ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

السبت، 26 يناير 2013

الروايات الفرنسية أساءت للبطلة نسومر وعلينا إعادة كتابة التاريخ بأقلام جزائرية



     من منا  لم يسمع باسطورة المقاومة  والكفاح لا لا فاطمة نسومر أشهر النساء الجزائريات في النضال والصمود، قهرت الاحتلال الفرنسي الغاشم و واجهت اعتى قوة عسكرية فالمراة البربرية التي تعود الى أصول قبائلية لا تزال  حية في قلب كل جزائري  البعض يلقبها بالمرأة الفولاذية والاستعمار أطلق عليها على لسان المؤرخ الفرنسي  "لوي ماسينيون " اسم "جان دارك جرجرة " لكنها رفضت ان يطلق عليها هذا الاسم فاختارت بدله "خولة جرجرة"

هي امراة  ولدت عام 1830 في كنف عائلة تنتمي إلى الطريقة الرحمانية في عرش "اث ورجة " و نشات نشاة دينية فتفقهت في أمور دينها ودنياها وتشبعت بمبادئ الدين الاسلامي الحنيف واستطاعت أن تقود أشهر المعارك ضد المستعمر الفرنسي .
أشار الدكتور الخبير  سعيد عيادي المختص في علم الاجتماع المعرفي  على أمواج إذاعة برج بوعريريج ، أن مقاومة القائدة البطلة لا لا فاطمة نسومر لم تكن تعبر عن  وجود تيار ثوري محلي فحسب بل  كانت تمثل تيارا ثوريا جغرافيا ممتدا  في الجزائر خارج منطقة الإقامة  ، وحسب  الدكتور عيادي ففاطمة نسومر كانت تنتمي إلى بيت علم شريف  والى عرش "اث ورجة" وهو من العروش التي كانت قد نبتت تاريخيا  في جانبها المعرفي التاريخي ضمن ما يسمى بمدرسة "سيدي يحي العيدلي"  و"سيدي عبد الرحمان الثعالبي"  وصولا  في نهاية المطاف  إلى سيدي "عبد الرحمان الجرجري"  الذي أسس ما يسمى بالطريقة الرحمانية  ، حيث كان اغلب سكان  منطقة المدية والبرواقية ووزرة آنذاك   من أتباع هذه الطريقة والمدرسة  التي تحمل علما ومعرفة وصورة دقيقة عن هوية المجتمع الجزائري  كما أوضح المتحدث  أن فرنسا لما أحست بصلابة وشجاعة  لا لا فاطمة نسومر  انشات هيئة  استخباراتية فرنسية لمراقبتها  وتقفي آثارها
ولما تنقلت نسومر نحو منطقة وزرة وتيطري  تم مضايقتها  من طرف احد اكبر ضباط الاستخبارات الفرنسية   آنذاك ويسمى الكابيتان" قرييار"  حيث اعد هذا الاخير  تقرير قوي جدا على السيدة  فاطمة نسومر التي كانت قد  أعلنت ثورتها وقادت الجيوش في سن 24 سنة  وكانت قد اكتسبت الخبرة مع فيالق وفروع القائد احمد بوبغلة وبالتالي أدى الامر  في نهاية المطاف على ان تصقل مواهبها الفكرية  والمعرفية والقتالية ، الشيء الذي أعطى لها نوعا من "الكاريزما" التي سهلت لها  القبول الواسع والترحاب والانجذاب من مختلف القوى المقاتلة في  الجزائر التي سارت خلفها  وحققت انتصارات كبيرة  جدا أقلقت بالفعل السلطات  الفرنسية  ، كما أشار الباحث ان أكثر  الذين عبروا عن هذا القلق  هم  من الكتاب الفرنسيين الذين اشاروا بالأصبع إلى الدور الكبير الذي لعبته هذه المرأة الرحمانية التي تتصف بعدة خصائص جعلت منها قائدة وبطلة كبيرة  أولها  أنها