التجارة في الجزيرة العربية
قبل الاسلام
كانت قِنا في الدرجة الاولى ثم عدن في الدرجة الثانية
مكان تجمع التجار والسلع القادمة من الهند والقرن الافريقي وفيها التوابل والحرائر
والطيوب ، هما البلدان اللذان يقصدهما التجار القادمون من الشمال يحملون بعض
الزخارف والمواد الخام والاقمشة الصوفية والقطنية . وفي الميناءين المذكورين كانت
تتبادل سفن اليم وسفن الصحراء احمالها واثقالها .
واول ما يتبادر الى ذهن القارىء هو هذا الجمل الذي كان
يحمل التجار والسلع من الشمال الى الجنوب ومن الجنوب الى الشمال . لعل هذا الامر
اصبح واقعا منذ اوائل الالف الثاني قبل الميلاد اي نحو سنة 2000 او بهدها بقليل .
ذلك ان الجمل الذي يبدو انه كان يكثر في الصحراء العربية
كان القوم يصطادونه للحمه ، ثم دجّنوه حول 2500 ق.م. للسبب ذاته . ولم يكتشفوا انه
الحيوان المثالي لاجتياز الصحراء الاحول 2000 ق.م. اما الحيوان الذي دُجّن فبل ذلك
، اي حول سنة 3000 ق.م. او بعدها بقليل فهو الحمار .
كان هذا هو دابة التنقل والسفر وحمل السلع في الجزيرة
وخارجها . الفرس لم يصل الى بلادنا الاحوال 1800 ق.م. ولم يستعمل الا للركوب
والجندية حتى انتجت من انواع مختلفة منها للركوب – للفرسان – ومنها للحمل مثل
البغل والكديش الا حول 1500 ق.م.
ولان
الحمار كان بحاجة الى مرعى وماء في طريقه ولانه لا يمكن ان يبقى بدونهما مدة طويلة
، فقد اقتضى الامر ان لا يبعد عن طريق فيه مرعى وماء . وكانت قوافله تنتقل من جنوب
الجزيرة – من اليمن – الى الحجاز ومنها الى الشمال .
وكانت
المدينة واحدة من المراكز المهمة لتبادل السلع ، بحيث يمكن للتجار ان يعودوا الى
بلادهم مع دوابهم .
لكن لما
دُجّن الجمل اختلفت القضية اختلافا جذريا" . فالجمل يصبر اياما على الجوع
والعطش . فكان من اول ما حدث ان القوافل اصبحت تتجه ، فضلا عن بلاد الشام الى
العراق راسا من المدينة . كما امكن نقل السلع من اجزاء من الجزيرة الى اجزاء اخرى
.
ولكن من كان يتقبل سلع الجنوب المحلية مثل البجور
المستورد ويزود القوافل والتجار سلعا بدلها ؟. كانت القوافل تحمل سلع الجنوب الى
دمشق – اقدم مدينة في العالم ! – حيث توزعها هذه على الاسواق الشامية . وكانت
القوافل تنقل سلع الجنوب الى غزة في جنوب فلسطين . ومنه هذه المدينة الساحلية كانت
السفن تحمل البضائع الى جزر المتوسط القربية مثل كريت .
كما كانت تصل الى صور وهذه كانت لها اسواقها الواسعة في
البحر المتوسط- قرطاجة في تونس وسواها . وكانت هذه المدن تحمل بحراً بعض ما ينتج في الجزر وما عندها
من مصنوعات فنية زخرفية او صالحة للاستعمال بحيث تنقلها القوافل من تلك الموانئ
الى اسواق الحجاز الرئيسية في المدينة ومنها الى موانئ الجنوب وفي الهند اسواق
لذلك كله . فأرض الله واسعة .
هذه الطرق والمواقف الرئيسية الواقعة عليها استمرت تخدم
الشرق البعيد والغرب القريب وكانت تتزايد مع الزمن ومع تطلب الناس في المنطقتين
لما كان ينتج في الجهات الاخرى. وتفنن الناس في الصناعة وازداد انتاجهم وتوسعت
الاسواق على الجانبين وفي الطريق وذلك لتلبية حاجة السكان في المنطقة الواحدة او
الاخرى .
وتبدلت الاحوال السياسية ، فبعد ان كانت المنطقة باسرها
من جنوب الجزيرة الى شمالها ومن الى الشمال – بلاد الشام والعراق – يحكم اجزاءها
ملوك وامراء محليون . قامت دول وتوسعت امبراطورية بابل الثانية ( القرن السادس قبل
الميلاد ) كما توسعت دولة فارس وامتد نفوذها فيمتد الى مناطق في الجزيرة في
الاجزاء الجنوبية(اليمن وما اليها ). وكانت الامبراطورية الرومانية ، بنت القرن
الاول قبل الميلاد ، قد توسعت شرقا وحاولت الاستيلاء على اليمن ( القرن الاول ق.م.
) . ولكنها فشلت فأكتفت بالسيطرة على مصر
. الا ان الدولة البيزنطية , التي قامت في القرن الرابع الميلادي وكانت عاصمتها
القسطنطينية ، وهي خليفة روما هذه نجحت بعض الشىء في ان يكون لها نفوذ قوي في غرب
شبه الجزيرة تركز في نجران وما حوله .
من هنا
ازدادات المراكز التجارية في الجزيرة العربية اهمية ، واصبح ثمة اربع طرق رئيسية
تلتقي في المدينة وأرباضها و توصلها بشرق الجزيرة اولاها الى مناطق الخليج العربي
وثانيتها الطريق الى اليمن وثمة الطرق الى الشام وهي الثالثة والطريق الى العراق
وهي الرابعة .
ولما جاء
الاسلام وبدأ انتشاره في تلك الجهات زادت اهمية هذه الطرق لانها اصبحت طرق الحجاج
وهكذا فالجزيرة العربية التي كان ينظر اليها دوما كأنها
صحراء خالية ، كانت فيها حركات من اقدم الازمنة وكانت تتقدم بتوسع الاسواق الخارجية
.
انها الجزيرة العربية ذات التاريخ الطويل المتطور مع
الزمن .
0 التعليقات:
إرسال تعليق