ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

||

ترجمة/Translate

الجمعة، 8 فبراير 2013

النظريات العلمية الطبية عند الطبيب ابن زهر



الكاتب :دكتور جعفر يايوش   

التعريف بالكاتب:  مسؤول دراسات الماستر أدب وحضارة قسم الأدب العربي-جامعة مستغانم رئيس فرقة البحث في تاريخ الطب بالجزائر بوحدة البحث ، جامعة وهران1-أحمد بن بلة-GRAS
    نقدم في هذا البحث شخصية علمية مسلمة من الأندلس كان لها دور هام في تقدم علم الطب بالأندلس ألا وهي الطبيب أبو مروان بن علاء بن زهر، والذي يعد أستاذ الطبيب والفيلسوف بن رشد، وفي هذا البحث التاريخي نخالف نوعا ما الكيفية التقليدية التي ألفناها في البحوث المتعلقة بتاريخ العلوم عند المسلمين، إنه بحث أخذ منا ما يقارب سبع سنين ألزمتنا التحقق من المسائل الطبية العلمية .عند هذا الطبيب لإخضاعها للبحث المخبري المقارن حتى نتبين مدى أهمية ما قام به والذي كان يعتبر مصدرا أساسيا في كليات الطب بأوروبا حتى نهاية القرن التاسع عشر من الميلاد.
تمهيد:
تعد عائلة بني زهر الأندلسية، من بيوت الأندلس الشهيرة بتوارث العلم والأدب والوزارة لمدة تزيد على ثلاثة قرون كاملة؛ فالجد الأعلى لها هو: « محمد بن مروان بن زهر الفقيه »1. منشأ الدولة العبادية، كان فقيها اشتهر بالعلم والتقوى والفصاحة والكرم، وتوفي في السادسة والثمانين من عمره في طلبيرة عام 422 هـ/1031 م2 ، وهكذا يرفع النسب إلى « زهر » بن إياد بن معد بن عدنان أحد أجداد العرب3.
ثم توالت ذرية الجد الفقيه، وكان أولهم ابنه أبو مروان عبد الملك، الذي اشتهر بالطب، رحل إلى المشرق وتولى رياسة الطب ببغداد ثم بمصر فالقيروان، وأخيرا رجع إلى الأندلس واستوطن دانية 4، وطار ذكره منها إلى أقطار الأندلس والمغرب5، واشتهر بالتقدم في علم الطب حتى بذ أهل زمانه ولم يغادر مدينته، حتى توفي بها سنة 470 هـ6، من غير أن يترك آثارا تذكر في المصادر المترجمة له.
         خلفه بعد ذلك ابنه أبو العلاء زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان زهر الإيادي الإشبيلي7، طبيب الأندلس وصاحب التصانيف، أخذ عن أبيه وحدث عنه في مسائل الطب ابنه أبو مروان وأبو بكر ابن أبي مروان8 ، وأبو عامر بن ينق9، وغيرهم، وذكر بعض خبره المجتلب أبو الفضل بن عياض وحكى عنه10، وتوفي بقرطبة منكوبا11، وكان سبب وفاته نغلة بين كتفية سنة 525 هــ، واحتمل إلى إشبيلية12، ودفن بها13.
         ثم جاء من بعده ابنه أبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك الإشبيلي طبيب عبد المؤمن بن علي ، وصاحب التصانيف، أخذ عن والده وبرع في الصناعة، وهو الذي صنف الترياق السبعيني، لعبد المؤمن، توفي بإشبيلية سنة 557 هـ14 .
         وبرز خلفه محمد بن عبد الملك بن زهر، أبو بكر الحفيد، من بعد في صناعة الطب، وكان حاذقا في العلاج، خلف شعرا في الموشحات، وخدم بالطب الخليفة الموحدي يعقوب المنصور، ومات في مدينة مراكش مسموما، ودفن بروضة الأمراء عام 595 هـ15.
         و هناك طبيب آخر من هذه العائلة اسمه أبو بكر بن الحفيد، كان جيد الفطرة حسن الرأي، كثير الاعتناء بصناعة الطب والنظر فيها، والتحقيق لمعانيها، ولد عام 577 هـ بمدينة إشبيلية، وقتل بالسم مثل والده سنة 602 هـ في مدينة سلا في الجهة المسماة برباط الفتح ودفن بها16، وكان ذلك أثناء توجهه إلى مراكش، ثم حمل من ذلك الموضع إلى إشبيلية ودفن بمقر آبائه خارج باب الفتح، وكانت مدة حياته خمسا وعشرين سنة17.
         و قد امتدت آخر السلسلة إلى ما بعد بني مرين، حيث توفي طبيب من أسرة بني زهر يعرف بابن زهر المغربي عام 825 هـ18، ولم نعثر له على أخبار أخرى، أكثر من هذا.
ويذكر ابن أصيبعة أن هناك طبيبتان من هذه الأسرة الأندلسية، وهما: أخت الحفيد بن زهر وابنتها، عالمتان بصناعة الطب والمداواة ولهما خبرة جيدة. بما يتعلق بمداواة النساء، وكانتا تدخلان على نساء المنصور، ولا يقبل للمنصور وأهله ولدا إلا أخت الحفيد أو ابنتها لما توفيت أمها 19.
         وقد ترك أفراد هذه الأسرة العلماء، آثار كبيرة في الطب؛ فقد أغلبها، ولذا وضعنا ثبتا لمؤلفات بني زهر الطبية
أولا: الحقائق العلمية التجريبية:
1. الدم وإرهاصات علم الجراثيم والبكتيريا:
         يرجع سبب اهتمام الطبيب ابن زهر بدراسة الدم، وذلك لإدراكه للعلاقة القائمة بين الدم والهواء سواء كان هذا الأخير نقيا أو موبوءا، ولهذا: فنتائج ابن زهر في هذا الجانب تعتبر متقدمة جدا بالنسبة للزمان الذي كان فيه مع قلة الوسائل العلمية آنذاك.
أ. حقيقة الدم:
                يقول الطبيب ابن زهر بشأن حقيقة الدم: « وقد علمت أن الدم من الآلات الطبيعية على هضم الغذاء، وحسن الاستمراء وخاصة الكبد، وهو خادمها ومركب قواها وروحها »20
         ويقول كذلك: « (...) منعت عنه الأرواح والقوى التي تأتيه من الدماغ بالحس والحركة ومن الكبد بالاغتذاء وشهوته، ومن القلب بالقوة الحيوانية والنبض فيموت العضو ويفسد؛ وكل عضو عدم الحس والحركة والغذاء والنبض، لم يبق له نوع من الحياة ... ».21
         وبما أن الدم أحد الأرواح، وهو من جهة روح نفساني، ومن جهة أخرى فهو روح حيواني، لأن الدم موجود في القلب، وفي الكبد أيضا ولذا يقول: « والأرواح وإن اختلفت ينابيعها؛ فإنها كلها تجمعها اللطافة المتناهية، هذا على مذهب من يرى أن الأرواح كل واحد منها ليس يختلف عن الآخر منها، ورأى بعض أئمة الطب وبعض أئمة العلم الطبيعي أنها كلها إنما ترجع إلى أصل واحد منها، واختلفوا في ذلك الأصل، فمنهم من اعتقد ذلك الأصل القلب كفرقة المشائين، ومنهم من رأى ذلك الأصل الدماغ، فعلى من يرى أن الأصل لها هو الدماغ فالعطري إنما يختص بها بهذا السبب، وأما من رأى أن القلب هو الأصل فيها وفي أرواحها؛ فالقلب نجده أيضا تؤثر العطرية فيه ما لا يؤثره شيء »22.
         ويزيد الأمر وضوحا بقوله: « والقلب كما قد علمنا عضو رئيسي شريف (...) وأفصح جالينوس فيه، بأنه لا يموت حيوان حتى يسكن قلبه (...) وله بطنان أشرفهما الأيسر فيه روح كثير ‑[يقصد بالروح الدم]‑ »23.
         وأيضا: « والكبد أحد الأعضاء الرئيسة، وأرسطو الفيلسوف يرى أن الأصل في حرارتها الطبيعية حرارة القلب، والأطباء يرون أن الكبد بذاتها عضو رئيسي (...) والكبد ينبوع القوة الطبيعية التي بها يكون الهضم والإنضاج والجذب والدفع، وقد أفاضت الكبد من هذه القوى، وخاصة القوة المحيلة في جميع البدن »24.
ب. خصائصه:
         بعد أن تعرفنا على مبدأ هذا الروح « الدم » عند الطبيب ابن زهر؛ فما هي خصائصه يا ترى ؟ يقول الطبيب أبو مروان: « فإن تشريح العظام لا يحتاج فيه إلى حيوان حي ولا يحتاج فيه إلى اختبار الحركات ولا يعقوك عن ذلك، كما يعرف في تشريح العروق والعضل والعصب فوران الدم وسيلانه »25.
         ويقول كذلك: « ومن ذات القلب تنبث الشريانات، ومن قوته التي يتحرك بها حركة طبيعية نقلية يكون النبض، ومنافع حركته معلومة وكذلك منافع النبض في بقاء الحياة واجتذاب الهواء ليروح بدخوله الحرارة الغريزية؛ فلولا ترويح النبض والتنفس لكانت الحرارة تخمد وتطفأ »26.
ويضيف: « وأما الاستسقاء الزقي فإنما ذلك عند تقصير الكلى عن اجتذاب مائية الدم في البول، ويبقى ذلك مبثوثا في الدم فتمجه الأعضاء؛ فيندفع عنها إلى وراء مراق البطن وذلك هو الاستسقاء الزقي »27.
         ويذكر: « وأما الطحال فهو عضو  تندفع إليه الفضول السوداوية وهو يجتذبها ويغتذي بما هو لطيف مما يجتذبه (...) ومما علمنا أن الطحال إذا جسأ وصار في حد لا يمكن أن يقبل ثفل الدم وبقي الثفل مبثوثا في البدن؛ فإن الكبد يفسد حالها »28.
         ويشرح في مكان آخر ما معنى الدم بقوله: « وكذلك قولي دم هو الجوهر الحار الرطب الملائم لحياة الإنسان، وقولي دموي ربما قلته عما قد استحال إلى الحمرة من غير أن تكون استحالته استحالة كلية في جملة جوهره، أو يكون قد احترق بعض الاحتراق فخرج عن حد الدم الحقيقي، ولكنه يقال فيه دموي »29.
         إذن خصائص الدم هي أنه: جوهر حار رطب ملائم لحياة الإنسان، وأنه سائل فوار، وقد تكون فيه مائية وثفل، وهو أحمر اللون، هذه هي خصائص الدم كما أوردها ابن زهر.
جـ. وظائفه المختلفة:
         لقد أدرك ابن زهر أن لهذا السائل الأحمر الفوار، عدة وظائف حيوية في الكائن الحي، ولذا سنوردها كما فهمها ابن زهر وكيف ينظر إليها العلم المعاصر.
1.      علاقة الدم بالتنفس:
         يقول ابن زهر: « ولهذا ما نرى أنه إذا دخل إنسان في بئر قد ركد الهواء فيها أو مطمر، أنه يغشى عليه قبل أن يشعر بحاله، فإنه تمادى بقاؤه هناك مات، وهذا لا محالة يشهد بأن الآفة الموجبة لموت الفجأة بالهواء المؤذي المتنفس هو الدم، وقد يعيش الحيوان أياما وهو لا يغتذي بشيء، وأما النفس؛ فإنه متى عدمناه لم نلبث أن يعاجلنا الموت، وكل بقدر، وقد أجاد من رأى أن: ما يؤكل ويشرب غذاء للبدن وأن الهواء الذي يتنفس غذاء للروح ‑[يقصد بالروح الدم]‑، مع ما فيه من إخراج الدخانية، مع خروجه وترويحه بدخوله فهو من الأسباب المانعة للتعفن »30. ويقول أيضا: « وغذاء الرئة إنما هو مارق من الدم المشرق الحمرة الجيد »31.
         ويقول: « ويكون فيها ‑[أي الرئة]‑ القرح بالتمدد السعالي والصياحي، وسبيل العلاج واحد، وأما قبل انتقاض اتصاله منها بالصياح أو بالسعال أو برفع ثقل لا تحتمله القوة أو بالسقوط من موضع عال أو لسقوط شيء على الصدر، وهذا كله داخل في التمدد؛ فما عرض من هذا، وعلامته بعد تعرف السبب البادي نفث دم يكون بسعال غير شديد وغير ضعيف بل كأنه وسط بين الحالتين، ويكون الدم رقيقا مشرق الحمرة كأنه دم يغلي، أريد بقولي يغلي أن يكون عليه كأنه حبات صغار جدا وهو الذي يسمى بالرغوة؛ فمتى رأيت ذلك بادر إلى فصد العليل ... »32.
ويقول كذلك: « وأما إذا قلت ورما؛ فإنما أريد مادة منحصرة في موضع البدن، قد انقطعت فيه حتى لا يصل التنفس النبضي إلى الموضع على ما كان يصل قبل »33.
         ويقول كذلك: « فالحار الغريزي والحرارة الغريزية التي الحار الغريزي ينبوعها ‑وقولي حار غريزي إنما أريد به إما الروح الذي ينبوعه القلب، وإما الروح الذي ينبوعه الكبد، أو مجموع فيهما‑ هذه الحرارة مصلحة للبدن أبدا »34.


