نترجم اليوم لعالم من علماء الجزائر كانت
حياته كلها كفاحا متواصلا و جهادا مضنيا ، مما جعله مثار إعجاب الأقارب و
الأباعد ، و الأصدقاء و الأعداء على حد سواء ، كفاح و صمود في سبيل طلب
العلم و المعرفة و جهاد للدفاع عن دين الله الإسلام الصحيح و نشر الإصلاح و
محاربة الطرقية و عباد القبور ، و ناشري الخرافات و الخزعبلات ، لقد انتقل
و هو صغير بمجهوده الخاص على متن باخرة لنقل الحيوانات من الجزائر إلى مصر
، ليلتحق بالجامع الأزهر الشريف و ينقطع عن أهله و بلده في غربة دامت سبع و
عشرين سنة حتى أصبح من شيوخ الأزهر و مدرسيه ، و بعد عودته إلى ارض الوطن
وجد دعاة الطرقية و أصحاب بعض الزوايا أدعياء الدين له بالمرصاد فأعلنوها
حربا لا هوادة فيها ضد هذا الأزهري – المارق في نظرهم – لكنه صبر و احتسب و
بقي صامدا بعزيمة فولاذية إلى آخر يوم في حياته رحمه الله.
إسمه و مولده و أسرته:
محمد الرزقي بن محمد وعلي الشرفاوي ، ينحدر من عائلة ابن القاضي التي كانت تحكم إمارة كوكو بجبال جرجرة ، و لد سنة 1302 هـ / 1880 م بشرفة بهلول ، و هي قرية لا تبعد كثيرا عن مدينة اعزازقة ( تيزي وزو ).
ولد لأسرة تمتهن الفلاحة كغيرها من أسر بلاد زواوة الساكنة على سفوح جبال جرجرة الأشم.
نشأته و طلبه العلم:
نشأ وسط أسرة كبيرة العدد تمتهن الفلاحة كما قلنا ، أدخله والده زاوية قريتهم شرفة بهلول لحفظ القرآن الكريم ، انتقل بعدها الى زاوية احمد الإدريسي البجائي [ العالم الفقيه الأصولي أستاذ العلامة ابن خلدون ت 760هـ ] فانتظم في سلك طلبتها حيث تعلم العربية وعلومها ، و حفظ بعض المتون في الفقه و التوحيد ، و أتقن القرآن الكريم حفظا و رسما و تجويدا.
انتقل بعدها الى الجزائر العاصمة ليدرس بالمدرسة الثعالبية و هي من المدارس الرسمية لكنها محافظة على منهج التعليم الديني الإسلامي العربي ، الذي لم يتأثر بسياسة الاستعمار الثقافية، وفي هذه المدرسة حضر دروس العلامة الشيخ عبد القادر المجاوي الذي تأثر به و بدروسه و افكاره، و هو الذي شجعه على الكتابة في مجلة التلميذ التي كانت تصدرها المدرسة الثعالبية ، كما واظب على حضور دروسه الخارجية.
رحلته إلى مصر:
كان التلميذ الشرفاوي يسمع ثناء أساتذته عن علماء الأزهر الشريف و ينوهون و يستشهدون بأقوالهم و بأفكارهم ، فتأثر أيما تأثر و تمنى ان يلتحق بهذا الجامع الشريف ليتخرج منه عالما يشار له بالبنان ، و رسخت هذه الفكرة في رأسه فجمع مبلغا من المال ، و يذكر لمن عرفه أنه سافر على ظهر باخرة من ميناء الجزائر العاصمة في رحلة – انتحارية - شاقة و مضنية كاد يهلك فيها ، لأنه كان راكبا في الجزء المخصص للحيوانات ، و لم يصل إلى الإسكندرية إلا بعد أن تقيأ مرات و كرات و لاقى من المصاعب التي أنهكت قواه و ألزمته الفراش أياما ، انتقل بعدها إلى القاهرة ليلتحق بمساعدة بعض الطلبة المغاربة بدروس الأزهر الشريف، " ... وقد التزم بعهد قطعه على نفسه [ مع بداية الدراسة في الأزهر]، وهو أن لا يكاتب أهله و لا يقرأ رسالة ترد عليه منهم حتى ينتهي من دراسته ، فعل ذلك خشية أن يكون في تلك الرسائل ما يثير حنينه إليهم ، و يشغله عن مواصلة الدراسة ، و المثير في كل هذا انه وفى بهذا العهد الذي ابرمه على نفسه ، و قضى قرابة أربعة عشر سنة دون أن يقرأ رسالة واحدة من الرسائل التي وردت عليه من الجزائر.
و كم كانت الفاجعة أليمة عندما أنهى دراسته بإحرازه على شهادة العالمية ، و فتح رزمة الرسائل التي اجتمعت لديه طيلة كل هذه السنوات ، فوجد واحدة تنعي إليه والدته ، وأخرى تنعي إليه والده و ثالثة تنعى أخته ، و رابعة تنعى إليه الأخ الأكبر ، و خامسة تنعى إليه اخوين آخرين ، و لا يمكننا تخيل وقع هذه الفواجع في نفسه.
وقد ذكر في أوراقه انه تردد طويلا في قراءاتها أو إحراقها خوفا من الصدمة النفسية و ظل ينظر إليها بقلب خافق ، و نفس مضطربة و أخيرا تكلف من التجلد و الشجاعة ما لا بد منه ، فما كاد ينتهي من قراءتها حتى اغبر لون الوجود في عينيه ، ... و لا عجب فان أقاربه هؤلاء، و إن ماتوا في فترات متباعدة، و لكنهم بالنسبة إليه ماتوا في وقت واحد".
وقد التقى لما كان بالأزهر الشريف رفقة مجموعة من الطلبة الجزائريين الإمام عبد الحميد بن باديس عندما رجع الإمام من أداء فريضة الحج و عرج على الأزهر عام 1332 هـ/ 1914م.
اشتغاله بالتدريس في الأزهر:
بعد كد سنوات التحصيل ، و متابعة و إتقان لكل ما يدرس في الأزهر من مختلف الفنون و العلوم ينال الشيخ الشرفاوي شهادة العالمية و تجيزه هيئتة إجازة عامة في التدريس و التعليم و ذلك سنة 1339 هـ / 1921 م [ يذكر الشيخ لطلبته احتفاء الطلبة المغاربة بنجاحه و فرحهم به ، و يذكر كيف أن بعضهم بكى من شدة فرحه بهذا النجاح ]، ثم يرشح للتدريس بالأزهر فقدم دروسا انتفع بها طلبة العلم لمدة احد عشر سنة ، كما كان يتردد على المكتبات العامة بالقاهرة يعكف على المطالعة و دراسة التراث الإسلامي و العربي، و يشارك بين الفينة و الأخرى في كتابة مقالات في مجلة الأزهر و غيرها.
