محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي التيمي البكري (من بني تيم من قريش يلتقي مع أبي بكر الصديق به) الرازي المعروف بفخر الدين الرازي الطبرستانی
أو ابن خطيب الري. وهو إمام مفسر شافعي، عالم موسوعي امتدت بحوثه ودراساته
ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في:
الفيزياء، الرياضيات، الطب، الفلك. ولد في الريّ. قرشي النسب، أصله من طبرستان. رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان. وأقبل الناس على كتبه يدرسونها، وكان يحسن الفارسية.
كان قائما لنصرة الأشاعرة، ويرد على الفلاسفة والمعتزلة، وكان إذا ركب يمشى حوله ثلاث مئة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام.
له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: التفسير الكبير الذي سماه "مفاتيح الغيب"، وقد جمع فيه ما لايوجد في غيره من التفاسير، وله "المحصول" في علم الأصول، و"المطالب العالية" في علم الكلام، "ونهاية الإجاز في دراية الإعجاز" في البلاغة، و"الأربعين في أصول الدين"، وكتاب الهندسة. وقد اتصل الرازى بالسلطان محمد بن تكشي الملقب بخوارزم شاه ونال الحظوة لديه. توفي الرازي في مدينة هراة سنة 606 هـ.
ومن بعد خراسان توجه فخر الدين الرازي إلى هرات (مدينة في أفغانستان)، وقد عزم على الإقامة مع أهله وولديه بها، واستقر فخر الدين الرازي في أواخر حياته بمدينة هرات، وصارت له بها دار فخمة أعطاها له السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش الذي كان حريصا دائما على حضور مجالسه العلمية. وقد كان يعقد مجالسه العلمية بمسجد هرات. وقد توفي بهرات، ودفن بظاهر هرات عند جبل قريب منها عام 606هـ /1209 م. وفخر الدين الرازي بمجمل مؤلفاته هو أول مَن ابتكر الترتيب وفق قواعد المنطق في كتبه، من حيث ترتيب المقدمات واستنباط النتائج مراعيا التقسيم إلى أبواب، وتقسيم الأبواب إلى فصول، وتقسيم الفصول إلى مسائل فلا تشذ منه مسألة، حتى انضبطت له القواعد، وانحصرت معه المسائل. وفخر الدين الرازي هو أول مَن قال من العرب: إن علم المنطق علم قائم بذاته وليس جزءا من غيره. ومن أهم إنجازات فخر الدين الرازي أنه كان من أوائل العلماء الذين قالوا بنظرية الورود في الضوء من المبصرات إلى العين، وفي كيفية الإبصار. وقد فسر فخر الدين الرازي حدوث الصوت في كتابه المباحث الشرقية بسببين: الأول منهما قريب يحدث من صدم فسكون فصدم فسكون. والثاني منهما بعيد ويحدث من عاملين: القرع. القلع.
كان قائما لنصرة الأشاعرة، ويرد على الفلاسفة والمعتزلة، وكان إذا ركب يمشى حوله ثلاث مئة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام.
له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: التفسير الكبير الذي سماه "مفاتيح الغيب"، وقد جمع فيه ما لايوجد في غيره من التفاسير، وله "المحصول" في علم الأصول، و"المطالب العالية" في علم الكلام، "ونهاية الإجاز في دراية الإعجاز" في البلاغة، و"الأربعين في أصول الدين"، وكتاب الهندسة. وقد اتصل الرازى بالسلطان محمد بن تكشي الملقب بخوارزم شاه ونال الحظوة لديه. توفي الرازي في مدينة هراة سنة 606 هـ.