ابن زهر
الطب المعاصر
. والأرواح وإن اختلفت ينابيعها، فإنها كلها تجمعها اللطافة المتناهية (...) فمنهم من اعتقد ذلك الأصل القلب (...) ومنهم من رأى ذلك الأصل الدماغ (...) فالعطري إنما يختص بها بهذا السبب.

في البصلة السيسائية مركز أتوماتيكي للتنفس وفيه تتكون الإثارات لعملية التنفس. ويمكن التأثير جزئيا على هذا المركز بالانعكاس [المنبعثة من العضو إلى الدماغ] والإرادة أيضا.
. ولهذا ما نرى أنه إذا دخل إنسان في بئر قد ركد الهواء فيها أو مطمر أنه يغشى عليه قبل أن يشعر بحاله، فإن تمادى بقاؤه هناك مات وهذا لا محالة يشهد بأن الآفة الموجبة لموت الفجأة بالهواء المؤذي المتنفس هو الدم
. والإثارة الطبيعية لمركز التنفس تحدث كيماويا بالنسبة لمحتويات الدم من الغازات، ونعني بذلك الدم الذي يجري في أوعية مركز التنفس، فزيادة غاز حامض الفحم في الدم يثير مركز التنفس، وكذلك تدني نسبة الأكسجين في هذا الدم أيضا، وفي الواقع أن تزايد حامض الفحم في الدم هو المثير الحقيقي لمركز التنفس، أما تدني الأكسجين فإنه لا يثير مركز التنفس إلا عند بلوغه حدا كبيرا.
وغذاء الرئة إنما هو ما رق من الدم المشرق الحمرة الجيد.وهذا لا محالة يشهد بان الآفة الموجبة لموت الفجأة بالهواء المؤذي
المتنفس هو الدم، وقد يعيش الحيوان أياما وهو لا يغتذي بشيء، وأما النفس؛ فإنه متى عدمناه لم نلبث أن يعاجلنا الموت. وكل بقدر. وقد أجاد من رأى أن: ما يؤكل ويشرب غذاء للبدن، وأن الهواء الذي يتنفس غذاء للروح مع ما فيه من إخراج الدخانية، مع خروجه وترويحه بدخوله؛ فهو من الأسباب المانعة للبعض.
ال. وهو يقابل في الطب المعاصر ما يعرف بـ« التنفس الخارجي»، ويقصد به إتمام تبادل الغازات (Co2 et O2) بين الدم والهواء الخارجي من الرئتين ويلاحظ أن تركيب O2 في هواء الشهيق الذي يصل إلى الحويصلات الهوائية أعلى من تركيزه في الشعيرات الدموية للشريان رئوي وتبعا لنظرية الانتشار يخترق O2 جدر الحويصلات الهوائية وجدر الشعيرات الدموية ويتسرب في بلازما الدم ثم يتحد مع هيموجلوبين كرات الدم الحمراء مكونا أكسي هيموجلوبين oxyhaemoglobin، وبهذه الصورة ينتقل O2 من شعيرات الشريان الرئوي إلى شعيرات الأوردة الرئوية التي توصله للقلب.
وما عبر عنه ابن زهر بـ« إخراج الدخانية مع خروجه وترويحه بدخوله؛ فهو من الأسباب المانعة للتعفن » و« واجتذاب الهواء ليروح بدخوله الحرارة الغريزية؛ فلولا ترويح النبض والتنفس لكانت الحرارة تخمد وتطفأ »، هو ما يسمى بـ« التنفس الداخلي » ويقصد به تبادل الغازات الموجودة في الدم مع الأنسجة المختلفة؛ فينتقل O2 إلى البلازما ثم إلى السائل اللمفاوي الذي ينقله إلى خلايا أنسجة الجسم. ويساعد على انفصال الأكسجين من هيموجلوبين الدم خروج Co2، من خلايا الجسم إلى الدم، فينخفض رقم حموضة الدم، وهذه تقلل من قدرة اتحاد الأكسجين بالهيموجلوبين، وعلى ذلك ينفصل O2 من كرات الدم الحمراء، ويدخل الأنسجة عن طريق البلازما ثم السائل اللمفاوي ثم الأنسجة وكذلك يسهل اتحاد Co2 بالبلازما وينتقل إلى الرئتين حيث يطرد في هواء الزفير.

. ويكون الدم رقيقا مشرق الحمرة، كأنه دم يغلي، أريد بقولي يغلي، أن يكون عليه كأنه حبات صغار جدا وهو الذي يسمى بالرغوة
يقابل هذا في الطب المعاصر المظاهر المسماة بـ« ظاهرة تخثر الدم »، ولكن ما هي الأسباب الحقيقية لحدوث ما أسماه ابن زهر بـ« الرغوة »، كأنه سائل كان يغلي ؟
يقول العلم المعاصر: إن الدم أو قطرة الدم هذه تتألف من كريات تسبح في سائل تصعب رؤيته يدعى المصورة (Plasma)، والكريات الدموية نوعان:
(أ). الكريات الحمر: وهي خلايا صغيرة جدا، وكثيرة العدد، لكل منها شكل قرص دائري مسطح ثخين الجوانب، رقيق الوسط، إذ يظهر أكثر شفافية من الجوانب، وتبدو الكريات الحمر المفردة صفراء اللون، لوجود صباغ خضاب الدم الأحمر الهيموغلوبين Hemoglobine، الذي يدخل الحديد في تركيبه. أما إذا تكتلت هذه الكريات وتت فوق
بعضها بعضا بدا لونها أحمر. ومنه جاءت تسميتها بالكريات الحمر، وهذه هي ما أطلق عليها ابن زهر اصطلاح الرغوة.