عودته إلى الجزائر:
عاد سنة 1351 هـ / 1933م بعد أن أدى فريضة الحج حيث التقى ببعض أقاربه فأهاجوا أشواقه إلى الجزائر و حن إليها حنين الإلف فارقه القرين ، فأثاروا فيه الذكريات، فأرسل رسالة الى أهله يعلمهم باعتزامه العودة إلى الجزائر بصفه نهائية ، و ما ان بلغهم الخبر حتى اهتزوا فرحا ، و رأوا أن عودة العالم الذي قضى في الشرق أمدا طويلا يدرس العلم حتى صار قمة شامخة سوف تفتح لهم بهذا العالم صفحة مشرقة في حياة المنطقة ، و سوف يكون لهم به عز و أي عز و مكانة و أي مكانة، لا شك انه وسام شرفهم و عنوان مجدهم ، فما كان إلا أن اجتمع أعيان قرية شرفة بهلول ، و قرروا أن يجمعوا له مبلغا من المال و هو ما كان و أرسلوه إليه عن طريق حوالة بريدية على عنوانه بمصر ، كما قرروا بناء منزل يليق بمقامه بجوار زاوية الشرفة ، و قد سرى خبر عودته الى الجزائر حتى بلغ مسامع القرى و المدن المجاورة ووصل إلى علماء الجزائر ، و لذلك ما إن وصلت الباخرة التي كانت تقله إلى ميناء العاصمة حتى وجد في استقباله جمعا غفيرا من العلماء و طلبة العلم و الأعيان و الأقارب في مقدمتهم احمد بن زكري مدير المدرسة الثعالبية و الشيخ الطيب واعمر شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي،
و زاره بعدها بأيام كل من العالمين الجليلين الأستاذ عبد الحميد بن باديس و الشيخ الطيب العقبي و عرضا عليه الانضمام الإقامة في العاصمة للعمل معهم في صف جمعية العلماء المسلمين و يقوم بواجبه في الإصلاح و التعليم ، لكنه اعتذر منهما، واعلمهما بأنه وعد الشيخ الطيب واعمارة شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي بأنه سيقوم بمهمة التدريس في المعهد اليلولي ، و اخبرهما بأنه سيكون إلى جانب رجال الجمعية في عملهم الإصلاحي ، و هذا ما كان حيث أنه لم ينقطع عن جمعية العلماء المسلمين فكان يمد صحفها بالمقالات و الدراسات ، و لقاء زملائه العلماء من حين لأخر للتشاور و تبادل الرأي بالعاصمة.
تدريسه بالمعهد اليلولي:
بدأ الشيخ التدريس في المعهد اليلولي بعد راحة قصيرة ، وقد فرح به الطلبة فرحا شديدا ، و تسامع الناس به، فأقبلوا يسجلون أبنائهم مهللين فرحين ، بل بلغ الأمر ببعض الطلبة القدامى الذين انهوا دراستهم و اخذوا يباشرون أعمالا مختلفة في مناطقهم بعد أن سمعوا به أن عادوا إلى مقاعد الدراسة ، و هناك من التحق بدروسه و قد جاوز الخمسين من العمر.
وكانت الدروس التي برمجها في تلك السنة و ظل على اغلبها طوال إقامته بالمعهد لمدة عشر سنين هي:
- التفسير و كان يعتمد على تفسير ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) لمؤلِّفه محمود الآلوسي البغدادي، أبو الثناء شهاب الدين، لأنه يرى أنه تفسيراً جامعاً، لآراء السلف رواية ودراية، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية.
- الفقه بمتن خليل و شرح الخرشي.
- الحديث الشريف و كان يدرسه من ((سبل السلام، شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام )) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ، (ت 1182هـ).
- علوم اللغة العربية من بلاغة و نحو و صرف.
- الرياضيات و الحساب و المنطق و التاريخ.
" ... و مثار العجب أو الدهشة، أن الشيخ يقوم بهذه الدروس كلها وحده بحيث يبدأ بالحديث إثر صلاة الصبح ، و ينتهي بعد صلاة العشاء بدرس الفقه، و ليس له في اليوم إلا راحتان بعد الغذاء و قبيل المغرب ، وحتى هذه الأخيرة لا يرتاح فيها إلا قليلا جدا لأنه يستقبل فيها السائلين و المفتين من الطلبة و المواطنين فلا يكاد ينتهي من إجاباتهم إلا مع قرب آذان المغرب .
كان الشيخ منضبطا كل الانضباط حريصا جد الحرص على وقت الدرس و كثيرا ما يزوره شخص ذو قيمة علمية أو مكانة اجتماعية فيظن الطلبة أنها فرصة للراحة و يستبشرون خيرا ، و لكن ما يروعهم إلا أن يروا الشيخ يستعد للدرس أو يدخل إلى القاعة و قد خلف للزائر من يؤنسه.
و قد ذكر الشيخ المهدي بوعبدلى – رحمه الله – انه جاءه زائرا مع قاضي بجاية و كان وقت الدرس قد آن ، فظن انه لن يتركهما و يلتحق بدرسه ، و لكن بعد أن رحب بهما اعتذر منهما و اقبل على درسه تاركا معهما احد الطلبة الكبار.
حاول الاستعمار الفرنسي ان يضيق عليه الخناق لأنه كان يندد به و يهاجمه و يهاجم أذنابه من الخونة و المرتدين الذين باعوا دينهم ووطنهم بأبخس الأثمان ، و تنكرهم لأصالتهم و أمجاد وطنهم.
لكن الله سبحانه و تعالى قيض له رجل هو صديقه الأستاذ احمد بن زكري – رحمه الله – مدير المدرسة الثعالبية الرسمية الذي كان يدافع عنه ، فما ان يبلغ مسامعه ان هناك من يريد به شرا أو يحوم حوله حتى يحول بينه و بين الشيخ الشرفاوي و ذلك لما له من مكانة عند السلطات الفرنسية نظرا للمنصب المرموق و المنزلة العلمية اللتان يتمتع بهما.
أعلنت الزوايا و الطرقية حربا شعواء ضده ، فقد لاقى منهم مقاومة و مغالطة و جحود، فراحوا يشيعون عنه الأكاذيب و انه يفتي بما لم يفتي احد من العالمين و يتهمونه بالجهل بقضايا الدين و بأنه يسب الأولياء و الصالحين و غيرها من الأباطيل.
و هكذا عانى و يعاني رجال العلم و الإصلاح في كل زمان و مكان.
شيوخه و أساتذته:
من الشيوخ الذين اثروا كثيرا في حياة مترجمنا نذكر:
1 - الشيخ عبد القادر المجاوي ( ت سنة1332هـ/ 1914م) : " كان عالما مفكرا عاملا بعلمه، يقوم بتطبيق ما يراه من مناهج الإصلاح وأساليب التربية والتعليم، ابتدأ التدريس في مدينة قسنطينة سنة 1286مدرسا متطوعا، ثم عين مدرسا بجامع الكتاني سنة1290. وتولى التدريس بالمدرسة الكتانية سنة 1295، ثم أبعدته الحكومة الفرنسية من قسنطينة إلى مدينة إلى الجزائر سنة 1316 فدرس في المدرسة الثعالبية ، ونالت دروسه إقبال الناس، وأحبوا فيه صدق اللهجة وصفاء السريرة، وظل يخاطب القلوب ويربي النفوس إلى إن أدركته الوفاة،وله مؤلفات كثيرة منها:
- إرشاد المتعلمين
- المرصاد في مسائل الاقتصاد
- شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية.