استطاعت  الحفاظ على  الأصل الشريف  في تبني الخط التاريخي  للمقاومة الجزائرية ، فلو عدنا  إلى منطقة القبائل نجد الأصول القديمة  تعود الى  "اث عباس"  و"اث غبرين" و"اث ورجه "وكلهم لعبوا ادوارا تاريخية  كبيرة في هذا المجال  كما ان مستوى المعرفة التي تلقتها  هذه السيدة قبل ان تتحول  الى قائدة عسكرية  نلاحظ أنها  تشبعت  بعلوم  أولئك المشايخ  الذين ينتمون  الى هذه المدرسة القديمة  وهي مدرسة " سيدي يحي  العيدلي " عبر مؤلفات وكتب  وخاصة تلامذة  هذا الشيخ ، بالإضافة الى قدرة فاطمة  نسومر على الإقناع وهي صفة من صفات  القائد الناجح ومن سمات القيادة حيث كانت تجذب نحوها  اراء الذين يستمعون إليها  وبالتالي يقتنعون بأطروحاتها  فيسيرون خلفها   كما تميزت بمعرفتها الدقيقة لمكونات المستعمر فالمرأة  كانت تعي أخلاقياته وسياساته ، ونشاطه الديني ، خاصة وان المنطقة كانت تشهد وجودا  قويا  للآلة المسيحية  فكانت تعيش بوعي كبير وهو ضرورة الحفاظ على  دور الرحمانية ، والتمسك بهذه الأصول الدينية  والوعي اللاشعوري في الجزائر  ، كما اتسمت بقدرتها القوية  على استيعاب كل خصائص البنية القبلية  لمكونات الشعب الجزائري  والقدرة على التعامل والتفاعل معها حتى تشكلت كلها في قالب واحد فاستطاعت ان تذيب كل الجهويات والجغرافيات  ، والانتماءات ، وحولتها  الى  فرد واحد ، و رجل واحد ، و إنسان يعتقد بان للجزائر هوية واحدة  ومشتركة  تلم كل الأطياف والأطراف ، وعند الحديث بالتحديد عن منطقة القبائل   فان الاستعمار الفرنسي  حاول  نزع صفة الثورية الوطنية عن هذه المنطقة بشتى الوسائل  وان يصبغ عليها صبغة الثورة العقارية وهذا ما نجده خاصة في كتاب "الكسندر دوما " الذي كتب كثيرا عن الثورة  في منطقة القبائل وكان يقول ان  الثورات في  هذه المنطقة وحتى في برج بوعريريج مع الشيخ المقراني  بمجانة وغيرها   لم تكن في نهاية المطاف   سوى  "ثورات عقارية " بمعنى القتال من اجل استرجاع الارض المسلوبة وهذا خطا تاريخي  يطرحه هذا الكاتب  فالقائدة لا لا فاطمة نسومر خاضت معاركها الاولى  في منطقة القبائل  في ناحية "اث  عباس  واث ورجة" قبل ان تنتقل فيما بعد وكانت حاجة القبائل على مستوى منطقة الثعالبة تشهد حضورا ثوريا كبيرا وبالتالي فان أشهر  المعارك التي قادتها بعد منطقة وادي الزيتون  بناحية وزرة  وهي المعركة التي خلدتها كبطلة شهيرة وقوية جدا  أدت في نهاية المطاف  بسكان منطقة وزرة والبرواقية الى الاستمساك بها كقائدة والانضواء  تحت لوائها ،، وكانت في نفس الوقت  تحقق وحدة  جزائرية  تحت هذا اللواء  الرحماني الثوري  ومن ناحية ثانية  كانت تجعل الجزائريين ينتبهون  إلى القيمة الحقيقية والصوفية  الدقيقة التي كانت تتمتع  بها المدرسة الرحمانية  حيث تمكنت في وقتها  الى غاية وفاتها  على أن تصحح تلك الصورة السيئة التي كان ورائها  ضباط فرنسيون كانوا يروجون  عنها أفكارا سيئة بهدف