). الكريات البيض: أكبر من الكريات الحمر، وليس لها شكل ثابت، وأقل عددا من الأولى، وفي كل كرية بيضاء خلية وفترة حياتها أقصر.
وإذا قمنا بتجربة لعزل المصورة عن الكريات، نضع كمية من دم حيوان في وعاء، ونضيف إليه قليلا من بعض المواد الكميائية المانعة للتخثر، ونتركه فترة من الزمن، نلاحظ بعدها: بأن العناصر التي يتألف منها قد انفصلت بسبب تفاوت ثقلها؛ فتوضعت الكريات الحمر في الأسفل وفوقها البيض ويطفو فوق الاثنين سائل مصفر هو المصورة.
ولكن ما سبب حدوث الرغوة ؟
نقوم بتجربة كالآتي:
عند إمرار غاز الأكسجين في كمية من الدم أخذت حديثا ضمن أنبوب اختبار نلاحظ أن الدم يتحول إلى أحمر قان نتيجة اتحاد الأكسجين بخضاب الدم، حيث يتشكل حمض خضاب الدم (أوكسي هيموغلوبين) حسب المعادلة التالية:
خضاب الدم (هيموغلوبين) + أوكسجين ß حمض خضاب الدم
والخضاب شره للأوكسجين، يتحد به أينما يجده، يتحد بأكسجين الهواء في الرئتين ليكون حمض الخضاب الذي يعطي الدم لونه الأحمر القاني.
إلا أن حمض خضاب الدم مركب غير ثابت يتفكك بسرعة ويعود إلى خضاب دم وأكسجين، وذلك في حالة انعدام الأكسجين حوله أو لقلته.
حمض خضاب الدم  ß هيموغلوبين + O2
فما اصطلح عليه ابن زهر بـ« الغليان » هو هذا التفاعل الكميائي بين الدم والأكسجين. لكن ما سبب الرغوة « التخثر » ؟

إذا قمنا بتجربة وهي: جمع دم حيوان ثديي في وعاء، ولنتركه مدة من الزمن، نجده يتكتل بسرعة أي يتخثر؛ فتنكمش معظم الكتلة الدموية وتتصلب وترسو في أسفل الوعاء وتدعى: العلقة.
يفصل عن العلقة سائل أصفر صاف يدعى المصل Serum، وتسمى هذه الحادثة: التخثر.
ونأخذ بعد ذلك جزءا من العلقة ونفصلها من الكريات، نجدها تتألف من شبكة محبوكة من ألياف بيض دقيقة مؤلفة من مادة بروتينية يطلق عليها اصطلاح: الليفين (Febrine).
تظهر خيوط الشبكة بشكل واضح حين فحص قطرة الدم المتخثر بالمجهر.
 إذن يعود سبب تكون العلقة (تخثر الدم) إلى تشكل خيوط الليفين مباشرة بعد خروج الدم من الأوعية الدموية، لأن الدم الحي داخل الأوعية لا يحتوي على مادة الليفين، بل يحتوي على مادة أحية سائلة تدعى مولد الليفين (Fibrinogène)، تنشأ في الكبد، وتتحول بفعل أنزيم خاص تفرزه الصفيحات الدموية إلى خيوط الليفين؛ فيتخثر الدم.

وكما رأينا في الشكل المبين في الأعلى أنه فعلا تظهر الكريات الحمر كأنها حبات صغار، والشكل الأبيض للألياف مع المصل كل هذا يركب صورة الرغوة التي تحدث عنها الطبيب أبو مروان عبد الملك بن زهر.

5. وأما إذا قلت ورما؛ فإنما أريد مادة منحصرة في موضع من البدن قد انقطعت فيه حتى لا يصل التنفس النبضي إلى الموضع على ما كان يصل قبل.
ويقول: فكل عضو عدم الحس والحركة والغذاء والنبض، لم يبق له نوع من الحياة.
هنا يظهر لنا الطبيب ابن زهر بحق رائد عملاق في مجال الطب البشري، إذ حديثه عن « التنفس النبضي » يقابله في العلم المعاصر عدة معطيات أساسية لتفسير آلية التنفس؛ فابن زهر باكتشافه لما أسماه التنفس النبضي يقابله:
(أ). التنفس الداخلي: ويقصد به تبادل الغازات الموجودة في الدم مع الأنسجة المختلفة؛ فينتقل O2 إلى البلازما ثم إلى السائل اللمفاوي الذي ينقله إلى خلايا أنسجة الجسم، وبدخول O2 للأنسجة، يساعد على ازدياد طرح Co2 من تلك الأنسجة، وبعد عدة عمليات كيميائية تؤدي في النهاية إلى نزع Co2 الذي يكون تركيزه في الدم أعلى منه في الحويصلات الهوائية وبذلك يتسرب مع هواء الزفير.

(ب). المجهود العضلي: إن اصطلح عليه ابن زهر سلفا بـ« التنفس النبضي »، يعتبر اكتشافا لأحد العوامل الأساسية المؤثرة على عملية التنفس، وهو ما يعرف اليوم بـ« المجهود العضلي »، إذ عند حدوث مجهود عضلي زائد يلزم لعضلات الحيوان كميات هائلة من الأكسجين الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ثاني أكسيد الربون المطروح من الخلايا في الدم.
وكما هو معلوم أن حوالي ¼ كمية O2 الداخلة في هواء الشهيق (%5) هي التي تذهب إلى الدم وتستخدم في عمليات التنفس الخلوي، والمسؤول عن هذا هو « الصبغات التنفسية » Respiratory pigments، والتي هي في الحقيقة « بروتينات ملونة » (Coloured proteins) لها القدرة على الارتباط بالأكسجين حينما تتعرض لضغط عال، أما حينما تتعرض لضغط منخفض فإن هذه الغازات تفقد ارتباطها بهذه الصبغات التنفسية وهذه الحالة الأخيرة هي ما تحدث دائما في الأنسجة حيث يكون الضغط منخفضا دائما، وبالتالي ينفصل غاز الأكسجين O2 عن بروتينات التنفس ويتسرب إلى الخلية، حيث يستغل في عمليات الأكسدة البيولوجية Biological oxidations.
وتعتبر الصبغات التنفسية متنقلة (وسيط)، حيث أنها تنقل الأكسجين من خارج وداخل الخلايا.
وللتأكد من أن الأكسجين يصل إلى الخلايا هناك تجربة خاصة بالمبادلات الغازية بين الدم والأنسجة.

التجربة: نضع قطعة لحم في أنبوب زجاجي، وننكسه على حوض فيه زئبق ثم لندخل إلى الأنبوب قليلا من ماء الكلس.

الملاحظة: نلاحظ بعد فترة قصيرة من الزمن تعكر ماء الكلس، وارتفاع الزئبق في الأنبوب.
النتيجة: نستنتج من ذلك أن قطعة اللحم قد امتصت الأكسجين الموجود في هواء الأنبوب؛ فنجم عن ذلك فراغ استدعى ارتفاع الزئبق، وطرحت غاز الكربون الذي عكر ماء الكلس.
ومن جهة فإن المبادلات الغازية التي حصلت بين الهواء وقطعة اللحم، توافق المبادلات التي تحصل في الرئتين بين الهواء والدم؛ فيدخل الدم إلى الأعضاء أحمر قانيا، ويخرج منها عاتما قاتما، وذلك لأن الأعضاء تمتص الأكسجين من الدم الوارد إليها وتطرح فيه غاز الكربون وبخار الماء.
الاستنتاج: إذن يقوم الدم بدور (الوسيط) بين الهواء وخلايا الأنسجة، لأن الأخيرة ليست على اتصال مباشر مع الهواء. وهذا ما يدعى بـ« تنفس الأنسجة ».