- رسالة في التربية و التعليم
- رسالة في علم الكلام سماها القواعد الكلامية.
2 - الإمام الفقيه الموسوعي ، الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي الذي كان يلقب بالأستاذ الأكبر ( ت 1354 هـ/ 1935 م ) مفتي الديار المصرية، ومن كبار فقهائها، لم ينقطع عن التدريس ، و يذكر الأستاذ الشرفاوي ان شيخه لم ينقطع أبدا عن التدريس و إفادة الطلبة بالإرشاد و التوجيه و إجابة المستفتين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي نيفا و ستين سنة.
من مؤلفاته:
- إرشاد الامة إلى أحكام أهل الذمة
- أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدع من الاحكام
- حسن البيان في دفع ما ورد من الشبه على القرآن
- الكلمات الحسان في الاحرف السبعة وجمع القرآن
- القول المفيد في علم التوحيد
و غيرها.
3 - الأستاذ يوسف الدجوي ( ت سنة 1365 هـ/ 1946 م ) من هيئة كبار علماء الأزهر ، و المحرر في مجلة نور الاسلام ، كف بصره في غرة طفولته و رغم هذه العاهة فقد جد في طلب العلوم و المعارف حتى صار قمة شامخة في الفتوى رغم بعض المآخذ التي كان سجلها عليه معاصروه، من مؤلفاته:
- رسائل السلام ووسائل الاسلام.
- الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف.
- تنبيه المؤمنين لمحاسن الدين.
- الرد على كتاب الإسلام و أصول الحكم لمصطفى عبد الرزاق.
و مما يروي عنه الشيخ الشرفاوي حرصه الشديد على التحدث بالعربية الفصحى حيث يرى أن للأمة العربية شخصيتها التاريخية العظيمة و لا سبيل إلى التعرف عليها إلا بواسطة هذه اللغة.
تلامذته:
كان عدد الطلبة الذين تخرجوا على يديه بالمعهد اليلولي خلال عشرة أعوام – و هي المدة التي قضاها فيه – لا يعد و لا يحصى ، إذ وصل عددهم في بعض السنوات الى 300 طالب من مختلف ارجاء الوطن ، استفادوا من علمه و طريقته في التربية و التعليم ، يذكر تلميذه محمد الصالح الصديق منهم:
- الأستاذ الأديب نعماني المكي
- الأستاذ الشيخ احمد حسين الطالب بجامع الزيتونة الذي كان يلتحق بالمعهد اليلولي في العطل الصيفية لان عطلة الزيتونة طويلة ، و قد تولى التدريس بمعهد الامام ابن باديس ، ثمة مديرا للشؤون الدينية ، ثم عضوا بالمجلس الإسلامي ، و كان رحمه الله يقول عن أستاذه الشرفاوي: " عرفت الشرفاوي بمعرفة أساتذة الزيتونة المشاهير فهو لا يقل عنهم و يفوق بعضهم.
- الأديب الأستاذ العربي بن عيسى الذي لقبه ابن باديس بالقمقوم لتضلعه في اللغة العربية ، و قد التحق بالمعهد بعد الدراسة على عبد الحميد بن باديس في أوائل الأربعينات ، و كان يعينه بإلقاء الدروس في اللغة و الأدب و القواعد.
- الأستاذ العربي سعدوني – رحمه الله – الذي تولى وزارة الاوقاف خلال الستينات ، و كان الشيخ يحبه و يرأف عليه.
- صديقي الطيب المجاهد الكبير الذي ترقى أثناء الثورة التحريرية حتى وصل الى رتبة رائد ، و هو الآن عضو الأمانة الوطنية للمجاهدين.
و غيرهم ممن أفادوا قومه و رفعوا لواء الإسلام و العربية في ربوع الجزائر الطاهرة.
وفاته:
توفي رحمه الله زوال يوم الاربعاء 11 محرم 1364 هـ ، بعد مرض اصابه اثر نزلة برد ، و شيعت جنازته في مشهد رهيب حضره العلماء و الاعيان و الطلبة و جمهور كبير ، و صلى عليه و ابنه تلميذه الأستاذ العربي بن عيسى الملقب بقمقوم في زاوية شرفة بهلول.
مؤلفاته:
أترك المجال لتلميذه الشيخ محمد الصالح الصديق ليحدثنا عن مؤلفات الشيخ :
" ... ألف كتبا كثيرة قيمة في مختلف الفنون، و لكنها مع الاسف الشديد ضاعت معظمها خلال الثورة التحريرية، و منها ما نهبه الناهبون الذين طمس الله على قلوبهم فعليها غباوة و على أعينهم غشاوة و على ضمائرهم كدرة ، منها:
1- كتاب (( الخلاصة المختارة في فضلاء زواوة))
و قصارى ما يمكن قوله عن هذا الكتاب استنادا الى صفحات عثرنا عليها بعد ضياعه انه [ ضم تراجم ] عن علماء زواوة و مشاهيرها ، رتب المؤلف التراجم على حروف الهجاء و اورد فيها اخبارا اخبارا و نوادر و مواقف ، و يبدو من هذه الصفحات أن [ المكتبة الإسلامية على العموم ] و الجزائرية على الخصوص قد خسرت بضياعه كتابا قيما لا غنى عنه لكل من يهتم بتاريخ العلماء و الفضلاء في المنطقة.
2- كتاب (( إرشاد الطلاب إلى ما في الآيات من الإعراب))
و الكتاب كما ترشدنا أوراق منه اطلعنا عليها عند طلبة الشيخ ...انه يعنى بالقرآن [ الكريم ] من حيث اللغة و الإعراب ، فهو يشرح الكلمة الغامضة ثم يعربها أو يعرب كامل الجملة مع ايراد ما يوافق ذلك من كلام العرب الفصيح ، و قد يدير حول الآية سؤالا و يثيرا استشكالا ثم يعالج تاويلها و توجيهها بطريقة الباحث البصير و الناقد الخبير ... و الكتاب – حسب هذه الاوراق – ينطق بقوة النظر ، و عمق التفكير ، و دقة الاستنتاج و حسن التصرف و طول الباع.