الإساءة لسمعتها  كما  تطرق  الدكتور عيادي  إلى  وجود بعض الكتب  التي تسعى الى تشويه التاريخ منها ما ذهب اليه بعض المؤرخون   إلى أن الشيء الذي عطل الجزائر وجعل الفرنسيين يقومون بهذه الرحلة الحضارية  الى الجزائر ، إنما تعود إلى تلك الصولة الجاهلية  والأسطورية  التي فرضها الصوفيون في الجزائر وهذا خطا تاريخي ونتمنى  اننا نعيد الاعتبار الى هذه البطلة المقاومة  التي ساعدت  على تحرير الجزائر  من الاستعمار الفرنسي  وساعدت على جعل الطريقة الرحمانية  تعيد دورها التاريخي  للمجتمع الجزائري   وأوضح الدكتور  عيادي، انه من غير الممكن أن نترك أيادي أخرى غير جزائرية  تقوم بإعادة كتابة  تاريخ هؤلاء  الأبطال والرموز  بصورة مشوهة  "فللأسف الشديد  نتألم  للصورة التي تروجها الروايات الفرنسية عن السيرة الذاتية للسيدة لا لا فاطمة نسومر  ونفس الدرجة يساء فيها  أيضا إلى  البطلة  الكاهنة  التي تصور بصورة على غير حقيقتها" لذا وجب تنبيه كل المؤرخين وكتاب السيناريو وأصحاب الأعمال الفنية  ان يأخذوا بالحسبان  العودة إلى المراجع والمصادر والكتابات التاريخية الأولى  التي تعطي قراءة تاريخية انثروبولوجية  اجتماعية ودينية  فالمرأة اكبر  من ان تكون فتاة تسقط في  عشق احمد بوبغلة  ولو كانت كذلك لما قادت  ثورات  شرسة ضد المستعمر الفرنسي الغاشم   مما بات يستوجب منا أن نعيد  قراءة  تاريخ رموزنا بالابتعاد عن الصور العاطفية المارقة كما أضاف يقول انه يجب علينا  كجزائريين في الوقت الراهن  إدراج ابطالنا ضمن السياق الحقيقي البطولي ألعرفاني حتى يمكننا أن  نرد الاعتبار إليهم  ونحفظ ذاكرتنا الجماعية من التشويه . كممثلة لهذه الروح التاريخية للشعب الجزائري و أشار محدثنا الى أن هناك بعض الروايات الفرنسية الخاطئة التي تذهب  إلى القول بان  السيدة لا لا فاطمة نسومر  في آخر سنواتها قد وهن عظم الإيمان فيها  ووقعت في حب  احمد بوبغلة وهذا خطا تاريخي  يروجه المؤرخون الفرنسيون  و أكاذيب لا أساس لها من الصحة   وللأسف ظهرت هذه القصة في فيلم عذراء الجبل  وهو غير مقبول تاريخيا لأنه أساء  لهذه السيدة  فالمرأة كانت فقيهة محيطة بالمنبع ألعرفاني  للطريقة الرحمانية  وكانت متشبعة بهذه المبادئ  وتمثل احد أقطاب الطريقة الرحمانية   وهو الشيخ عبد الرحمان الجرجري  وكانت متصوفة ليس فقط على مستوى الأوراد والأذكار  فحسب  وإنما على مستوى البنية المعرفية  التي تجعل الإنسان يتصور في شخص  لا لا فاطمة نسومر هيئة او مؤسسة تعمل على إشاعة البعد الثوري  ضمن منطقه ألعرفاني الصوفي   وهو "ان الإنسان اذا أراد ان يتحرر من ملكوت الحياة فعليه ان يستمسك بملكوت الله سبحانه وتعالى  ولا يتم ذلك الا من خلال الاعتقاد في قوة الله"  وهو ما كانت فاطمة نسومر تبثه في أتباعها  وفي المناطق التي تدخل إليها
جلال نايلي

0 التعليقات:

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More