمبيوتر أيضاً، أتيحت الفرصة للمستخدم، أن يشاهد ما يود مشاهدته من أفلام، من خلال قائمة موجودة لديه، فما عليه إلا أن يطلب ذلك من جهاز الكمبيوتر، فيبادر بتلبية رغبته، ويظهر الفيلم المطلوب على شاشة الجهاز.
ولعل السينما الإلكترونية، مجرد خطوة على طريق التزاوج بين تقنيات السينما والتقنيات الإلكترونية.

المبحث الثاني : آفاق الثورة الجديدة في تكنولوجيا السينما:

ساهمت الثورة التقنية الإلكترونية في مجال صناعة السينما، في مواجهة مشكلة ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث وصلت الميزانية المتوسطة لإنتاج فيلم في الولايات المتحدة، إلى حوالي 60 مليون دولار، وفقا لتقديرات أواخر التسعينيات؛ وذلك من خلال ظهور موجة من المخرجين الجدد، يعتمدون بشكل أساسي في إنجاز الأفلام، على تقنية كاميرات الفيديو الرقمية، التي توفر الكثير من نفقات الإنتاج.
ولم يتوقف تأثير هذا الاتجاه الجديد على المخرجين الشباب؛ بل بدأ بعض المخضرمين في هوليود، في إدراك ملامح المستقبل القادم.
وهناك عامل آخر يفرض نفسه؛ هو سهولة التوزيع حيث تتيح هذه التكنولوجيا، عرض الأفلام على شبكة الإنترنت دون القتال من أجل عرض الأفلام الصغيرة في عدة دور سينمائية محدودة.
وتقدم العديد من الشركات خدمات التوزيع عبر الإنترنت لمنتجي الأفلام، ومع استمرار الجهود نحو زيادة كفاءة وسرعة نقل البيانات عبر الشبكة، فإن النتائج في المستقبل يتوقع أن تكون مذهلة.

0 التعليقات:

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More