3- كتاب (( الدروس الانشائية لطلبة زوايا الزواوية )): اطلعنا على هذا الكتاب عند احد ائمة المساجد بالعاصمة و هو الحاج محمد السعيد الشرفاوي – رحمه الله – و ما يزال الكتاب عند ولده ، اطلعنا على هذا الكتاب فوجدناه يسلك منهج القدامى في التبويب و عرض المادة ...و هو الكتاب الوحيد بين كتب الشيخ الذي نعرف مصيره و مكانه و لعل من المفيد ان ندع الشيخ يحدثنا عن كتابه هذا و عن الدوافع التي دفعته لتأليفه حيث يقول:
" اما بعد فقد كنت مدرسا بمعهد سيدي عبد الرحمن اليلولي فطلب مني الطلبة ان ادرس لهم الانشاء فاجبت طلبهم بعد الالحاح ثم فكرت في اختيار المادة التي تعود عليهم بالنجاح ، فلم اجد من بين الكتب المتداولة بغيتهم ، و ما يناسب احوالهم ، و خصوصا ان هذا العلم احدث في هذا المعهد وليدا جديدا ينبغي ان اسلك بهم لاجل ذلك طريقا مفيدا ، لذلك لم ار بدا من رجوعي الى ما كتبته من الدروس حين تلقيت هذا العلم عن مشايخي بالازهر الشريف ، و ضممت الى تلك الدروس ما رايته صالحا لافادة الطلبة فالقيت ذلك عليهم دروسا مفرقة ثم جمعتها ...فجاءت بحمد الله تزهو بمحاسنها بين الرسائل ، و الله هو المسؤول ان يجعلها في هذا لافن من خير الوسائل".
ثم يعرف الانشاء فيقول عنه: " فن جليل المقدار ، جميل الاثار ، روضته وريقة الأفنان ، أنيقة الاغصان ذكبة الروح و الريحان، فيها من كل فاكهة زوجان ، به ارتفعت الاقلام الى مناصب الوزارة ، و مراتب الصدارة و الامارة ، فكانوا اهل الحل و العقد ، بيدهم زمام الصرف و العقد ، و لهم هيمنة على الاعمال ، و السيطرة على العمال...الخ"
4- كتاب : (( بغية الطلاب في علم الآداب ))
هذا الكتاب صغير الحجم – فيما يبدو – كبير الفائدة ، رأيته عند الشيخ في صغري ثم رأيت اوراقا منه عند بعض الطلبة ، و هو يعرف الأدب بانه ثمرة من ثمار قريحة الانسان و عقله و نفسه.
5- (( الرسالة الفتحية في الاعمال الجيبية )) و لم نعثر من هذا الكتاب الا على ورقة عند شيخ يناهز عمره المائة سنة ، و كان بالورقة ضنينا لانه يتبرك بها – حسب قوله – و لم يسمح بتصويرها الا بعد محاضرة طويلة القيناها عليه فيما ينتظره من الاجر العظيم عند الله تبارك و تعالى اذا سمح بها و ضممناها الى الكتاب".أ.هـ.
مقالاته :
يتعذر استقصاء ما نشره في الصحف المصرية او الجزائرية لقلة المراجع ( منها النجاح ، الصديق، مجلة الاسلام الازهرية ، الثبات ، الامة لابي اليقضان).
اما أكثر المقالات فقد نشرها في البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين ففي سنة 1936 م نشر سلسلة من المقالات حول اثبات هلال ومضان بالطريقتين الشرعية و الفلكية.
وفي سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125 .
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح ، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة – و هي مقالات رائعة ماتعة سأنقل لكم مقتطفات منها إن شاء الله -
شخصيته و صفاته:
عرفنا من خلال سردنا لترجمة الشيخ الشرفاوي - رحمه الله - قوة العزيمة و الصمود و الكفاح من اجل طلب العلم و المعرفة منذ صغره ، و أفسح المجال مرة ثانية لتلميذه محمد الصالح الصديق – حفظه الله – يحدثنا عن شخصية شيخه فيقول: (( ... كان رحمه الله ثابت العقيدة لا يتذبذب، صادق الإيمان لا يشك، رزين الطبع لا يستخفه طرب، و لا يستفزه غضب ، عفيف لا يفتح فمه لهجر ، و لا أذنه للغو... وكانت حياته منذ الطفولة سلسلة متصلة الحلقات من متاعب و مشاق و حرمان
و حتى بعد عودته من مصر إلى الجزائر و استقراره بمسقط رأسه بين أهله و خلانه لم يذق طعم الحياة أو طعم الراحة النفسية ، اذ كان أعداء العلم و الإصلاح يكدرون عليه صفو حياته ، فعوض ان يقابلوه بالتكريم و التقدير و الاعتزاز و يحاولون أن ينتفعوا بعلمه قابلوه بالجحود و التنكر و بالإعراض و الهجران ، و بالمكائد و الدسائس و ما كل ذلك لم يهن عزمه ، و لم تلن قناته ، و لم يضعف يوما او يتخل عن نضاله الفكري و الإصلاحي و دعوته إلى الكتاب و السنة و لسان خاله يقول :
مناي من الدنيا علوم أبثها ... و انشرها في كل باد و حاضر
دعاء إلى الكتاب و السنة التي... تناسى رجال ذكرها في المحاضر
يراه من لا يعرفه فيهابه لأول وهلة و يحسبه خشن الطبع مما يوحي به مظهره من المهابة و الجلال ، و ينطق به وجهه من التحدي ، و لكنه لا يلبث أن يغير رأيه فيه عندما يفاتحه بالحديث فيجده طيب النفس ، رقيق المزاح ، مرهف الحس ، متدفق الشعور ، يعجب بالخبر الطريف ، و يرتاح للفكاهة المسلية ، و يميل إلى النوادر الحلوة ، كما يهتز للبطولة ، و يطرب للمنظر الجميل ، و يرتاع للمشهد البائس
و كان درسه لا يمل بالرغم من مستوى الطلبة العلمي لأنه كلما أحس بفتور يغزو أو يهدد حلقة الدرس استأنس بنادرة من نوادر الظرفاء ، أو طرفة من طرف النبلاء ، فتنشط العقول و تنتعش النفوس ، فتعود إلى مواكبة الدرس بعزيمة و عناية ، و قد لاحظ فيه هذا الطبع حتى حساده و الذين عجزوا عن ملاحقته فذكروه و سجلوه، يضاف إلى ذلك كله ذوقه في ميدان التقى و الورع ، فهو يواظب على تلاوة القرآن الكريم بقلب خاشع و نفس متهدلة ، و عقل بصير ، و تدمع عيناه إذا مرت به آية في عظمة الله تعالى او في رحمته و عذابه حتى تخضل الدموع ثوبه و كان في شهر رمضان يعني بالقرآن الكريم عناية خاصة و يتوافر توافرا جديا على تدبر معانيه ، و استنتاج أسراره و الغوص على جواهره...و تذكر زوجته أنها إذا طهت طعاما خاصا في مناسبة او في موسم أوصاها أن تكثر منه و تذيق الجيران الفقراء و كان يقول لها ما معناه ومؤداه : " للمسلم عيد يوم الجمعة و للنصراني يوم الأحد و لليهودي يوم السبت ، أما عيد الفقير فهو يوم يسرُ فيه."
و إذا أرسلت إليه هدية مما يؤكل أوصى زوجته بأن لا تنس الجيران)).