        ولكن ما قيمة هذه النتائج من وجه الرؤية التاريخية لتقدم الفكر والعمران ؟
1. اختلاف الضغط الجوي:
         لقد اكتشف ابن زهر أن عامل « الضغط الجوي »، يعتبر من العوامل المؤثرة على عملية التنفس، إذ قال: « ولهذا ما نرى أنه إذا دخل إنسان في بئر قد ركد الهواء فيها، أو مطمر، أنه يغشى عليه قبل أن يشعر بحاله، فإن تمادى بقاؤه هناك مات، وهذا لا محالة يشهد بأن الآفة الموجبة لموت الفجأة بالهواء المتنفس هو الدم »35.
         ففي هذه الفقرة، يشرح لنا ابن زهر كيفية تأثير الضغط الجوي في آلية التنفس؛ فهو هنا تحدث عما يعرض بسبب الضغط الجوي المنخفض، وهذا يوافق ما يقوله العلم المعاصر، بأن الحيوان إذا عرض إلى ضغط جوي عال فإن هذا يؤدي إلى موته وذلك لارتفاع ضغط الأكسجين، أما إذا عرض لضغط أقل من الضغط الجوي؛ فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض نسبة O2 ويؤدي هذا من ثمة إلى إصابة الحيوان بدوخة وقيء وضعف عام، وإذا بقي الانخفاض مستمرا فهذا يؤدي إلى الموت36.
2. التأكسد الخلوي:
         كنا قدمنا في جدول المقارنة، اكتشافات وملاحظات ابن زهر حول الدم ودوره في العضوية؛ ووصلنا إلى الاستنتاج التالي، أن ابن زهر استطاع أن يكشف عن العلاقة الوظيفية بين الدم والتنفس، وهذا ما كشف عنه في الوقت الحالي في البحوث الجزيئية للخلية، ويطلق عليها اصطلاحا « التأكسدات الخلوية ».
         ومن خلال الحديث سابقا عما أسماه ابن زهر بـ« التنفس النبضي » وصلنا إلى نتيجة مفادها أن الدم يقوم بدور وسيط داخلي تجري معه الخلايا مبادلاتها، وكل خلية تحقق التنفس الخلوي الموضعي في كل بنية نسيجية موضعية.
         ولكن بقي شيء هام لم نشر إليه، « الاحتراق » الذي تحدث عنه ابن زهر، بل وصفه في بعض الحالات أنه يحيل « الدموي » إلى السوداوي الذي لا يمكن بعده الإحالة إلى شكل آخر، وفى عبارة أخرى أشار باصطلاح « الدخانية »؛ فما معنى هذا ؟  
         هذه الإشارات الخاطفة من ابن زهر هي ما أطلق عليها فيما بعد بـ« التأكسدات الخلوية » ويرجع الفضل في تفسير هذه الآلية إلى العالم الفرنسي لافوازييه (LAVOISIER) (ت. 1794 م) 40، الذي وضع فرضية حول الحادثات الكيمائية في التنفس، وذلك عام 1780، حيث وازن بين تنفس الجسم الحي وبين احتراق الشمعة، وأظهر أن التنفس كالاحتراق يستهلك الأكسجين ويطرح غاز الكربون والماء كما ينشر حرارة (قدرة حرارية) أو ما اصطلح عليه « الكالوري » لكي يشرح العنصر الذي لا وزن له أي الحرارة، وبذلك كان لافوازييه أول من بين الطبيعة الكيميائية البحتة لذلك الدور الذي يلعبه الأكسجين، الذي كان يسمى فيما سبق الهواء الحيوي بالنسبة لعملية التنفس، والاحتراق. وبهذا استطاع العالم لافوازييه أن يكون أول من أوضح أن حرارة الحيوان تنتج من عملية بطيئة مستمرة تحدث في الجسم، وأنها عبارة عن عملية احتراق بطيئة. وذلك بعد أن استنتج أن احتراق الشمعة ينتج ضوءا وكمية كبيرة من الحرارة؛ فوصف أن التنفس احتراق بطيء يتم في العضوية في حرارة منخفضة نسبيا. وبهذا استحق لافوازييه أن ينظر إليه أنه واضع أسس علم الكيمياء الحرارية وعلم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا) والكيمياء الحيوية41.
         إذن نستطيع القول أن العمل الآلي للعضو والأيض الخلوي وإنتاج الحرارة (الطاقة) مرتبطة كلها بحادثة التنفس الخلوي أو « التنفس النبضي » حسب اصطلاح أبي مروان، ولهذا قال: « فلولا ترويح النبض والتنفس لكانت الحرارة تخمد وتطفأ »، وهذا هو الذي اكتشفه من بعد لافوازييه عند دراسته لاحتراق الشمعة، وقال: « الهواء الذي يتنفس غذاء للروح » و« فأجعله يتصرف بنوع من اللعب الذي تتحرك فيه الأعضاء مع النفس كالرمي بالنشاب؛ فإن الأعضاء يتحرك بعضها فتنتشر الحرارة (...) وقولي نفس إنما أريد القوة التي تكون عن النفس »42.
         وهذه هي « الحرارة » التي أطلق عليها لافوازييه اصطلاحا « الكالوري »، أما « الاحتراق » و« الدخانية » و« السوداوية »؛ فهي كلها اصطلاحات لما يعبر عنه اليوم بـ« الأكسدة » وما أطلق عليه لافوازييه « الاحتراق البطيء ». ولكن ما قيمة هذا كله في منظار تاريخ العلم والفكر ؟
         إن ما توصل إليه الطبيب أبو مروان عبد الملك بن زهر والعالم الفرنسي لافوازييه فيما بعد، أتاح لمن جاء من بعدهما على المضي قدما؛ فهذا بول بيرت أظهر عام 1870 م أنه إذا كانت الكائنات الحية تتنفس؛ فإن الخلايا في العضويات المعقدة تتنفس. وقام بإجراء تجربة للتحقق من صحة نظريته، إذ وضع في أنبوب اختبار مملوء بالهواء قطعة من عضلة طازجة، أي أن خلاياها مازالت حية وعكسه فوق وعاء مملوء بالزئبق ثم أدخل في أنبوب الاختبار قليلا من رائق الكلس الذي توضع فوق الزئبق. فتشكلت غلالة رقيقة من فحمات الكلس على سطح رائق الكلس، مما يدل على أن الخلايا طرحت CO2، كما ارتفع في الوقت نفسه سطح الزئبق في أنبوب الاختبار لأن الخلايا امتصت الأكسجين. فخلايا النسج الحية تتنفس؛ فتمتص الأكسجين وتطرح غاز الكربون وتتم هذه المبادلات الغازية عبر الأغشية الهيولية43 .
ثم جاء من بعد ذلك واربورغ: الذي قام بتحسين الجهاز السابق (جهاز بول بير)، وهذا حتى تكون الدراسات أكثر دقة في رصد النتائج وتفسيرها؛ وخلاصة ما قام به واربورغ:
·        تنزع محارات حية من أصدافها وتوضع في قارورة تحوي ماء البحر (أو شرائح رقيقة من نسيج حي: عضلة، كبد، برنشيمة توضع في سائل فيزيولوجي).
·        يعلق كيس من الشاش؛ يحوي قضبان بوتاس ذات وزن معلوم، في القارورة، وتغلق القارورة بسدادة يجتازها أنبوب انطلاق متصل بمقياس ضغط يسجل امتصاص الأكسجين.
والنتائج التي خلص إليها هي:
1. تقاس الشدة التنفسية بكمية الأكسجين التي تمتصها وحدة الوزن من المادة الحية في وحدة الزمن.
2. إن الشدة التنفسية للعضلة أثناء تقلصها أكبر من الشدة التنفسية للعضلة المستريحة، مما يدل على وجود علاقة ما بين الشدة التنفسية والعمل الذي تقوم به الخلايا العضلية.
3. تنتشر الحرارة في كل من هذه الحوادث ولهذه الحرارة المنتجة علاقة ما مع استعادة الفعالية الفيزيولوجية.
إذن العمل الآلي والأيض الخلوي وإنتاج الحرارة مرتبطة كلها بحادثة التنفس الخلوي44.
         وهكذا انفتح الطريق أمام من جاءوا من ورائهم وساروا على خطاهم؛ وتأسس علم الكيمياء الحيوية؛ فهذا ف. إنجيلجارت، الذي يعتبر رائد دراسة الظواهر البيولوجية على مستوى الجزيئات؛ فتحت بحوثه في مجال الكيمياء الميكانيكية للعضلات بالفعل عصر البيولوجية الجزئية45، التي مكنت العلماء من فهم أعمق للعمليات الآلية والحيوية للخلية مثل أيض46 المواد والطاقة؛ لأن نظام أيض المواد والطاقة في الكائنات الحية حالة خاصة من القانون العام لبقاء المادة والطاقة47.
         والمهم في كل هذا التطور العلمي عبر مراحل التاريخ المختلفة، من يوم أن قال ابن زهر: « فكل عضو عدم الحس والحركة والغذاء والنبض، لم يبق له نوع من الحياة »48 إلى غاية وقتنا المعاصر بالاعتماد على الدراسات الأولية آنفة الذكر؛ فالأبحاث الحديثة تقول: « لا يقتصر أيض الطاقة في عملية النشاط الحيوي على تحول الطاقة الكميائية إلى الصور الأخرى للطاقة وبالعكس، بل إنه يكون ذا طابع أكثر اتساعا؛ فمثلا يتم في شبكية العين تحول الطاقة الضوئية إلى طاقة كهربائية، وتتحول الطاقة الصوتية والهيدروديناميكية في بعض أجزاء الأذن الداخلية إلى طاقة كهربائية »49.
         بعد هذا العرض المختصر لعلاقة الدم بالتنفس، وتقييم نتائج أبحاث ابن زهر في ضوء الدراسات المعاصرة، الشيء الوحيد الذي نقوله هو أن ابن زهر لم تكن الظروف العامة المحيطة آنذاك لتعمل على دفع العلم قدما نحو الأمام، لأن شروط تقدمه كانت تتهيأ في منطقة أخرى وفى وسط مناخ ثقافي واجتماعي وأكبر مؤشر على ذلك، أن الطبيب أبا مروان مثلا كان ينقصه التكميم الرياضي لأفكاره والصيغ الجبرية لنتائجه العلمية، وهذا لم يظهر إلا بانتقال روح العلم إلى أوروبا عصر النهضة والكشوفات الجغرافية والاستعمار الحديث.
         لقد قال الطبيب ابن زهر: « ولو انفرد الحار الغريزي بفعله في إنضاج ذلك لم يكن مدة، بل غذاء خاصيا لجوهر الأعضاء لا يحتاج إلى استحالة إلا الاستحالة ‑[الاستحالة يقابلها في عصرنا الأيض]‑ آلتي تكون في جوهر العضو نفسه لغذائه ». (التيسير، ص 101).
2. علاقة البكتيريا بمباحث الطب:
          بعدما بينا أسباب اهتمام ابن زهر بدراسة الدم، سننتقل الآن إلى مطلب آخر، وهو دراسة ابن زهر للجراثيم والفيروسات لأنها على جانب كبير من الأهمية في تتطور الطب موضوعا ومنهجا. فكيف توصل ابن زهر إلى وضع أسس هذا العلم الذي يعزى الفضل فيه إلى العالم الأحيائي الفرنسي لوي باستور ؟