نشأته:
ولد فخر الدين الرازي بمدينة الري عام 543 هـ /1148م، وكان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها اشتغل بعلم الخلاف في الفقه وأصول الفقه، وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما. وعلى يد والده تعلم فخر الدين العلوم اللغوية والدينية، وتتلمذ في العلوم العقلية على يد مجد الدولة الجيلي بمدينة مراغة (قرية مشهورة بأذربيجان). صار لفخر الدين الرازي تلاميذ صاروا علماء كبارا من بينهم: زين الدين الكشي، وشهاب الدين المصري. وقد كان فخر الدين الرازي شديد الدقة في أبحاثه، جيد الفطرة، حاد الذكاء، حسن العبارة، قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها، عارفا بالأدب، ويتقن العربية والفارسية، وله شعر باللغتين العربية والفارسية. وكان طلاب العلم يقصدونه من كافة البلدان يعشقون مجلسه والاستماع إليه، وكان يعقد مجالسه العلمية حيثما حل في بلاد فارس، وخراسان، وبلاد ما وراء النهر، وكان يقرب منه في حلقات درسه تلاميذه الكبار، وبقية الطلاب والأمراء والعظماء من مستمعيه في حلقات تتلوها حلقات.قصة الحمامة:
حدث في إحدى هذه المجالس أن حمام يطاردها صقر رفرفت في دائر صحن جامع هراة وسقيفته، وكانت العيون ترقبها فلم تجد ملاذا لها سوى أن تدخل إيوان الجامع، ومرت بين الصفوف المتحلقة، وفوق الرؤوس، واستقرت في حجر فخر الدين الرازي، فراح يربت على رأسها وريشها، ففر الصقر هاربا ونجت الحمامة، وكان الشاعر شرف الدين حاضرا المجلس، فارتجل شعرا في حكاية الحمامة، ومدح فخر الدين الرازي.أحواله:
وقد عانى فخر الدين الرازي في صباه وشبابه الكثير من أخيه الأكبر سنا الملقب بالركن، وكان أخوه الركن يعرف شيئا من علوم الفقه والأصول، لكنه كان أهوج كثير الاختلال، ولذلك كان أبوهما لا يخفي إيثار فخر الدين الرازي على أخيه الأكبر، لذا كان هذا الأخ الأكبر يشعر بالغيرة من أخيه فخر الدين الرازي. فقد كان يتبعه في أسفاره ويسير خلفه يشنع عليه ويسفه المشتغلين بكتبه والناظرين في أقواله محتجا بأنه أكبر منه وأعلم وأكثر معرفة بالفقه وأصوله، متعجبا من الناس كيف يقولون فخر الدين الرازي ولا يقولون ركن الدين، ومع ذلك كان فخر الدين الرازي حينما يبلغه هذا الأمر يشعر بالإشفاق عليه ويسارع بالإحسان إليه. وقد عانى فخر الدين الرازي في شبابه المشقات في أسفاره في طلب العلم، فقد غادر الري قاصدا بخارى ليكتسب جديدا من العلم، ويكسب بعض المال وكانت بخارى ما زالت منارة من منارات العلم والمعرفة، ونزل في الطريق بخوارزم وعقد بها حلقة للعلم تحدث فيها بالفارسية والعربية بآراء لم ترضِ أهل خوارزم فأخرجوه منها، وقصد بخارى فوجد أهلها مثل أهل خوارزم، وعانى من الفقر والجوع، فآوى إلى مسجدها الجامع إلى أن رعاه رجل من أهل بخارى، وجمع له مالا من أموال الصدقات. وعاد فخر الدين الرازي بعد ذلك إلى الري وأمن إلى طبيب حاذق له ثروة وله بنتان تزوج إحداهما، وتوفي هذا الطبيب بعد قليل فورثت ابنته ثروة لا بأس بها. وتوجه فخر الدين الرازي إلى السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة، فبالغ في إكرامه، ثم توجه فخر الدين الرازي إلى خراسان، واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكش، ويقال إنه قد أرسله رسولا إلى الهند في بعض أموره.ومن بعد خراسان توجه فخر الدين الرازي إلى هرات (مدينة في أفغانستان)، وقد عزم على الإقامة مع أهله وولديه بها، واستقر فخر الدين الرازي في أواخر حياته بمدينة هرات، وصارت له بها دار فخمة أعطاها له السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش الذي كان حريصا دائما على حضور مجالسه العلمية. وقد كان يعقد مجالسه العلمية بمسجد هرات. وقد توفي بهرات، ودفن بظاهر هرات عند جبل قريب منها عام 606هـ /1209 م. وفخر الدين الرازي بمجمل مؤلفاته هو أول مَن ابتكر الترتيب وفق قواعد المنطق في كتبه، من حيث ترتيب المقدمات واستنباط النتائج مراعيا التقسيم إلى أبواب، وتقسيم الأبواب إلى فصول، وتقسيم الفصول إلى مسائل فلا تشذ منه مسألة، حتى انضبطت له القواعد، وانحصرت معه المسائل. وفخر الدين الرازي هو أول مَن قال من العرب: إن علم المنطق علم قائم بذاته وليس جزءا من غيره. ومن أهم إنجازات فخر الدين الرازي أنه كان من أوائل العلماء الذين قالوا بنظرية الورود في الضوء من المبصرات إلى العين، وفي كيفية الإبصار. وقد فسر فخر الدين الرازي حدوث الصوت في كتابه المباحث الشرقية بسببين: الأول منهما قريب يحدث من صدم فسكون فصدم فسكون. والثاني منهما بعيد ويحدث من عاملين: القرع. القلع.