المصادر و المراجع :
- " الشيخ الرزقي الشرفاوي حياة و آثار ، شهادات و مواقف " لمحمد الصالح الصديق - دار الأمة ، الطبعة الأولى 1998م [ و من هذا الكتاب كانت معظم مادة هذه الترجمة].
- " اعلام من منطقة القبائل " لمحمد الصالح الصديق - ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2007م.
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" ( باللغة الفرنسية ) تأليف الوزير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
- مجلة الثقافة الجزائرية - العدد 22 – شهر سبتمبر 1996م.
إسمه و مولده و أسرته:
محمد الرزقي بن محمد وعلي الشرفاوي ، ينحدر من عائلة ابن القاضي التي كانت تحكم إمارة كوكو بجبال جرجرة ، و لد سنة 1302 هـ / 1880 م بشرفة بهلول ، و هي قرية لا تبعد كثيرا عن مدينة اعزازقة ( تيزي وزو ).
ولد لأسرة تمتهن الفلاحة كغيرها من أسر بلاد زواوة الساكنة على سفوح جبال جرجرة الأشم.
نشأته و طلبه العلم:
نشأ وسط أسرة كبيرة العدد تمتهن الفلاحة كما قلنا ، أدخله والده زاوية قريتهم شرفة بهلول لحفظ القرآن الكريم ، انتقل بعدها الى زاوية احمد الإدريسي البجائي [ العالم الفقيه الأصولي أستاذ العلامة ابن خلدون ت 760هـ ] فانتظم في سلك طلبتها حيث تعلم العربية وعلومها ، و حفظ بعض المتون في الفقه و التوحيد ، و أتقن القرآن الكريم حفظا و رسما و تجويدا.
انتقل بعدها الى الجزائر العاصمة ليدرس بالمدرسة الثعالبية و هي من المدارس الرسمية لكنها محافظة على منهج التعليم الديني الإسلامي العربي ، الذي لم يتأثر بسياسة الاستعمار الثقافية، وفي هذه المدرسة حضر دروس العلامة الشيخ عبد القادر المجاوي الذي تأثر به و بدروسه و افكاره، و هو الذي شجعه على الكتابة في مجلة التلميذ التي كانت تصدرها المدرسة الثعالبية ، كما واظب على حضور دروسه الخارجية.
رحلته إلى مصر:
كان التلميذ الشرفاوي يسمع ثناء أساتذته عن علماء الأزهر الشريف و ينوهون و يستشهدون بأقوالهم و بأفكارهم ، فتأثر أيما تأثر و تمنى ان يلتحق بهذا الجامع الشريف ليتخرج منه عالما يشار له بالبنان ، و رسخت هذه الفكرة في رأسه فجمع مبلغا من المال ، و يذكر لمن عرفه أنه سافر على ظهر باخرة من ميناء الجزائر العاصمة في رحلة – انتحارية - شاقة و مضنية كاد يهلك فيها ، لأنه كان راكبا في الجزء المخصص للحيوانات ، و لم يصل إلى الإسكندرية إلا بعد أن تقيأ مرات و كرات و لاقى من المصاعب التي أنهكت قواه و ألزمته الفراش أياما ، انتقل بعدها إلى القاهرة ليلتحق بمساعدة بعض الطلبة المغاربة بدروس الأزهر الشريف، " ... وقد التزم بعهد قطعه على نفسه [ مع بداية الدراسة في الأزهر]، وهو أن لا يكاتب أهله و لا يقرأ رسالة ترد عليه منهم حتى ينتهي من دراسته ، فعل ذلك خشية أن يكون في تلك الرسائل ما يثير حنينه إليهم ، و يشغله عن مواصلة الدراسة ، و المثير في كل هذا انه وفى بهذا العهد الذي ابرمه على نفسه ، و قضى قرابة أربعة عشر سنة دون أن يقرأ رسالة واحدة من الرسائل التي وردت عليه من الجزائر.
و كم كانت الفاجعة أليمة عندما أنهى دراسته بإحرازه على شهادة العالمية ، و فتح رزمة الرسائل التي اجتمعت لديه طيلة كل هذه السنوات ، فوجد واحدة تنعي إليه والدته ، وأخرى تنعي إليه والده و ثالثة تنعى أخته ، و رابعة تنعى إليه الأخ الأكبر ، و خامسة تنعى إليه اخوين آخرين ، و لا يمكننا تخيل وقع هذه الفواجع في نفسه.
وقد ذكر في أوراقه انه تردد طويلا في قراءاتها أو إحراقها خوفا من الصدمة النفسية و ظل ينظر إليها بقلب خافق ، و نفس مضطربة و أخيرا تكلف من التجلد و الشجاعة ما لا بد منه ، فما كاد ينتهي من قراءتها حتى اغبر لون الوجود في عينيه ، ... و لا عجب فان أقاربه هؤلاء، و إن ماتوا في فترات متباعدة، و لكنهم بالنسبة إليه ماتوا في وقت واحد".
وقد التقى لما كان بالأزهر الشريف رفقة مجموعة من الطلبة الجزائريين الإمام عبد الحميد بن باديس عندما رجع الإمام من أداء فريضة الحج و عرج على الأزهر عام 1332 هـ/ 1914م.
اشتغاله بالتدريس في الأزهر:
بعد كد سنوات التحصيل ، و متابعة و إتقان لكل ما يدرس في الأزهر من مختلف الفنون و العلوم ينال الشيخ الشرفاوي شهادة العالمية و تجيزه هيئتة إجازة عامة في التدريس و التعليم و ذلك سنة 1339 هـ / 1921 م [ يذكر الشيخ لطلبته احتفاء الطلبة المغاربة بنجاحه و فرحهم به ، و يذكر كيف أن بعضهم بكى من شدة فرحه بهذا النجاح ]، ثم يرشح للتدريس بالأزهر فقدم دروسا انتفع بها طلبة العلم لمدة احد عشر سنة ، كما كان يتردد على المكتبات العامة بالقاهرة يعكف على المطالعة و دراسة التراث الإسلامي و العربي، و يشارك بين الفينة و الأخرى في كتابة مقالات في مجلة الأزهر و غيرها.