         هناك عدة نصوص لابن زهر ، مدعاة للتوقف والتمحيص عند قراءتها ؛ فهو يقول في كتابه التيسير: « واعلم أنه ما دامت العلة في سورتها يجب عليك ألا تعرض لسقيه الدواء المسهل، لأن الدواء ولو عدلته ما شئت أن تعدله، بحدته وحركته يحرك من حرارة الورم الذي قد أحدثه الخلط السوء، أو الدواء السوء، وقولي تورم، إنما أريد: غلظا يحدث في العضو غير الطبيعي، كالذي يعرض في يدي من يضرب بالمجاذف من غير اعتياد، أو من يحمل على عضو من أعضائه خردلا أو تافسيا. وأما إذا قلت ورمّا؛ فإنما أريد: مادة منحصرة في موضع من البدن، قد انقطعت فيه حتى لا يصل التنفس النبضي إلى الموضع على ما كان يصل قبل. فكل ورم تورم وليس كل تورم ورما. (...) واعلم أن التورم ولو كان حمرة، إنه إذا طالت المدة سكنت الحدة بعض السكون. ولذلك ترى الحمرة العتيقة يخف احمرار لونها فإنه من حيث يكون التورّم تورمّا، إمّا أن يعود ورما فيقيح بإنضاج الحار الغريزي وما يمازجه من الحرارة العرضية للخلط الممرض، فتكون مدة، ولو انفرد الحار الغريزي بفعله في إنضاج ذلك لم يكن مدة بل غذاء خاصيا لجوهر الأعضاء، لا يحتاج إلى استحالة إلاّ الاستحالة التي تكون في جوهر العضو نفسه لغذائه، كما أن الحرارة العرضية لو انفردت في فعلها ذلك لم تكن مدة بل كان ضرب من الفساد التام، ويكون نتنه متناهيا، وإما أن يكون التورم تفعل فيه طبيعة البدن؛ فتدفع عن العضو شيئا وتحلل عنه شيئا من الخلط؛ فلذلك تسكن سورة الحرارة وتخف الحمرة. (...) كما أن الحرارة العرضية تحيل بأفعال الأعضاء أيّما كانت من تعب أو من مجاورة شيء حار أو من اهتمام أو من غضب أو من أي شيء كانت. وهي كثيرا ما تحدث حرارة أخرى هي على الحمى أضر منها بكثير، وهي الحرارة العفونية (...) وهذه الحرارة هي التي بسببها تنتن جثث الموتى من الحيوان، وبها ينتقض اتصال أعضائها، ولولا مقاومة الحرارة الغريزية لها وما تتنفسه من الهواء لعرض للجثث الحية في الحميات من تلك الحرارة العفونية مثل ما يعرض في الجثث الحية من التزلع وانتقاض الاتصال، ولكن قد جعل الله تلك الحرارة مانعة من ذلك »50.
         هذا أهم نص تركه لنا ابن زهر وسنعود إلى تحليله بعد قليل، ويقول كذلك: « وكشف الغيب بعد ذلك أن الذي كان يسقاه لحم مجفف كان قد عفن أقدر تعفين ثم جفف وسحق، وكانوا يصرونه ويسقونه في الآنية. وإذا نظر الطبيب علم أنه لحم غليظ قد ناله تعفن ثم جفوف وعلم أن العفونة تدب دبيبا »51.
         وذكر أيضا: « وكثيرا ما تعرض السدد من مادة كثيرة تنصب إلى عضو صغير؛ فتسد منافسه ومجاريه؛ فلا تنفذ هذه الحرارة؛ فضلا عن الحار الغريزي، في ذلك العضو؛ فتنفرد فيه الحرارة العفونية فيسرع اسوداده ويتعفن وينتقض اتصاله، وإن لمسه لامس وخاصة قبل أن يسود في أول اسوداده يجده حارا؛ فقد بان ما يكون عن الحرارة الغريزية مما يكون عن الحرارة العرضية، وخاصة إن كانت من الصنف العفوني »52.وقال في موضع مغاير: « فإن كل ما يعدم التنفس قد علم أنه لا يخلوا من أحد الأمرين، إما عفونة تامة تتبع عدم التنفس: كما يعرض في أورام الموتان، وإما من استحالة إلى القيح، وهذا يكون إذا كانت الطبيعة بقدرة الله لم تنحل عن الموضع والمادة »53.وقال مضيفا بعدما أنهى حديثه عما يعرض للعظام: « والجسم تحدث فيه الأورام من أعلاه إلى أسفله والدماميل والحكة والقروح، وتحدث فيه حكة من غير مدة، وإنما اختلفت هذه كلها بحسب الخلط الممرض. والأورام إنما تحدث عما كان من الخلط غائرا في العضل. وأما الدماميل فإنها تحدث فيما هو قريب من ظاهر البدن ... »54.     ويقول:«..... فإن فاتك مقصدك وقاح الورم؛ فلا بد من انفجاره، وربما انفجر من ذاته، وربما احتاج إلى أن يفجر، وقد نضجت مدته، بالحديد البارد أو بالحديد المحمى أو بدواء حاد يفجره، كل ذلك بعد
نضج مدته »
55.ويقول عن الصؤاب وهو المكتشف لجرثومته: « ويحدث في الأبدان في ظاهرها شيء يعرفه الناس بالصؤاب، وهو: حكة تكون في الجلد، ويخرج إذا قشر الجلد من مواضع منه حيوان صغير جدا يكاد يفوت الحس »56.
         وعندما تعرض بالذكر لما يصيب اليدين والرجلين قال: « ويحدث في اليدين والرجلين، في الأصابع منها، أورام تسمى الدواحس، علاجها قريب جدا يبرئ منها وسخ الأذن إذا وضع عليها، أو الخبز ممضوغا. فإن كان الجسم رخصا، فالدقيق ممضوغا، إذا وضع على الداحس كفى في إبرائه وإنضاج الشيء الذي يكون فيه. وإذا وضعت عليه زبيبة أو تينة فعلت ذلك، (...) غير أنه يكون منه نوع ردي بسبب خبث المادة التي يكون منها (...) ويتراكم ويرتفع ذلك ويأكل ويدب أكله في اللحم الصحيح دبيبا »57.
         ولما يتحدث عن الحمى وأنواعها يقول: « ويحب أن تعلم أن اللحم، أي لحم كان، للمحموم مسارع إلى الخلط المتعفن، كما أن اللحم من خارج إذا زالت حياة الحيوان التي كانت تحفظه بإذن الله إذا بقي عفن معجلا، كذلك كيموسه في داخل البدن إن لم تقو قوة البدن على إجادة إحالته أوّلا ثم على حفظه، يسرع إلى التعفن؛ فإن ما يكون من بقية التعفن في العضو الذي يتعفن فيه الخلط أو في الأعضاء، كيفما نزل ذلك، هو كالخمير لإفساد ما يرد في تلك الأعضاء أو العضو »58.
         ويقول بسبب ما يصيب الإنسان من الهواء الفاسد والماء الراكد والأغذية الرديئة ما يلي: « والأمراض الوبائية ذكرها بقراط في كتاب أفيديميا فقال: الحمرّ الصيفي الذي حدث في مدينة قراثيون؛ فقال: جاء مطر جود في وقت حر شديد ودام ذلك الصيف كله. قال: فعرض للناس شبه ما يعرض من حرق النار وحكاك حتى كادوا يسلخون جلودهم، ولم يكونوا ينتفعون بذلك لأنه كان صديد محتقن تحت الجلد (...) فبان من هذا أن أضرّ الأهوية علينا ما كان حارا رطبا بسبب أن العفونة تدب في مثل هذه الأمزجة وخاصة متى لم تكن رياح تهب مجففة (...) وهذه الحميات شر الحميات وأبعدها من أن يؤول أمرها إلى صلاح (...) سواء كان سببها فساد الهواء أو كان سببها الماء أو فساد الأغذية »59.
         وقوله: « وليس يعرض فساد الهواء المحيط بنا مما ذكرناه فقط، فقد يحدث بمجاورة جثث الموتى المتغيرة، وقد يتغير أيضا إذا كان الهواء راكدا وكانت في البلد نقائع ومستنقعات للمياه القذرة حتى يشم من بعد نتنها (...) وبالجملة فمتى خرج الهواء عن المعهود الطبيعي حدثت البلايا بحسب خروجه (...) وما ذكرته أخيرا من تغير الهواء بتوقف نزول المطر قلّما يحدث ذلك موتا وبائيا؛ وإنما يحدث ذلك أمراضا »60 و« أمّا المياه؛ فإنها إذا كانت مياها راكدة حتى تنتن وتكون عكرة مما تحتها من حماة وأقذار »61و« ويكون الوبأ أيضا عند إفراط المجاعات واضطرار الناس إلى أكل الحبوب الرّدية. إما أن تكون ردية بجملة جوهرها، أو تكون قد فسدت بقدمها وسلوكها في طريق التعفن، أو بأكل اللحوم الردية، (...)، وقد شاهدت وأنا في أسر علي بن يوسف وفي سجنه قوما كانوا في أطباق سجنه المعروف بقرقيدن يتطارحون على أعشاب كانت تزال عن السقوف ويأكلونها. وإن مما كانوا يأكلون نوعا مذموما من أنواع الزروع وغير ذلك لألم الجوع، وكان يموت كل يوم منهم عدد من عشرة إلى ما حول ذلك »62.
         ويقول في آخر كتابه التيسير: « فإن آنية الزجاج بعيدة من أن يعلق بها شيء؛ فإن طال مكث الخمير من العجين في آنية الزجاج مدة طويلة ثم غسلتها جهدك ووضعت فيها عجينا لا خمير فيه، رأيت الاختمار قد دب فيه دبيبا حتى يكون خميرة وسائر ذلك العجين لا يصيبه اختمار لأنه إنما تضعه في آنية جديدة لم يدخلها قط خمير »63.
         ويقول في رسالة التذكرة: « وقد يكون التعفين معينا لنا في ما نحتاج إليه في الأدوية المفتحة »64. ويقول في رسالة تفضيل العسل على السكر: « وإنه [يقصد العسل] في نفسه غير متغير ولا مستحيل لأنه باق على طبعه السنين الكثيرة فضلا عن الشهور، وإذا خيف على شيء يفسد جعل في العسل حتى يغمره؛ فإن فعل ذلك به لم يفسد ولم يداخله الهواء »65.
         وجاء في كتابه الأغذية: « وأما غسلها فمن خمس مرات إلى نحو ذلك؛ فإن ما يداخل جرم الأواني من الطعام يلحج فيها مداخلا لمسامها ويتعفن؛ فإذا طبخ فيها مرة أخرى كان ما قد داخلها من ذلك كالخمير في العفونة لما يطبخ فيها، وليس شيء يحدث الحميات العفونية كما يحدث هذا، وكذلك يحدث الجرب القبيح ... »66.
         فما معنى هذا كله في ضوء العلم المعاصر الذي اكتشف البكتيريا والفيروسات، وأوضح دورها في التبادلات الحيوية والحياة العضوية للكائن الحي ؟
1. يقول العلم المعاصر أن بعض الكائنات الحية تستطيع أن تحيا، سواء أوجد الأكسجين الحر أو انعدم.
أ. ففي الحالة الأولى تستخدم القدرة الناتجة عن التنفس.
ب. وفي الحالة الثانية تستخدم القدرة الناتجة عن حادثة أخرى تدعى التخمر.
         وهذا هو الذي أراده بقوله ابن زهر عندما تكلم عن كيفية التعفن بسبب الحرارة العرضية المحدثة للحرارة العفونية بسبب عدم التنفس وانعدام الهواء المتنفس، كما يحدث في جثث الموتى.
         أما في حالة وجود الهواء المتنفس؛ فإن الحرارة الغريزية تساعد على الحياة وتمنع حدوث التعفن، وبالفعل فقد أثبتت التجارب أن الخلايا التي تستخدم الأكسجين الحر تعيش حياة هوائية، في حين أن الخلايا التي لا تستعمل الأكسجين في حالة التخمر تعيش حياة لا هوائية.
         والسبب في ذلك راجع إلى أن:
أ. عندما تتنفس الخلايا فإنها تؤكسد الغذاء الخلوي، كسكر العنب حسب المعادلة الإجمالية التالية:
    حرةC6H12O6 + 6O2                           CO2 + 6 H2O + 675