اكتشافاته:
وقد اكتشف فخر الدين الرازي الفرق بين قوة الصدمة والقوة الثابتة، فالأولى زمنها قصير، والثانية زمنها طويل. كما اكتشف أن الأجسام كلما كانت أعظم كانت قوتها أقوى، وزمان فعلها أقصر، وأن الأجسام كلما كانت أعظم كان ميلها إلى أحيازها الطبيعية أقوى وكان قبولها للميل القسري أضعف. وقد ذكر فخر الدين الرازي أن الحركة حركتان: حركة طبيعية سببها موجود في الجسم المتحرك، وحركة قسرية سببها خارج عن الجسم المتحرك. كما عزا فخر التغير الطارئ على سرعة الجسم إلى المعوقات التي يتعرض لها، ولولاها لاحتفظ الجسم بسرعة ثابتة إذ أن تغير السرعة مرهون بتغير هذه المعوقات، داخلية كانت أو خارجية. وكلما كانت المعوقات أقوى كانت السرعة أضعف. وذكر فخر الدين الرازي أن الجسمين إذا اختلفا في قبول الحركة الطبيعية، لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة بين الجسمين، فالقوة في الجسم المتحرك الأكبر، أكثر مما في الجسم المتحرك الأصغر. وأن الجسمين المتحركين حركة قسرية تختلف حركتهما لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف المتحرك، فالمعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير. وشرح القانون الثالث من قوانين الحركة الذي يقول: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه. وقد شارك فخر الدين الرازي العالم العربي المسلم ابن ملكا البغدادي في القول بأن الحلقة المتزنة بتأثير قوتين متساويتين تقع تحت تأثير فعل ومقاومة أي أن هناك فعلا ورد فعل متساويين في المقدار ومتضادان في الاتجاه يؤديان إلى حالة الاتزان.مؤلفاته
وقد ألف فخر الدين الرازي كتبا كثيرة، وشرح كتبا أقل، في شتى العلوم والفنون في عصره، خلال حياة امتدت أربعة وستين عاما. ومن أهم شروحه شرح الإشارات والتنبيهات للعالم ابن سينا. ومن أهم كتبه في الفيزياء: المباحث الشرقية وهو كتاب موسوعي على غرار كتاب ابن ملكا البغدادي: المعتبر في الحكمة وهو من أشهر كتبه، وقد أودع فيه كافة إنجازاته العلمية. ومن أهم كتبه في الرياضيات: مصادرات إقليدس وهو كتاب في الهندسة. ومن أهم مؤلفاته في الفلك: رسالة في علم الهيئة. ومن أهم كتبه في الطب: مسائل في الطب. كتاب في النبض. كتاب في الأشربة. وكتابان لم يتمهما: الطب الكبير أو الجامع الملكي الكبير. كتاب في التشريح من الرأس إلى القدم. وهو كتاب هام في علم التشريح وله شروح لبعض كتب ابن سينا الطبية وهي: القانون في الطب. الكليات. عيون الحكمة. وله كتاب في الأخلاق بعنوان: النفس والروح وشرح قواهما دراسة وتحقيق الدكتور عبدالله محمد عبدالله إسماعيل (المكتبة الأزهرية للتراث، مصر 2012م). ومن كتبه في علم الكلام: أساس التقديس دراسة وتحقيق الدكتور عبدالله محمد عبدالله إسماعيل (المكتبة الأزهرية للتراث، مصر 2010م).
**********************************
شخصية الرازي
كان “أبو بكر
الرازى” رجلاً رقيقًا، كريمًا، سخيًّا، بارًّا بأهله وأصدقائه ومعارفه،
عطوفًا على الفقراء والمحتاجين يعالجهم دون أجر، ويتصدق عليهم من ماله
الخاص فقد كان ثريًّا واسع الثراء، كما كان يجتهد في علاجهم بكل ما أعطاه
الله من علم، وقد كان “الرازى” يراعى تعاليم الإسلام وحرمة جسم الإنسان فى
بحوثه وتجاربه , فكان يقوم بعمليات التشريح وتجريب الأدوية على الحيوان
أولاً قبل أن يوصفها للإنسان، لكنه كان- مع ذلك- رفيقًا بالحيوان أيضًا،
فقد وصف كثيرًا من الأدوية التي تعالج كثيرًا من الأمراض التي تصيب
الحيوانات.