عودته إلى الجزائر:
عاد سنة 1351 هـ / 1933م بعد أن أدى فريضة الحج حيث التقى ببعض أقاربه فأهاجوا أشواقه إلى الجزائر و حن إليها حنين الإلف فارقه القرين ، فأثاروا فيه الذكريات، فأرسل رسالة الى أهله يعلمهم باعتزامه العودة إلى الجزائر بصفه نهائية ، و ما ان بلغهم الخبر حتى اهتزوا فرحا ، و رأوا أن عودة العالم الذي قضى في الشرق أمدا طويلا يدرس العلم حتى صار قمة شامخة سوف تفتح لهم بهذا العالم صفحة مشرقة في حياة المنطقة ، و سوف يكون لهم به عز و أي عز و مكانة و أي مكانة، لا شك انه وسام شرفهم و عنوان مجدهم ، فما كان إلا أن اجتمع أعيان قرية شرفة بهلول ، و قرروا أن يجمعوا له مبلغا من المال و هو ما كان و أرسلوه إليه عن طريق حوالة بريدية على عنوانه بمصر ، كما قرروا بناء منزل يليق بمقامه بجوار زاوية الشرفة ، و قد سرى خبر عودته الى الجزائر حتى بلغ مسامع القرى و المدن المجاورة ووصل إلى علماء الجزائر ، و لذلك ما إن وصلت الباخرة التي كانت تقله إلى ميناء العاصمة حتى وجد في استقباله جمعا غفيرا من العلماء و طلبة العلم و الأعيان و الأقارب في مقدمتهم احمد بن زكري مدير المدرسة الثعالبية و الشيخ الطيب واعمر شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي،
و زاره بعدها بأيام كل من العالمين الجليلين الأستاذ عبد الحميد بن باديس و الشيخ الطيب العقبي و عرضا عليه الانضمام الإقامة في العاصمة للعمل معهم في صف جمعية العلماء المسلمين و يقوم بواجبه في الإصلاح و التعليم ، لكنه اعتذر منهما، واعلمهما بأنه وعد الشيخ الطيب واعمارة شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي بأنه سيقوم بمهمة التدريس في المعهد اليلولي ، و اخبرهما بأنه سيكون إلى جانب رجال الجمعية في عملهم الإصلاحي ، و هذا ما كان حيث أنه لم ينقطع عن جمعية العلماء المسلمين فكان يمد صحفها بالمقالات و الدراسات ، و لقاء زملائه العلماء من حين لأخر للتشاور و تبادل الرأي بالعاصمة.
تدريسه بالمعهد اليلولي:
بدأ الشيخ التدريس في المعهد اليلولي بعد راحة قصيرة ، وقد فرح به الطلبة فرحا شديدا ، و تسامع الناس به، فأقبلوا يسجلون أبنائهم مهللين فرحين ، بل بلغ الأمر ببعض الطلبة القدامى الذين انهوا دراستهم و اخذوا يباشرون أعمالا مختلفة في مناطقهم بعد أن سمعوا به أن عادوا إلى مقاعد الدراسة ، و هناك من التحق بدروسه و قد جاوز الخمسين من العمر.
وكانت الدروس التي برمجها في تلك السنة و ظل على اغلبها طوال إقامته بالمعهد لمدة عشر سنين هي:
- التفسير و كان يعتمد على تفسير ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) لمؤلِّفه محمود الآلوسي البغدادي، أبو الثناء شهاب الدين، لأنه يرى أنه تفسيراً جامعاً، لآراء السلف رواية ودراية، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية.
- الفقه بمتن خليل و شرح الخرشي.
- الحديث الشريف و كان يدرسه من ((سبل السلام، شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام )) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ، (ت 1182هـ).
- علوم اللغة العربية من بلاغة و نحو و صرف.
- الرياضيات و الحساب و المنطق و التاريخ.
" ... و مثار العجب أو الدهشة، أن الشيخ يقوم بهذه الدروس كلها وحده بحيث يبدأ بالحديث إثر صلاة الصبح ، و ينتهي بعد صلاة العشاء بدرس الفقه، و ليس له في اليوم إلا راحتان بعد الغذاء و قبيل المغرب ، وحتى هذه الأخيرة لا يرتاح فيها إلا قليلا جدا لأنه يستقبل فيها السائلين و المفتين من الطلبة و المواطنين فلا يكاد ينتهي من إجاباتهم إلا مع قرب آذان المغرب .
كان الشيخ منضبطا كل الانضباط حريصا جد الحرص على وقت الدرس و كثيرا ما يزوره شخص ذو قيمة علمية أو مكانة اجتماعية فيظن الطلبة أنها فرصة للراحة و يستبشرون خيرا ، و لكن ما يروعهم إلا أن يروا الشيخ يستعد للدرس أو يدخل إلى القاعة و قد خلف للزائر من يؤنسه.
و قد ذكر الشيخ المهدي بوعبدلى – رحمه الله – انه جاءه زائرا مع قاضي بجاية و كان وقت الدرس قد آن ، فظن انه لن يتركهما و يلتحق بدرسه ، و لكن بعد أن رحب بهما اعتذر منهما و اقبل على درسه تاركا معهما احد الطلبة الكبار.
حاول الاستعمار الفرنسي ان يضيق عليه الخناق لأنه كان يندد به و يهاجمه و يهاجم أذنابه من الخونة و المرتدين الذين باعوا دينهم ووطنهم بأبخس الأثمان ، و تنكرهم لأصالتهم و أمجاد وطنهم.
لكن الله سبحانه و تعالى قيض له رجل هو صديقه الأستاذ احمد بن زكري – رحمه الله – مدير المدرسة الثعالبية الرسمية الذي كان يدافع عنه ، فما ان يبلغ مسامعه ان هناك من يريد به شرا أو يحوم حوله حتى يحول بينه و بين الشيخ الشرفاوي و ذلك لما له من مكانة عند السلطات الفرنسية نظرا للمنصب المرموق و المنزلة العلمية اللتان يتمتع بهما.
أعلنت الزوايا و الطرقية حربا شعواء ضده ، فقد لاقى منهم مقاومة و مغالطة و جحود، فراحوا يشيعون عنه الأكاذيب و انه يفتي بما لم يفتي احد من العالمين و يتهمونه بالجهل بقضايا الدين و بأنه يسب الأولياء و الصالحين و غيرها من الأباطيل.
و هكذا عانى و يعاني رجال العلم و الإصلاح في كل زمان و مكان.
شيوخه و أساتذته:
من الشيوخ الذين اثروا كثيرا في حياة مترجمنا نذكر:
1 - الشيخ عبد القادر المجاوي ( ت سنة1332هـ/ 1914م) : " كان عالما مفكرا عاملا بعلمه، يقوم بتطبيق ما يراه من مناهج الإصلاح وأساليب التربية والتعليم، ابتدأ التدريس في مدينة قسنطينة سنة 1286مدرسا متطوعا، ثم عين مدرسا بجامع الكتاني سنة1290. وتولى التدريس بالمدرسة الكتانية سنة 1295، ثم أبعدته الحكومة الفرنسية من قسنطينة إلى مدينة إلى الجزائر سنة 1316 فدرس في المدرسة الثعالبية ، ونالت دروسه إقبال الناس، وأحبوا فيه صدق اللهجة وصفاء السريرة، وظل يخاطب القلوب ويربي النفوس إلى إن أدركته الوفاة،وله مؤلفات كثيرة منها:
- إرشاد المتعلمين
- المرصاد في مسائل الاقتصاد
- شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية.
- رسالة في التربية و التعليم
- رسالة في علم الكلام سماها القواعد الكلامية.