ب. أما آلية التخمر؛ فتجري وفق سلسلة من التفاعلات التي تتوسط فيها الأنزيمات المتخصصة حسب المعادلة الإجمالية التالية:

حرةC6H12O6                              2 CO2 + 2 C2H5OH + 33

·1وعند المقارنة نجد أنه في حالة التنفس تستعمل الخلية القدرة المنتشرة على شكل حرارة بمعدل يفوق 20 ضعفا القدرة (الحرارة المنتشرة) عن التخمر.
·2تستخدم الخلية وبشكل فعال القدرة المتحررة عن التنفس أكثر مما تستخدم القدرة المتحررة عن التخمر.
·3تستخدم الخلية أثناء التخمر كمية أكبر من مواد الأيض (حوالي 4 أضعاف في حالة سكر العنب) عندما تريد الحصول على المقدار نفسه من احتياجاتها للقدرة67.
·4أهم نتائج للتفكيك الخلوي، خلال التنفس أو التخمر هو تحرر القدرة.
·5تحتاج إذن الخلايا إلى قدرة ولذا تفكك المواد العضوية، وخاصة سكر العنب، أثناء التنفس أو التخمر.
·6إن جزءا من القدرة المتحررة في هذه العمليات يختزن على شكل جزئيات من ال.A.T.P وتستطيع جزيئات A.T.P بتحولها إلى A.D.P ومن ثم إلى A.T.P أن تحرر القدرة التي تحملها. فال.A.T.P  يقوم بتكديس القدرة.
·7إن مصير الخلايا التي لا تستطيع تركيب A.T.P هو الموت، وهذا هو أحد المكتشفات الأساسية في علم الحياة الحديث.
         ولهذا كان ابن زهر يشعر من خلال هاجس خفي أن عملية الحياة وعدم التعفن بما أنها مرتبطة بوجود الهواء المتنفس (الأكسجين)، ففي حالة عدم وجوده أو فقدانه يحدث التعفن الذي هو كحالة التخمر التي تحدث؛ فقد استطاع ابن زهر أن يكتشف نوعا آخر من الحياة وهي الحياة اللاهوائية بالاصطلاح الحديث.
         وهذه هي نفسها تقريبا النتائج التي توصل إليها العالم الفرنسي لويس باستور، عندما درس حالات تخمر عصير العنب أو عدمه، إذ اكتشف أن عوامل التخمر ما هي إلا جسيمات كروية دعاها « الخمائر »، أما ما كان يعيق التخمر فهو وجود أحياء مجهرية تأتي من الهواء وهي « العصيات »68، ولهذا كما رأينا في النصوص المقدمة مسبقا، أن ابن زهر كان يطلق على حالة « التعفن » أنها عفونة تدب دبيبا مثل دبيب النمل، لأنه كان يتحسسها.
          إذا كان باستور تأكد من خلال تجاربه أن الهواء بما يحمله من أنواع الكائنات الحية المجهرية، شرط أساسي لتفسخ السوائل والمواد العضوية؛ فإن ابن زهر كان قد اكتشف أن الهواء الملوث بسبب ما فيه من أهوية أو غازات متحللة أو عند ركود الهواء، يؤدي هذا إلى وقوع الوباء وحالات التلوث بسبب الهواء الفاسد أيضا، وهكذا يمكن القول أن ابن زهر اكتشف أن الهواء يعتبر عاملا أساسيا في حدوث التعفن أو التخمر، ولكنه لم يتجاوز هذا الحد، لكن باستور استطاع بفضل وجود المجهر أن يحول هذه الإرهاصات إلى حقائق من خلال فحصه المجهري للهواء وأكد بأن كل كائن حي يأتي من عضوية موجودة قبله وبذلك أبطل نظرية التوالد الذاتي، في حين أن ابن زهر اكتشف بعض الأنواع المجهرية مثل صؤابة الجرب التي لا ترى بالعين المجردة، وعبر عن الكائنات الدقيقة بأنها دبيب، وبذلك كان قد مهد الطريق لمن جاء بعده.وكما رأينا من قبل من خلال نصوص ابن زهر المقدمة أنه لما تكلم عن حالات الوباء فهو بذلك قد أثبت أنه عفونة تحدث إما عن طريق الهواء الفاسد أو الماء الراكد والمستنقعات لعدم هبوب الرياح المانعة للتعفن أو بسبب الأكل الفاسد مثل ما رأى في سجن مراكش، من أن المساجين كانوا يأكلون حشيشا أو نباتا أخضر الذي هو في الحقيقة ليس فطريات: وبهذا فتح ابن زهر مجالا آخر وهو اكتشاف الجراثيم، إذ العلم المعاصر يقول بأن الجراثيم توجد في كل مكان تقريبا: في الهواء وفي الماء وفي التراب وفي أجسام الكائنات الحية69 وهذه الجراثيم كثيرة في هواء المدن وقليلة في هواء الأرياف، فالجراثيم المائية منها ما يسبب داء الكوليرا والبعض الآخر يسبب السل والدفتريا70. وكما رأينا أن ابن زهر كان قد تكلم عن هذا من قبل.
         وهذا النوع من الجراثيم لها القدرة على تحمل درجات الحرارة العالية أو المنخفضة والجفاف والأدوية.
         ولكن هناك مسألة أخرى إذ رأينا أنّ ابن زهر يتحدث عن حالات تخمر أو تعفن أخرى وهي ما أطلق عليها اصطلاحا « التفجير » وهذا ما يعرف اليوم بـ« الخمج البكتيري »، وهذا يستعمل في حالات علاجية معينة، وهو في الأصل مضادات تستعمل لوقف حياة الجراثيم، وقد أكتشف عام 1975 م أن الخمج يستثير إفراز عامل نخر الورم (TNF). الفعال ضد السرطان، والمركب TNF هو منظم هام للالتهاب والمناعة، وهو اليوم يجرب كعقار ضد السرطان71، وبهذه الطريقة والفهم الجيد لآلية هذه الكائنات المجهرية، أصبح اليوم بإمكان صنع خامات للطبابة كبدائل مبتكرة للأنسجة البشرية التالفة وهذا في حالات التشوّهات بسبب الإصابات في الحوادث أو بسبب أمراض تحدث ذلك72.
ثانيا: النظريات الطبية:
1. آلية التنفس:
         يقول ابن زهر: « وأما عصب الحركة فليس يصل إليها البتة، ولا إلى غشائها شيء منه، فإنها ليس تتحرك بذاتها وإنما تتحرك بحركة الصدر (...) فإن حياة الحيوان إنما هي باستنشاق الهواء. هكذا علله الأطباء. وليس الأمر عندي بمتجه، فإن الصدر وهو على ما هو عليه من ذكاء الحس (...) هو دائم الحركة وبحركته تكون حركة الرئة، فكان ما أصلوه ينفسخ عليهم »73.
         ورأي ابن زهر هذا يوافق ما يقره علم الفيزيولوجيا المعاصر، إذ يقسم التنفس إلى تنفس بطني وهو الذي يكون عن طريق ضغط الحجاب الحاجز، وتنفس صدري، إذ يكون ذلك بتأثير حركة عضلات الضلوع التي تؤثر على الرئتين، وذلك كما يلي:
1. تتصل بالضلوع مجموعتان من العضلات تعمل إحداهما عند انقباضها على تحريك القفص الصدري إلى أعلى وإلى الخارج، بينما تعمل الأخرى على تحريكه إلى أسفل وإلى داخل.
2. عندما يرتفع القفص الصدري يؤثر مباشرة على الحويصلات، فتتسع ويسحب الهواء من الخارج إلى الرئة ويتم الشهيق وترتخي عضلات المجموعة الأولى.
3. يلي ذلك انقباض المجموعة الأخرى من العضلات التي تسبب خفض القفص الصدري، فيقل اتساعه ويزيد الضغط حول حويصلات الرئة ويتم الزفير. بالإضافة إلى أن إتمام عمليتي الشهيق والزفير يعتمد على سلامة جدر الحيز البلوري (الغشاءين وما بينهما من سائل) الذي يحتوي الرئة74.
2. نظرية الإحساس عند ابن زهر:
         الذي يهمنا في هذا المطلب، هو كيف فسر ابن زهر حدوث اللمس، فهو يرى أن الحس في الأعضاء يفترق، فحس اللمس يختلف عن حس الحواس الباقية، ويقول بأن حس اللمس يكون بسبب الجلد الذي هو غشاء واقي للبدن، وأعدل الجلد، جلد اليد، وأعدل جلد اليد، الكف والذي به يكون حس اللمس الحقيقي. ويضيف إلى ذلك أن حس اللمس في الحقيقة هو كيفيات مختلفة كأن عدة حواس، مثله في ذلك حس الذوق75، ويفرق بين الإحساس عند الإنسان وعند الحيوان، ويقول بأن الإنسان هو الذي بإمكانه الإدراك الحسي وتفسير ماهية المحسوس، وفي حين أن الحس الحيواني هو الشعور الحسي مثل استدارة النبات متتبعا (حاسة) حركة الشمس بسبب تأثير أشعتها وحرارتها76. وهو بذلك يوافق العلم المعاصر الذي أكد أن الجلد هو المسؤول الحقيقي في الإحساس اللمسي لأنه يمثل نهاية الأعصاب الحسية المنتشرة في ظاهر البدن في البشرة الخارجية وهو بذلك يوافق الطبيب ابن سينا الذي كان سبقه في هذا77.