من أقواله
عالج أول العلة بما
لا يسقط القوة, وما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه الناس وعضدته التجربة
وليكن أمامك. إن استطاع الحكيم أن يعالج بالأغذية دون الأدوية فقد وافق
السعادة. ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يوثق به من الأطباء فخطؤه في
جنب صوابه يسير جدا. الحقيقة في الطب غاية لا تدرك والعلاج.
كان مؤمنا باستمرار التقدم في البحوث الطبية.. مؤلفاته ترجمت إلى اللاتينية والفرنسية والألمانية
القراءة رفيقه الدائم في رحلته العلمية.. وكان مدافعا عن سيرة سقراط الفلسفية
هو أحد أعظم أطباء
الإنسانية على الإطلاق كما وصفته زجريد هونكه في كتابها شمس العرب تسطع على
الغرب، نبغ في العديد من العلوم منها الطب، الفلسفة، الكيمياء، الرياضيات،
العلوم الطبيعية وغيرها الكثير، وكان من ثمار جهده المتواصل مجموعة
المؤلفات الضخمة التي تركها إرث من بعده لأجيال من العلماء والدارسين في
العديد من المجالات العلمية والتي أخذوها كمرجع لهم في الكثير من المسائل
العلمية والطبية.
هو أبو بكر محمد بن
يحيى بن زكريا الرازي عالم وطبيب. ولد في مدينة الري في خراسان. حيث ألف
كتاب الحاوي في الطب كان يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام
925م وظل المرجع الرئيس في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ
وفي الري اشتهر
الرازي وجاب البلاد وعمل رئيسا لمشفی له الكثير من الرسائل في شتى مجالات
الأمراض وكتب في كل فروع الطب والمعرفة في ذلك العصر، وقد ترجم بعضها إلى
اللاتينية لتستمر المراجع الرئيسية في الطب حتى القرن السابع عشر، ومن أعظم
كتبه “تاريخ الطب” وكتاب “المنصور” في الطب وكتاب “الأدوية المفردة” الذي
يتضمن الوصف الدقيق لتشريح أعضاء الجسم. هو أول من ابتكر خيوط الجراحة،
وصنع المراهم، وله مؤلفات في الصيدلة ساهمت في تقدم علم العقاقير، وله 200
كتاب ومقال في مختلف جوانب العلوم.
وقد سجل مؤرخوا
الطب والعلوم في العصور الوسطى آراء توووت ومتضاربة عن حياة العالم أبي بكر
محمد بن يحيى بن زكريا الرازي، ذلك الطبيب الفيلسوف الذي تمتاز مؤلفاته
وبعضها باللغة العربية، بأصالة البحث وسلامة التفكير، وكان مولده في مدينة
الري، بالقرب من مدينة طهران الحديثة، وعلى الأرجح أنه ولد في 865 م.
وكان من رأي الرازي
أن يتعلم الطلاب صناعة الطب في المدن الكبيرة المزدحمة بالسكان، حيث يكثر
المرضى ويزاول المهرة من الأطباء مهنتهم، ولذلك أمضى ريعان شبابه في مدينة
السلام، فدرس الطب في بغداد.
وقد أخطأ المؤرخون
في ظنهم أن الرازي تعلم الطب بعد أن كبر في السن، وتوصلت إلى معرفة هذه
الحقيقة من نص في مخطوط بخزانة بودليانا بأكسفورد، وعنوانه «تجارب « مما
كتبه محمد بن ببغداد في حداثته «، ونشر هذا النص مرفقا بمقتطفات في نفس
الموضوع، اقتبستها من كتب الرازي التي ألفها بعد أن كملت خبرته، وفيها يشهد
أسلوبه بالاعتداد برأيه الخاص.
بعد إتمام دراساته
الطبية في بغداد، عاد الرازي إلى مدينة الري بدعوة من حاكمها، منصور بن
إسحاق، ليتولى إدارة مستشفى الري، وقد ألف الرازي لهذا الحاكم كتابه
«المنصوري في الطب» ثم «الطب الروحاني» وكلاهما متمم للآخر، فيختص الأول
بأمراض الجسم، والثاني بأمراض النفس.
وعمل الرازي على
دراسة الرياضيات والموسيقى وعندما بلغ الثلاثين من عمره أتجه إلي دراسة
الطب والكيمياء، وكانت القراءة هي رفيقه الدائم في رحلته العلمية والتي كان
يستغرق فيها أوقاتاً طويلة، وخاصة في فترة المساء فكان يمكث في فراشه يقرأ
قبل أن يخلد للنوم.