2 - الإمام الفقيه الموسوعي ، الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي الذي كان يلقب بالأستاذ الأكبر ( ت 1354 هـ/ 1935 م ) مفتي الديار المصرية، ومن كبار فقهائها، لم ينقطع عن التدريس ، و يذكر الأستاذ الشرفاوي ان شيخه لم ينقطع أبدا عن التدريس و إفادة الطلبة بالإرشاد و التوجيه و إجابة المستفتين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي نيفا و ستين سنة.
من مؤلفاته:
- إرشاد الامة إلى أحكام أهل الذمة
- أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدع من الاحكام
- حسن البيان في دفع ما ورد من الشبه على القرآن
- الكلمات الحسان في الاحرف السبعة وجمع القرآن
- القول المفيد في علم التوحيد
و غيرها.
3 - الأستاذ يوسف الدجوي ( ت سنة 1365 هـ/ 1946 م ) من هيئة كبار علماء الأزهر ، و المحرر في مجلة نور الاسلام ، كف بصره في غرة طفولته و رغم هذه العاهة فقد جد في طلب العلوم و المعارف حتى صار قمة شامخة في الفتوى رغم بعض المآخذ التي كان سجلها عليه معاصروه، من مؤلفاته:
- رسائل السلام ووسائل الاسلام.
- الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف.
- تنبيه المؤمنين لمحاسن الدين.
- الرد على كتاب الإسلام و أصول الحكم لمصطفى عبد الرزاق.
و مما يروي عنه الشيخ الشرفاوي حرصه الشديد على التحدث بالعربية الفصحى حيث يرى أن للأمة العربية شخصيتها التاريخية العظيمة و لا سبيل إلى التعرف عليها إلا بواسطة هذه اللغة.
تلامذته:
كان عدد الطلبة الذين تخرجوا على يديه بالمعهد اليلولي خلال عشرة أعوام – و هي المدة التي قضاها فيه – لا يعد و لا يحصى ، إذ وصل عددهم في بعض السنوات الى 300 طالب من مختلف ارجاء الوطن ، استفادوا من علمه و طريقته في التربية و التعليم ، يذكر تلميذه محمد الصالح الصديق منهم:
- الأستاذ الأديب نعماني المكي
- الأستاذ الشيخ احمد حسين الطالب بجامع الزيتونة الذي كان يلتحق بالمعهد اليلولي في العطل الصيفية لان عطلة الزيتونة طويلة ، و قد تولى التدريس بمعهد الامام ابن باديس ، ثمة مديرا للشؤون الدينية ، ثم عضوا بالمجلس الإسلامي ، و كان رحمه الله يقول عن أستاذه الشرفاوي: " عرفت الشرفاوي بمعرفة أساتذة الزيتونة المشاهير فهو لا يقل عنهم و يفوق بعضهم.
- الأديب الأستاذ العربي بن عيسى الذي لقبه ابن باديس بالقمقوم لتضلعه في اللغة العربية ، و قد التحق بالمعهد بعد الدراسة على عبد الحميد بن باديس في أوائل الأربعينات ، و كان يعينه بإلقاء الدروس في اللغة و الأدب و القواعد.
- الأستاذ العربي سعدوني – رحمه الله – الذي تولى وزارة الاوقاف خلال الستينات ، و كان الشيخ يحبه و يرأف عليه.
- صديقي الطيب المجاهد الكبير الذي ترقى أثناء الثورة التحريرية حتى وصل الى رتبة رائد ، و هو الآن عضو الأمانة الوطنية للمجاهدين.
و غيرهم ممن أفادوا قومه و رفعوا لواء الإسلام و العربية في ربوع الجزائر الطاهرة.
وفاته:
توفي رحمه الله زوال يوم الاربعاء 11 محرم 1364 هـ ، بعد مرض اصابه اثر نزلة برد ، و شيعت جنازته في مشهد رهيب حضره العلماء و الاعيان و الطلبة و جمهور كبير ، و صلى عليه و ابنه تلميذه الأستاذ العربي بن عيسى الملقب بقمقوم في زاوية شرفة بهلول.
مؤلفاته:
أترك المجال لتلميذه الشيخ محمد الصالح الصديق ليحدثنا عن مؤلفات الشيخ :
" ... ألف كتبا كثيرة قيمة في مختلف الفنون، و لكنها مع الاسف الشديد ضاعت معظمها خلال الثورة التحريرية، و منها ما نهبه الناهبون الذين طمس الله على قلوبهم فعليها غباوة و على أعينهم غشاوة و على ضمائرهم كدرة ، منها:
1- كتاب (( الخلاصة المختارة في فضلاء زواوة))
و قصارى ما يمكن قوله عن هذا الكتاب استنادا الى صفحات عثرنا عليها بعد ضياعه انه [ ضم تراجم ] عن علماء زواوة و مشاهيرها ، رتب المؤلف التراجم على حروف الهجاء و اورد فيها اخبارا اخبارا و نوادر و مواقف ، و يبدو من هذه الصفحات أن [ المكتبة الإسلامية على العموم ] و الجزائرية على الخصوص قد خسرت بضياعه كتابا قيما لا غنى عنه لكل من يهتم بتاريخ العلماء و الفضلاء في المنطقة.
2- كتاب (( إرشاد الطلاب إلى ما في الآيات من الإعراب))
و الكتاب كما ترشدنا أوراق منه اطلعنا عليها عند طلبة الشيخ ...انه يعنى بالقرآن [ الكريم ] من حيث اللغة و الإعراب ، فهو يشرح الكلمة الغامضة ثم يعربها أو يعرب كامل الجملة مع ايراد ما يوافق ذلك من كلام العرب الفصيح ، و قد يدير حول الآية سؤالا و يثيرا استشكالا ثم يعالج تاويلها و توجيهها بطريقة الباحث البصير و الناقد الخبير ... و الكتاب – حسب هذه الاوراق – ينطق بقوة النظر ، و عمق التفكير ، و دقة الاستنتاج و حسن التصرف و طول الباع.
3- كتاب (( الدروس الانشائية لطلبة زوايا الزواوية )): اطلعنا على هذا الكتاب عند احد ائمة المساجد بالعاصمة و هو الحاج محمد السعيد الشرفاوي – رحمه الله – و ما يزال الكتاب عند ولده ، اطلعنا على هذا الكتاب فوجدناه يسلك منهج القدامى في التبويب و عرض المادة ...و هو الكتاب الوحيد بين كتب الشيخ الذي نعرف مصيره و مكانه و لعل من المفيد ان ندع الشيخ يحدثنا عن كتابه هذا و عن الدوافع التي دفعته لتأليفه حيث يقول:
" اما بعد فقد كنت مدرسا بمعهد سيدي عبد الرحمن اليلولي فطلب مني الطلبة ان ادرس لهم الانشاء فاجبت طلبهم بعد الالحاح ثم فكرت في اختيار المادة التي تعود عليهم بالنجاح ، فلم اجد من بين الكتب المتداولة بغيتهم ، و ما يناسب احوالهم ، و خصوصا ان هذا العلم احدث في هذا المعهد وليدا جديدا ينبغي ان اسلك بهم لاجل ذلك طريقا مفيدا ، لذلك لم ار بدا من رجوعي الى ما كتبته من الدروس حين تلقيت هذا العلم عن مشايخي بالازهر الشريف ، و ضممت الى تلك الدروس ما رايته صالحا لافادة الطلبة فالقيت ذلك عليهم دروسا مفرقة ثم جمعتها ...فجاءت بحمد الله تزهو بمحاسنها بين الرسائل ، و الله هو المسؤول ان يجعلها في هذا لافن من خير الوسائل".