         هكذا نكون قد أتينا على أهم المباحث العلمية الخاصة بالطبيب ابن زهر الأندلسي وأوضحنا قدر المستطاع بالمقارنة مع العلم المعاصر أهم النتائج والاكتشافات الطبية المبتكرة لدى هذا الطبيب الأندلسي الذي كان يمثل مفارقة نوعية في زمانه.
الهامش :
1- أبو الحسن علي ابن بسام الشنترييني: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق الدكتور إحسان عباس، القسم الثاني، المجلد الأول، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس/1398 هـ - 1978 م، ص 219، وانظر: القاضي عياض: ترتيب المدارك، ج2، ص ص 747 - 748، وانظر: ابن دحية: المطرب من أشعار أهل المغرب، تحقيق إبراهيم الأبياري وحامد عبد المجيد وأحمد بدوي ومراجعة طه حسين- منشورات دار العلم للجميع، طبعة الأميرية 1374 هـ/1955 م، ص 203؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج 17، ص 422 ترجمة رقم 278؛ ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، ج 3 ص 225؛ المقري: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، طبعة الأميرية - مصر (د.ت)، ج 1 ص444، وانظر: المقري: نفح الطيب (طبعة الأميرية) ج1، ص 444، ونفح الطيب (تحقيق إحسان عباس)، ج 3، ص 64، ص ص 433 - 432، ترجمة رقم 237؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج4 ، ص 63.
2- ابن دحية: المطرب من أشعار أهل المغرب، ص 203؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج 17 ص 422 ترجمة رقم 278؛ ابن العماد: شذرات الذهب، ج3، ص225؛ المقري: نفح الطيب ( طبعة الأميرية ) ج1، ص445؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ج4، ص63.
3- ابن بسام: الذخيرة، القسم الثاني مج1، ص218؛ القاضي عياض: ترتيب المدارك ج 2، ص 747؛ ابن دحية: المطرب، ص203؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج17، ص 422؛ ابن العماد: شذرات الذهب ج 3 ص 225؛ المقري: نفح الطيب، ج 1، ص 444.
4- دانية: مدينة بشرق الأندلس، على البحر عامرة حسنة، لها ربض عامر وعليها صور حصين، وصورها من ناحية المشرق في داخل البحر قد بني بهندسة محكمة، ولها قصبة منيعة وهي كثيرة العمران والسفن واردة عليها صادرة عنها. وفي الجنوب منها جبل عظيم مستدير، تظهر من أعلاه جبال يابسة في البحر، ومن دانية أبو عمر والداني (ت. 444 هـ) المقرئ المعروف بابن الصيرفي، له تواليف في القراءات، ومنها أبو الصلت أمية ابن عبد العزيز الداني الذي كان بارعا في الطب والفلسفة والميكانيكا والموسيقى. انظر: الحميري: صفة جزيرة الأندلس المنتخبة من كتاب الروض المعطار، ص76.
5- ابن بسام: الذخيرة، القسم 2، مج1، ص 219؛ ابن الأبار: كتاب التكملة لكتاب الصلة، طبعة روخس مجريط (Madrid1887 م، مج2، ص 606 ترجمة رقم 1691؛ صاعد الأندلسي: طبقات الأمم ص 196؛ ابن أبي أصيبعة عيون الأنباء: العيون (طبعة دار الثقافة)، ج 3، ص103؛ المقري: نفح الطيب ( طبعة الأميرية )، ج 1، ص 444، ج 3، (تحقيق إحسان عباس) ص 432؛ ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 63.
6- ابن الأبار: التكملة، مج 2، ص 607؛ صاعد: الطبقات، ص 197؛ ابن أبي أصيبعة: العيون، ج 3، ص 104؛ ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 63.
7-  ابن الأبار: التكملة، مج 1، ص 67 ترجمة رقم 255؛ ابن أبي أصيبعة: العيون ج 3، ص 104؛ ابن دحية: المطرب ص 203؛ المقري: نفح الطيب، ج 1، ص 445، و ج 3، ( تحقيق إحسان عباس ) ص 432، ترجمة رقم 237؛ ابن العماد: الشذرات، ج 4، ص ص 74 - 75؛ محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، طبعة جديدة بالأفست عن الطبعة الأولى سنة 1349 هـ، ج 1، ص 131، ترجمة رقم 383؛ ابن خلكان: الوفيات، ج 4، ص 63.
8- سيأتي ذكرهما فيما بعد.
9- أبو عامر بن ينق: هو محمد بن يحيى بن خليفة بن ينق، أبو عامر (547 هـ/1152 م)، من أهل شاطبة، رحل إلى قرطبة فأخذ بها عن أبي الحسين بن سراج وطبقته ولازم أبا العلاء بن زهر بإشبيلية وأخذ عنه علم الطب وبرع فيه. انظر حوله: ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء، ج3، ص 105، ابن الأبار: المعجم في أصحاب القاضي الإمام أبي علي الصدفي، تحقيق كوديرا، ط 1، مدريد 1885، ص 168.
10- القاضي عياض: ترتيب المدارك، ج2، ص 747، ابن الأبار: التكملة، مج1، ص 77، ترجمة رقم 255؛ ابن العماد: شذرات الذهب، ج4، ص 75، محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية، ج1، ص 131؛ ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء، ج3، ص 105.
11- ابن الأبار: التكملة، مج1، ص77؛ ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء، ج3، ص 105؛ ابن دحية: المطرب، ص203؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ج4، ص 63؛ ابن العماد: شذرات الذهب، ج4، ص75؛ المقري: نفح الطيب، ج1، ص445؛ محمد بن محمد مخلوف: شجرة النور الزكية، ج1، ص 131.
12- اشبيلية: مدينة بالأندلس جليلة بينها وبين قرطبة مسيرة ثلاثة أيام، ومن الأميال ثمانون، وهي مدينة قديمة أزلية يذكر أهل العلم باللسان اللطيني أن اصل تسميتها ( إشبالي ) معناه المدينة المنبسطة، ويقال أن الذي بناها هو يوليش القيصر، وأنه أول من تسمى قيصر (...) وجعلها أم قواعد الأندلس وإشتق لها اسما من اسمه وهو اسم روميا فسماها رومية يوليش، ويقال أن إشبانيا اسم خاص ببلد إشبيلية الذي كان ينزله إشبان بن طيطش وباسمه سميت الأندلس إسبانيا. الحميري: صفة جزيرة الأندلس، ص ص 19 - 18.
13- نفس بيانات الهامش (11).
14- ابن الأبار: التكملة، مج 2، ص 616 ترجمة رقم 1717؛ ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء ج 3 ص ص 109-106؛ ابن العماد: شذرات الذهب ج 4 ص 179؛ المراكشي: الذيل والتكملة، السفر الخامس (تحقيق إحسان عباس)، ص ص 19 - 18؛ محمد بن محمد: شجرة النور الزكية ج 1، ص 131.
15- ابن الأبار: التكملة، مج 1 ص ص 271-270 ترجمة رقم 855؛ ابن دحية: المطرب ص ص 207-206؛ المقري: نفح الطيب ج 1، ص 446؛ ابن أبي أصيبعة: العيون ج 3 ص ص 115-109؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ج 4 ص ص 62-61؛ ابن العماد: الشذرات
ج
4 ص 320؛ محمد بن محمد: شجرة النور ج 1 ص ص 161-160؛ ياقوت الحموي: معجم الأدباء، ج 7، ص ص22 - 21.
16- ابن أبي أصيعة: عيون الأنباء ج3 ص ص 120-121.