رحل الرازي إلي
بغداد حيث عكف فيها على دراسة الطب واقبل على هذه الدراسة بشغف كبير وإصرار
وعزيمة أن يحقق بهذه الدراسة الكثير، وبعد أن أتم دراسته قام بترأس
البيمارستان العضدي في بغداد، ثم عاد مرة أخرى إلي موطنه الأصلي في الري
حيث شغل هناك منصب رئيس الأطباء في البيمارستان الملكي فيها.
السيرة الفلسفية
وكان الرازي
متواضعا ويبدو تقشفه في مجرى حياته من كلماته في كتاب “السيرة الفلسفية»
حيث يقول: «ولا ظهر مني على شره في جمع المال وسرف فيه ولا على منازعات
الناس ومخاصماتهم وظلمهم، بل المعلوم مني ضد ذلك كله والتجافي عن كثير من
حقوقي. وأما حالتي في مطعمي ومشربي ولهوي فقد يعلم من يكثر مشاهدة ذلك مني
أني لم أتعد إلى طرف الإفراط وكذلك في سائر أحوالي مما يشاهده هذا من ملبس
أو مركوب أو خادم أو جارية وفي الفصل الأول من كتابه «الطب الروحاني»، «في
فضل العقل ومدحه»، يؤكد الرازي أن العقل هو المرجع الأعلى الذي نرجع إليه، «
ولا نجعله، وهو الحاكم، محكوما عليه، ولا هو الزمام، مزموما ولا، وهو
المتبوع، تابعا، بل نرجع في الأمور إليه ونعتبرها به ونعتمد فيها عليه».
كان الطبيب في عصر
الرازي فيلسوفا، وكانت الفلسفة ميزانا توزن به الأمور والنظريات العلمية
التي سجلها الأطباء في المخطوطات القديمة عبر السنين وكان الرازي مؤمنا
بفلسفة سقراط الحكيم (469 ق. م- 399 ق. م)، فيقول، أن الفارق بينهما في
الكم وليس في الكيف. ويدافع عن سيرة سقراط الفلسفية، فيقول: أن العلماء
إنما يذكرون الفترة الأولى من حياة سقراط، حينما كان زاهدا وسلك طريق
النساك. ثم يضيف أنه كان قد وهب نفسه للعلم في بدء حياته لأنه أحب الفلسفة
حبا صادقا، ولكنه عاش بعد ذلك معيشة طبيعية.
البحوث الطبية
كان الرازي مؤمنا
باستمرار التقدم في البحوث الطبية، ولا يتم ذلك، على حد قوله، إلا بدراسة
كتب الأوائل، فيذكر في كتابه «المنصوري في الطب « ما هذا نصه: «هذه صناعة
لا تمكن الإنسان الواحد إذا لم يحتذ فيها على مثال من تقدمه أن يلحق فيها
كثير شيء ولو أفنى جميع عمره فيها لأن مقدارها أطول من مقدار عمر الإنسان
بكثير، وليست هذه الصناعة فقط بل جل الصناعات كذلك، وإنما أدرك من أدرك من
هذه الصناعة إلى هذه الغاية في ألوف من السنين ألوف، من الرجال، فإذا اقتدى
المقتدي أثرهم صار أدركهم كلهم له في زمان قصير. وصار كمن عمر تلك السنين
وعنى بتلك العنايا، وإن هو لم ينظر في إدراكهم، فكم عساه يمكنه أن يشاهد في
عمره، وكم مقدار ما تبلغ تجربته واستخراجه ولو كان أذكى الناس وأشدهم
عناية بهذا الباب، على أن من لم ينظر في الكتب ولم يفهم صورة العلل في نفسه
قبل مشاهدتها، فهو وإن شاهدها مرات كثيرة، أغفلها ومر بها صفحا ولم يعرفها
البتة» ويقول في كتابه «في محنة الطبيب وتعيينه»، نقلا عن جالينوس «وليس
يمنع من عني في أي زمان كان أن يصير أفضل من أبوقراط.
اختراعات وابتكارات
وساهم الرازي
بالعديد من الاختراعات والابتكارات في مجال الطب والكيمياء هذا نظراً
لذكائه وأبحاثه وسعيه الدائم من أجل العلم مما جعله مساهم أساسي في العديد
من الأمور الطبية والعلمية التي يسير عليها الأطباء والعلماء إلي الآن.