ثم يعرف الانشاء فيقول عنه: " فن جليل المقدار ، جميل الاثار ، روضته وريقة الأفنان ، أنيقة الاغصان ذكبة الروح و الريحان، فيها من كل فاكهة زوجان ، به ارتفعت الاقلام الى مناصب الوزارة ، و مراتب الصدارة و الامارة ، فكانوا اهل الحل و العقد ، بيدهم زمام الصرف و العقد ، و لهم هيمنة على الاعمال ، و السيطرة على العمال...الخ"
4- كتاب : (( بغية الطلاب في علم الآداب ))
هذا الكتاب صغير الحجم – فيما يبدو – كبير الفائدة ، رأيته عند الشيخ في صغري ثم رأيت اوراقا منه عند بعض الطلبة ، و هو يعرف الأدب بانه ثمرة من ثمار قريحة الانسان و عقله و نفسه.
5- (( الرسالة الفتحية في الاعمال الجيبية )) و لم نعثر من هذا الكتاب الا على ورقة عند شيخ يناهز عمره المائة سنة ، و كان بالورقة ضنينا لانه يتبرك بها – حسب قوله – و لم يسمح بتصويرها الا بعد محاضرة طويلة القيناها عليه فيما ينتظره من الاجر العظيم عند الله تبارك و تعالى اذا سمح بها و ضممناها الى الكتاب".أ.هـ.
مقالاته :
يتعذر استقصاء ما نشره في الصحف المصرية او الجزائرية لقلة المراجع ( منها النجاح ، الصديق، مجلة الاسلام الازهرية ، الثبات ، الامة لابي اليقضان).
اما أكثر المقالات فقد نشرها في البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين ففي سنة 1936 م نشر سلسلة من المقالات حول اثبات هلال ومضان بالطريقتين الشرعية و الفلكية.
وفي سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125 .
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح ، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة – و هي مقالات رائعة ماتعة سأنقل لكم مقتطفات منها إن شاء الله -
شخصيته و صفاته:
عرفنا من خلال سردنا لترجمة الشيخ الشرفاوي - رحمه الله - قوة العزيمة و الصمود و الكفاح من اجل طلب العلم و المعرفة منذ صغره ، و أفسح المجال مرة ثانية لتلميذه محمد الصالح الصديق – حفظه الله – يحدثنا عن شخصية شيخه فيقول: (( ... كان رحمه الله ثابت العقيدة لا يتذبذب، صادق الإيمان لا يشك، رزين الطبع لا يستخفه طرب، و لا يستفزه غضب ، عفيف لا يفتح فمه لهجر ، و لا أذنه للغو... وكانت حياته منذ الطفولة سلسلة متصلة الحلقات من متاعب و مشاق و حرمان
و حتى بعد عودته من مصر إلى الجزائر و استقراره بمسقط رأسه بين أهله و خلانه لم يذق طعم الحياة أو طعم الراحة النفسية ، اذ كان أعداء العلم و الإصلاح يكدرون عليه صفو حياته ، فعوض ان يقابلوه بالتكريم و التقدير و الاعتزاز و يحاولون أن ينتفعوا بعلمه قابلوه بالجحود و التنكر و بالإعراض و الهجران ، و بالمكائد و الدسائس و ما كل ذلك لم يهن عزمه ، و لم تلن قناته ، و لم يضعف يوما او يتخل عن نضاله الفكري و الإصلاحي و دعوته إلى الكتاب و السنة و لسان خاله يقول :
مناي من الدنيا علوم أبثها ... و انشرها في كل باد و حاضر
دعاء إلى الكتاب و السنة التي... تناسى رجال ذكرها في المحاضر
يراه من لا يعرفه فيهابه لأول وهلة و يحسبه خشن الطبع مما يوحي به مظهره من المهابة و الجلال ، و ينطق به وجهه من التحدي ، و لكنه لا يلبث أن يغير رأيه فيه عندما يفاتحه بالحديث فيجده طيب النفس ، رقيق المزاح ، مرهف الحس ، متدفق الشعور ، يعجب بالخبر الطريف ، و يرتاح للفكاهة المسلية ، و يميل إلى النوادر الحلوة ، كما يهتز للبطولة ، و يطرب للمنظر الجميل ، و يرتاع للمشهد البائس
و كان درسه لا يمل بالرغم من مستوى الطلبة العلمي لأنه كلما أحس بفتور يغزو أو يهدد حلقة الدرس استأنس بنادرة من نوادر الظرفاء ، أو طرفة من طرف النبلاء ، فتنشط العقول و تنتعش النفوس ، فتعود إلى مواكبة الدرس بعزيمة و عناية ، و قد لاحظ فيه هذا الطبع حتى حساده و الذين عجزوا عن ملاحقته فذكروه و سجلوه، يضاف إلى ذلك كله ذوقه في ميدان التقى و الورع ، فهو يواظب على تلاوة القرآن الكريم بقلب خاشع و نفس متهدلة ، و عقل بصير ، و تدمع عيناه إذا مرت به آية في عظمة الله تعالى او في رحمته و عذابه حتى تخضل الدموع ثوبه و كان في شهر رمضان يعني بالقرآن الكريم عناية خاصة و يتوافر توافرا جديا على تدبر معانيه ، و استنتاج أسراره و الغوص على جواهره...و تذكر زوجته أنها إذا طهت طعاما خاصا في مناسبة او في موسم أوصاها أن تكثر منه و تذيق الجيران الفقراء و كان يقول لها ما معناه ومؤداه : " للمسلم عيد يوم الجمعة و للنصراني يوم الأحد و لليهودي يوم السبت ، أما عيد الفقير فهو يوم يسرُ فيه."
و إذا أرسلت إليه هدية مما يؤكل أوصى زوجته بأن لا تنس الجيران)).
المصادر و المراجع :
- " الشيخ الرزقي الشرفاوي حياة و آثار ، شهادات و مواقف " لمحمد الصالح الصديق - دار الأمة ، الطبعة الأولى 1998م [ و من هذا الكتاب كانت معظم مادة هذه الترجمة].
- " اعلام من منطقة القبائل " لمحمد الصالح الصديق - ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2007م.
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" ( باللغة الفرنسية ) تأليف الوزير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
- مجلة الثقافة الجزائرية - العدد 22 – شهر سبتمبر 1996م.
0 التعليقات:
إرسال تعليق