17- ابن أبي أصيعة: عيون الأنباء ج3 ص 121.
18- صلاح الدين المنجد: مصادر جديدة عن تاريخ الطب عند العرب -مجلة معهد المخطوطات العربية- جامعة الدول العربية مج 5، ج 2، 1379 هـ/1959 م، مطبعة مصر ص 258.غير أن عبد العزيز بن عبد الله يشير إلى هذا الطبيب ولكن من غير أن يحيل إلى صلاح الدين المنجد الذي كان أول من أشار إليه وأشار إلى رسالته المعنونة: "المجربات في خواص المعدن والنبات والحيوانات" كما أشار إلى مخطوطات أخرى للعائلة لم نتحصل عليها بمكتبة العبدلية لأن كل البيانات مأخوذة عن صلاح الدين المنجد. انظر عبد العزيز بن عبد الله: أسرة بني زهر مدرسة رائدة مجلة أكاديمية، المملكة المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، العدد 9، سنة 1992، ص 36.
19- ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء،ج 3، ص 113؛ بخصوص هاتين الطبيبتين لم نقف لهما على ترجمة في أي مصدر من مصادر التراجم الإسلامية، ولم نعثر حتى على اسميهما، وكل ما ورد حولهما في المراجع ودوائر المعارف مأخوذ بنصه عن ابن أبي أصيبعة.
20- ابن زهر: كتاب الاقتصاد، ورقة 89، وجه (أ).
21- ابن زهر: كتاب الاقتصاد، ورقة 63، وجه (ب).
22- ابن زهر: التيسير، ص 377.
23- ابن زهر: نفس المصدر، ص 179.
24- ابن زهر: التيسير، ص 185.
25- ابن زهر: كتاب الاقتصاد، ورقة 91، وجه (ب).
26- ابن زهر: التيسير، ص 179.
27- ابن زهر: نفس المصدر، ص 187.
28- ابن زهر: ن. م، ص 191.
29- ابن زهر: ن. م، ص 243.
30- ابن زهر: التيسير، ص ص 423 - 424.
31- ابن زهر: نفس المصدر، ص 161.
32- ابن زهر: ن. م، ص 172.
33- ابن زهر: ن. م، 100.
34- ابن زهر: ن. م، ص 101.
35- ابن زهر: التيسير، ص 423.
36- د. صبحي عمران شلش: علم وظائف أعضاء الحيوان العام، ج 2، ص ص 191 - 192.
37- بن زهر: التيسير، ص 424.
38- ابن زهر: نفس المصدر، ص 179.
39- ابن زهر: ن. م، ص179.
40- لافوازييه هو: أنطوان لوران لافوازييه ولد من والدين مقتدرين في باريس في السادس والعشرين من عام 1743م، وتولت عمته العانس مع أبيه تربيته بعد وفاة أمه وهو لا يزال صغيرا، درس القانون نزولا عند رغبة أبيه وحصل على لسانس في هذه المادة. ثم مال ناحية العلوم فدرس علوم الكيمياء والنبات والجيولوجيا والفلك في كلية مازاران. ونتيجة لإسهامه في وضع خريطة جيولوجية لفرنسا فقد إنتخب وهو في الخامسة والعشرين من عمره عظوا في أكاديمية العلوم الملكية ونال تقديرا نتيجة أبحاثه الكيميائية، وقد حاز على الميدالية الذهبية تقديرا للخطط التي وضعها بهدف تحسين الإنارة في شوارع باريس. ولكنه في 08 مايو عام 1794م أعدم مع جماعة من رفاقه بعد محاكمتهم في محكمة الثورة. ترك آثارا هامة في علم الكيمياء الحيوية والفيزيولوجيا وفي علوم الزراعة ونظريات الاقتصاد وترك كتابا عنوانه "مذكرات في الكمياء" نشرته زوجته الذي جمع لافورييه مادته وهو في السجن ولم يكمله. انظر بخصوص ترجمته وأعماله، أ. ب، روزنباوم وآخرون: علماء خالدون، إعداد سمير أبو حمدان، دار اقرأ، بيروت، الطبعة الأولى 1405 هـ/1985 م، ص ص 123 - 132.
41- روزنباوم وآخرون: علماء خالدون، ص ص 125 - 126.
42- ابن زهر: التيسير، 221.
 43- Jaques Kruh: Biochiemie, Etudes medicales et biologiques, Tome II, Metabolismes, Herman, Paris 1983, pp 12 - 13.
44- Jaques Kruh: Metabolismes, p 13
45- يو. فيلبوفيتش: أسس الكيمياء الحيوية، ترجمة الدكتور حسن معوض عبد العال، دار "مير" للطباعة والنشر  موسكو ‑ الاتحاد السوفياتي، 1980، الجزء الأول (ج 1)؛ الكيمياء الحيوية الإستاتيكية ص 14.
46- يطلق اصطلاح الأيض Metabolism على دورة المواد المستمرة التنظيم التي تحدث أثناء معيشة المادة الحية وتكون مصحوبة بالتجديد الدائم لها، وبالاختصار فإن عملية الأيض هي عبارة عن عملية التحويل المنتظم للمواد في الأجسام الحية. انظر:  A. DOMART et J. BOURNEUF: Petit Larousse de la Medecine, p 492؛ ويو. فيلبوفيتش: أسس الكيمياء الحيوية، ترجمة الدكتور حسن معوض عبد العال، دار "مير" للطباعة والنشر ‑ موسكو ‑ الاتحاد السوفياتي، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، 1981 م، ص 5.
47- يو. فيلبوفيتش: أسس الكيمياء الحيوية، ج2، (الكيمياء الحيوية الديناميكية)، ص 18.
48- ابن زهر: الاقتصاد: ورقة 63، وجه (ب).
49- يو. فيليوفيتش: أسس الكمياء الحيوية، ج 2، ص 17.
50- ابن زهر: التيسير، ص ص 100 - 102.
51- ابن زهر: نفس المصدر، ص 98.
52- ابن زهر: ن. م، ص 102.
53- ابن زهر: ن. م، ص 164.
54- ابن زهر: ن. م، ص 327.
55- ابن زهر: ن. م، ص ص 329 - 330.
56- ابن زهر: التيسير، ص 364.
57- ابن زهر: نفس المصدر، ص ص 386 - 387.
58- ابن زهر: ن. م، ص 409.
59- ابن زهر: ن. م، ص ص 417 - 419.
60- ابن زهر: التيسير، ص ص 421 - 422.
61- ابن زهر: نفس المصدر، ص 422.
62- ابن زهر: ن. م، ص 430.
63- ابن زهر: ن. م، ص 433.
64- ابن زهر: التذكرة، ص 297.
65- ابن زهر: رسالة في تفضيل العسل على السكر، ص 315.
66- ابن زهر: الأغذية، ص 106.
67- Jaques Kruh: Biochiemie, Etudes medicales et biologiques, Tome II, Metabolismes, p 12 et pp 19 - 20; Bruce, Denis Bray, Julian Lewis Albert, M. Raff, K. Robert, James D. Watson: Biologie moléculaire de la cellule, Med-Sciences, Flamarion, Paris, 1993, pp 1059 - 1132.
68- A. Baumgart / R. Reveillaud: Manuel de l’élève infirmière, pp 13 - 14
69- A. Baumgart / R. Reveillaud: Ibid, pp 16 - 17.
70- A. Baumgart / R. Reveillaud: Ibid, pp 16 – 17
71-  ل. ج. أولد: عامل نخر الورم، مجلة العلوم الأمريكية، الكويت، المجلد 6، العدد 6، حزيران 1989، ص ص 80 - 95.
72- ب. ج. برنشتاين: ولادة البرنامج الأمريكي للحرب البيولوجية، مجلة العلوم الأمريكية، الكويت، المجلد 6، العدد 10، تشرين الأول 1989،
ص ص 40 ‑ 47.
73- ابن زهر: التيسير، ص 160.
74- د. صبحي: علم وظائف الأعضاء العام، ج 2، ص ص 187 - 188.
75- ابن زهر: التيسير، ص ص 123 - 124.
76- ابن زهر: نفس المصدر، ص 124.
77- الدكتور محمد عثمان نجاني: الإدراك الحسي عند ابن سينا، ص ص 85 - 8
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
مجلة عصور مخبر البحث التاريخي مصادر وتراجم، كلية العلوم الانسانية والحضارة الاسلامية-جامعة وهران، العدد 12-15 ، السنة 2008-2009، صص 251-278، ومجلة إنسانيات الصادرة عن مركز البحث الوطني في الأنثروبولوجية والعلوم الاجتماعية CRASCالعددان 14،15 ديسمبر 2001، (مجلد V.2.3)، صص 9-26.

0 التعليقات:

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More