ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

التاريخ والبحوث الآثارية في المشرق العربي


 
التاريخ والبحوث الآثارية

              كانت المصادر الوحيدة المكتوبة التي اعتمدها المؤرخون حتى القرن التاسع عشر تشمل "بقية من تاريخ لبابل كتبه (باليونانية) بيروسُّ وهو كاهن بابلي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد.
              وهذا التاريخ مجموعة من القصص والأساطير والحكايات مرتبة بعض الشيء. ويقسم الكاتب تاريخ بابل إلى فترتين: واحدة ما قبل الطوفان وثانية بعده. ويروي أن ملوك ما قبل الطوفان كانوا عشرة حكموا ما مجموعه 000ر422 سنة، أما الذين حكموا بعد الطوفان فقد انتظمتهم خمس وعشرون أسرة حكمت مدة 525ر36 سنة!
              وكان لدى الباحثين ما ورد في كتب المؤرخين والجغرافيين الكلاسيكيين مثل هيرودتس وبليني وسترابون. وثمة ما جاء في العهد القديم من الكتاب المقدس الذي كان يعتبر مصدرا أصليا للرواية التاريخية الصحيحة يومها. وأخيرا ما ورد عند اخباري العرب الأوائل الذين دونوا ما وصل إليهم. لكن لا يجوز أن يغرب عن البال أن الكثير من هذه الروايات التي نقلها هؤلاء الكتّاب قصد بها العبرة، أي لتبيان ما كان عليه القوم من ضلال قبل أن يصلهم الهدى.
              كان ثمة بين يدي المؤرخين بدءا من أواسط القرن التاسع عشر الكثير من الآثار الضخمة واللقى الأكبر عددا نتيجة أعمال التنقيب الأثري الذي قام به البعض تطفلا بادئ الأمر، ولكنه أصبح عملا منظما يقوم به علماء آثار كبار من الأجانب ومن أهل البلاد.
              فقد كان بوتا، قنصل فرنسا في بغداد، أول من ضرب معولا في سبيل البحث عن الآثار في أرض الرافدين (1843)، إذ أنه قام بالحفر حول كُويُونْجِك، مقابل مدينة الموصل. وقد اتضح فيما بعد أنها كانت آثار نينَوى الأشورية. وقام بعد ذلك بأعمال حفر في خورسـاباد وهي دار شاروكين المدينة التي بناها سرجون الثاني الأشوري (حكم 721-705 ق.م.) وبعد سنتين من عمل بوتا قام لايارد، القنصل البريطاني، بالحفر في نَمْرود، ولما تخلى عن العمل خلفه رسّام، كما خلف بالاس بوتا.
              في أواخر القرن قام لوفتس بالتنقيب بين خرائب وَرَقة (أو الوركاء) فاكتشف أنها كانت أورُك. واكتشف تشرشل أن سَنْكرا هي لارسا القديمة. وبدأ تايلور الحفر في تل المقير فاتضح أنها هي أور، كما تبين نتيجة الحفر في ابوشهرَين أنها هي إريدو وقام دوسارزاك بالحفر في تِلْوة فتبين للآثاريين أنها لاغاش.
              وكان ثمة كشف أثري خطف الأسماع في 1926 إذ كان وولي يقوم بالحفر في موقع اور سنوات أربع، فكشف عن عظمة المدينة. (بهذه المناسبة يعود الكشف عن قبر توت عنخ آمون في مصر إلى الفترة نفسها، وكان أيضا كشفا رائعا). وكان بين كبار رجال الآثار الذين أظهروا ثروة البلاد القديمة كولدواي.
              ولما عنيت إدارة الآثار العراقية بمراقبة أعمال الكشف الأثري والمشاركة فيها برز عراقيون مثل طه باقر وفؤاد صقر وسواهما الذين قاموا بالتنقيب عن أبو شهرين (إريدو) وسواها لكن هذه التنقيبات التي كشفت عن آلاف الألواح المدونة بالكتابة المسمارية السومرية لم تقرأ لأن رموز الكتابة لم تكن قد حُلت بعد.
              ولن نطيل على القراء في رواية قصة حل رموز الكتابة المسمارية، على طرافتها، فالمهم هو أن هنري رولنصون، العالم البريطاني نجح في سنة 1852 في حل رموز الكتابة المسمارية السومرية الأصل، والتي أستعملها أهل أرض الرافدين والجوار بعدهم قرونا طويلة.
              عندها انفتح أمام الباحثين مجال واسع. فالمواد الكتابية التي وجدها الباحثون في هذه النقوش وفي آجرات القصور الملكية وفي مكتبة اشور ناصر بعل كانت كافية لأن توضح لنا حضارة قامت في مدنها ولها سياساتها وإدارتها وحروبها وعلومها السماوية والأرضية وأساطيرها. فنحن الآن نجد بين يدينا كل هذا مقروءا مترجما موضحا. وأصبحنا نستطيع أن نؤرخ للسومريين وخلفائهم في أرض الرافدين. فنترك الأسطورة خلفنا ونقرأ للمؤرخين ورجال الآثار. فإذا مللنا قراءتهم عدنا إلى الأساطير نقرأها للذة الأدبية التي تظهر لنا كيف فسّـر هؤلاء القوم الأولون قيام المدن الهامة وتطورها، بعد أن كان القوم مبعثرين أو متجمعين في قرى أو مجرد مجمعات للتعاون على الحياة

0 التعليقات:

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More