وقام الرازي
بابتكار خيوط القصاب من أمعاء القطط هذه الخيوط التي تستخدم في العمليات
الجراحية وقام ايضاً باستعمال الفتائل في الجروح.
كما كان هو أول من فرق بين كل من الجدري والحصبة وقام بوصف كل منهما وصفا دقيقا وقام بتركيب مراهم الزئبق.
وغيرها العديد من
الإنجازات الطبية الهامة، فكان الرازي هو أول من استخدم الكيمياء لخدمة
الطب فقام بتحضير عدد من المركبات الكيميائية التي تخدم الصيدلية مثل أنه
أول من قام بتحضير مادة الكحول من مخمرات محاليل سكرية، وحمض الكبريتيك
بتقطير كبريتات الحديد.
كما عمل الرازي على
تقديم شرح لعدد كبير من الأمراض منها أمراض الأطفال والنساء والولادة،
وجراحة العيون وأمراضها، ومارس الرازي العديد من الأمور الطبية المتخصصة
التي نعرفها اليوم في الطب الحديث حيث كان يعتمد في دراساته وأبحاثه على
إجراء التجارب والتحقق العملي منها للحصول على النتائج وكان يختبر الدواء
أولاً على القرود قبل أن يعطيه للإنسان، كما عمل على متابعة الحالة المرضية
وتسجيل التطورات التي تطرأ عليها لكي يتمكن من تقديم العلاج المناسب لها،
وعمل على إجراء التحاليل للمريض وقياس النبض لكي يتمكن من تشخيص المرض.
وكان يدعو دائماً
للعلاج بالدواء المفرد وعدم اللجوء للدواء المركب إلا في حالات الضرورة،
وكان يقول في ذلك « مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد، فلا تعالج بدواء مركب».
شهرة عالمية
ونال الرازي شهرة
عالمية وذاعت شهرته في العديد من البلاد الأوربية كما لاقت مؤلفاته انتشار
هائل وتم ترجمتها لعدد من اللغات الأوربية مثل اللاتينية والفرنسية
والألمانية، كما أعيد طبعها أكثر من مرة وضمت المكتبات الأوربية هذه النسخ
والتي قاموا باستخدامها كمراجع طبية هامة، ومصدر للدراسة والعلم، وظلت هذه
المؤلفات هي المراجع الرئيسية للطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر
الميلادي.
ومما يدل على مدي
تأثير هذا العالم الطبي العظيم على الساحة العلمية هو احتفاظ جامعة
“برنستون” الأمريكية بمؤلفاته في واحدة من أعظم قاعاتها، كما قامت بإطلاق
أسمه عليها كنوع من التكريم والتبجيل لهذا العالم العظيم نظراً لجهوده
العلمية المؤثرة في العلوم الطبية.
أثرى الرازي
المكتبة الطبية والعلمية بالعديد من المؤلفات الهامة التي شملت العديد من
المجالات فيوجد له مؤلفات في الطب والكيمياء والفلسفة والمنطق نذكر من
مؤلفاته الطبية: الحاوي في علم التداوي، الجدري والحصبة، المنصوري في
التشريح، الكافي في الطب، سر الطب، منافع الأغذية، دفع مضار الأغذية وغيرها
العديد من الكتب في المجال الطبي، أما بالنسبة لمؤلفاته في الطبيعيات
فمنها كيفيات الإبصار، شروط النظر، الهيولي المطلقة والجزئية، هيئة العالم،
اشتهر الرازي في علم الكيمياء كواحد من رواد هذا العلم والذي استغرق في
دراسته وأجراء العديد من التجارب الكيميائية والتي وظفها في خدمة الطب وعرف
الرازي كواحد من تلاميذ العالم العربي الكبير جابر بن حيان رائد علم
الكيمياء، ومن مؤلفات الرازي في علم الكيمياء هي سر الأسرار، التدبير،
الأكسير، رسالة الخاصة، الحجر الأصفر، هذا بالإضافة إلي مؤلفاته في مجال
الفلسفة ومنها المدخل إلي المنطق، المدخل التعليمي، المدخل البرهاني، ويوجد
الكثير من المؤلفات الأخرى والتي تضمها أعظم المكتبات حول العالم.
توفى الرازي في عام
936 م، وذلك بعد أن قدم العديد من الخدمات العلمية الجليلة وبعد أن بذل
الكثير من الجهود من أجل أبحاثه وتجاربه حتى أنه فقد بصره في أواخر حياته
نتيجة لشغفه بالإطلاع المستمر واستغراقه في القراءة لفترات طويلة من الليل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق